أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بهجت العبيدي البيبة - حادث السويد الدامي: الإرهاب لا لون له ولا حدود














المزيد.....

حادث السويد الدامي: الإرهاب لا لون له ولا حدود


بهجت العبيدي البيبة

الحوار المتمدن-العدد: 8247 - 2025 / 2 / 8 - 16:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في مشهدٍ مأساويٍّ جديدٍ، امتدَّ شبحُ العنفِ ليطالَ الأبرياءَ في السويد، حيثُ قُتلَ عشرةُ أشخاصٍ في اعتداءٍ مروِّعٍ استهدفَ مركز “كامبوس ريسبيرغسكا” التعليمي للكبار في مدينة أوريبرو. نفَّذَ الهجومَ رجلٌ يُدعى ريكارد أندرسون، وهو سويديٌّ يبلغُ من العمرِ 35 عامًا، كانَ يحملُ تراخيصَ لعدةِ أسلحةٍ ناريةٍ، حيثُ استخدمَ ثلاثَ بنادقَ وكميةً كبيرةً من الذخيرةِ في جريمتهِ المروعة.
كانَ بين الضحايا أشخاصٌ فرُّوا من ويلاتِ الحربِ في بلادِهم بحثًا عن الأمانِ والاستقرار، فإذا بهم يواجهونَ حربًا أخرى، هذه المرَّةَ ليسَ على أرضِ أوطانِهم، بل في البلادِ التي ظنُّوا أنَّها ستحتضنُهم وتمنحُهم حياةً هادئةً بعيدةً عن الخوفِ والدمار. من بين هؤلاءِ الضحايا كانَ سالم كريم إسكيف، وهو شابٌّ سوريٌّ يبلغُ من العمرِ 28 عامًا، كانَ يدرسُ التمريضَ ويحلمُ بمستقبلٍ جديدٍ في السويد. قبلَ وفاتهِ بلحظاتٍ، أجرى مكالمةَ فيديو معَ خطيبتِه ليعبرَ لها عن حُبِّهِ، وليطلبَ منها أن ترعى والدتَهُ إذا حدثَ لهُ مكروه. لكنَّهُ لم يكن يدري أنَّ هذه الكلماتِ ستكونُ آخرَ ما ينطقُ بهِ قبلَ أن يُردى قتيلًا برصاصِ الكراهيةِ والتطرُّفِ.
إنَّ النفسَ البشريةَ وِعاءٌ يمكنُ أن يُملأ بالمحبَّةِ والتسامحِ كما يمكنُ أن يُحشَى بالكراهيةِ والبغضاءِ، وهذه الحقيقةُ وحدَها كفيلةٌ بأن تجعلَنا ندركُ خطورةَ الخطابِ الذي يُغذِّي العداءَ بين البشر. فمسلسلُ العنفِ لا ينتهي إذا بدأ، بل يدورُ في حلقةٍ ناريةٍ مفرغةٍ من الفعلِ وردِّ الفعلِ، فلا ينتهي إلا بتدميرِ المجتمعاتِ وإغراقِ العالمِ في المزيدِ من الصراعاتِ والدمار.
صعود اليمين المتطرف.. تهديدٌ للمهاجرين وللنسيج المجتمعي
إنَّ هذه الجريمةَ البشعةَ لا يمكنُ فصلُها عن موجةِ التطرفِ اليمينيِّ المتصاعدةِ في أوروبا وأمريكا، حيث أصبحَ خطابُ الكراهيةِ ضدَّ المهاجرينَ أكثرَ انتشارًا، وتحوَّلَ من مجردِ شعاراتٍ سياسيةٍ إلى أفعالٍ عنيفةٍ تهدِّدُ أمنَ الأبرياءِ واستقرارَ المجتمعاتِ. لقد ساهمتْ عواملُ متعدِّدةٌ في تعزيزِ نفوذِ التياراتِ اليمينيةِ المتطرِّفة، من بينها الأزماتُ الاقتصاديةُ التي زادتْ من مشاعرِ الغضبِ الشعبيِّ تجاهَ الأجانبِ والمهاجرين، بالإضافةِ إلى انتشارِ نظرياتِ المؤامرةِ وخطاباتِ الكراهيةِ التي يروِّجُ لها بعضُ الساسةِ والشخصياتِ الإعلاميةِ المتطرِّفة. كما لعبَ الخوفُ من التغيُّراتِ الديموغرافيةِ والثقافيةِ دورًا كبيرًا في تأجيجِ هذا الخطابِ العدائيِّ، حيثُ يروِّجُ المتطرِّفونَ لفكرةِ “الاستبدالِ العظيم”، وهي نظريةٌ مؤامراتيةٌ تدَّعي أنَّ المجتمعاتِ الغربيةَ يتمُّ “استبدالُ” سكانِها الأصليينَ بالمهاجرين، مما يزيدُ من العداءِ ضدَّ الأجانبِ ويبرِّرُ العنفَ ضدَّهم.
إنَّ استمرارَ تمدُّدِ هذهِ الأفكارِ قد يؤدِّي إلى مزيدٍ من الأعمالِ العدائيةِ ضدَّ المهاجرين، الذينَ لم يتركوا أوطانَهم إلَّا هربًا من الحروبِ والفقرِ، بحثًا عن فرصةٍ لحياةٍ آمنةٍ وكريمة. وإذا لم تتكاتفِ الحكوماتُ والمجتمعاتُ لمواجهةِ هذا المدِّ الخطير، فقد نشهدُ تصاعدًا في الهجماتِ العنصريةِ والجرائمِ القائمةِ على الكراهيةِ، مما يهدِّدُ الأمنَ الاجتماعيَّ والاستقرارَ في الدولِ الغربيةِ نفسِها قبلَ غيرِها.
إنَّ الإرهابَ لا يقتصرُ على منظومةِ قيمٍ بعينِها، بل هو مرضٌ فكريٌّ يمكنُ أن يُصيبَ أيَّ مجتمعٍ وأيَّ أيديولوجيا، مهما ادَّعى أصحابُها أنَّهم بلغوا قمةَ التطوُّرِ الأخلاقيِّ ويحاولون فرضَ منظومتِهم القيميةِ على العالمِ بأسره. فكما ندينُ التطرُّفَ والإرهابَ الإسلاميَّ، فإنَّنا ندينُ بنفسِ القوَّةِ الإرهابَ أيا كانَ مصدرُهُ، وخصوصًا تطرُّفَ ما يُسمَّى بالإرهابِ الأبيضِ الذي يتغذَّى على العنصريةِ وكراهيةِ الآخر.
العالمُ يحتاجُ إلى التعايشِ وليسَ التصادم
إنَّ العالمَ اليومَ أحوجُ ما يكونُ إلى قيمِ التعايشِ المشتركِ والمحبَّةِ والتسامحِ، لا إلى مزيدٍ من الانقساماتِ والصراعات. فالعنفُ لا يولِّدُ إلَّا العنف، والتطرُّفُ لا يُنتِجُ إلَّا مزيدًا من الدمارِ والكراهية. وإذا كانَ الإنسانُ قد بلغَ قمةَ التقدُّمِ العلميِّ والتكنولوجيِّ، فما زالَ في حاجةٍ ماسَّةٍ إلى ثورةٍ أخلاقيةٍ تُعيدُ للقيمِ الإنسانيةِ جوهرَها الحقيقيَّ، حيثُ لا مكانَ للتمييزِ على أساسِ العرقِ أو الدينِ أو الأصلِ الاجتماعيّ.
إنَّ من حقِّ كلِّ إنسانٍ أن يعيشَ بكرامةٍ وأمان، بغضِّ النظرِ عن خلفيَّتهِ الثقافيةِ أو الدينيةِ. ومن واجبِ الحكوماتِ والمجتمعاتِ أن تعملَ على تعزيزِ ثقافةِ التقبُّلِ والاحترامِ المتبادل، والتصدِّي لخطابِ الكراهيةِ والتطرُّفِ الذي يهدِّدُ أمنَ الجميعِ وسلامَهم. كما أنَّ من مسؤوليةِ العقلاءِ في كلِّ بقاعِ العالمِ أن يعملوا على استمرارِ رُقيِّ الإنسانيةِ، وألَّا يسمحوا بعودةِ الأفكارِ المتطرِّفةِ التي كانت سببًا في العديدِ من الحروبِ والمآسي عبرَ التاريخ.
إنَّ العالمَ لن يكونَ مكانًا أفضلَ بمزيدٍ من العنفِ والكراهيةِ، بل بالعدالةِ والتسامحِ والتآخي. تلكَ هي القيمُ التي يجبُ أن نسعى لإرسائِها، ليسَ فقط لحمايةِ المهاجرينَ واللاجئينَ، بل لحمايةِ إنسانيتِنا جميعًا.



#بهجت_العبيدي_البيبة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التناغم الأمريكي-الإسرائيلي بين التصريحات والرموز: قراءة في ...
- الإعلام بين الإنصاف والتحريف - قراءة في تصريحات مارسيل كولر
- إيمانويل كانط: فيلسوف النور الذي رسم حدود العقل والإنسان
- الجنون في الحكم: من الحاكم بأمر الله إلى ترامب … بين الطبع و ...
- مرموش..لماذا يدعم المصريون أبطالهم عالميًا؟ قراءة نفسية واجت ...
- في غياهب الغيبوبة العقلية: من يستفيد من تغييب الوعي؟
- هل يستطيع ترامب تنفيذ تصريحاته حول المثليين .. حدود السلطة ت ...
- بين ابتلاء العقل وابتلاء الواقع: قراءة في حريقين… وعقلين
- في عالم متغير: نحو نظام عالمي جديد بين التحديات والطموحات
- العقل العربي بين قيود الماضي وأحلام المستقبل
- الحضارة الغربية بين القيم والانتقادات: رؤية متوازنة
- من هزيمة المغول إلى كسر أوهام الشرق الأوسط الجديد: مصر مقبرة ...
- المستقبل في ظل الاعتماد على الروبوتات: العالم بين الابتكار و ...
- لماذا ينتظر العقل الجمعي العربي والإسلامي انهيار الحضارة الغ ...
- العقل الديني واستغلال الكوارث: بين الادعاء والحقيقة
- مجدي يعقوب: أيقونة الإنسانية والعلم في مسار نحو نوبل وجامعة ...
- الأسرى في ظلال الكهف: رحلة العقل من القيود إلى النور
- العقل المسلم بين تأكيد القناعات الذاتية والوقوع في فخ الأخبا ...
- العقل العربي بين الشماتة والكوارث: قراءة في الانهزام الحضاري
- أصداء الرعب: كيف تتحطم الأمم تحت وطأة الديكتاتورية


المزيد.....




- ابن فضل شاكر يقول إن والده بُرئ من تهمة قتال الجيش اللبناني ...
- تحت الراية الأوروبية... ميلوني تزور واشنطن لمناقشة الرسوم ال ...
- بجانب بوتين.. أمير قطر يتحدث عما ناقشه مع الشرع حول علاقات س ...
- اللجنة الدولية للصليب الأحمر تدين تعرض أحد مقرّاتها في غزة ل ...
- نتنياهو: عملياتنا -العلنية والسرية- أخرت برنامج إيران النووي ...
- وزير الخارجية المصري يسلم الرئيس الجزائري رسالة من السيسي.. ...
- شاهد.. أولى الفيديوهات من مكان إطلاق النار في جامعة ولاية فل ...
- برلين.. احتجاجات طلابية تنديدا بالحرب على غزة
- غزة.. تدمير مبان سكنية في رفح بقطاع غزة
- تميم يشكر بوتين بالروسية وبوتين يرد بالعربية


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بهجت العبيدي البيبة - حادث السويد الدامي: الإرهاب لا لون له ولا حدود