أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد سليمان - لافروف... محامي الشيطان في محكمة الذاكرة السورية














المزيد.....

لافروف... محامي الشيطان في محكمة الذاكرة السورية


أحمد سليمان
شاعر وكاتب في قضايا الديمقراطية

(Ahmad Sleiman:poet And Writer On Democratic Issues)


الحوار المتمدن-العدد: 8495 - 2025 / 10 / 14 - 14:04
المحور: حقوق الانسان
    


مرة أخرى، يخرج سيرغي لافروف ليتقمّص دور محامي الشيطان، مدافعًا عن نظام فقدَ شرعيته الأخلاقية والسياسية منذ سنوات. ففي تصريح أثار موجة من السخرية والغضب، قال وزير الخارجية الروسي إن “بشار الأسد لم يكن على علم بحجم التعذيب والانتهاكات التي تعرّض لها المدنيون داخل السجون السورية، وخصوصًا سجن صيدنايا”، مضيفًا أن “الكثير من التقارير التي خرجت عن صيدنايا كانت صادمة حتى للأسد نفسه”.

هذا الكلام لا يصدر عبثًا، ولا يمكن اعتباره زلّة لسان. فلافروف، الذي بنى مجده الدبلوماسي على الدفاع عن القتلة والمجرمين من صربيا إلى دمشق، يعرف تمامًا ما يقول. لكنه أيضًا يدرك أن تبرئة رأس النظام السوري من واحدة من أفظع الجرائم في القرن الحادي والعشرين هي محاولة جديدة لغسل يدي موسكو من الدماء، وإعادة تسويق الأسد في مرحلة ما بعد الانهيار.


الإنكار بوصفه منهج حكم:

منذ تدخلها العسكري في سوريا عام 2015، تبنّت موسكو سياسة الإنكار الممنهج: تنكر قصف المستشفيات، وتنكر استخدام السلاح الكيميائي، وتنكر وجود المعتقلين السياسيين. والآن تنتقل إلى مستوى جديد من التزييف الأخلاقي، فتتحدث عن “جهل الأسد” بما يجري في سجونه، وكأن مئات آلاف الصور التي سرّبها “قيصر”، وتقارير الأمم المتحدة، وشهادات الناجين، كلها خرافات لا تستحق الاعتبار.

إنّ هذا الخطاب ليس سوى محاولة للالتفاف على ملف المساءلة الدولية الذي يطارد النظام، وخصوصًا بعد بدء عدة محاكم أوروبية النظر في قضايا تتعلق بجرائم الحرب والتعذيب الممنهج في سوريا.
يبدو أن لافروف يريد القول: “الأسد لم يكن يعلم، إذن لا ذنب له”، لتبقى الجريمة معلّقة في الهواء بلا فاعل.


من يقود آلة القمع؟

السؤال الذي يتجاهله لافروف هو: كيف لا يعلم من يملك السلطة المطلقة على أجهزة المخابرات والفروع الأمنية؟
كيف لا يعلم وقد رُفعت إليه تقارير يومية عن عدد المعتقلين، وعمليات “التصفية” التي كانت تجري بأوامر أمنية صريحة؟
هل يمكن لسجن كصيدنايا، الذي تحوّل إلى مصنع موت، أن يعمل خارج منظومة القرار الرئاسي؟

الأسد لم يكن “جاهلًا”، بل المهندس الفعلي لتلك المنظومة التي جعلت من التعذيب وسيلة للحكم ومن الإذلال سياسة لإخضاع المجتمع.
سجن صيدنايا لم يكن سجنًا بالمعنى التقليدي، بل كان مختبرًا لقياس درجة الطاعة، ومحرقة لدفن الوعي الجمعي، بإشراف مباشر من رأس النظام وأجهزته كافة.


تصفية السرديات... لا السجناء:

تصريح لافروف لا يمكن فصله عن سياق سياسي أوسع. فروسيا تحاول منذ أشهر إعادة صياغة سرديتها عن الحرب السورية بما يخفّف مسؤوليتها، ويمهّد لتسوية مستقبلية تحفظ نفوذها في دمشق.
إنها عملية إعادة إنتاج للأسد، ولكن بنسخة “مخفّفة الجرعة”: رئيسٌ لم يكن يعلم، أُحيط بأجهزة قمعية متغوّلة، وخُدع من دائرته الأمنية.

بهذه الطريقة، تُهيئ موسكو الطريق لمرحلة ما بعد الحرب: مرحلة التطبيع مع النظام، وفتح خطوط اقتصادية جديدة، والتعامل مع “دولة” لا مع “نظام قاتل”.
لافروف يكتب الفصل التمهيدي لهذه الرواية الجديدة، حيث يتحول الجلاد إلى شاهد، والضحية إلى تفصيل مزعج في مشهد تفاوضي أكبر.


توازن الكرملين بين الشريك والعبء:

ما لا يقوله لافروف أن هذا الخطاب نفسه يخفي انقسامًا متزايدًا داخل موسكو حول جدوى التمسك بالأسد.
فبين تيارٍ في الخارجية الروسية يرى أن الحفاظ على بشار ضرورة لتثبيت النفوذ العسكري والاقتصادي، وتيارٍ آخر — داخل الدائرة الأمنية والاستخباراتية — بدأ ينظر إليه كعبء مكلف ومعيق لعودة سوريا إلى المجتمع الدولي، تتحرك الدبلوماسية الروسية بخطابٍ مزدوج: تدافع عن الأسد علنًا، وتناقش استبداله سرًا.

بهذا المعنى، فإن تصريحات لافروف لا تُبرّئ الأسد بقدر ما تضعه تحت مجهر آخر: مجهر من يرونه ورقة يمكن التضحية بها عندما تحين ساعة المساومة الكبرى على مستقبل سوريا.

* ينُشر في وقت واحد بالتزامن مع نشطاء الرأي






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقل الاستراتيجي الأميركي في سورية والمنطقة: شرعنة الانقسام ...
- «قتلوا حبيبي يا رفيقنا...»، قالت غزل.
- غريتا تونبرغ تستحق نوبل
- الولايات المتحدة تتحمّل مسؤولية تفجير البنية الجغرافية السور ...
- قبل أول انتخابات بعد سقوط الأسد: لجنة التحقيق الدولية تبدأ ع ...
- انتخابات مجلس الشعب: هل تعكس إرادة السوريين أم إعادة إنتاج ا ...
- على أمل اتفاق سلام وشيك في غزة/ اتفاق 21 نقطة لإنهاء الحرب
- أهداف اللعبة الدولية في سوريا بشأن المفاوضات الأمنية
- المخاض السوري بين تحديات الداخل والتهديدات الإقليمية
- ابتسامة المُكر الأمريكي والثمن السوري... رفع العقوبات كهدنة ...
- سريالية المشهد السوري على شاشة أمريكية: التقاء الأضداد في لح ...
- اتفاق أمني سوري - إسرائيلي برعاية أميركية
- بين خارطة الطريق والبيان الرافض: أي مستقبل للسويداء؟
- قراءة في الاتفاق بشأن أحداث السويداء بين البيان الرسمي والهو ...
- سوريا بين موسكو وأنقرة وتل أبيب: قراءة في حوار الشرع وتحولات ...
- الإطار القانوني لاسترداد أصول شركات مخلوف في سياق العدالة ال ...
- ملف حقوقي موسّع حول بطلان عقود الاستثمار التي تبرمها ميليشيا ...
- سوريا: السُلطة في قبضة الفساد وتزييف الألقاب الأممية
- القضاء الفرنسي مدعو إلى تجاوز الإعلان نحو الملاحقة الفعلية
- تحقيق : السومرية بين مطرقة الحق التاريخي وسندان الواقع السكا ...


المزيد.....




- الإغاثة الطبية بغزة: 90% من البنية التحتية مدمرة.. والاحتياج ...
- الأمم المتحدة تقدر تكلفة إعادة إعمار غزة بـ 70 مليار دولار
- برنامج الأغذية العالمي: جهزنا موادا تكفي لإطعام مليوني شخص ف ...
- فيديو منسوب إلى لحظة -اعتقال حماس لياسر أبو شباب-.. ما حقيقت ...
- الاتحاد الأوروبي يؤجل إصدار تقرير يدعم إعادة توطين المهاجرين ...
- الأمم المتحدة تقدر تكلفة إعادة إعمار غزة بـ 70 مليار دولار
- الوزير العامور يدعو ألمانيا إلى الاعتراف بدولة فلسطين ودعم خ ...
- إعادة إعمار غزة.. الأمم المتحدة تتحدث عن -مؤشرات واعدة-
- الجامعة العربية: ندعم جهود الأونروا في تقديم الخدمات الأساسي ...
- الاحتلال يمنع في الضفة الغربية أي مظاهر للاحتفال بالإفراج عن ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد سليمان - لافروف... محامي الشيطان في محكمة الذاكرة السورية