أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد سليمان - سريالية المشهد السوري على شاشة أمريكية: التقاء الأضداد في لحظة مفصلية














المزيد.....

سريالية المشهد السوري على شاشة أمريكية: التقاء الأضداد في لحظة مفصلية


أحمد سليمان
شاعر وكاتب في قضايا الديمقراطية

(Ahmad Sleiman:poet And Writer On Democratic Issues)


الحوار المتمدن-العدد: 8474 - 2025 / 9 / 23 - 08:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في مشهدٍ يقترب من حدود الخيال السياسي، ويعكس سريالية التحولات في الشرق الأوسط، جرى حوار استثنائي بين الرئيس الانتقالي السوري أحمد الشرع، والجنرال الأميركي المتقاعد ديفيد بترايوس، القائد السابق للاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) والقيادة المركزية للجيش الأميركي. المفاجأة لم تكن في طبيعة اللقاء فحسب، بل في هوية المحاور ذاته: الرجل الذي كان قبل سنوات يقود عمليات عسكرية واسعة في العراق، واضعًا مكافأة مالية ضخمة لمن يُلقي القبض على خصمه الذي يجلس أمامه اليوم، لا كمقاتل، بل كرجل دولة وسياسي محنّك، يتحدث بلغة الدبلوماسية لا السلاح.

مفارقات تاريخية وسياسية:

منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، تحوّلت البلاد إلى مسرح لتداخل القوى الإقليمية والدولية، وانزلقت إلى حربٍ متعددة الجبهات أنهكت الدولة والمجتمع على حد سواء. في خضم هذه التحولات، برزت أسماء عسكرية وسياسية ارتبطت بالمواجهة العنيفة مع واشنطن وحلفائها. الشرع، المعروف سابقًا بـ"الجولاني"، كان رمزًا لذلك الصراع، مطاردًا ومصنّفًا كتهديد أمني عالمي. على الجانب الآخر، كان بترايوس يجسد صورة القوة الأميركية الخشنة، يقود العمليات العسكرية والاستخباراتية في المنطقة، ويصوغ استراتيجيات الحرب على الإرهاب.

اليوم، يجلس الرجلان وجهًا لوجه في نيويورك، ليس كعدوين بل كمحاورين، في مشهد يلخّص قدرة الزمن على قلب الطاولة وإعادة تعريف الأدوار.

رمزية اللقاء:

يحمل اللقاء بين الشرع وبترايوس دلالات متعددة:

* بين السجين السابق والقائد العسكري.
* بين المطلوب الأمني ورجل الدولة.
* بين ماضي المواجهة وحاضر الدبلوماسية.

هذه المفارقات ليست مجرد مصادفة، بل رسالة بأن السياسة الدولية لا تعرف ثوابت مطلقة. ما يُكتب بالرصاص قد يُمحى بالكلمات، وما يُحسم في الميدان قد يُعاد صياغته على طاولة الحوار.

خطاب الاعتدال والتحوّل:

ما ميّز الشرع في هذه الجلسة لم يكن مجرد حضوره السياسي، بل الخطاب الذي اعتمده. فقد تحدث بلغة عقلانية متزنة عن:

* رفع العقوبات كمدخل أساسي لإعادة الإعمار.
* ربط الأمن بالتنمية، معتبرًا أن الاستقرار لا يتحقق عبر البندقية وحدها.
* تجاوز روايات الماضي والانطلاق نحو عقد اجتماعي جديد يجمع شتات الدولة والمجتمع.

لم يقدم نفسه بصفته زعيمًا منتصرًا، بل كقائد انتقالي يتحمل مسؤولية تاريخية، مدركًا أن النجاح لا يُقاس بكمّ الخصوم الذين أزيحوا، بل بقدرة الدولة على النهوض من تحت الركام.

دهشة بترايوس واعتراف ضمني:

بدا الجنرال الأميركي مأخوذًا بالمشهد. فقد خاطب الشرع بلقب "سيادة الرئيس"، في إشارة لا تخلو من الاعتراف بالشرعية الجديدة التي اكتسبها الرجل. سؤاله المباشر: "كيف انتقلتم من تنظيم القاعدة إلى هذا الموقع القيادي؟" كان أقرب إلى إقرار بالمفارقة التاريخية منه إلى استفسار عابر. وجاء جواب الشرع: "من خاض الحرب يعرف قيمة السلام أكثر من غيره..." ليكثّف فلسفة التحول التي تبنّاها: أن السلام ليس خيارًا نظريًا بل خلاصة تجربة قاسية مع الحرب.

قراءة أوسع للحدث:

يمكن فهم اللقاء على أكثر من مستوى:

1.محليًا: إعلان عن لحظة لإعادة تعريف سوريا أمام شعبها والعالم، من دولة منهكة إلى دولة تبحث عن طريق جديد.
2.إقليميًا: مؤشر على تبدلات في موازين المنطقة، حيث الأعداء السابقون قد يصبحون شركاء محتملين في رسم مستقبلها.
3.دوليًا: إشارة إلى أن الملف السوري لم يُطوَ بعد، وأن الحوار حوله سيظل حاضرًا في أجندات القوى الكبرى.

من السريالية إلى الواقعية السياسية:

قد يبدو المشهد أقرب إلى العبث السياسي، غير أن خلف هذه السريالية تختبئ واقعية صارخة: الشرق الأوسط استنفد رصيده من الحروب، ولم يعد أمامه إلا خيار الانتقال من منطق القوة إلى منطق الشراكة، إذا أراد أن يضمن لنفسه مستقبلًا قابلًا للحياة.

اللقاء بين أحمد الشرع وديفيد بترايوس كان أكثر من مقابلة إعلامية؛ كان إعلانًا بأن العداوات ليست أبدية، وأن السياسة قادرة على إعادة صياغة أكثر الخصومات مرارةً في صورة فرص للتعاون. في زمنٍ تتهاوى فيه الحدود بين الممكن والمستحيل، بدا المشهد السوري على شاشة أميركية تجسيدًا حيًا لسريالية السياسة الدولية، لكنه ربما يحمل في جوهره الشرارة الأولى لتحوّل حقيقي طال انتظاره.

* ينُشر في وقت واحد بالتزامن مع نشطاء الرأي






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اتفاق أمني سوري - إسرائيلي برعاية أميركية
- بين خارطة الطريق والبيان الرافض: أي مستقبل للسويداء؟
- قراءة في الاتفاق بشأن أحداث السويداء بين البيان الرسمي والهو ...
- سوريا بين موسكو وأنقرة وتل أبيب: قراءة في حوار الشرع وتحولات ...
- الإطار القانوني لاسترداد أصول شركات مخلوف في سياق العدالة ال ...
- ملف حقوقي موسّع حول بطلان عقود الاستثمار التي تبرمها ميليشيا ...
- سوريا: السُلطة في قبضة الفساد وتزييف الألقاب الأممية
- القضاء الفرنسي مدعو إلى تجاوز الإعلان نحو الملاحقة الفعلية
- تحقيق : السومرية بين مطرقة الحق التاريخي وسندان الواقع السكا ...
- العدالة العمياء: كان يجب أن يترافق تعليق قيصر مع مذكرة اعتقا ...
- اعتقال الرئيس الافتراضي لسوريا /صابر شرتح
- وصل إلى السلطة بفضل الثورة… فهل يُبرّر الإنكار؟
- بين جمهوريتين: برلمان ما بعد الحرب هل يمهّد الطريق لسوريا جد ...
- سوريا بين توازن النفوذ وتعثر السيادة: إدارة أزمة أم غياب حل؟
- بصدد تعريف اللامركزية الإدارية: مؤسسات محلية تحت إشراف الدول ...
- سوريا : ضرورة إبرام -اتفاقية أخلاقية- في فضاء النشر المفتوح ...
- الانفصال لا يُقرّره فرد أو تكتل، بل يُحسم بالدستور الوطني - ...
- من يحاكم القتلة؟… خطر ترسيخ ثقافة الإفلات من العقاب في ذاكرة ...
- الإعلان الدستوري: بين ضرورته السياسية وتهديده لمدنية الدولة
- مشيخة رقابة الدولة - ظاهرة خفية خلف إدارة الدولة السورية


المزيد.....




- تركيا توضح سبب إقفال الميكروفون أثناء كلمة أردوغان في مؤتمر ...
- واشنطن توافق على علاج للتوحد وترامب يحذر من مخاطر الباراسيتا ...
- ترامب يصنف حركة -أنتيفا- منظمة إرهابية محلية عقب اغتيال حليف ...
- شهداء بقصف لا يتوقف على مدينة غزة
- عاجل | الجيش الإسرائيلي: مقتل ضابط برتبة رائد يقود سرية في ا ...
- حملات دهم وتفتيش في قلقيلية ونابلس والخليل
- لماذا منعت إدارة ترامب الدبلوماسيين الإيرانيين من التسوق في ...
- الأردن وفلسطين.. علاقة تتخطى الجغرافيا ومطلوب تعزيز دعم الشع ...
- إدارة ترامب تحذر إسرائيل -سرا- من ضم الضفة الغربية
- أطباء بلا حدود: أزمة لبنان الإنسانية مستمرة رغم مرور عام على ...


المزيد.....

- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد سليمان - سريالية المشهد السوري على شاشة أمريكية: التقاء الأضداد في لحظة مفصلية