أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بهجت العبيدي البيبة - حول مولد السيد البدوي... حين يتحول الدين إلى ثقافة والثقافة إلى ذاكرة














المزيد.....

حول مولد السيد البدوي... حين يتحول الدين إلى ثقافة والثقافة إلى ذاكرة


بهجت العبيدي البيبة

الحوار المتمدن-العدد: 8500 - 2025 / 10 / 19 - 21:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لست صوفيا، ولعل هذا الاعتراف يصلح أن يكون مدخلا صادقا لما أودّ أن أقول.
لكنني، في الوقت ذاته، أدرك أن الإسلام سردية واسعة، وجسد كبير، ولعله واحد من أنضج الأديان في العالم، إن لم يكن أنضجها على الإطلاق.
إن المشكلة في تصوّري لا تكمن في الدين ذاته، بل في الذين يزعم كل منهم امتلاك «الإسلام الصحيح» دون غيره، وكأن الحقيقة قد حُبست في صدورهم دون سواهم.
إن أصحاب كل فرقة أو جماعة ينظرون إلى الآخرين من خارج أسوارهم، لا من داخلهم.
فالسني يحاكم الشيعي بمعايير مذهبه، والشيعي ينظر إلى السني بميزان تأويله، ولكل منهما مصادره التي يُعلي من شأنها ويتجاهل غيرها.
هكذا تظل كل جماعة حبيسة رؤيتها، لا تبحث عن الفهم بل عن التأكيد؛ عن ترسيخ ما تؤمن به لا عن اختبار صدقه.
تلك هي مشكلة الانحياز التأكيدي التي تقف حاجزا بيننا وبين المعرفة الموضوعية، إذ يذهب المنتقد إلى خصوم المذهب لا إلى أصله، يقرأ رد الفعل لا الفكرة، فيزداد يقينا بما بدأ به لا بما اكتشفه.
ومن هذا المنطلق، يطل علينا الجدل الذي تجدد مؤخرًا حول مولد السيد البدوي، ذلك الحدث الذي أثار ضجيجا دينيًا وثقافيا في آنٍ واحد.
كثيرون تصدّوا له بسطحية وانفعال، وكأن المسألة تتعلّق بجوهر العقيدة، بينما في الواقع لم يعد المولد — بعد قرون طويلة — احتفالا دينيا خالصا، بل صار مظهرا ثقافيا وشعبيا بامتياز.
لقد صبغته الثقافة المصرية بفرحها وأهازيجها ومواسمها، فصار جزءا من المزاج الجمعي، إن تحتفي مصر بأوليائها كما تحتفي بالبهجة ذاتها.
ولو نظرنا إليه بعين أنثروبولوجية — لا فقهية فقط — لوجدنا أنه يمثل ذاكرة جماعية لشعب يحب الفرح ويبحث عنه بل ويصنعه إن لم يجده، فيجد في تلك الطقوس متنفسا إنسانيًا وروحيا معا.
وما يفعله المصريون اليوم في طنطا لا يختلف كثيرا عمّا يفعله الغربيون في النمسا مثلا - حيث يظل الإنسان هو الإنسان - حين يحتفلون بأعياد القديسين، وهي أعياد دينية في أصلها، لكنها تحوّلت بمرور الزمن إلى مناسبات ثقافية واجتماعية تعبّر عن التقاليد أكثر مما تعبر عن العقائد.
إن النظر إلى مثل هذه الظواهر من زاوية ثقافية لا دينية يتيح لنا فهما أعمق وأهدأ بعيدا عن التشنج المشحون بعاطفة التكفير وهذا هو الأهم
فالتراث، ويعتبر مولد السيد البدوي أحد الموروثات، مهما كان منبعه، لا يُحاكم بمعايير الإيمان بل بمعايير الذاكرة.
ومولد السيد البدوي — مهما اختلفت حوله الآراء — هو في جوهره مرآة لروح مصرية تعرف كيف تمزج بين القداسة والفرح، بين الذكر والرقص، بين الدين والحياة.
لعلنا لو تعلمنا أن ننظر إلى هذه الأمور من داخلها لا من خارجها، أن نقرأها بعيون محبة لا بعيون حاكمة، لأمكننا أن نفهم الإسلام كما هو: دينا يتسع، لا مذهبا يضيق.
فالإيمان لا يُقاس بعدد من نخالفهم، بل بمدى اتساع صدورنا لمن يخالفنا.



#بهجت_العبيدي_البيبة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقل العربي بين الرغبة في الصواب وفقدان البوصلة
- السابع من أكتوبر في الميزان: من رصاصة الغضب إلى طاولة التفاو ...
- تناقض حفيظ دراجي الكاشف: وصف فتح بالاحتلال ووصف حماس ب -ضربة ...
- خطة ترامب وإفراغ القضية الفلسطينية من معناها
- حكاية الصراخ أمام سفارة مصر والصمت أمام سفارة إسرائيل
- مأجورون يتربصون بمصر ويصمتون عن ضرب الدوحة
- في عيد النيروز... ميلاد الإنسان من ربيع الكون
- -إسرائيل الكبرى-... حلم يواجه الواقع
- حين تُجرَح أيادي الخير: تحليل نقدي لمحاولات تشويه الدور المص ...
- الوطن بين الوعي وزيف الشعارات: درس التاريخ يتجدد
- المذنبات: من نذر الشؤم إلى رسل الكون
- قرار الوزير.. وخرافة الأرقام: هل يُقاس الإيمان بدرجات الغش؟
- البكالوريا المصرية: حلمٌ يولد في غير أوانه؟
- تباين التقارير الأمريكية حول المنشآت النووية الإيرانية: لعبة ...
- الخطاب المزدوج: سيمفونية السياسة ونبض الشارع
- بين مطرقة الانسحاب وسندان العزلة: إيران ومعاهدة حظر الانتشار ...
- الضربة التي هزّت الصمت: إعادة رسم موازين الردع في فجر يونيو
- -قافلة الصمود: مصر… بين عبء التاريخ وجسارة الموقف
- مصر وتركيا: من ترسيم خط أحمر إلى تدريبات عسكرية مشتركة
- حين يُصبح الدعاء سلاحًا للكراهية: تأملات في سقوط إنساني واغت ...


المزيد.....




- مصر: ضجة بعد توافد أعداد غفيرة على مولد السيد البدوي..وعضو ب ...
- -لا تنتقد اليهود-.. حرية التعبير في أوروبا موجهة ضد المسلمين ...
- النحات ميثم العبدال يحوّل آلام الجد الفلسطيني إلى منحوتة بعن ...
- اسلامي: تقنية الإشعاع تسهم مباشرة في رفع جودة المنتجات الزرا ...
- بالفيديو.. السيدة مريم العذراء في الجمهورية الاسلامية الايرا ...
- مستعمرون وجيش الاحتلال يهاجمون قاطفي الزيتون في رام الله ونا ...
- باستراتيجية -الهيكل المُعقد-.. ما حجم تواجد الإخوان بأوروبا؟ ...
- قوات الاحتلال تعتقل أربعة مواطنين من سلفيت وتغلق مدخل المدين ...
- ما بعد الرؤية الترمبية .. القضية الفلسطينية برعاية عربية إسل ...
- وسط صمت بريطاني مريب.. تحذيرات من تغلغل الإخوان في أوروبا


المزيد.....

- نشوء الظاهرة الإسلاموية / فارس إيغو
- كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان / تاج السر عثمان
- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بهجت العبيدي البيبة - حول مولد السيد البدوي... حين يتحول الدين إلى ثقافة والثقافة إلى ذاكرة