أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد سليمان - السويداء بين فلول النظام والهجري وتفاهمات الدولة.. ملامح إعادة تشكّل الجنوب السوري














المزيد.....

السويداء بين فلول النظام والهجري وتفاهمات الدولة.. ملامح إعادة تشكّل الجنوب السوري


أحمد سليمان
شاعر وكاتب في قضايا الديمقراطية

(Ahmad Sleiman:poet And Writer On Democratic Issues)


الحوار المتمدن-العدد: 8498 - 2025 / 10 / 17 - 00:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تكشف الرسائل المتبادلة بين مقاتلين سابقين فرّوا إلى السويداء بعد انهيار منظومة الأسد، عن مشهد داخلي مضطرب تعيشه المحافظة منذ أشهر، حيث تتداخل الولاءات القديمة مع تحالفات جديدة غير مستقرة. معظم هؤلاء المقاتلين كانوا جزءًا من تشكيلات عسكرية أو أمنية تابعة للنظام المخلوع، ثم وجدوا أنفسهم بعد سقوطه بلا غطاء سياسي أو عسكري واضح، ما دفعهم للانخراط في صراعات محلية إلى جانب جماعات مسلحة، أبرزها جماعة الشيخ الهجري، ضد مجموعات البدو وضد قوات الأمن العام التابعة للسلطة الانتقالية.

تُظهر هذه الرسائل، التي تم تداول بعضها عبر تطبيق "واتس أب"، طبيعة الأشخاص الذين دعموا الهجري، إذ يتضح من مضمونها أن بعضهم متورط في جرائم سابقة أو في أعمال ابتزاز وتهديد، ما يسلّط الضوء على البنية غير المنضبطة التي تشكّلت حوله، وعلى حجم التحديات التي تواجه السويداء في سعيها للخروج من دوامة الفوضى.
يتحدث أحدهم عن "رواتب لم تُدفع منذ شهرين"، وآخر يعبّر بندم عن التحاقه بمجموعات الحماية التي تبيّن لاحقًا أنها لا تختلف عن عصابات جباية وابتزاز. كما يظهر مستوى السخط الشعبي من تصرفات بعض الضباط الذين "باعوا" الحماية مقابل مبالغ مالية اختفت لاحقًا دون أثر.

وقد شهدت المحافظة مجازر متبادلة بين الأطراف المتقاتلة، وأقرت الحكومة بتورط عناصر من طرفها، مؤكدةً أنها ستحاسبهم كما ستحاسب الأطراف الأخرى، في إطار مقاربة شاملة للعدالة.

تحوّلت جماعة الهجري مؤخرًا إلى مركز نفوذ عسكري رافض لأي تسوية، متذرعةً بالمجازر التي طالت الدروز، في حين تنكر المجازر التي ارتكبتها ضد البدو وضد قوات الأمن العام. كما استغلّ الهجري حالة الفوضى للمطالبة بتدخل إسرائيلي، فيما كشفت الأحداث عن تورط ميليشيا "قسد" بتقديم مساعدات مادية ولوجستية له، ما يعزز فرضية وجود شخصيات قيادية سابقة لدى نظام الأسد داخل مناطق سيطرة "قسد".

ورغم هذا المشهد المأزوم، بدأت الدولة السورية الحديثة، الممثلة بالسلطة الانتقالية، اتصالات أمنية وسياسية تهدف إلى احتواء التوتر في السويداء. وتشير المعلومات إلى أن الحكومة الجديدة تعمل على صياغة تفاهمات دقيقة مع شخصيات نافذة في المحافظة لتفكيك البنى المسلحة وضبط الحدود الأمنية، تمهيدًا لإعادة دمج السويداء ضمن إطار الدولة الواحدة، على أساس الشراكة والعدالة لا الانتقام.

وفي خضم هذا المشهد، برزت مبادرة مدنية وطنية بعنوان "السويداء منّا وفينا"، أُطلقت رسميًا في 12 أكتوبر 2025، بهدف دعم المحافظة في مجالات التعليم والصحة والبنية التحتية، وجمعت أكثر من 14 مليون دولار خلال أيام. ورغم طابعها التنموي، قوبلت باستهجان من مؤيدي الهجري الذين اعتبروها محاولة لاحتواء نفوذهم، بل وصفها بعضهم بأنها "تطبيع مع السلطة الانتقالية"، ما يعكس حجم الانقسام الداخلي حتى في المبادرات المدنية.

وعلى الطرف الآخر، توجد شخصيات درزية معتدلة تميل إلى الانخراط في الدولة الجديدة، رافضةً أي شعارات تقسيمية، بخلاف الهجري الذي يصر على استغلال الدماء التي نزفت ليتحدث عن "إقليم مستقل" عن سوريا، يمتد ويتواصل مع ممر سبق أن أعلنت عنه إسرائيل يصل إلى مناطق الجزيرة الخاضعة لسيطرة "قسد".

ووفق تقارير وبيانات حقوقية، فإن السلطة الانتقالية أعلنت بوضوح أنها ستُحاسب جميع المتورطين في القتال، بمن فيهم من خدموا في مؤسساتها. هذه المقاربة تعني أن العدالة لن تكون انتقائية، وأن الملف الأمني في السويداء لن يُغلق عبر صفقات محلية أو تسويات آنية كما كان يحدث في الماضي، بل من خلال مسار قانوني واضح تضمنه الدولة الحديثة.

الرسائل المسربة لا تعبّر فقط عن انهيار ولاءات قديمة، بل عن وعيٍ متأخر لدى بعض المقاتلين الذين أدركوا أنهم استُخدموا ثم تُركوا لمصيرهم. هذا التحوّل في المزاج الداخلي، إلى جانب التحركات الجارية من قبل الحكومة الانتقالية، قد يمهّد لتفكيك واحدة من أكثر البؤر حساسية في الجنوب السوري، حيث تختلط الولاءات العشائرية بالدينية والسياسية.

إن السويداء اليوم أمام لحظة فاصلة: فإما أن تنجح في تجاوز إرث الميليشيات والتدخلات، وإما أن تبقى رهينة الماضي ورموزه. والسؤال المفتوح: هل تنجح في صياغة مستقبلها بعيدًا عن الدم والانقسام؟

ينُشر في وقت واحد بالتزامن مع نشطاء الرأي






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موسكو بين إرث الجرائم وصفقة النفوذ / زيارة أحمد الشرع تفتح م ...
- لافروف... محامي الشيطان في محكمة الذاكرة السورية
- العقل الاستراتيجي الأميركي في سورية والمنطقة: شرعنة الانقسام ...
- «قتلوا حبيبي يا رفيقنا...»، قالت غزل.
- غريتا تونبرغ تستحق نوبل
- الولايات المتحدة تتحمّل مسؤولية تفجير البنية الجغرافية السور ...
- قبل أول انتخابات بعد سقوط الأسد: لجنة التحقيق الدولية تبدأ ع ...
- انتخابات مجلس الشعب: هل تعكس إرادة السوريين أم إعادة إنتاج ا ...
- على أمل اتفاق سلام وشيك في غزة/ اتفاق 21 نقطة لإنهاء الحرب
- أهداف اللعبة الدولية في سوريا بشأن المفاوضات الأمنية
- المخاض السوري بين تحديات الداخل والتهديدات الإقليمية
- ابتسامة المُكر الأمريكي والثمن السوري... رفع العقوبات كهدنة ...
- سريالية المشهد السوري على شاشة أمريكية: التقاء الأضداد في لح ...
- اتفاق أمني سوري - إسرائيلي برعاية أميركية
- بين خارطة الطريق والبيان الرافض: أي مستقبل للسويداء؟
- قراءة في الاتفاق بشأن أحداث السويداء بين البيان الرسمي والهو ...
- سوريا بين موسكو وأنقرة وتل أبيب: قراءة في حوار الشرع وتحولات ...
- الإطار القانوني لاسترداد أصول شركات مخلوف في سياق العدالة ال ...
- ملف حقوقي موسّع حول بطلان عقود الاستثمار التي تبرمها ميليشيا ...
- سوريا: السُلطة في قبضة الفساد وتزييف الألقاب الأممية


المزيد.....




- ما دور تركيا في فريق البحث عن الجثث في غزة؟
- القضاء الأمريكي يلاحق جون بولتون بتهم تتعلق بمعلومات سرية
- تطور مفاجئ.. ترامب سيلتقي بوتين في بودابست -خلال أسبوعين-
- اختراق مكبرات الصوت في مطارات بكندا وأميركا لدعم حماس
- مصر تمارس ضغوطا على حماس لوقف -الإعدامات الميدانية-
- جون بولتون.. اتهام مستشار ترامب السابق بـ-مشاركة معلومات سري ...
- القضاء الأميركي يوجه الاتهام لجون بولتون مستشار ترامب السابق ...
- باستثناء دولتين.. زيلينسكي مستعد للقاء بوتين في أي مكان
- حماس تكشف سبب تأخر إعادة ما تبقى من رفات الرهائن
- اتصال بين ترامب ونتنياهو بشأن اتفاق غزة و رفات الرهائن.. ومص ...


المزيد.....

- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد سليمان - السويداء بين فلول النظام والهجري وتفاهمات الدولة.. ملامح إعادة تشكّل الجنوب السوري