أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بهجت العبيدي البيبة - في خان الخليلي… حيث تمتزج نكهة التاريخ برسائل السياسة














المزيد.....

في خان الخليلي… حيث تمتزج نكهة التاريخ برسائل السياسة


بهجت العبيدي البيبة

الحوار المتمدن-العدد: 8307 - 2025 / 4 / 9 - 12:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قراءة في جولة ماكرون والسيسي بالقلب الثقافي للقاهرة

في ليلة مصرية من ليالي الربيع الدافئة، تجول الرئيسان عبد الفتاح السيسي وضيفه إيمانويل ماكرون في أزقة خان الخليلي التاريخية، واختتما زيارتهما بجلسة دافئة على مقهى نجيب محفوظ، وسط تصفيق حار من المواطنين المصريين. لم يكن هذا المشهد لحظة بروتوكولية عابرة، بل كان مسرحًا متكامل الرمزية، محملًا برسائل ثقافية، وسياسية، وتاريخية، تعبر حدود اللحظة وتستدعي الذاكرة الجمعية بين شعبين.
رمزية المكان: قلب القاهرة الثقافي
خان الخليلي، الحي الذي تتنفس فيه روح القاهرة القديمة، ظل لقرون مركزًا للحرف والفنون والروح الشعبية. إن وجود الرئيسين فيه، وتفاعلهما المباشر مع المواطنين، لم يكن مجرد لفتة شعبية، بل كان اعترافًا حيًا بمكانة هذا المكان بوصفه مرآة للهوية المصرية.
أما مقهى نجيب محفوظ، حيث اختتمت الجولة، فلم يكن اختيارًا عشوائيًا. فمحفوظ، الأديب المصري العالمي، هو تجسيد للهوية المركبة التي تنبض بها القاهرة: الحكمة الشعبية، والتقاليد، والفلسفة الإنسانية التي حاز بها نوبل. فجلوس ماكرون في هذا المكان، الذي يحمل اسم كاتب طالما عبّر عن الحارة المصرية، بدا وكأنه جلوس في حضرة ذاكرة مصر الثقافية.
من الحملة الفرنسية إلى البعثات… ذاكرة ممتدة
إن هذه الزيارة تستحضر ماضيًا طويلًا من العلاقات المصرية الفرنسية، لم تبدأ بالحاضر، بل تعود إلى أواخر القرن الثامن عشر، حين جاءت حملة نابليون محمّلة بالعلماء والباحثين، لتنتج «وصف مصر» وتزرع أولى بذور الحداثة في التربة المصرية.
كما لا يمكن نسيان البعثات التعليمية التي أرسلها محمد علي باشا إلى باريس، وأشهرها تلك التي ضمّت رفاعة الطهطاوي، الذي لم يترجم فقط مفاهيم فرنسا التنويرية، بل أعاد صياغتها في إطار مصري متصالح مع ذاته وتاريخه.
البعد السياسي الرمزي: خان الخليلي كرسالة سلام
وربما الأكثر دلالة في هذه الزيارة – في ظل الحرب المستعرة اليوم في غزة – هو البعد السياسي غير المعلن، الذي يمكن استقراؤه من جغرافيا المكان نفسه. فخان الخليلي، والموسكي، وشارع عدلي، كانت لسنوات طويلة مناطق يسكنها اليهود المصريون، الذين عاشوا في تناغم مع المسلمين والمسيحيين، قبل أن تعصف رياح السياسة الإقليمية بهذا النسيج.
هنا تتجلى الرسالة الرمزية الثقيلة: إن التعايش ممكن. لقد كان واقعًا فعليًا في قلب القاهرة، ويمكن أن يكون مستقبلًا محتملًا في المنطقة، إذا ما توافرت الإرادة السياسية. إن الجولة في خان الخليلي، التي غطّتها وسائل الإعلام بكثافة، لم تكن فقط احتفاءً بالماضي، بل دعوة رمزية لاستحضار تجربة التعدد المصري كمنصة للتعايش في الشرق الأوسط.
صدى الزيارة في الإعلام المصري والدولي
سلطت وسائل الإعلام المصرية الضوء على التفاعل الشعبي الكبير، حيث وصف موقع القاهرة 24 المشهد بأنه «تاريخي»، مشيرًا إلى أن المواطنين المصريين احتفوا بالرئيسين بشكل منقطع النظير، والتقطوا الصور ووجهوا التحية في حتفال شعبي عفوي ومؤثر.
أما الصحافة الدولية، فلم تغب عن المشهد، إذ كتبت أسوشيتد برس أن الرئيس السيسي «أخذ الرئيس الزائر في جولة في سوق القاهرة الشهير استعدادًا لمحادثات حول الحرب في غزة» (AP News).
أما فرانس 24 فقد ربطت الزيارة بلقاءات سياسية مرتقبة حول القضية الفلسطينية، حيث ذكرت أن “ماكرون سيلتقي بالرئيس السيسي والملك عبد الله الثاني لعقد قمة ثلاثية حول غزة” (France 24).
من جهتها، قالت صحيفة Arab News إن “الرئيسين تناولا العشاء في أحد أشهر أسواق القاهرة في أولى لحظات الزيارة التي تستغرق 48 ساعة”، ما يؤكد على الطابع غير الرسمي والإنساني للجولة.
الشعب المصري... يحتفي بالاعتراف
لا يمكن إغفال الحفاوة الشعبية التي استقبل بها المصريون الرئيس ماكرون، والتي تجاوزت حدود المجاملة التقليدية لتكون تعبيرًا عن اعتزازهم العميق بمكانتهم كرواد للحضارة الإنسانية وصُنّاع للذاكرة العالمية. إن هذه الحفاوة لم تكن مجرد لفتة عابرة، بل رسالة واضحة إلى أوروبا، تؤكد فيها مصر قدرتها على أن تكون منبرًا للحوار، ونموذجًا فريدًا يجمع بين عمق الجذور ووهج الحداثة، وبين أصالة التاريخ ورحابة الانفتاح.
في النهاية ربما لم يقل ماكرون كلمة واحدة عن غزة، وربما لم يتحدث السيسي في تلك الجولة عن السلام، لكن خان الخليلي قال كل شيء. المكان كان هو الخطاب. والمقهى كان هو الوثيقة. والتفاعل الشعبي كان هو الاستفتاء.
هكذا تقول القاهرة، دائمًا، ما لا تقوله السياسة.



#بهجت_العبيدي_البيبة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حينما تتحكم النسبية في خرائطنا: كيف غيّرت نظرية آينشتاين طري ...
- الإنسانية فوق الطائفية: قراءة في مبررات العنف ضد الأبرياء في ...
- عندما تصبح الخرافة تهديدًا للوعي: قراءة نقدية في تصريحات حول ...
- الصيام عبر الزمن: من عادات القدماء إلى عبادة الإسلام
- رمضان… حين يشرق النور في القلوب
- التحديات السكانية في القرن الحادي والعشرين: قراءة مالتوسية ف ...
- الانتخابات الألمانية 2025: تحولات سياسية كبرى وتداعياتها على ...
- عندما يسخر الجهل من المعرفة
- مصر… حائط الصد الأخير في وجه مخطط التهجير
- ترامب ومكتب الإيمان: بين صعود الأصولية والصدام المحتمل
- حادث السويد الدامي: الإرهاب لا لون له ولا حدود
- التناغم الأمريكي-الإسرائيلي بين التصريحات والرموز: قراءة في ...
- الإعلام بين الإنصاف والتحريف - قراءة في تصريحات مارسيل كولر
- إيمانويل كانط: فيلسوف النور الذي رسم حدود العقل والإنسان
- الجنون في الحكم: من الحاكم بأمر الله إلى ترامب … بين الطبع و ...
- مرموش..لماذا يدعم المصريون أبطالهم عالميًا؟ قراءة نفسية واجت ...
- في غياهب الغيبوبة العقلية: من يستفيد من تغييب الوعي؟
- هل يستطيع ترامب تنفيذ تصريحاته حول المثليين .. حدود السلطة ت ...
- بين ابتلاء العقل وابتلاء الواقع: قراءة في حريقين… وعقلين
- في عالم متغير: نحو نظام عالمي جديد بين التحديات والطموحات


المزيد.....




- -قبل وبعد.. نحبك-.. أولاد الأمير ويليام يهنؤونه بعيد الأب
- حقيقة الفيديو المنسوب إلى تساقط صواريخ إيرانية على إسرائيل
- مسؤول أمريكي لـCNN: ترامب رفض خطة إسرائيلية لاغتيال المرشد ا ...
- صراع إيران وإسرائيل.. شاهد فوضى وأعمدة دخان بمناطق مكتظة بال ...
- نتنياهو يعلن تصفية رئيس الاستخبارات الإيرانية ونائبه
- إسرائيل وإيران: هل تتحول المواجهة بينهما إلى حرب مفتوحة؟
- أقارب مقاتلي -داعش- الألمان يطالبون بإعادتهم من سوريا
- أردوغان لترامب: هناك حاجة إلى تحرك عاجل لوقف التصعيد بين إير ...
- إسقاط مسيّرتين إسرائيليتين في سماء محافظة زنجان الإيرانية (ص ...
- وزير الخارجية المصري يبحث مع ويتكوف الحد من التصعيد بين إسرا ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بهجت العبيدي البيبة - في خان الخليلي… حيث تمتزج نكهة التاريخ برسائل السياسة