أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بهجت العبيدي البيبة - الضربة التي هزّت الصمت: إعادة رسم موازين الردع في فجر يونيو














المزيد.....

الضربة التي هزّت الصمت: إعادة رسم موازين الردع في فجر يونيو


بهجت العبيدي البيبة

الحوار المتمدن-العدد: 8381 - 2025 / 6 / 22 - 14:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في فجرٍ مكفهر من صباحات يونيو المتوترة، انبرى الخبر كالصاعقة ليهزّ أركان العالم: الولايات المتحدة الأمريكية، بكلّ ما تملك من ثقل عسكري ومخابراتي، وجّهت ضربة قاصمة لقلب البرنامج النووي الإيراني، لتعيد رسم خرائط الردع في شرق أوسط يرتجف على صفيح ساخن. لم يكن هذا الحدث مجرد غارة جوية عابرة تُطوى صفحاتها بسرعة؛ بل كان تحولًا استراتيجيًا ذا أبعاد تاريخية، يذكّرنا بضربة إسرائيل لمفاعل "تموز" العراقي عام 1981، أو هجوم "الكُبر" السوري عام 2007. لكنّ الأبعاد اليوم تحمل ثقلًا جديدًا، في زمن تتراقص فيه موازين القوى، وتشتبك فيه الخرائط فوق حقول الرماد والدبلوماسية المعقدة.
الهدف: وأد حلم نووي قبل أن يتحقق!
الغاية كانت واضحة كالشمس في وضح النهار: اجتثاث الحلم النووي الإيراني من جذوره قبل أن يستفيق ويصبح حقيقة. نفّذت الولايات المتحدة ضربات جوية دقيقة، مستخدمةً طائرات B-2 الشبحية الأسطورية وقنابل خارقة للتحصينات (MOP)، استهدفت بها مرافق فوردو وناتانز وأصفهان — تلك المواقع التي تُعدّ الأكثر تحصينًا وعمقًا في خارطة المشروع النووي الإيراني الشاسعة. وبينما كانت سماء إيران تتشحّ بصدى الانفجارات المدوية، حبس العالم أنفاسه، متسائلًا: هل سيكون الردّ عنيفًا، أم سيخيّم الصمت، أم سيأتي ما بينهما في رقصة دبلوماسية معقدة؟
ما لم يُقل: حقيقة تهمس خلف الروايات
تتأرجح الحقيقة بين روايتين متناقضتين، تُخفي كلٌ منهما ما لم يُقل:
الرواية الأمريكية-الإسرائيلية: تُعلن النصر "بنسبة شبه تامة"، مؤكدةً تدمير القدرات التحتية والتقنية للبرنامج النووي، وتحديدًا الأجهزة المتقدمة للطرد المركزي من نوع IR-6، التي تُعدّ العمود الفقري للمشروع.
الرواية الإيرانية: تتسم بالهدوء والثقة المصطنعة، مدّعيةً: "كنا نعلم، وقد أخلينا المواقع من المواد الحساسة"، ومؤكدة أن البرنامج ما يزال في مأمن بعيدًا عن الأضرار الجسيمة.
لكن خلف ضجيج هاتين الروايتين، تهمس الحقيقة المجردة: ربما تكون الضربة قد أرهقت القلب النابض للمشروع النووي، وأدمت جسده، لكنها لم تستطع محو الذاكرة الطموحة، ولا اقتلاع الإرادة العازمة من جذورها.
الرد: من أي باب سيأتي؟
إيران، وكما عودتنا، لا ترُدّ بالصوت ذاته الذي تُضرب به، بل تُفضّل الصدى البعيد، المتشعب، وغير المتوقع، لتُبقي خصومها في حالة ترقب دائم.
- الرد المباشر؟ مستبعد، بل شبه مستحيل. فواشنطن وإن كانت قد فتحت دفتر النار، إلا أنها لا تسعى لحرب شاملة تدمر المنطقة، وإيران بدورها تدرك أنها لا تملك القدرة على الظفر بها إن اندلعت.
- الرد عبر الوكلاء؟ هذا هو الاحتمال الأقرب للواقع. ففي العراق وسوريا ولبنان واليمن، حيث تمتد الأذرع الطويلة للحرس الثوري، قد تشهد الأيام القادمة "لسعات متفرقة" واختبارات عضّ للنفوذ الأمريكي والإسرائيلي، في محاولة لإعادة تأكيد الوجود.
- الحرب الإلكترونية؟ مرجحة وبقوة. فالقدرات السيبرانية الإيرانية قادرة على تعطيل أنظمة حيوية، وتخريب بيانات حساسة، وربما اختراق عصب شركات ومؤسسات ذات أهمية استراتيجية.
- الدبلوماسية كخيار مشروط؟ محتملة. فقد تخرج إيران من تحت الركام بشروط تفاوض جديدة: قيود أقل على برنامجها، واعتراف أكبر بقدرتها التقنية المتنامية، خاصة إذا ما وجدت دعمًا من بكين وموسكو في مجلس الأمن.
العالم لا يقف متفرجًا: إعادة اصطفافات كبرى
لم يكن العالم مجرد متفرج على هذه الدراما الخطيرة؛ بل كان يعيد اصطفافاته، كلٌ حسب مصالحه:
- روسيا: تدين الضربة، ليس حبًا في طهران، بل لتقايض واشنطن بأوراق أخرى ثمينة في أوكرانيا وأوراسيا. ستدعم إيران استخباراتيًا وتقنيًا، وربما بالسلاح، دون الزجّ بنفسها عسكريًا في هذا المستنقع.
- الصين: تسير على الخيط الرفيع بحذر شديد: تندّد بلهجة ناعمة، وتتحرك بذكاء. فالنفط الإيراني الرخيص مغرٍ، والسوق الإيرانية المفتوحة تُعدّ فرصة ذهبية لتعزيز وجودها الاقتصادي، بشرط ألا ينفلت الوضع إلى فوضى إقليمية تعرقل التجارة العالمية.
- إسرائيل: في حالة يقظة قصوى، تدرك أن هذا النجاح العسكري ليس إلا فصلًا واحدًا من رواية طويلة ومريرة. ستستمر في استهداف العلماء والمواقع، وربما تنفذ عمليات استخباراتية معقدة كـ"ضربات استباقية صامتة" للحفاظ على تفوقها الأمني.
خريطة النفوذ: تُعاد رسمها بالحذر والنار
لقد أعادت هذه الضربة رسم خريطة النفوذ الإقليمي والدولي، ولكن بحذر شديد وبلهيب تحت الرماد:
- الولايات المتحدة استعادت زمام المبادرة وأكدت حضورها القوي.
- إيران فقدت منشآت حيوية وربما أسرارًا تقنية، لكنها لم تفقد الإرادة أو الطموح.
- الخليج يحبس أنفاسه، متأرجحًا بين رغبة الحماية الأمريكية وخطر الردود الغامضة.
/ تركيا تراقب من بعيد، تبحث عن مكاسب استراتيجية من وسط الفوضى المشتعلة.
- أوروبا قلقة كالعادة، لكنها غير قادرة على تقديم حلول حقيقية.
ما الذي يحمله المستقبل القريب؟
في الأشهر الستة القادمة، سيحاول العالم بأسره تفادي الانفجار الكبير، بينما تلعب الأطراف لعبة "الردع الرمادي" المعقدة، التي ستشمل:
- سلسلة ردود إيرانية غير مباشرة ومراوغة.
- تصعيد سيبراني خفي ومؤثر.
- مفاوضات نووية مشروطة ومتشنجة.
- ضغط روسي-صيني حثيث لاستثمار الضربة دبلوماسيًا.
/ عمليات إسرائيلية سرّية مستمرة لتثبيت التفوق وتوجيه رسائل واضحة.
الشرق الأوسط: لا ينام!
ما جرى في فجر ذلك اليوم لم يكن مجرد تدمير لمنشآت نووية؛ بل كان إعلانًا عن ولادة مرحلة جديدة من الصراع المحتدم، حيث لا مكان للضعفاء، ولا قيمة للأصوات العالية، بل للمكر الدبلوماسي والذكاء الصامت.
وفيما العيون شاخصة نحو طهران، والأقمار الصناعية ترصد تحركات فوردو، والقرارات المصيرية تُطبخ في عواصم موسكو وبكين وواشنطن... يبقى السؤال معلقًا في فضاء الشرق الأوسط الملتهب:
هل كانت هذه الضربة بداية النهاية، أم نهاية البداية؟



#بهجت_العبيدي_البيبة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -قافلة الصمود: مصر… بين عبء التاريخ وجسارة الموقف
- مصر وتركيا: من ترسيم خط أحمر إلى تدريبات عسكرية مشتركة
- حين يُصبح الدعاء سلاحًا للكراهية: تأملات في سقوط إنساني واغت ...
- العودة من العدم: حينما يعيد العلم المندثرين إلى الحياة
- في خان الخليلي… حيث تمتزج نكهة التاريخ برسائل السياسة
- حينما تتحكم النسبية في خرائطنا: كيف غيّرت نظرية آينشتاين طري ...
- الإنسانية فوق الطائفية: قراءة في مبررات العنف ضد الأبرياء في ...
- عندما تصبح الخرافة تهديدًا للوعي: قراءة نقدية في تصريحات حول ...
- الصيام عبر الزمن: من عادات القدماء إلى عبادة الإسلام
- رمضان… حين يشرق النور في القلوب
- التحديات السكانية في القرن الحادي والعشرين: قراءة مالتوسية ف ...
- الانتخابات الألمانية 2025: تحولات سياسية كبرى وتداعياتها على ...
- عندما يسخر الجهل من المعرفة
- مصر… حائط الصد الأخير في وجه مخطط التهجير
- ترامب ومكتب الإيمان: بين صعود الأصولية والصدام المحتمل
- حادث السويد الدامي: الإرهاب لا لون له ولا حدود
- التناغم الأمريكي-الإسرائيلي بين التصريحات والرموز: قراءة في ...
- الإعلام بين الإنصاف والتحريف - قراءة في تصريحات مارسيل كولر
- إيمانويل كانط: فيلسوف النور الذي رسم حدود العقل والإنسان
- الجنون في الحكم: من الحاكم بأمر الله إلى ترامب … بين الطبع و ...


المزيد.....




- دفعة جديدة من الصواريخ الإيرانية تصيب أهدافا في تل ابيب وحيف ...
- -مغامرة- ترامب بقصف إيران تهدد بصراع طويل الأمد في الشرق الأ ...
- الجيش الإسرائيلي يعلق على الضربة الأمريكية لإيران: نفحص الوض ...
- إسرائيل تستعيد جثامين ثلاثة رهائن من غزة قُتلوا في هجوم 7 أك ...
- ماذا نعرف عن الضربة الأمريكية للمفاعلات النووية الإيرانية؟
- واشنطن -تدمر- مواقع نووية إيرانية.. وطهران تتوعد بالرد
- عباس عراقجي: الشعب الأيراني لن يساوم على استقلاله وسيادته
- ما خيارات الرد المتاحة أمام إيران وهل ستعود للمفاوضات؟
- كيف تسلل الموساد لمفاصل الدولة في إيران؟
- تغير المناخ يطيل مدة تعافي الغابات من الحرائق الكارثية


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بهجت العبيدي البيبة - الضربة التي هزّت الصمت: إعادة رسم موازين الردع في فجر يونيو