أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - بوتان زيباري - حكمة الصخر ورنين الروح: في مقام الكينونة الكوردية ونداء السلام














المزيد.....

حكمة الصخر ورنين الروح: في مقام الكينونة الكوردية ونداء السلام


بوتان زيباري

الحوار المتمدن-العدد: 8509 - 2025 / 10 / 28 - 08:35
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


إنّ جبال كوردستان الشمّاء، التي احتضنت صخرَ الوعي القوميِّ، لتُرسل اليومَ صدىً متأرجحاً بين عتمةِ الإنكارِ وضياءِ الإقرارِ بقضيّةٍ ضاربةٍ في عمقِ الأزمنة، ليست محضَ صراعٍ عابرٍ بل سجالُ وجودٍ وكينونة. فما مجرّدُ جلوسِ الساسةِ على مائدةِ الحوارِ، ومناجاةُ رموزِ هذا الحِراك، إلاّ إزاحةٌ لحجبٍ سدلتها عُقودٌ من الجمودِ القاتلِ وضغطِ التاريخِ الراسخ. لقد ثبتَ هذا الشعبُ الأبيُّ، فما اهتزَّ كيانُه ولا انحلَّ نسيجُه، بل زادَ تبلوراً وتأصيلاً، وأصبحَ الوعيُ القوميُّ جليًّا كالشمسِ في رابعةِ النهار.

والآنَ، يقفُ الرَّكبُ السياسيُّ على مفترقِ طريقٍ لا يحتملُ التلكؤ؛ فإما استمرارُ المنهجِ القمعيِّ حتى تبلغَ الروحُ أقصى مناها من الانفجار، وإما السعيُ الحثيثُ نحو حلٍّ يُجذّرُ الحقَّ ويُسْكِنُ القلوبَ الثائرة، وإنْ ظلَّ الإقرارُ الجوهريُّ بحقِّ الكيانِ الوطنيِّ محجوبًا وراءَ حجابِ العنادِ التاريخيِّ. فلقد زعمَ البعضُ أنّ القضيةَ لبسٌ إرهابيٌّ؛ وهي مغالطةٌ بيّنةٌ، فالسلاحُ ما كان إلاَّ عَرَضَ داءٍ قديمٍ، منبثقٍ من غيابِ شرعيةِ الوجودِ وحقوقِه القوميةِ الضائعةِ في منعطفاتِ القرنِ العشرينَ. كما أنّ التنصّلَ من مسؤوليةِ تجزئةِ كوردستانَ ورميَها على عاتقِ مؤامرةٍ خارجيةٍ صهيونيةٍ إمبرياليةٍ، هو تبريرُ العاجزِ ومنحى الرافضِ لنتائجِ تحالفاتِ النشأةِ الاستعماريةِ للدولةِ. أما الهروبُ إلى مظلّةِ "وحدةِ الأمةِ" فهو خيمةٌ لا تتسعُ لعمقِ الأبعادِ الوطنيةِ المتمايزة؛ فالحقيقةُ الكبرى تكمنُ في إرساءِ "الأخوةِ الديمقراطيةِ" التي لا تُقامُ إلا بدمقرطةِ تركيا والمجتمعِ التركيِّ ذاتِه، أسوةً بتجاربَ عالميةٍ اعترفت بحقوقِها القوميةِ ضمن إطارٍ ديمقراطيٍّ عادل.

إنَّ الحِراكَ السياسيَّ الأخيرَ، الذي انبعثَ في خريفِ عامِ 2024، يتجاوزُ حدودَ صناديقِ الاقتراعِ وأحكامَها، ليطرحَ السؤالَ الفلسفيَّ العميق: كيف لتركيا، بتركيبتِها غيرِ الديمقراطيةِ، أن تُفضي إلى حلٍّ لمسألةٍ وجوديّةٍ بهذهِ العِظمَة؟ فكلُّ المراجعاتِ الذاتيةِ، من حاجةِ حزبِ الشعبِ الجمهوريِّ إلى التطهيرِ من تاريخِ العنفِ والإنكارِ ليصبحَ مفتاحًا لدمقرطةِ البلادِ بأسرِها، إلى مستقبلِ حزبِ العدالةِ والتنميةِ المُرتهنِ لحساسيةِ الناخبِ الكورديِّ المائلِ نحو اليسارِ والديمقراطيةِ بعيداً عن خطابِ الأمةِ والشريعة، كلُّها مؤشراتٌ لضرورةِ التغييرِ الهيكليِّ. ويبقى لغزُ الحركةِ القوميةِ المتطرفةِ، التي أطلقت شرارةَ الحوارِ من منطلقِ الخوفِ لا الحقِّ، هو ما جعلَ القضيةَ الكورديةَ في صميمِ الحياةِ السياسيةِ التركيةِ.

وفي خضمِّ هذا الوهنِ البنيويِّ والفسادِ المُتغلغلِ في المنظومةِ، ومع تفاقمِ الأزماتِ الاقتصاديةِ واضطرابِ السياسةِ الخارجية، لاحَ في الأفقِ نداءُ السلامِ والمجتمعِ الديمقراطيِّ، ليُعلنَ أنَّ عهدَ الكفاحِ المسلحِ قد ولّى بتبدُّلِ الظروفِ وتجذُّرِ الهويةِ بالفنِّ والأدبِ، وليقرنَ مصيرَ القضيةِ بالدمقرطةِ الشاملةِ لتركيا. فالمسألةُ الكورديةُ، خلافًا لآيرلندا وكولومبيا، هي قضيّةٌ عابرةٌ للحدودِ، و"روج آفا" أصبحت القلبَ النابضَ لكوردستانَ في هذا الزمنِ الضبابيِّ. لذا، فإنَّ الأولويةَ القصوى اليومَ هي ضمانُ مستقبلِ "روج آفا" والاعترافُ بوضعِها، فهذا الاعترافُ هو إقرارٌ ضمنيٌّ بشرعيةِ القضيةِ الكورديةِ في كلِّ أجزائِها، وهو المفتاحُ الذي سيفتحُ سائرَ الأبواب. ويبقى التهديدُ التركيُّ المستمرُّ ومخاطرُ دفعِ دمشقَ للهجومِ على "روج آفا" في هذا التعقيدِ الإقليميِّ والدوليِّ، ما يجعلُ "الميثاقَ الملّيَّ" مجرّدَ بلاغةِ انتقامٍ لا يتحولُ إلى فعلٍ إلا بوضوحِ التحالفاتِ وتوفُّرِ أسبابِ التنفيذ، الأمرُ الذي يفرضُ لزومَ التأملِ والحكمةِ في كلِّ خُطوةٍ، ليتغلبَ صوتُ العقلِ على رنينِ السلاحِ، وتترنّمَ الروحُ الحُرَّةُ في محرابِ الأزمان.



#بوتان_زيباري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حجر الواقع ووهم الأمة الديمقراطية: صرخة الوجدان الكوردي في ل ...
- النار لا تُحرر… إن لم تكن في يد واعية!
- سجال القيادة وسيف السجن: أي فجر ينتظر كُردستان؟
- رقصة النار والماء: الأكراد وسوريا، بين الفلسفة الجريحة وبلاغ ...
- صرخة المعرفة في زمن الغياب
- شعلة نوروز: فلسفة الوجود ووجع النكران
- صوت الشلومية الذي لم يهن: مزكين حسكو وسرمدية الروح الكوردستا ...
- أن تكون كوردياً: شهادة لا تُمحى على جبين التاريخ
- أنقرة والخوف من الظل الكوردي
- رقصة الأقنعة على رمال الشرق المتحركة
- رؤية في دهاليز السياسة: حينما يصبح الحل هو الُمشكل
- صدى الروح في ميزان الشرق: جدل السياسة والإنسان
- الصواريخ لا تُنبئ بالسلام.. والدم الكردي ليس وقوداً للهيبة
- نحو وطنٍ لا يُبنى على أنقاض الهوية: بين فيدرالية الحقوق وخيا ...
- صدى الدم في قاعة الانتخابات: عندما تُكتب الديمقراطية بدموع ا ...
- سوريا في مفترق طرق: بين الأيديولوجيا والتقسيم
- الظل والضوء: حين يُستدعى التاريخ ليحاكم الحاضر
- صمت الدم: حين تُكتب الخريطة بدم العلويين والدروز…
- العرش والثور: حين يصير القصر حظيرةً والسلطةُ سرابًا
- الصورة التي نستحقها: في الفلسفة البصرية للبقاء


المزيد.....




- مغطاة بالسجاد العجمي.. سيارات -جي-واغن- و-بي إم دبليو- كما ل ...
- -طاردوهم لمسافات طويلة-.. شهادات من قلب أوكرانيا عن مسيرات ر ...
- علاقة ترامب والإمارات.. شاهد ما يستفيد منه الطرفان وسط طفرة ...
- أسفرت عن 3 قتلى.. إسرائيل تُعلن تنفيذ عملية برية وجوية قرب ج ...
- الأردن.. مراقبون يُعلّقون لـCNN على دلالات -خطاب العرش-: مصا ...
- حماس تنفي اتهامات إسرائيل بشأن الرهائن.. ومقتل 3 فلسطينيين ب ...
- علماء ينجحون في تحديد عمرك من خلال العينين فقط
- السودان.. دعوات لوقف الحرب بعد سقوط الفاشر بيد الدعم السريع ...
- توقيع اتفاقية أمريكية يابانية لتأمين إمدادات المعادن النادرة ...
- واشنطن وطوكيو توقعان اتفاقا بشأن المعادن النادرة ورغبة يابان ...


المزيد.....

- اشتراكيون ديموقراطيون ام ماركسيون / سعيد العليمى
- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - بوتان زيباري - حكمة الصخر ورنين الروح: في مقام الكينونة الكوردية ونداء السلام