أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - بوتان زيباري - رقصة النار والماء: الأكراد وسوريا، بين الفلسفة الجريحة وبلاغة المصير














المزيد.....

رقصة النار والماء: الأكراد وسوريا، بين الفلسفة الجريحة وبلاغة المصير


بوتان زيباري

الحوار المتمدن-العدد: 8490 - 2025 / 10 / 9 - 09:35
المحور: القضية الكردية
    


في فضاء السياسة المُلتهب، حيث سوريا باتت رحى تدور على أجساد الأحلام، يرتسم الوجود الكردي كلوحة من التحدي الصارم والأمل المستدام. لقد غدا المشهد السوري، بما حمله من وعود كاذبة وعهود منكوثة، شاهداً على لعبة أمم لا تقيم للضعيف وزناً، ولا تُبقي للوعود وفاءً. وفي هذا المضمار، تتبدّى الدعوات إلى التحالف التركي-الكردي-العربي كمفتاح سحريّ لسلام أبديّ، لكنّ هذا المفتاح لا يدور في أقفال الواقع إلا بمداد الثقة التي جفّت، وبصيغة الشراكة التي لم تُصغ بعد. أنقرة تنادي بالاندماج الكامل، مُطلقةً نداءها لمن يمم وجهه شطر الشام، زاعمةً أن العائدين إلى حضنها وحضن دمشق هم الظافرون، وأن من ينبذون هذه الرؤية هم المُنجرون وراء أوهام عابرة وأطماع زائفة.

غير أنَّ لغة الأرض، لغة روج آفا، تنطق بغير هذا البيان. فالتغلغل في المستنقع السوري ليس خياراً للانسحاب اليسير، بل هو قيد مُحكم لا يفكّه إلا تنازل الكبار أو تفاهمهم المرير. إنَّ التموضع التركي في الجغرافيا السورية، وإن جلب مكاسب نسبية أو مؤقتة ظنّتها القيادة نصراً، يبقى رهين حسابات دولية مُعقدة. فبينما يُشار إلى إسرائيل ودول الخليج كأطراف ذات مكر ودهاء، تجد تركيا نفسها تضع خططاً مضادة في خضمّ هذه الألاعيب، لكنّ الكاسب الأكبر يظلّ ذلك الذي يستجيب لنداء واشنطن ويُنفذ توجيهاتها بحرفية التابع المُطيع. فما لم تُحل قضايا المنطقة الكبرى، كملف غزة مثلاً، ستبقى سوريا مسرحاً للصراع، حيث يُشكل الدور التركي ومسألة كردستان سوريا بُعدين متلازمين للمشكلة التي لن تجد فكاكاً.

في قلب هذا التشابك، تتجلى مطالب القيادة الكردية المتمثلة في الإدارة الذاتية والبحث عن نموذج يُحاكي الفيدرالية في شمال العراق؛ إنه مطلب الاستقلال النوعي الذي لا يقبل الذوبان في نسيج جيش دمشق، بل يصرّ على البقاء ككتلة عسكرية وسياسية مُستقلة بذاتها، في إطار تفاهم أوسع. هذا الموقف يتأكد مراراً وتكراراً، خاصةً في اللقاءات الهامة التي تعقدها قيادات قسد مع المسؤولين الأمريكيين، حيث يبدو الموقف الأمريكي يميل بوضوح إلى تأييد الحقوق الكردية، حتى على مستويات القرار العليا. إنَّ كلّ ما يتعلّق بمصير شرق الفرات وشؤون قوات سوريا الديمقراطية (قسد) لا يُحسم في مكاتب المنطقة، بل يُرسم في دهاليز الولايات المتحدة الأمريكية، وفي حلقة ضيقة تتقاطع فيها المصالح الأمريكية مع رؤية إسرائيل الإقليمية، التي هي المحور الذي تدور حوله سياسات القوى الغربية في الشرق الأوسط برمته.

وفي هذا السياق، تظهر دعوات المصالحة الداخلية التركية ومحاولات الاستناد إلى شخصية مثل عبد الله أوجلان كمحاولة لخلط الأوراق، لكن هذه الدعوات تبدو جوفاء ما لم تُترجم إلى فعل حقيقي على الأرض، يُعيد الحقوق الدستورية للأكراد، ويُفعّل مسارات التفاوض المُعلقة، ويُطلق سراح السجناء السياسيين. إنَّ الإصرار على إغفال مطالب الشعب الكردي وتجاهل قياداته المنتخبة أو حتى رموز نضاله، لا يزيد المشهد إلا تعقيداً، ويُطلق العنان لغضب شعبي وإقليمي واسع، يتجاوز حدود البلاد، ليجد صداه في أوساط الملايين من أكراد العالم الذين يُتابعون المعركة بأساليب المقاومة الحديثة، من حرب نفسية إلى معارك إعلامية، مدركين أنهم ليسوا مجرد جامعي ثمار، بل قوة منظمة ذات طموح مستحق. وفي الختام، تبقى مسألة شرق الفرات، ومستقبل قسد، معضلة لا تُحل وفقاً للأماني التركية، بل وفقاً لموازين قوى دولية ترجّح كفة اللاعبين الذين يملكون القدرة على فرض إرادتهم في الساحة السورية المُحتدمة.



#بوتان_زيباري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صرخة المعرفة في زمن الغياب
- شعلة نوروز: فلسفة الوجود ووجع النكران
- صوت الشلومية الذي لم يهن: مزكين حسكو وسرمدية الروح الكوردستا ...
- أن تكون كوردياً: شهادة لا تُمحى على جبين التاريخ
- أنقرة والخوف من الظل الكوردي
- رقصة الأقنعة على رمال الشرق المتحركة
- رؤية في دهاليز السياسة: حينما يصبح الحل هو الُمشكل
- صدى الروح في ميزان الشرق: جدل السياسة والإنسان
- الصواريخ لا تُنبئ بالسلام.. والدم الكردي ليس وقوداً للهيبة
- نحو وطنٍ لا يُبنى على أنقاض الهوية: بين فيدرالية الحقوق وخيا ...
- صدى الدم في قاعة الانتخابات: عندما تُكتب الديمقراطية بدموع ا ...
- سوريا في مفترق طرق: بين الأيديولوجيا والتقسيم
- الظل والضوء: حين يُستدعى التاريخ ليحاكم الحاضر
- صمت الدم: حين تُكتب الخريطة بدم العلويين والدروز…
- العرش والثور: حين يصير القصر حظيرةً والسلطةُ سرابًا
- الصورة التي نستحقها: في الفلسفة البصرية للبقاء
- صراخ الأرض: عندما ترفض الأصوات أن تُسكت
- الرُّوح المُنهكة: حين يُصبح الوجودُ تمرّداً في أرضٍ فقدتَ حل ...
- الريح لا تُمسك بالأسوار، والشعب لا يُهزم بالصمت
- حين تبكي الجبال وتحتضر الرمال


المزيد.....




- حماس تعلن تسليم قوائم الأسرى وانتظار الاتفاق النهائي على الأ ...
- نخبرك ما نعرفه عن تفاصيل وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في غز ...
- فرنسا: دافع عن إلغاء عقوبة الإعدام وحارب معاداة السامية... ب ...
- حماس: ننتظر الموافقة على أسماء الأسرى الذين سيفرج عنهم
- الأمم المتحدة: أكثر من 54 ألف طفل في غزة يعانون من سوء تغذية ...
- الأمم المتحدة تستعد لخفض قوات حفظ السلام بنسبة 25 بالمئة بسب ...
- -حماس-: ننتظر الموافقة على أسماء الأسرى الذين سيفرج عنهم
- قطر: اتفاق غزة يؤدي لوقف الحرب والإفراج عن المحتجزين والأسرى ...
- الأمم المتحدة ترحب باتفاق غزة وتدعو لاستغلاله في مسار سياسي ...
- عُمان تطلق مبادرة دولية لتنظيم الذكاء الاصطناعي أخلاقيًا وفق ...


المزيد.....

- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - بوتان زيباري - رقصة النار والماء: الأكراد وسوريا، بين الفلسفة الجريحة وبلاغة المصير