أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - علي ابوحبله - نوبل للسلام في اختبار القيم: ماريا ماتشادو وانهيار المعايير الأخلاقية والإنسانية














المزيد.....

نوبل للسلام في اختبار القيم: ماريا ماتشادو وانهيار المعايير الأخلاقية والإنسانية


علي ابوحبله

الحوار المتمدن-العدد: 8500 - 2025 / 10 / 19 - 11:55
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


إعداد: المحامي علي أبو حبلة
مقدمة: جائزة السلام التي خانها أصحابها
لم تكن جائزة نوبل للسلام، منذ تأسيسها، مجرد تكريم رمزي، بل مثّلت معيارًا أخلاقيًا عالميًا لمن ساهموا في إنهاء الحروب، أو خففوا من مآسي البشرية. لكن حين تُعلن زعيمة المعارضة الفنزويلية والحائزة على الجائزة، ماريا ماتشادو، دعمها لرئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وتثني على ما قام به خلال الحرب على غزة — فإننا أمام لحظة سقوط أخلاقي وإنساني مدوٍ، تضع الجائزة نفسها، قبل الحائزة، في دائرة المساءلة التاريخية.
هذا الموقف لا يمكن اعتباره مجرد "رأي سياسي"، بل هو موقف يشرعن جرائم حرب، ويتناقض كليًا مع المبادئ التي أُنشئت لأجلها جائزة نوبل للسلام، ويكشف في الوقت نفسه عن عمق أزمة الضمير الغربي، وعن ازدواجية المعايير التي تحكم المشهد الدولي اليوم.
أولاً: انهيار أخلاقي تحت شعار السلام
حين تمتدح شخصية حائزة على نوبل للسلام جيشًا متورطًا في جرائم ضد الإنسانية، وفق تقارير موثقة من الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان، فإن ذلك يُعد تواطؤًا أخلاقيًا وسياسيًا.
فالحرب على غزة لم تكن نزاعًا متكافئًا، بل عدوانًا شاملًا على شعب أعزل، استُخدمت فيه القنابل الارتجاجية، والذخائر المحرّمة دوليًا، وحوصرت فيه المستشفيات ومنعت المساعدات الإنسانية.
تأييد ماتشادو لهذه الحرب هو اصطفاف صريح مع مشروع الإبادة الجماعية، وتخلٍّ عن أبسط المبادئ الإنسانية التي يُفترض أن تكون أساسًا لأي حامل لجائزة السلام.
ثانيًا: ازدواجية المعايير... جريمة أخلاقية دولية
الموقف الفاضح لماتشادو لا يمكن فصله عن النظام الدولي القائم على ازدواجية المعايير.
حين يُستنفَر العالم للبحث عن جثث الإسرائيليين في غزة بينما يُدفن آلاف الفلسطينيين تحت الركام دون صوت أو تحقيق، وحين يُقدَّم القاتل كـ"مدافع عن نفسه" والضحية كـ"إرهابي"، فإن ذلك لا يعكس فقط خللًا في الرواية الإعلامية، بل انهيارًا في الضمير الإنساني العالمي.
ما قامت به ماتشادو هو انعكاس لهذه الازدواجية: فهي تتبنى الخطاب الغربي المنحاز الذي يفصل بين "إنسان يستحق التعاطف" و"آخر يُستباح دمه"، وهي بذلك تسهم في إعادة إنتاج الرواية العنصرية ذاتها التي شرعنت الاستعمار والاحتلال لعقود طويلة.
ثالثًا: الإطار القانوني والمسؤولية الدولية
وفقًا للقانون الدولي الإنساني، وخاصة اتفاقيات جنيف لعام 1949، فإن دعم أو تبرير أي فعل يُشكل جريمة حرب يُعد مساهمة معنوية في تعزيز الإفلات من العقاب.
فمن يمدح حربًا ارتكبت فيها مجازر ضد المدنيين، واستخدام التجويع كسلاح، واستهداف البنية الطبية والتعليمية، يخرق فعليًا روح القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
ومن هنا، فإن تصرف ماتشادو يستوجب تحركًا من لجنة نوبل نفسها، التي يفترض أن تحافظ على شرف الجائزة ومعناها الرمزي كأداة لتعزيز السلم والعدالة، لا كغطاء لتجميل جرائم الاحتلال.
رابعًا: الأبعاد السياسية والاستراتيجية للموقف
تأييد الحائزة على نوبل لنتنياهو ليس حدثًا معزولًا، بل يأتي في سياق حرب إعلامية وأيديولوجية شاملة تهدف إلى تبييض صورة إسرائيل، وإعادة تسويقها كـ"دولة ديمقراطية تواجه الإرهاب"، في الوقت الذي تُمارس فيه تطهيرًا عرقيًا في غزة والضفة الغربية.
هذا الموقف يندرج ضمن استراتيجية الغرب في تصدير خطاب السلام المشوَّه، الذي يبرر العدوان تحت ذريعة “مكافحة الإرهاب”، ويعيد رسم الحدود الأخلاقية بما يخدم مصالح القوى الكبرى.
إنه سلام القوة لا سلام العدالة، وسلام التبرير لا سلام الحقوق.
خامسًا: جائزة نوبل بين السقوط والمراجعة
لقد واجهت لجنة نوبل سابقًا انتقادات لمنح الجائزة لشخصيات تلطخت أيديها بالدماء، لكن موقف ماريا ماتشادو يجب أن يكون نقطة تحول حقيقية.
فليس من المنطق ولا من الأخلاق أن تستمر الجائزة في منح شرعية رمزية لمن يتنكر لضحايا الحروب ويصطف مع المعتدين.
المجتمع الدولي مطالب اليوم بمطالبة اللجنة بعقد اجتماع طارئ لإعادة النظر في المعايير، ووضع آلية لمساءلة الحائزين الذين يخلّون بشروط الجائزة ويشوهون سمعتها العالمية.
خاتمة: اختبار الضمير الإنساني
إن موقف ماريا ماتشادو لا يمس الشعب الفلسطيني وحده، بل يمس جوهر الإنسانية ومعنى العدالة في النظام الدولي.
فحين تُكافأ الأصوات التي تبرر القتل، وتُسكت الأصوات التي تطالب بالحق، تصبح جائزة نوبل للسلام بحاجة إلى من ينقذها من تحولها إلى جائزة للرياء السياسي والنفاق الأخلاقي.
وفي النهاية، تبقى الحقيقة الساطعة أن الضمير الإنساني لا يُمنح بجائزة، بل يُقاس بالموقف من المظلوم لا من القوي.
وغزة، بدمائها وصمودها، ستبقى المعيار الحقيقي لكل من يتحدث باسم السلام، لأن السلام لا يولد من فوهة بندقية، ولا من صمت العالم أمام المجازر، بل من العدالة التي يرفضها المنافقون.
a



#علي_ابوحبله (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يحكم غزة بعد الحرب؟ بين الإقصاء الوطني وضرورات الوحدة الا ...
- أنقذوا الأسرى الفلسطينيين من جحيم السجون الإسرائيلية
- بين الماضي والحاضر والمستقبل في ظل انعدام الثقة وقراءة التار ...
- ترامب: لو كان بمقدور إسرائيل سحق حماس لفعلت ذلك
- توني بلير بين كوسوفو وغزة: محاولات إعادة التدوير في مشهد فلس ...
- ميليشيا -أبو شباب- وفلسطنة الصراع: تهديد للوحدة الوطنية الفل ...
- اتفاق شرم الشيخ... سلام بلا أطراف وشرق أوسط بلا فلسطين
- مؤتمر شرم الشيخ: مسرحية سياسية على حساب القضية الفلسطينية
- تجار المقاصة ومزورو الفواتير الوهمية: جريمة اقتصادية تهدد ال ...
- زيارة ترمب للمنطقة: بين شرم الشيخ وتل أبيب — عودة أمريكية لإ ...
- -رسالة إلى القادة المحتفلين باتفاق شرم الشيخ: صوِّبوا بوصلتك ...
- قمة شرم الشيخ: بين تثبيت وقف النار وتثبيت النفوذ... من يكتب ...
- من يوقّع عن الفلسطينيين في شرم الشيخ؟
- التعاونيات رافعة للاقتصاد الوطني الفلسطيني: تقييم واقعٍ واست ...
- اتفاق وقف إطلاق النار في شرم الشيخ: تحليل دقيق لأبعاد سياسية ...
- الحرب على غزة تدخل عامها الثالث: الهولوكوست الفلسطيني وشريعة ...
- نحو مرحلة انتقالية وطنية شاملة: مكافحة الفساد وتفعيل الرقابة ...
- ترامب وغريتا بين نوبل للسلام ودماء غزة: جدلية المعايير الأخل ...
- الفساد بين الحواضن والحسابات الخارجية: نحو لجنة وطنية لاستعا ...
- التحول السياسي في رؤية الرئيس محمود عباس: نحو إعادة بناء دول ...


المزيد.....




- مسؤول إسرائيلي: نتنياهو يأمر بوقف المساعدات الإنسانية إلى غز ...
- ترامب: سأترأس مجلس إعادة تطوير غزة وسنوفر لسكانها منازل بالم ...
- تونس: هل يستجيب قيس سعيّد والحكومة لمطالب المحتجين في قابس؟ ...
- -اتفاق غزة- يهتزّ.. والولايات المتحدة تتحرك لمنع انهيار التف ...
- الحكومة الفرنسية تشرع في مناقشة مشروع قانون موازنة 2026
- وزير دفاع باكستان: اتفقنا مع كابل على وقف الإرهاب والأعمال ا ...
- غزة تحت القصف مجددا ومغردون: نتنياهو يهرب من المحاكمة
- -شبكات- يرصد ردود الفعل على تظاهرات مناهضة لترامب وغضب تونسي ...
- بعد انقلاب مدغشقر.. -جيل زد- يطالب بدور في رسم المستقبل
- مجمع كيميائي يتحول لكارثة بيئية.. كيف علق تونسيون؟


المزيد.....

- النظام الإقليمي العربي المعاصر أمام تحديات الانكشاف والسقوط / محمد مراد
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - علي ابوحبله - نوبل للسلام في اختبار القيم: ماريا ماتشادو وانهيار المعايير الأخلاقية والإنسانية