أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد سليمان - المخاض السوري بين تحديات الداخل والتهديدات الإقليمية














المزيد.....

المخاض السوري بين تحديات الداخل والتهديدات الإقليمية


أحمد سليمان
شاعر وكاتب في قضايا الديمقراطية

(Ahmad Sleiman:poet And Writer On Democratic Issues)


الحوار المتمدن-العدد: 8479 - 2025 / 9 / 28 - 01:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تدخل سوريا اليوم مرحلة مفصلية تُوصف بـ"المخاض السياسي والأمني"، حيث تتشابك الملفات الداخلية مع التوازنات الإقليمية والدولية على نحو غير مسبوق. فالبلاد الخارجة من حرب مدمّرة وانقسامات حادة تجد نفسها أمام أسئلة جوهرية تتعلق ببنيتها الوطنية وحدود علاقاتها مع القوى الكبرى مثل تركيا، روسيا، والولايات المتحدة، إلى جانب التهديدات الإسرائيلية المتصاعدة ومشاريعها التوسعية.

في الداخل، تتفاقم النزاعات المفتوحة التي تمسّ جوهر الدولة السورية. ففي الجزيرة السورية، تتجسد حالة الاحتلال غير المباشر عبر ميليشيا "قسد"، التي تُدار من قبل قيادات انفصالية معظمهم من تركيا وإيران والعراق، ما يستدعي من دمشق الجديدة صياغة سياسة واضحة توازن بين ضرورات التفاوض وواقع الاحتلال. أما السويداء، فتمثل حالة خاصة، تتحرك بين كونها نقطة ساخنة من جهة، وارتباطها العضوي بالعمق الوطني من جهة أخرى. وفي المقابل، تبقى إدلب شبه معزولة، تُدار بالطريقة ذاتها التي سبقت سقوط نظام الأسد الإجرامي، دون أي تجديد حقيقي في الرؤية أو الإدارة.

في هذا السياق، تبرز تصريحات بعض القادة الإسرائيليين حول مفهوم "إسرائيل الكبرى"، بما يعكس مسارًا تصعيديًا في السياسات الإقليمية، ويضع الجنوب السوري برمّته في دائرة الخطر. هذه التطورات تؤكد أن المسألة لم تعد بحثًا عن حلول مؤقتة، بل عن رؤية وطنية بعيدة المدى تحفظ وحدة البلاد وأمنها الإقليمي.

أولًا: إسرائيل الكبرى وأدواتها

يُعاد طرح مفهوم "إسرائيل الكبرى" في التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بما يعكس رغبة في إعادة تعريف المجال الحيوي لإسرائيل، ليس فقط عبر ضم الأراضي الفلسطينية، بل أيضًا عبر فرض واقع أمني يضع الجوار الإقليمي، خصوصًا الجنوب السوري، تحت نفوذ دائم.

السويداء ودرعا تُطرحان في هذا السياق كنقاط تماس مباشرة مع احتمالات التمدد أو التصعيد. وفي حال استمرار التوتر، تبقى احتمالية تهجير السكان من درعا واردة، إما نحو الداخل السوري أو باتجاه الأردن، ما يفتح الباب أمام أزمة إنسانية وسياسية جديدة. وهنا يصبح الحديث عن "إسرائيل الكبرى" ليس مجرد شعار، بل مشروعًا ذا أدوات ضغط مباشرة على وحدة سوريا واستقرارها.


ثانيًا: ملاحظات على السياسة السورية

تُظهر السياسة السورية الراهنة تعقيدات داخلية وإقليمية تتطلب مراجعة جذرية في النهج المتّبع:

- الجزيرة السورية: تبرز الحاجة إلى إعادة صياغة العلاقة مع الأميركيين، عبر فصل مسار التفاوض عن واقع الاحتلال الذي تمثله ميليشيا "قسد"، المُدارة من قبل قيادات انفصالية غير سورية.

- السويداء: تُعدّ منطقة حساسة، تتطلب مقاربة خاصة تراعي خصوصيتها الاجتماعية والسياسية، دون فصلها عن المشروع الوطني الجامع.

- إدلب: ما تزال تُدار بذات الأساليب التي سبقت سقوط النظام الإجرامي، ما يعمّق عزلتها ويُبقيها خارج إطار الحل الوطني الشامل.

كما أن العلاقة مع القوى الإقليمية، وعلى رأسها تركيا وروسيا، تحتاج إلى إدارة دقيقة توازن بين المصالح المتضاربة، مع التأكيد على ضرورة بقاء واشنطن طرفًا فاعلًا في أي صياغة مستقبلية للتوازنات الإقليمية.


ثالثًا: زيارة الشرع إلى الولايات المتحدة

تمثل زيارة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع إلى الولايات المتحدة فرصة استراتيجية نادرة لوضع الملفات الأساسية على الطاولة الدولية. المطلوب هنا ليس الاكتفاء بالبحث عن حلول ظرفية، بل الدفع نحو رؤية وطنية بعيدة المدى تنطلق من:

1. وضع إطار جديد للأمن الإقليمي يحفظ مصالح سوريا ويقيها من التهديدات الإسرائيلية.
2. فتح مسار تفاوضي واضح مع الأميركيين يعالج قضايا الاحتلال غير المباشر في الجزيرة.
3. إعادة تعريف العلاقة مع تركيا بما يوقف التداخلات الأمنية على الحدود.
4. تأكيد التزام سوريا بوحدة أراضيها مع مراعاة خصوصية الحالات مثل السويداء وإدلب.

بهذه المقاربة، تصبح الزيارة أكثر من مجرد حدث دبلوماسي، بل منعطفًا استراتيجيًا لإعادة رسم الدور السوري في الإقليم، و الجمع بين إرادة الداخل الوطني ومتطلبات التوازن الدولي.

بكلمة أخيرة :
إن إعادة صياغة الدور السوري في هذه المرحلة المفصلية لا يمكن أن تتم إلا عبر مشروع وطني جامع، يضع حدًا للواقع الممزق، ويؤسس لسيادة حقيقية تستند إلى إرادة الداخل وتوازنات الخارج، بعيدًا عن منطق التبعية أو التنازلات. فالمطلوب اليوم ليس فقط تجاوز الأزمة، بل بناء سوريا على أسس سياسية وأمنية تضمن الاستقرار والكرامة الوطنية.

* ينُشر في وقت واحد بالتزامن مع نشطاء الرأي






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابتسامة المُكر الأمريكي والثمن السوري... رفع العقوبات كهدنة ...
- سريالية المشهد السوري على شاشة أمريكية: التقاء الأضداد في لح ...
- اتفاق أمني سوري - إسرائيلي برعاية أميركية
- بين خارطة الطريق والبيان الرافض: أي مستقبل للسويداء؟
- قراءة في الاتفاق بشأن أحداث السويداء بين البيان الرسمي والهو ...
- سوريا بين موسكو وأنقرة وتل أبيب: قراءة في حوار الشرع وتحولات ...
- الإطار القانوني لاسترداد أصول شركات مخلوف في سياق العدالة ال ...
- ملف حقوقي موسّع حول بطلان عقود الاستثمار التي تبرمها ميليشيا ...
- سوريا: السُلطة في قبضة الفساد وتزييف الألقاب الأممية
- القضاء الفرنسي مدعو إلى تجاوز الإعلان نحو الملاحقة الفعلية
- تحقيق : السومرية بين مطرقة الحق التاريخي وسندان الواقع السكا ...
- العدالة العمياء: كان يجب أن يترافق تعليق قيصر مع مذكرة اعتقا ...
- اعتقال الرئيس الافتراضي لسوريا /صابر شرتح
- وصل إلى السلطة بفضل الثورة… فهل يُبرّر الإنكار؟
- بين جمهوريتين: برلمان ما بعد الحرب هل يمهّد الطريق لسوريا جد ...
- سوريا بين توازن النفوذ وتعثر السيادة: إدارة أزمة أم غياب حل؟
- بصدد تعريف اللامركزية الإدارية: مؤسسات محلية تحت إشراف الدول ...
- سوريا : ضرورة إبرام -اتفاقية أخلاقية- في فضاء النشر المفتوح ...
- الانفصال لا يُقرّره فرد أو تكتل، بل يُحسم بالدستور الوطني - ...
- من يحاكم القتلة؟… خطر ترسيخ ثقافة الإفلات من العقاب في ذاكرة ...


المزيد.....




- ماذا نعرف عن -خطة ترامب للسلام- في غزة؟
- الحكم بسجن ساركوزي يثير مجددا الجدل حول تسييس القضاء في فرنس ...
- -معا من أجل غزة- ـ مظاهرة حاشدة في برلين تطالب بوقف الحرب في ...
- لماذا أثارت خطة ترامب لوقف إطلاق النار في غزة انقساما في حكو ...
- لماذا يشعر البعض بالبرد أكثر من غيرهم؟
- وداعا للنظارات.. السلطات الصحية الأميركية تجيز أول قطرة لعلا ...
- نبض أوروبا: مالذي يجعل انتخابات مولدافيا توصف بالحاسمة؟
- وزير خارجية سان مارينو: نعلن الاعتراف بدولة فلسطين
- 5 قتلى في فيضانات جنوب الجزائر
- الناتو يستعرض قوته في بحر الشمال بالتزامن مع تصاعد التوتر مع ...


المزيد.....

- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد سليمان - المخاض السوري بين تحديات الداخل والتهديدات الإقليمية