أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بهجت العبيدي البيبة - -قافلة الصمود: مصر… بين عبء التاريخ وجسارة الموقف














المزيد.....

-قافلة الصمود: مصر… بين عبء التاريخ وجسارة الموقف


بهجت العبيدي البيبة

الحوار المتمدن-العدد: 8370 - 2025 / 6 / 11 - 17:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


على دروبٍ محفوفة بالأمل والوجع، تسير “قافلة الصمود” صوب غزة، نحسن الظن بهؤلاء المشاركين من العوام - طبعا غير هؤلاء الذين يتاجرون بكل شيء والذين يمكن أن يكون بعضهم قد خَطَّط أو دُسّ في القافلة - هؤلاء البسطاء يحملون بين جنباتهم قلوبًا مؤمنة بالإنسانية، وأرواحًا تهفو إلى نصرة المظلوم، متجاوزة العوائق، لا تهاب صعوبة الطريق ولا جفوة الريح. إننا نؤمن أن الأغلبية من أعداد هذه القافلة التي تزيد عن ألفي إنسان اجتمعوا على نُصرة الحق، مؤمنين أن التضامن الإنساني ليس خيارًا، بل واجب تُقرّه الفطرة ويحثّ عليه الضمير.

ومع سمو الغاية، لا يمكن لهذا الحدث أن يُقرأ بمعزل عن مصر – أمّ التاريخ، وضمير الجغرافيا، وبوابة الشرق إلى الكرامة. فمنذ النكبة الأولى، لم تتأخر القاهرة عن موقعها في الطليعة؛ لا سياسًيا ولا عسكريًا ولا دبلوماسيًا. أرض الكنانة لم تكن يومًا متفرجة، بل كانت في خندق المواجهة، دفعت من دم أبنائها، ومن استقرارها، ومن سمعتها بين الأمم، ثمنًا غاليًا لحماية القضية الفلسطينية، حينما آثر الآخرون الصمت أو الانسحاب.

لقد كانت مصر ولا تزال ركيزة الاتزان في أكثر القضايا تعقيدًا، تلعب الدور الذي لا يقدر عليه سواها، ليس بمنطق الاستعراض، بل بمسؤولية من يحمل أمانة التاريخ ومكانة الجوار. فتحت معبر رفح حين أُغلقت الأبواب، واحتضنت المفاوضات حين فرّ منها الآخرون، وسعت بين المتنازعين حين انسدت كل السبل.

ومن هنا، فإن أي تحرك – مهما كانت نواياه نبيلة – لا يمكن أن يتجاهل هذا الدور ولا أن يفرض نفسه بمنطق الأمر الواقع، أو بخيالٍ يتصور أن مصر يمكن أن تُبتز أو تُؤخذ على حين غفلة. من يتوهم أن القرار المصري قابل للإملاء، لم يعرف بعد قدر هذه الأمة، ولا وعورة الطريق إلى قلبها. مصر التي وقفت في وجه الأعاصير لن تُملي عليها سوى إرادتها، ولن تُحرّكها إلا رؤيتها المتزنة، التي تزن الأمور بميزان المصلحة العليا والمسؤولية القومية.

إن مساندة فلسطين ليست شعارًا عابرًا على لافتة، بل سياسة راسخة، وواجبًا تاريخيًا، تديره مصر بالحكمة والروية، لا بالاندفاع ولا بالعواطف الجارفة. وكان حريًّا بمن أطلق القافلة أن يُنسّق مسبقًا مع الجهات المصرية المعنية، لا أن يجعل من المبادرة عبئًا على من يدفع ثمن التبعات منذ عقود.

ليست مصر في حاجة إلى من يُذَكّرها بفلسطين، فهي أول من بكى جراحها ولم تتخل يوما عنها، ولكنها، في المقابل، لا تقبل أن تُختزل أدوارها، أو يُساء إلى مكانتها، أو يُستخدم اسمها في معادلات لا تراعي مقتضيات السيادة والكرامة.

ولعل في التنسيق المسبق، والحوار الصريح، ما كان كفيلًا بأن يُجنّب الجميع التوتر، ويُبقي على صورة القافلة ناصعةً كما كانت نوايا المشاركين فيها. فالدعم حين يفتقر للحكمة قد يتحول، دون قصد، إلى عبء سياسي، ومصر، بما تمثله، لا تسمح أن يُستدرج موقفها إلى فخاخ المزايدات أو يزج به في مسارات لا تليق بثوابتها.

إن مصر، التي حملت همّ فلسطين عقودًا، لا تُساوم على المبادئ، ولا تُجامل على حساب كرامتها، ولا تقبل أن تكون مجرد محطة في مشهد مُعدّ سلفًا. هي تكتب دورها بإرادتها، وتُحدد بوصلتها وفق رؤيتها، لأنها ببساطة… مصر.



#بهجت_العبيدي_البيبة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر وتركيا: من ترسيم خط أحمر إلى تدريبات عسكرية مشتركة
- حين يُصبح الدعاء سلاحًا للكراهية: تأملات في سقوط إنساني واغت ...
- العودة من العدم: حينما يعيد العلم المندثرين إلى الحياة
- في خان الخليلي… حيث تمتزج نكهة التاريخ برسائل السياسة
- حينما تتحكم النسبية في خرائطنا: كيف غيّرت نظرية آينشتاين طري ...
- الإنسانية فوق الطائفية: قراءة في مبررات العنف ضد الأبرياء في ...
- عندما تصبح الخرافة تهديدًا للوعي: قراءة نقدية في تصريحات حول ...
- الصيام عبر الزمن: من عادات القدماء إلى عبادة الإسلام
- رمضان… حين يشرق النور في القلوب
- التحديات السكانية في القرن الحادي والعشرين: قراءة مالتوسية ف ...
- الانتخابات الألمانية 2025: تحولات سياسية كبرى وتداعياتها على ...
- عندما يسخر الجهل من المعرفة
- مصر… حائط الصد الأخير في وجه مخطط التهجير
- ترامب ومكتب الإيمان: بين صعود الأصولية والصدام المحتمل
- حادث السويد الدامي: الإرهاب لا لون له ولا حدود
- التناغم الأمريكي-الإسرائيلي بين التصريحات والرموز: قراءة في ...
- الإعلام بين الإنصاف والتحريف - قراءة في تصريحات مارسيل كولر
- إيمانويل كانط: فيلسوف النور الذي رسم حدود العقل والإنسان
- الجنون في الحكم: من الحاكم بأمر الله إلى ترامب … بين الطبع و ...
- مرموش..لماذا يدعم المصريون أبطالهم عالميًا؟ قراءة نفسية واجت ...


المزيد.....




- لحظة الإقلاع لطائرة الركاب الهندية من مدرج المطار إلى تحطمها ...
- قرار جديد من السيسي بشأن التعاون المصري السعودي
- ما لا يعرفه العراقيون عن تاريخهم الحديث..
- البنتاغون يعد خطط طوارئ لغزو غرينلاند وسط جدل ساخن في الكونغ ...
- -سي إن إن-: الولايات المتحدة تلغي تصاريح الإقامة لأكثر من 50 ...
- ترامب: هناك احتمال لنشوب صراع كبير في المنطقة ويمكن أن يحدث ...
- لا ناجين بعد تحطم طائرة تابعة للطيران الهندي في منطقة سكنية ...
- هل تهاجم إسرائيل منشآت إيران النووية؟
- العلم الروسي يضيء برج خليفة (فيديو)
- دراسة تكشف كيف يحمي اللوز من أخطر أمراض العصر!


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بهجت العبيدي البيبة - -قافلة الصمود: مصر… بين عبء التاريخ وجسارة الموقف