أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بهجت العبيدي البيبة - السابع من أكتوبر في الميزان: من رصاصة الغضب إلى طاولة التفاوض














المزيد.....

السابع من أكتوبر في الميزان: من رصاصة الغضب إلى طاولة التفاوض


بهجت العبيدي البيبة

الحوار المتمدن-العدد: 8488 - 2025 / 10 / 7 - 15:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في مثل هذا اليوم من عام 2023، استيقظ العالم على وقع هجومٍ مباغت شنّته حركة حماس ضد إسرائيل.
عملية عسكرية بدت في ساعاتها الأولى مفاجأةً قلبت موازين القوى، لكنها سرعان ما تحوّلت إلى مأساة إنسانية غير مسبوقة.
فمن لحظةٍ كان يُنظر إليها كبداية لتحرير محتمل، انقلبت الصورة إلى قطاع مدمّر، ومدن مسحوقة، وشعب مشرّد يعيش واحدةً من أقسى الكوارث في التاريخ الحديث.

لا أحد ينكر أن مقاومة الاحتلال حقٌّ أصيل أقرّته الشرائع السماوية والمواثيق الدولية.
فمن يُنتزع من أرضه لا يملك إلا أن يقاوم لاستردادها.
لكن هذا الحق لا يُمارَس بالعاطفة وحدها، بل بحسابٍ دقيقٍ للمآلات.
فالمقاومة الواعية توازن بين الهدف والقدرة، بين الدم والسياسة، أما المغامرة غير المحسوبة فتقود أحياناً إلى انتحارٍ جماعي باسم البطولة.
لقد أثبتت السنتان اللتان تلتا السابع من أكتوبر أن البطولة وحدها لا تكفي، وأن القرار المقاوم إذا افتقد الرؤية الاستراتيجية، تحوّل إلى فخٍّ يجرّ الأمة إلى الخراب.
وها هو القطاع اليوم شاهدٌ على ما يمكن أن تفعله "النية الصادقة" حين تُنفَّذ دون تقديرٍ لموازين القوى أو لرد الفعل المتوقع من عدوٍّ لا يعرف حدودا للانتقام.
فبعد عامين من ذلك اليوم، تُعقد الآن في مدينة شرم الشيخ المصرية مفاوضات غير مباشرة بين وفدي حماس وإسرائيل، برعاية مصرية وبدعم أمريكي وقطري، لمناقشة بنود خطة ترامب التي كانت تُوصف سابقاً بـ"صفقة القرن".
الخطة التي رُفضت يوما بشدة، أصبحت اليوم محور النقاش حول مستقبل غزة.
فقد وافقت حماس مبدئيا على بعض بنودها، وخاصة تلك المتعلقة بوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، بينما تبقى القضايا الجوهرية مثل نزع السلاح والحكم في غزة موضع جدلٍ وتفاوض محتدم.
وهنا تكمن المفارقة المريرة: بعد كل هذا الدمار والخراب والدماء، تجلس حماس اليوم لتبحث كيفية تنفيذ الخطة التي حاربتها بالأمس.
كأن التاريخ أراد أن يقول لنا إن السياسة حين تغيب عن ساحة المقاومة، تعود إليها مثقلة بالدم لتتفاوض على ما رفضته بالسلاح.
إن ما يجري اليوم في شرم الشيخ ليس مجرد جولة تفاوضية، بل هو النتيجة الطبيعية لفعلٍ لم يُحسب بدقة قبل وقوعه.
فحين تُطلق الرصاصة دون رؤيةٍ لما بعدها، يكون لا مفر من أن يُستبدل صوتها لاحقا بحديث على طاولة التفاوض.
وهكذا انتقلت المقاومة من ميدان النار إلى ميدان الورق، ومن منطق القوة إلى منطق التسويات، بحثا عن مخرج من جحيم صُنِع بعملية حمساوية كما صُنِع بعدوان إسرائيلي.
إن المقاومة لا تُقاس بعدد الصواريخ التي تُطلق، بل بعدد الأرواح التي تُنقذ، وبحجم الكرامة التي تُصان.
أما حين يتحوّل الوطن إلى أنقاضٍ، والشعب إلى ضحيةٍ دائمة، فلا بد من مراجعة جريئة - أظن أن هذا ما يحدث الآن - تفرّق بين المقاومة الواعية والمجازفة المدمّرة.
السابع من أكتوبر سيبقى يوما فاصلا في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، لكنه أيضا درسٌ في كيفية أن يتحوّل الفعل المقاوم من طاقة تحرير إلى كارثة إنسانية حين يغيب عنه الحساب السياسي.
وما يزيد من قساوة الواقع أن السابع من أكتوبر، بعد كل هذا الدمار، لم يعد يوما للاحتفال أو الفخر، بل يوما للتأمل في نتائج الفعل ودرس العواقب.
وها هي حماس، بعد عامين من الدماء، تجلس على طاولة كانت تراها خيانة، تناقش بنود خطة كانت ترفضها بشراسة، ليُصبح الجدال السياسي هو الساحة التي تُقاس فيها المقاومة الآن.
إن التاريخ لا يعيد نفسه، لكنه يُذكّرنا دوما بأن الوعي يجب أن يسبق الفعل، وأن المقاومة التي لا تزن نتائجها قد تكتب مآسي شعبها بيدها.
فالكرامة لا تُصان بالشعارات، بل بالحكمة التي تحافظ على الوطن ليبقى قادرا على الحلم بالتحرير.



#بهجت_العبيدي_البيبة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تناقض حفيظ دراجي الكاشف: وصف فتح بالاحتلال ووصف حماس ب -ضربة ...
- خطة ترامب وإفراغ القضية الفلسطينية من معناها
- حكاية الصراخ أمام سفارة مصر والصمت أمام سفارة إسرائيل
- مأجورون يتربصون بمصر ويصمتون عن ضرب الدوحة
- في عيد النيروز... ميلاد الإنسان من ربيع الكون
- -إسرائيل الكبرى-... حلم يواجه الواقع
- حين تُجرَح أيادي الخير: تحليل نقدي لمحاولات تشويه الدور المص ...
- الوطن بين الوعي وزيف الشعارات: درس التاريخ يتجدد
- المذنبات: من نذر الشؤم إلى رسل الكون
- قرار الوزير.. وخرافة الأرقام: هل يُقاس الإيمان بدرجات الغش؟
- البكالوريا المصرية: حلمٌ يولد في غير أوانه؟
- تباين التقارير الأمريكية حول المنشآت النووية الإيرانية: لعبة ...
- الخطاب المزدوج: سيمفونية السياسة ونبض الشارع
- بين مطرقة الانسحاب وسندان العزلة: إيران ومعاهدة حظر الانتشار ...
- الضربة التي هزّت الصمت: إعادة رسم موازين الردع في فجر يونيو
- -قافلة الصمود: مصر… بين عبء التاريخ وجسارة الموقف
- مصر وتركيا: من ترسيم خط أحمر إلى تدريبات عسكرية مشتركة
- حين يُصبح الدعاء سلاحًا للكراهية: تأملات في سقوط إنساني واغت ...
- العودة من العدم: حينما يعيد العلم المندثرين إلى الحياة
- في خان الخليلي… حيث تمتزج نكهة التاريخ برسائل السياسة


المزيد.....




- ميغان ماركل تتألق باللونين الأبيض والأسود في أسبوع الموضة ال ...
- كواليس تصوير كليب أغنية راغب علامة الجديدة بمشاركة أملي الجز ...
- وثائق مسربة تشير إلى أن روسيا ربما تساعد الصين في الاستعداد ...
- نتنياهو: إيران طورت صواريخ باليستية قادرة على ضرب أمريكا
- أطول حرب وأعنفها.. كيف اختلفت حرب غزة الراهنة عن الجولات الس ...
- أكبر رهينة إسرائيلي سناً يتم إطلاق سراحه يسعى لإحياء كيبوتس ...
- إسرائيل: دقيقة صمت في بدء إحياء مراسم الذكرى السنوية الثانية ...
- تعرف إلى نظام انتخابات مجلس الشعب في سوريا
- أزمة فرنسا الداخلية بعد استقالة الحكومة
- أبرز هجمات الحوثيين على إسرائيل وضربات الاحتلال باليمن في عا ...


المزيد.....

- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بهجت العبيدي البيبة - السابع من أكتوبر في الميزان: من رصاصة الغضب إلى طاولة التفاوض