أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بهجت العبيدي البيبة - خطة ترامب وإفراغ القضية الفلسطينية من معناها














المزيد.....

خطة ترامب وإفراغ القضية الفلسطينية من معناها


بهجت العبيدي البيبة

الحوار المتمدن-العدد: 8482 - 2025 / 10 / 1 - 16:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


القضايا الكبرى ليست نصوصا سياسية جامدة، ولا خطوطا مرسومة على خرائط تتداولها الطاولات. القضايا الكبرى روح تتنفس في قلوب الشعوب، وذاكرة تعيش في الأجيال، ومعنى يتجاوز اللحظة إلى الأبدية. هكذا كانت فلسطين، وهكذا ستبقى: جرحاً يضيء، وقضية تنبض بالحق مهما تواطأت القوى على طمسها أو تحويلها إلى مجرد أزمة عابرة.
بعد السابع من أكتوبر بدا وكأن العالم كله أعاد فتح ملف فلسطين. لقد كان ذلك اليوم زلزالا إنسانيا وسياسيا هزّ الضمير العالمي، لكنه في الوقت نفسه منح خصوم القضية فرصة لتوظيف الدم والدمار في صياغة رواية جديدة: رواية تجعل الفلسطيني متهما، وتجعل القضية مجرد عبء أمني، ومن هنا جرى تسويق ما سُمّي بخطة ترامب وكأنها الخاتمة الطبيعية، بل النهائية، للقضية.
ولا يمكن في هذا السياق تجاهل مسؤولية حركة حماس عن إدخال فلسطين في هذا المنعطف. فقرار السابع من أكتوبر ــ مهما اختلفت الدوافع أو التأويلات ــ أعاد تعريف المشهد بطريقة خدمت خصوم القضية أكثر مما خدمت جوهرها. فقد وجد كثيرون في الغرب والإقليم ضالتهم في تصوير الفلسطيني على أنه الخطر ذاته، لا الضحية، ثم قدّموا خطة ترامب كأنها السبيل الواقعي الوحيد لإغلاق هذا الباب المفتوح على الصراع.
لكن الخطورة لا تكمن في الخطة كوثيقة سياسية فحسب، بل في الفلسفة التي تنطوي عليها. فهي تُفرغ القضية من معناها الأصلي: فلسطين لا تعود وطنا مسلوبا لشعب مشرّد، بل تتحول إلى "ملف إنساني" قابل للإغلاق ببعض الامتيازات الاقتصادية. واللاجئ يصبح متلقيا للمساعدات لا صاحب حق عودة، والأرض تُختزل إلى إدارة أمنية تحت سيطرة الآخر، والمقاومة تُصوَّر عبئا على الاستقرار لا تعبيرا عن هوية حية. هنا يتجلى أخطر ما في الخطة: محاولة إعادة تعريف المفاهيم ذاتها.
إنها ليست صفقة سياسية بقدر ما هي محاولة لطمس الذاكرة. فهي تقول للشعب الفلسطيني: انسوا التاريخ، وانسوا الجذور، واكتفوا بالحاضر كما يرسمه لكم الآخرون. لكنها تغفل أن الشعوب لا تُمحى بقرار، وأن الهوية لا تُختزل بامتياز، وأن الأرض ليست قطعة ورق يمكن أن تُطوى في درج السياسات.

ما بعد السابع من أكتوبر وما بعد خطة ترامب

قد يخيّل للبعض أن هذا هو الختام، وأن الفصل الأخير قد كُتب بالفعل. لكن الحقيقة أن التاريخ لا يعرف النهايات المغلقة، بل يعرف المنعطفات التي تلد من رحمها بدايات جديدة. السابع من أكتوبر لم يكن النهاية، بل كان شاهدا على أن القضية لا تزال تنبض، حتى وإن استُخدم كذريعة لتسويق خاتمة مصطنعة.

إن ما بعد خطة ترامب ليس قدرا محتوما، بل امتحان لإرادة الفلسطينيين والأمة بأسرها: إما استسلام لرواية تُفرغ المعنى، أو استعادة للسردية الكبرى التي تقول إن فلسطين وطن، والحق لا يُشترى، والذاكرة لا تُمحى. وما يظنه البعض خاتمة قد يكون في الحقيقة افتتاحية طور جديد، أكثر وعيا وأعمق إدراكا، بأن العدالة قد تتأخر لكنها لا تموت.

فالقضية التي وُلدت من صرخة ظلم، لن تنتهي بصفقة، ولن تُختصر في مشروع. ستظل حاضرة ما دام هناك طفل يحفظ اسم قريته كما يحفظ أنفاسه، وما دام هناك شيخ يروي حكاية الزيتون كما يروي صلاته، وما دامت هناك أمة تدرك أن الحق لا يُقاس بموازين القوة العارية، بل بموازين التاريخ والكرامة الإنسانية.



#بهجت_العبيدي_البيبة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكاية الصراخ أمام سفارة مصر والصمت أمام سفارة إسرائيل
- مأجورون يتربصون بمصر ويصمتون عن ضرب الدوحة
- في عيد النيروز... ميلاد الإنسان من ربيع الكون
- -إسرائيل الكبرى-... حلم يواجه الواقع
- حين تُجرَح أيادي الخير: تحليل نقدي لمحاولات تشويه الدور المص ...
- الوطن بين الوعي وزيف الشعارات: درس التاريخ يتجدد
- المذنبات: من نذر الشؤم إلى رسل الكون
- قرار الوزير.. وخرافة الأرقام: هل يُقاس الإيمان بدرجات الغش؟
- البكالوريا المصرية: حلمٌ يولد في غير أوانه؟
- تباين التقارير الأمريكية حول المنشآت النووية الإيرانية: لعبة ...
- الخطاب المزدوج: سيمفونية السياسة ونبض الشارع
- بين مطرقة الانسحاب وسندان العزلة: إيران ومعاهدة حظر الانتشار ...
- الضربة التي هزّت الصمت: إعادة رسم موازين الردع في فجر يونيو
- -قافلة الصمود: مصر… بين عبء التاريخ وجسارة الموقف
- مصر وتركيا: من ترسيم خط أحمر إلى تدريبات عسكرية مشتركة
- حين يُصبح الدعاء سلاحًا للكراهية: تأملات في سقوط إنساني واغت ...
- العودة من العدم: حينما يعيد العلم المندثرين إلى الحياة
- في خان الخليلي… حيث تمتزج نكهة التاريخ برسائل السياسة
- حينما تتحكم النسبية في خرائطنا: كيف غيّرت نظرية آينشتاين طري ...
- الإنسانية فوق الطائفية: قراءة في مبررات العنف ضد الأبرياء في ...


المزيد.....




- زينب شفيق… زهرة القمر التي عادت إلى حلمها الأول في الثمانين ...
- علماء يصنعون أجنة من الحمض النووي لجلد الإنسان لأول مرّة
- من هم شباب حركة جيل زد 212 المغربية.. وما الذي يميزهم؟
- ألمانيا: إغلاق مهرجان أكتوبر مؤقتا في ميونخ بعد إبطال قنبلة ...
- التحدي والاستجابة الأردنية
- راتب.. طفل غزّي يحاول تعويض ساقه المبتورة بأنبوب بلاستيكي
- الاحتلال يقتحم طوباس وبلدة عقابا ويعتقل فلسطينيين بمخيم الفا ...
- لا تستهن بلغة العيون.. ماذا نخسر من إهمال التواصل البصري؟
- هل توغل الجيش الإسرائيلي داخل درعا واعتقل عناصر أمن سوريين؟ ...
- الحرس الثوري يلوح بزيادة مدى الصواريخ الإيرانية


المزيد.....

- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بهجت العبيدي البيبة - خطة ترامب وإفراغ القضية الفلسطينية من معناها