أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بهجت العبيدي البيبة - حين تُجرَح أيادي الخير: تحليل نقدي لمحاولات تشويه الدور المصري الإنساني في غزة














المزيد.....

حين تُجرَح أيادي الخير: تحليل نقدي لمحاولات تشويه الدور المصري الإنساني في غزة


بهجت العبيدي البيبة

الحوار المتمدن-العدد: 8417 - 2025 / 7 / 28 - 20:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في خضم الأزمة الإنسانية الطاحنة التي تعصف بقطاع غزة، حيث تتفاقم معاناة السكان جراء الحصار والدمار، تبرز الجهود المصرية المتواصلة لإغاثة القطاع كشريان حياة حيوي. ومع ذلك، تتصاعد أصواتٌ تسعى إلى التشكيك في هذه الجهود وتشويهها، في محاولةٍ مكشوفة للنيل من الدور المصري الإنساني والتاريخي. يستعرض هذا المقال هذه المحاولات، محللاً دوافعها ومفنداً مزاعمها، ومؤكداً على حقيقة الموقف المصري الذي يظل ثابتاً في دعم الشعب الفلسطيني.
تتجه القوافل المصرية المحملة بالمساعدات الإنسانية من دواء وغذاء نحو غزة، في مشهدٍ يعكس التزاماً أخلاقياً وإنسانياً راسخاً. هذه القوافل، التي تنطلق من سيناء، تمثل استجابةً عاجلة لنداء الضمير في ظل ظروفٍ إنسانية بالغة التعقيد. فبينما تتهاوى القلوب أمام مشاهد الجوع والدمار، وتتلاشى المسؤولية الدولية في دهاليز المصالح السياسية، تظل مصر صامدة في تقديم يد العون، مؤكدةً على دورها الريادي في المنطقة.
لكن للأسف الشديد فمع كل خطوة إيجابية تخطوها مصر نحو إغاثة غزة، ترتفع أصواتٌ لا تكتفي بالتشكيك، بل تتجاوز ذلك إلى الهجوم المباشر والتجريح في كل ما هو مصري. إن هذه الأصوات، التي تتظاهر بالمطالبة بمزيد من المسؤولية المصرية، سرعان ما تنقلب إلى حملة شرسة ومنظمة بمجرد أن تبدأ مصر في تنفيذ التزاماتها الإنسانية. إن هذا السلوك يكشف عن نوايا خبيثة، حيث لا يكمن الهدف في تحفيز مصر على الفعل، بل في إعاقتها عن مواصلة دورها الإنساني.
ومن أبرز الأمثلة على هذه المحاولات المشبوهة، الدعوة الفلسطينية للتظاهر أمام السفارة المصرية في تل أبيب. هذه الدعوة، التي صدرت عن جهة تدعي أنها تمثل "اتحاد أئمة المساجد في الداخل الفلسطيني"، تثير تساؤلات عميقة حول الأجندات الحقيقية وراءها. فكيف يمكن لمن يدعي تمثيل الهدى والتعقل أن يحرض ضد من يقدم المساعدة والإغاثة لأهل غزة، بينما يتجاهل تماماً من يمارس القصف والحصار والتجويع؟ إن تنظيم مظاهرة في قلب إسرائيل، الكيان الذي يقتل الفلسطينيين ويدمر أرضهم ويجوع أطفالهم، ضد مصر، وليس ضد الاحتلال، هو مشهدٌ مقلوب يفتقر إلى أي منطق أو عقلانية. فبدلاً من توجيه اللوم لمن يمنع الوقود والدواء، وقبل ذلك يعيث فسادا في قطاع غزة يسيم أهلها الويل والثبور فيقتل الأطفال والنساء والشباب والكهول ويهدم المنازل ويقصف المستشفيات والمدارس بدلا من توجيه اللوم للعدو الغاصب القاتل المجرم يتم توجيهه إلى القاهرة التي تفتح المعبر وتمد يد العون وتطهو الخبز لأطفال غزة في العريش. هذا التناقض الصارخ يكشف عن محاولة واضحة لتزييف الوعي وإعادة تعريف العدو، خدمةً لأجندات لا تمت بصلة للقضية الفلسطينية أو للمبادئ الإسلامية.
إن ما يدمي القلب حقاً هو أن تصدر مثل هذه الدعوات التحريضية من جهات تحمل صفة "أئمة"، بينما تمارس دوراً يتنافى تماماً مع جوهر الدين والأخلاق والمروءة. فالإمام الحقيقي هو من يدعو إلى الخير والرحمة، لا من يحرض ضد من يطعم ويداوي. إن تحويل منابر العبادة إلى أبواق للتحريض ضد مصر، بدلاً من أن تكون منارات للدعاء لنصرة أهل غزة ودعم من يعينهم، يمثل انحرافاً خطيراً عن الدور الديني والاجتماعي للمسجد.
إن مرور عشرات القوافل المصرية إلى غزة يؤكد أن مصر لا تكتفي بالخطابات، بل تترجم أقوالها إلى أفعال ملموسة. ومع ذلك، يبدو أن هذا الفعل يزعج أطرافاً معينة، ويهدد سردياتهم الزائفة، ويفضح عجزهم. فبدلاً من توجيه أصابع الاتهام لمن يحاصر غزة، يتم توجيهها إلى من يفتح كوة في جدار العتمة، في محاولة يائسة لوقف تدفق المساعدات وإبقاء القطاع في دائرة المعاناة.
لا تقتصر محاولات التشويه على الداخل الفلسطيني، بل تمتد لتشمل الخارج أيضاً. فقد شهدنا مشاهد مؤلمة لبعض الأفراد الذين أغلقوا أبواب السفارات المصرية في الخارج، في محاكاة ساخرة لما يتهمون به مصر من "إغلاق الأبواب في وجه غزة". هذه الأفعال، التي تتجاهل الواقع الذي يؤكد أن مصر، رغم كل الضغوط، تبقي بابها مفتوحاً وتواصل إرسال قوافلها إلى باب معبرها المفتوح على مصراعيه دوما من جانبها، تكشف عن حملة منسقة تهدف إلى تشويه صورة مصر والنيل من جهودها.
وفي خضم هذا الضجيج الممنهج، يخرج خليل الحية، القيادي في حركة حماس، من قصره الفخم في الدوحة، لا ليُخفف آلام أهله في غزة، بل ليُحمّل مصر — زورًا وبهتانًا — مسؤولية الحصار، متجاهلًا عمدًا أن من يحاصر ويقصف ويجوّع ويمنع الماء والدواء هو الكيان الصهيوني.

يهاجم الحية مصر وهو يعلم — أكثر من غيره — حجم القوافل التي خرجت من معبر رفح، والجهد الذي لا يتوقف في القاهرة سياسيًا وإنسانيًا من أجل غزة.
لكنه يختار أن ينكر، ويختار أن يُجمّل الصورة أمام مموليه، وأن يردد ما يرضي أجندات الخارج، حتى لو جاء ذلك على حساب دماء الجائعين.

كيف يمكن لمن يعيش في أجنحة الفنادق ويأكل على موائد الأمراء أن يزعم أنه صوت غزة؟
لو كان صادقًا، فليغادر تلك القصور، وليقف في طابور الخبز، أو يشارك أهل غزة لحظة انقطاع الماء، أو انتظار الإسعاف الذي تأخر بسبب الحصار.

حينها فقط سيدرك — ولو متأخرًا — كم أن موقف مصر كان نبيلًا، وكم أن الأكاذيب التي يطلقها لا تصمد أمام مشهد أم مصرية تُجهّز شاحنة محمّلة بالدواء والغذاء لأولاد غزة.

إن ما قاله الحية ليس فقط نكرانًا للجميل، بل هو انحياز مخزٍ لمن يطيل أمد المأساة من أجل بقاء وهم السلطة والسيطرة، ولو على أنقاض وطن وشعب.
إن القوافل التي تسير من العريش إلى غزة ليست مجرد شاحنات تحمل مساعدات، بل هي صفعة أخلاقية على وجه كل من تاجر بالقضية، وتخاذل عن نصرة الشعب الفلسطيني، وهاجم من يقدم له العون. فمصر، رغم كل الألم والطعنات، ستواصل فعلها الإنساني، ليس منّةً أو بحثاً عن مدح، بل وفاءً لدورها الطبيعي والتاريخي. في زمنٍ يتظاهر فيه بعض الفلسطينيين ضد مصر في تل أبيب، تظل القاهرة هي الوحيدة التي ترسل الدواء لمن يتظاهر، والكهرباء لمن يحرض، والغذاء لمن يتألم، مدركةً أن واجبها لا يسقطه نكران ولا يوقفه افتراء.



#بهجت_العبيدي_البيبة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوطن بين الوعي وزيف الشعارات: درس التاريخ يتجدد
- المذنبات: من نذر الشؤم إلى رسل الكون
- قرار الوزير.. وخرافة الأرقام: هل يُقاس الإيمان بدرجات الغش؟
- البكالوريا المصرية: حلمٌ يولد في غير أوانه؟
- تباين التقارير الأمريكية حول المنشآت النووية الإيرانية: لعبة ...
- الخطاب المزدوج: سيمفونية السياسة ونبض الشارع
- بين مطرقة الانسحاب وسندان العزلة: إيران ومعاهدة حظر الانتشار ...
- الضربة التي هزّت الصمت: إعادة رسم موازين الردع في فجر يونيو
- -قافلة الصمود: مصر… بين عبء التاريخ وجسارة الموقف
- مصر وتركيا: من ترسيم خط أحمر إلى تدريبات عسكرية مشتركة
- حين يُصبح الدعاء سلاحًا للكراهية: تأملات في سقوط إنساني واغت ...
- العودة من العدم: حينما يعيد العلم المندثرين إلى الحياة
- في خان الخليلي… حيث تمتزج نكهة التاريخ برسائل السياسة
- حينما تتحكم النسبية في خرائطنا: كيف غيّرت نظرية آينشتاين طري ...
- الإنسانية فوق الطائفية: قراءة في مبررات العنف ضد الأبرياء في ...
- عندما تصبح الخرافة تهديدًا للوعي: قراءة نقدية في تصريحات حول ...
- الصيام عبر الزمن: من عادات القدماء إلى عبادة الإسلام
- رمضان… حين يشرق النور في القلوب
- التحديات السكانية في القرن الحادي والعشرين: قراءة مالتوسية ف ...
- الانتخابات الألمانية 2025: تحولات سياسية كبرى وتداعياتها على ...


المزيد.....




- كواحدٍ من رموزها الثقافية.. مدينة برمنغهام تعلن تفاصيل جنازة ...
- الجيش الإسرائيلي يُعلن تفاصيل أنشطته العسكرية في لبنان.. ومص ...
- -هجمات لصالح روسيا-.. بولندا توجه تهمة الإرهاب لكولومبي محتج ...
- إسرائيل -ترفض- إعلان لندن عن اعتراف محتمل بدولة فلسطين
- محادثات أمريكية صينية -بناءة- قبيل انتهاء هدنة الرسوم وسط ته ...
- اكتئاب خلف الكاميرا.. مشاهير هوليود يروون معاركهم النفسية
- -ما وراء الخبر- يناقش مستقبل قضية نزع سلاح حزب الله
- -أنقذوا الفاشر- حملة في السودان لفك حصار المدينة ووقف تجويعه ...
- نواب أميركيون يصفون الوضع في القطاع بالكارثي ويؤكدون فشل -مؤ ...
- مقترح أوروبي لمعاقبة إسرائيل أكاديميا لانتهاكاتها في غزة


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بهجت العبيدي البيبة - حين تُجرَح أيادي الخير: تحليل نقدي لمحاولات تشويه الدور المصري الإنساني في غزة