أحمد سليمان
شاعر وكاتب في قضايا الديمقراطية
(Ahmad Sleiman:poet And Writer On Democratic Issues)
الحوار المتمدن-العدد: 8452 - 2025 / 9 / 1 - 07:13
المحور:
حقوق الانسان
رغم ما أُعلن مؤخرًا، يجب التوضيح أن قانون قيصر لم يُلغَ نهائيًا، فهو ما يزال ساري المفعول حتى عام 2029، وما جرى هو مجرد تعليق وتخفيف مؤقت لبعض بنوده في إطار قرارات سياسية قابلة للتراجع. هذه الخطوة قد تمثل بارقة أمل اقتصادية للشعب السوري، لكنها تكشف في جوهرها عجز العدالة الدولية وانحيازها الصارخ.
فالقانون وُضع أساسًا نتيجة الجرائم المروّعة التي ارتكبها نظام الأسد الساقط بحق السوريين، لكن بدل أن يترافق القرار مع مذكرة اعتقال بحق المسؤول الأول عن هذه الجرائم، وجدنا أنفسنا أمام إجراء يترك المجرم طليقًا، ويحمّل الشعب وحده وزر سنوات من العقوبات.
إن ما جرى يطرح سؤالًا جوهريًا: لماذا يُكافأ النظام بالإفلات من العقاب فيما يُعاقَب الشعب؟
كان من المفترض أن يقترن أي تعليق أو رفع جزئي للعقوبات بمسار قضائي ملزم ضد المتورطين، بدءًا من بشار الأسد، باعتباره القائد الأعلى لمنظومة القتل والتدمير.
من الآن، يجب أن تتحول بوصلة المجتمع الدولي من العقوبات الاقتصادية التي أثبتت فشلها، إلى العدالة الفردية التي تلاحق الجناة بأسمائهم وألقابهم، عبر أوامر توقيف صادرة عن محاكم دولية، مع إلزام الدول بتنفيذها. فلا يمكن بناء سلام حقيقي في سوريا ما لم يُحاسَب من أجرم بحق أبنائها.
وفي هذا السياق، تقع على الحكومة السورية الانتقالية مسؤولية مضاعفة: ليس فقط في إدارة هذه المرحلة المعقدة، بل أيضًا في ضمان محاسبة كل من تورّط في الجرائم والانتهاكات الحديثة، بما يحول دون زج الشعب السوري مجددًا في دوامة الاحتقان الداخلي، ويضمن ألا يُحمَّل المواطن مرة أخرى وزر قرارات دولية أو داخلية تعصف بأمنه وبلقمة عيشه.
إن تعليق بعض العقوبات في إطار قانون قيصر قد يشكّل نافذة أمل اقتصادية للشعب السوري، لكنه في ميزان العدالة وصمة عار إضافية على جبين النظام الدولي، الذي يثبت مرة بعد مرة أنه يحمي الديكتاتور ويترك الضحايا يتخبطون وحدهم في أوجاعهم. وحدها العدالة الصارمة، بحق الماضي والحاضر معًا، قادرة على وضع سوريا على طريق السلام الأهلي المستدام.
* ينُشر في وقت واحد بالتزامن مع نشطاء الرأي
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟