أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد سليمان - الإطار القانوني لاسترداد أصول شركات مخلوف في سياق العدالة الانتقالية














المزيد.....

الإطار القانوني لاسترداد أصول شركات مخلوف في سياق العدالة الانتقالية


أحمد سليمان
شاعر وكاتب في قضايا الديمقراطية

(Ahmad Sleiman:poet And Writer On Democratic Issues)


الحوار المتمدن-العدد: 8462 - 2025 / 9 / 11 - 12:02
المحور: حقوق الانسان
    


يشكّل ملف أصول شركات وأموال رامي مخلوف واحدًا من أعقد القضايا التي تواجهها العدالة الانتقالية في سوريا، ليس فقط من حيث حجم الثروة التي جُمعت خلال عقود، بل من حيث رمزيته كأحد أبرز تجليات العلاقة العضوية بين السلطة والمال، وتكريس الامتيازات والاحتكارات في يد قلة نافذة على حساب المال العام.

هذا الملف لا يُقرأ بمعزل عن امتداداته الدولية، إذ تشير تقارير موثقة إلى وجود أصول واستثمارات خارج سوريا، ما يجعل التعاون القضائي الدولي عنصرًا حاسمًا في استرداد الحقوق المنهوبة، ويطرح تحديات قانونية وسياسية تتجاوز حدود الدولة الوطنية.

لكن الأهم من ذلك، أن هذه المنظومة الاقتصادية المغلقة لم تكن مجرد خلل إداري، بل ساهمت فعليًا في إفقار قطاعات واسعة من السوريين، وحرمتهم من فرص اقتصادية عادلة، في وقت كانت فيه البلاد تغرق في أزمات معيشية متفاقمة. لذا فإن معالجة هذا الملف لا ينبغي أن تُختزل في إجراءات قانونية تقنية، بل يجب أن تُدرج ضمن مسار أوسع لاستعادة الحقوق، وردّ الاعتبار للضحايا، وبناء نموذج اقتصادي جديد أكثر عدالة وشفافية.

من هنا، تبرز أهمية تناول هذا الملف من زاوية حقوقية وأخلاقية، لا بوصفه تصفية حسابات سياسية، بل باعتباره خطوة جوهرية في مسار العدالة الانتقالية، واستعادة الثقة بين المواطن والدولة.

أولًا: القرارات في الحقبة الأسدية (2019 – 2024)

1. طبيعتها

- صدرت أوامر بالحجز الاحتياطي على أموال مخلوف وشركاته من وزارة المالية.
- لجأت المحاكم إلى فرض الوصاية القضائية على شركات استراتيجية مثل سيرياتيل.
- جرى إلغاء امتيازات كعقود السوق الحرة والمنافذ الجمركية.

2. طابعها القانوني

- لم ترقَ هذه الإجراءات إلى مستوى الاستحواذ النهائي أو المصادرة التشريعية.
- افتقرت إلى الشفافية، إذ لم تُعلن حيثياتها للرأي العام.
- لم تُقترن بتعويض عادل كما يفرض الدستور، ما يجعلها أقرب إلى أدوات سياسية للضغط من كونها آليات لاسترداد المال العام.

3. حدودها

- اقتصرت على الأصول داخل سوريا، دون قدرة فعلية على استرداد الممتلكات الخارجية.
- ظلّت خاضعة لإرادة السلطة التنفيذية لا لسلطة القضاء المستقل.

ثانيًا: المرحلة الانتقالية الجديدة (منذ 2025)

1. الأساس الحقوقي الجديد

- مع استلام القيادة الانتقالية، تغيّر الإطار القانوني جذريًا. فقد جرى اعتماد مفهوم العدالة الانتقالية كأساس لمراجعة ملفات الفساد والاحتكار، بما فيها أصول رامي مخلوف.
- تأسس صندوق التنمية السوري كجهة عامة مكلّفة بإدارة الأصول المستردة لصالح المجتمع.
- أُقرّت تشريعات خاصة تسمح بمراجعة العقود السابقة وإبطال ما ثبت أنه جرى بطرق غير مشروعة.

2. الآليات القانونية

- إجراءات قضائية شفافة استندت إلى تحقيقات مالية لكشف طرق التلاعب والفساد.
- أحكام مصادرة مشروعة صادرة عن محاكم مستقلة، تنقل الملكية نهائيًا إلى الدولة.
- آليات تعاون دولي سمحت بملاحقة الأصول في الخارج بالتنسيق مع أنظمة قضائية أخرى.

3. الفارق الجوهري

- لم تعد الإجراءات سياسية انتقامية، بل استندت إلى قواعد القانون ومبدأ سيادة القضاء.
- رُوعي مبدأ التعويض العادل إذا تبيّن أن بعض الأصول اكتُسبت بطريقة مشروعة.
- أُعلن للرأي العام حجم الأموال المستردة وآلية إنفاقها، في خطوة لتعزيز الشفافية والمساءلة.

المختصر:

إن التعامل مع أصول شركات رامي مخلوف لا يُختزل في مسألة قانونية بحتة، بل يعبّر عن لحظة مفصلية في مسار استعادة الحقوق المنهوبة من الشعب السوري. ففي الحقبة الأسدية، جرى استخدام أدوات الحجز والمصادرة بشكل انتقائي يخدم مصالح السلطة، دون أن يُعاد المال إلى أصحابه الحقيقيين. أما في المرحلة الانتقالية، فقد أصبح هذا الملف جزءًا من مشروع وطني أوسع، يهدف إلى تفكيك منظومة الفساد، واسترداد الثروات التي جُمعت عبر الامتيازات والاحتكارات، وإعادتها إلى المجال العام.

ورغم أن العدالة لا تتجزأ، فإننا أمام جريمة اقتصادية استثنائية تتطلب مقاربة حازمة، تُراعي مشاعر السوريين الذين يرون في هذه الأصول رمزًا للنهب المنظّم، وتُعلي من مبدأ أن المال العام لا يُساوَم عليه. فالمصادرة هنا ليست انتقامًا، بل استحقاقًا تاريخيًا، يُعيد الاعتبار للضحايا، ويؤسس لاقتصاد أكثر عدالة.

وفي هذا السياق، يبرز دور الإعلام الحقوقي كقوة رقابية لا غنى عنها، ليس فقط في كشف الحقائق، بل في ضمان أن تُدار هذه الأصول بشفافية، وأن تُوظّف في خدمة المجتمع، لا أن تُعاد إنتاجها في دوائر نفوذ جديدة. لذا فإننا ندعو المؤسسات الإعلامية الحقوقية إلى مواكبة هذا الملف، وتسليط الضوء على تطوراته، بما يرسّخ مبدأ أن لا أحد فوق القانون، ويؤكد أن العدالة ليست شعارًا بل ممارسة تُعيد بناء الثقة بين المواطن والدولة، وتُمهّد لمرحلة جديدة تُكرّس الحقوق وتُحاسب على الجرائم الاقتصادية كما تُحاسب على الجرائم السياسية والإنسانية.



* ينُشر في وقت واحد بالتزامن مع نشطاء الرأي






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملف حقوقي موسّع حول بطلان عقود الاستثمار التي تبرمها ميليشيا ...
- سوريا: السُلطة في قبضة الفساد وتزييف الألقاب الأممية
- القضاء الفرنسي مدعو إلى تجاوز الإعلان نحو الملاحقة الفعلية
- تحقيق : السومرية بين مطرقة الحق التاريخي وسندان الواقع السكا ...
- العدالة العمياء: كان يجب أن يترافق تعليق قيصر مع مذكرة اعتقا ...
- اعتقال الرئيس الافتراضي لسوريا /صابر شرتح
- وصل إلى السلطة بفضل الثورة… فهل يُبرّر الإنكار؟
- بين جمهوريتين: برلمان ما بعد الحرب هل يمهّد الطريق لسوريا جد ...
- سوريا بين توازن النفوذ وتعثر السيادة: إدارة أزمة أم غياب حل؟
- بصدد تعريف اللامركزية الإدارية: مؤسسات محلية تحت إشراف الدول ...
- سوريا : ضرورة إبرام -اتفاقية أخلاقية- في فضاء النشر المفتوح ...
- الانفصال لا يُقرّره فرد أو تكتل، بل يُحسم بالدستور الوطني - ...
- من يحاكم القتلة؟… خطر ترسيخ ثقافة الإفلات من العقاب في ذاكرة ...
- الإعلان الدستوري: بين ضرورته السياسية وتهديده لمدنية الدولة
- مشيخة رقابة الدولة - ظاهرة خفية خلف إدارة الدولة السورية
- العدالة الثالثة ومخاطر الاحتراب في المشهد الانتقالي السوري
- أحداث الساحل – قراءة في نتائج لجنة تقصي الحقائق وتوصيات لضما ...
- سردية المظلومية بين الابتزاز والواقع
- سوريا بين وحدة الدولة وتعدد الرؤى: لا وطن يُبنى على السلاح و ...
- واشنطن وسوريا: انفتاح مشروط وحذر استراتيجي


المزيد.....




- -العفو الدولية- تدعو إلى إلغائه: أمر التهجير القسري في مدينة ...
- عالميا.. الديمقراطية تتراجع وحرية الصحافة في أدنى مستوياتها ...
- تقرير حول الديمقراطية يحذر من تقهقر حرية الصحافة لأدنى مستوى ...
- الأونروا: العمليات العسكرية الإسرائيلية في مدينة غزة تشرد ال ...
- مجلس حقوق الإنسان يجتمع وسط أزمة مالية وتوترات جيوسياسية
- مئات المغاربة يتظاهرون في تطوان والدار البيضاء دعما لأسطول ا ...
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات ومستوطنون يحرقون مركبتين بالضفة
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات ومستوطنون يحرقون مركبتين بالضفة
- أمنستي: التهجير القسري لسكان غزة يرقى إلى جرائم حرب
- العفو الدولية: التهجير الجماعي لسكان غزة غير قانوني ولا إنسا ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد سليمان - الإطار القانوني لاسترداد أصول شركات مخلوف في سياق العدالة الانتقالية