أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد سليمان - اعتقال الرئيس الافتراضي لسوريا /صابر شرتح














المزيد.....

اعتقال الرئيس الافتراضي لسوريا /صابر شرتح


أحمد سليمان
شاعر وكاتب في قضايا الديمقراطية

(Ahmad Sleiman:poet And Writer On Democratic Issues)


الحوار المتمدن-العدد: 8452 - 2025 / 9 / 1 - 04:52
المحور: حقوق الانسان
    


قبل أيام طرحت سؤالاً عن حقيقة خبر اعتقال "الرئيس الكوميدي" السيد صابر شرتح بسبب تصريحات نارية يدين فيها الحكومة السورية ورئيسها.

دعونا لا نتوقف طويلاً عند مضمون التصريح، فالرجل يتنقل يومياً بين شخصيات متعددة عمداً كأسلوب يخصه، وظهوره على وسائل التواصل الاجتماعي أقرب إلى إمضاء وقت فكاهي مشوب بجرعات سياسية عابرة هادفة. ومع ذلك، يبقى السؤال مشروعاً: هل اعتُقل فعلاً؟

بغضّ النظر عن سبب توقيفه ـ إن صحّ ـ فإن المنطقي أن يُترك ليواصل مسيرته الساخرة. فمن يدري؟ ربما يترشح غداً لرئاسة سوريا فعلياً، في بلد تحوّل واقعه إلى مسرح للكوميديا السوداء، حيث تختلط النوايا الطيبة بممارسات تعكس أحياناً جوهر الظاهرة التي يمثلها شرتح نفسه.

يمكن تصنيف صابر شرتح اليوم كـ "رئيس للكوميديا السياسية الناقدة"؛ فهو لا يحمل برنامجاً سياسياً منظماً، لكنه يعبّر بطريقته الفوضوية عن مزاج شعبي ناقم وساخر في آن واحد، ويجسد فقدان الثقة بالخطاب الرسمي والمعارض معاً.

المطلوب أولاً: الكشف عن مصير الرجل لفهم حكايته، ثم التوقف عند الظاهرة الأوسع التي يعبر عنها.

لم يعد محمد صابر شرتح حالة فردية معزولة؛ فظهور شخصيات مماثلة في سوريا يعكس تحولات اجتماعية عميقة: مجتمع يختنق سياسياً، فيتحول المزاح إلى وسيلة تفريغ، والسخرية إلى لغة احتجاج، والخيال إلى بديل عن الواقع المسدود.

في الأوضاع الطبيعية، تبقى الشخصيات الساخرة على هامش المشهد العام، لكن حين تتراجع الثقة بالمؤسسات وتنهار القنوات التقليدية للتعبير السياسي، تتحول هذه الشخصيات إلى ظاهرة لافتة وربما إلى نجوم افتراضيين يتابعهم الآلاف. المزاح المختلط بالجد لا يضحك الناس فحسب، بل يعبر عن غضب مكتوم وعجز عن التغيير.

ظاهرة شرتح تكشف فراغاً في المجال العام السوري: لا مشروع سياسي واضح المعالم، ولا معارضة قادرة على فرض نفسها كبديل، ولا سلطة تستوعب النقد أو الفكاهة. في هذا المناخ، يصبح العبث خطاباً له جمهور. كثيرون يتابعون شرتح للتسلية، لكن آخرين يرون فيه تجسيداً لواقع فقد توازنه، حيث يمكن لكل شيء أن يحدث — حتى وصول شخصية هزلية إلى موقع رسمي.

التجارب العالمية تشير إلى أن السخرية السياسية ليست مجرد لهو. الممثل فولوديمير زيلينسكي أصبح رئيساً لأوكرانيا بعد أن لعب دور الرئيس في مسلسل كوميدي، وفي إيطاليا قاد الفكاهي بيبي غريللو حركة سياسية قلبت الموازين. ليست القضية في أشخاص بعينهم بقدر ما هي تعبير عن أزمة سياسية واجتماعية تجعل الجمهور يبحث عن وجوه جديدة، حتى لو جاءت من قلب الهزل.

من هنا، لا يكفي السؤال عمّا إذا كان صابر شرتح قد اعتُقل أو لا. وعلى الرغم من تضامننا معه ورفضنا لاعتقاله تحت أي ظرف، يبقى السؤال الأهم موجهاً للجهة التي اعتقلته: لماذا يتابع السوريون شخصيات مثله بإعجاب أو فضول؟ وما الذي يكشفه ذلك عن علاقتهم بالسياسة والسلطة والمعارضة معاً؟

أطلقوا سراحه فوراً، حتى لا يعتقد العالم أن حكومة ورئيساً يخافان مواطناً أعلن نفسه رئيساً للقلوب.

* ينُشر في وقت واحد بالتزامن مع نشطاء الرأي






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وصل إلى السلطة بفضل الثورة… فهل يُبرّر الإنكار؟
- بين جمهوريتين: برلمان ما بعد الحرب هل يمهّد الطريق لسوريا جد ...
- سوريا بين توازن النفوذ وتعثر السيادة: إدارة أزمة أم غياب حل؟
- بصدد تعريف اللامركزية الإدارية: مؤسسات محلية تحت إشراف الدول ...
- سوريا : ضرورة إبرام -اتفاقية أخلاقية- في فضاء النشر المفتوح ...
- الانفصال لا يُقرّره فرد أو تكتل، بل يُحسم بالدستور الوطني - ...
- من يحاكم القتلة؟… خطر ترسيخ ثقافة الإفلات من العقاب في ذاكرة ...
- الإعلان الدستوري: بين ضرورته السياسية وتهديده لمدنية الدولة
- مشيخة رقابة الدولة - ظاهرة خفية خلف إدارة الدولة السورية
- العدالة الثالثة ومخاطر الاحتراب في المشهد الانتقالي السوري
- أحداث الساحل – قراءة في نتائج لجنة تقصي الحقائق وتوصيات لضما ...
- سردية المظلومية بين الابتزاز والواقع
- سوريا بين وحدة الدولة وتعدد الرؤى: لا وطن يُبنى على السلاح و ...
- واشنطن وسوريا: انفتاح مشروط وحذر استراتيجي
- في أول رد فعل حقوقي : أحمد سليمان يقترح جمال قارصلي لرئاسة ا ...
- تابعية الدين والطائفة
- دراسة في ” أرواح هائمة ” للكاتب التونسي كمال العيادي
- سوريا : جوازات سفر مُغَمّسة بالدم ، في خطوة من اجل انتخاب رئ ...
- معمودية الدم السوري ... مفترقات الثورة والعدالة الفالتة
- كفى تلاعبا بطوائفكم .. أمراء الإرهاب صناعة المخابرات


المزيد.....




- صحة غزة: 9 حالات وفاة نتيجة المجاعة في 24 ساعة.. والإجمالي 3 ...
- الملتقى الوطني لدعم المقاومة: المجاعة في غزة وصمة عار في جبي ...
- الأمم المتحدة تشجب اعتقال الحوثيين موظفين أممين في اليمن
- إيلون ماسك يغذي حملة كراهية ضد المهاجرين في بريطانيا برواية ...
- السجن 10 سنوات لمدانة بتهمة الاتجار بالبشر في بغداد
- اعتقال 11 موظفا أمميا من قبل الحوثيين في اليمن والمسؤولون ين ...
- مركز احتجاز الأمم المتحدة.. حيث يقبع قادة متهمون بجرائم ضد ا ...
- حمايةً لاستقلاليتها وكينونتها.. على الأمم المتحدة نقل اجتماع ...
- اعتقال المشتبه به في اغتيال رئيس برلمان أوكرانيا السابق
- اعتقال ومصادرة.. خطة بن غفير لصد أكبر أسطول بحري متجه لغزة


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد سليمان - اعتقال الرئيس الافتراضي لسوريا /صابر شرتح