أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد سليمان - العدالة الثالثة ومخاطر الاحتراب في المشهد الانتقالي السوري














المزيد.....

العدالة الثالثة ومخاطر الاحتراب في المشهد الانتقالي السوري


أحمد سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 8428 - 2025 / 8 / 8 - 09:47
المحور: حقوق الانسان
    


في ظل غياب مؤسسات قضائية وطنية مستقلة، تتكشّف ملامح عدالة فالتة تُدار بضرورات المرحلة، تُبرّأ فيها شخصيات متورطة وتُغتال أخرى صمتت أو لم تُدان. هذه العدالة، أو ما يُمكن تسميته بـ"العدالة الثالثة"، لا تنتمي إلى الدولة المعاصرة ولا إلى الثورة، بل تُنذر بصراع جديد في قلب المشهد الانتقالي.

منذ أكثر من عقد، تناولتُ في إحدى المقالات الأولى مفاهيم العدالة كما تصوغها الجماعات المتطرفة، وقارنتُها بالنهج الدموي الذي اتبعه نظام بشار الأسد، حيث تحولت المجازر الممنهجة إلى بيئة خصبة لنشوء تطرفٍ أكثر تنظيماً ووحشية. حينها، حذّرت من صراعٍ مستقبلي لا تقوده الأطراف الكبرى، بل يُشعل فتيله الأفراد الذين ترعرعوا في كنف الفقد والانكسار، أبناء الذين قُتلوا أو اختفوا في غياهب السجون والمقابر الجماعية.

اليوم، وبعد كل هذا الزمن والتضحيات، نجد أنفسنا في لحظة انتقال سياسي وعدت بقيادة جديدة ودولة مختلفة. غير أن أبرز ما يثير القلق هو أن هذه الدولة الوليدة، رغم نواياها المُعلنة، قد أهملت منذ البداية تأسيس محاكم وطنية مستقلة وفعالة، قادرة على التعامل مع ملفات الجرائم والانتهاكات بمهنية وعدالة. هذا الغياب المؤسساتي فتح الباب أمام قرارات جزئية، في بعض الأحيان صادمة، أدّت إلى تبرئة شخصيات أمنية أو سياسية عُرفت بتورطها في جرائم ضد الإنسانية، تحت ذريعة تعاونها مع أطراف المعارضة المسلحة خلال فترة الصراع.

وقد وثّقت منظمات مثل هيومن رايتس ووتش والشبكة السورية لحقوق الإنسان عدداً من هذه الحالات، من بينها ملفات تتعلق بأشخاص شغلوا أدواراً في شبكات التعذيب أو شاركوا في حملات الحصار والتجويع، ثم أعيد دمجهم في المشهد الجديد دون مساءلة. في حين تُسجل أيضاً عمليات اغتيال غامضة أو تصفية ميدانية طالت شخصيات كانت قد حصلت سابقاً على ضمانات بعدم الملاحقة، بل وأشخاصاً لم تثبت مشاركتهم في أي انتهاكات ضد المدنيين. هذه المفارقة بين التبرئة والتصفية، في ظل غياب جهة قضائية ذات مصداقية، تجعلنا أمام مشهد لا يشبه العدالة بمعناها المتعارف عليه، بل يُنتج ما يمكن وصفه بـ"العدالة الفالتة"، عدالة تُفرض بالأمر الواقع، وتبرر نفسها بالضرورات السياسية أو الأمنية، دون أن تمر عبر قنوات قانونية واضحة وشرعية.

إن ما نعيشه اليوم لا يختلف كثيراً عن مآزق الماضي، إلا في الشكليات. وإذا استمر تجاهل بناء منظومة عدالة وطنية عادلة وشفافة، فإننا لا نخاطر فقط بفقدان ثقة الناس، بل نعيد إنتاج دورة الانتقام، ونمنح الجيل الجديد أسباباً إضافية لفقدان الإيمان بأي شكل من أشكال العدالة.


* صادر عن نشطاء الرأي



#أحمد_سليمان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحداث الساحل – قراءة في نتائج لجنة تقصي الحقائق وتوصيات لضما ...
- سردية المظلومية بين الابتزاز والواقع
- سوريا بين وحدة الدولة وتعدد الرؤى: لا وطن يُبنى على السلاح و ...
- واشنطن وسوريا: انفتاح مشروط وحذر استراتيجي
- في أول رد فعل حقوقي : أحمد سليمان يقترح جمال قارصلي لرئاسة ا ...
- تابعية الدين والطائفة
- دراسة في ” أرواح هائمة ” للكاتب التونسي كمال العيادي
- سوريا : جوازات سفر مُغَمّسة بالدم ، في خطوة من اجل انتخاب رئ ...
- معمودية الدم السوري ... مفترقات الثورة والعدالة الفالتة
- كفى تلاعبا بطوائفكم .. أمراء الإرهاب صناعة المخابرات
- مسودات من جنّة - باير - عن بنت -السنكري - و ” قوّاد الحتة ”
- نبيّك مكسور يا وقت
- أربعة اعوام على سجنها… طل الملوحي كاتبة وأسيرة حرب
- الحق إن الثورة أنثى بلباس مذكر ( femen.man ) فيمن رجل
- إلى الحب أوﻻ-;- … بالعدالة يا أربابكم
- مايا ... دفتر أبيض و خبز مذبوح
- أحمد سليمان : الكاهن إبراهيم سروج و” محرقة ” مكتبته
- حلب صندوق دنيا يحترق
- كيماوي “بشار” نووي إيران وفخ أمريكي
- تعليق علي ما حدث بسيناء


المزيد.....




- الإعلام الحكومي في غزة: الاحتلال يعرقل عمل الأونروا ويُحاصر ...
- الصعق بالكهرباء أحدث أساليب الاحتلال الإسرائيلي للتنكيل بالأ ...
- الصعق بالكهرباء أحدث أساليب الاحتلال الإسرائيلي للتنكيل بالأ ...
- مؤتمر الحسكة يوحد موقف الأقليات قبل لقاء باريس: دعوة لدولة ل ...
- آخر المستجدات على صعيد الوضع الإنساني والميداني في قطاع غزة ...
- عضو كنيست: الحكومة تضحي بالأسرى والجنود لإرضاء بن غفير وسموت ...
- هيئة الأسرى: إدارة سجن جلبوع تعذب الأسرى بالصعقات الكهربائية ...
- صحف سويسرية: مطالب بإغاثة سكان غزة وسخط في الشارع الإسرائيلي ...
- عائلات الأسرى الإسرائيليين: قرار احتلال غزة حكم بالإعدام على ...
- عضو بالكنيست الإسرائيلي: الحكومة تضحي بالأسرى والجنود لإرضاء ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد سليمان - العدالة الثالثة ومخاطر الاحتراب في المشهد الانتقالي السوري