أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي ابوحبله - توني بلير بين كوسوفو وغزة: محاولات إعادة التدوير في مشهد فلسطيني مأزوم














المزيد.....

توني بلير بين كوسوفو وغزة: محاولات إعادة التدوير في مشهد فلسطيني مأزوم


علي ابوحبله

الحوار المتمدن-العدد: 8497 - 2025 / 10 / 16 - 11:32
المحور: القضية الفلسطينية
    


المحامي علي أبو حبلة
تشهد الساحة السياسية والإعلامية في الأيام الأخيرة حملة منظمة تهدف إلى إعادة تلميع صورة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، وتقديمه من جديد كـ“رجل سلام وإنسانية” و“صديق للمسلمين”، في استحضار متعمّد لدوره في أزمة كوسوفو، التي كانت تُعتبر عربيًا وإسلاميًا تجربة “إنقاذ” نسبي للمسلمين من الاضطهاد الصربي. وقد جرى تعزيز هذا التوجه بإعادة نشر صور بلير القديمة ولقاءاته مع الشهيد ياسر عرفات أثناء ترؤسه للجنة الرباعية الدولية، وهي اللجنة التي تجاوزت في ممارساتها قرارات الشرعية الدولية واحتكرت صياغة المشهد السياسي الفلسطيني لعقدين من الزمن، دون أن تحقق أي إنجاز ملموس على طريق إنهاء الاحتلال.
إلا أن غزة اليوم ليست كوسوفو، ولا يمكن مقارنتها بها إلا من زاوية المعاناة الإنسانية. فالاحتلال في الحالة الفلسطينية هو استعمار استيطاني إحلالي، بينما كان في كوسوفو صراعًا قوميًّا انتهى بالانفصال. أما بلير الذي سوّق نفسه آنذاك كمدافع عن المسلمين في البلقان، فقد اصطفّ اليوم بوضوح إلى جانب إسرائيل، سياسيًا وإعلاميًا، بل ويبرّر عدوانها تحت شعار “حق الدفاع عن النفس”. ومن هنا فإن أي دور له في غزة لن يكون استمرارًا لتجربة “الوساطة”، بل سيكون امتدادًا لنهج الوصاية وإعادة هندسة المنطقة بما يخدم الأمن الإسرائيلي.
مشروع بلير–ترمب: وصاية دولية بثوب إنساني
الأنباء المتداولة حول “خطة مجلس السلام” الذي أعلن عنه الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وتضمّ توني بلير كعضو محوري ورئيس لما يسمى هيئة GITA (Global Initiative for Territory Administration)، تكشف عن محاولة لإعادة إنتاج صيغة “الرباعية الدولية” بثوب جديد، يقوم على منح هيئة دولية صلاحيات إشرافية على إعمار وإدارة قطاع غزة، وربط الحكومة الفلسطينية في القطاع مباشرة بهذه الهيئة، بحيث ترفع تقاريرها إلى بلير، الذي يقدّمها بدوره إلى مجلس ترمب.
إن هذه الآلية المقترحة — مهما جُمّلت بألفاظ “الإصلاح” و“الإنعاش الاقتصادي” — تمثّل انتقاصًا خطيرًا من السيادة الفلسطينية، وتحويلًا للسلطة الوطنية إلى جهاز تنفيذي تابع، يخضع لتعليمات أجنبية لا لقرارات القيادة الشرعية للشعب الفلسطيني. وهي بذلك تتعارض مع مبادئ القانون الدولي، ولا سيما المادة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة التي تنصّ على حق الشعوب في تقرير مصيرها، وقرار الجمعية العامة رقم 3236 (1974) الذي يؤكد الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني، بما فيها حقه في الاستقلال والسيادة الكاملة على أرضه وموارده.
إن محاولة فرض مثل هذا النظام الإداري الجديد هي في جوهرها إعادة إنتاج لسياسة الإملاءات الدولية، وتثبيت لسياسة “الأمر الواقع” عبر إدارة الاحتلال بدلًا من إنهائه، وتحويل القضية الفلسطينية من قضية تحرر وطني إلى ملف إنساني قابل للتدوير ضمن مشاريع “السلام الاقتصادي”.
الواقعية لا تعني التنازل
لا شك أن المشهد الإقليمي والدولي الراهن يفرض تعقيدات كبيرة، ويحتاج إلى إدارة سياسية واعية ومتوازنة. لكن الواقعية السياسية لا تعني التنازل عن الثوابت الوطنية، ولا القبول بوصاية جديدة تحت ذريعة “الإعمار” أو “الإصلاح”. المطلوب اليوم رؤية فلسطينية شجاعة تُدير التحديات دون أن تُدار منها، وتستند إلى شراكة عربية حقيقية قادرة على تحصين القرار الوطني.
من هنا، لا بد أن تُعيد منظمة التحرير الفلسطينية ترتيب أوراقها السياسية بما يضمن عدم الوقوع في فخ إعادة تدوير بلير أو أي وصي أجنبي آخر، عبر طرح مبادرة عربية–فلسطينية بديلة تستلهم من التجارب الناجحة في المنطقة — كالتجربة السعودية في التنمية السريعة وفق رؤية 2030، أو تجربة الانفتاح والإعمار في سوريا بعد الحرب — لتصبح فلسطين مشروع تطوير عربي مستقل، لا ساحة اختبار لمشاريع أجنبية متناقضة.
وفي هذا السياق، يمكن التفكير بجدية في طرح صيغة كونفدرالية فلسطينية–عربية تربط فلسطين بدول الطوق (الأردن، سوريا، مصر، ولبنان)، على قاعدة التكامل الاقتصادي والسياسي والأمني، لا على قاعدة التبعية. فمثل هذا المشروع يعزز الحضور الفلسطيني العربي المشترك، ويُحبط محاولات عزل غزة أو تحويلها إلى كيان سياسي منفصل.
لقاء حسين الشيخ–بلير: اختبار للاتجاه الفلسطيني
في ظل هذا المشهد، يكتسب اللقاء الذي يجمع اليوم حسين الشيخ، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، بتوني بلير في عمّان أهمية سياسية بالغة. فهو اختبار حقيقي لمسار القرار الفلسطيني في مرحلة ما بعد الحرب على غزة:
هل تتجه القيادة نحو التكيّف مع خطة بلير–ترمب وقبول الدور الوصائي الدولي؟
أم أنها ستختار التمسك بالموقف الوطني المستقل، القائم على إنهاء الاحتلال، وإعادة إعمار غزة ضمن رؤية فلسطينية–عربية، تحمي الثوابت ولا تفرّط بالسيادة؟
خاتمة
إنّ إعادة تسويق توني بلير ليست مبادرة إنسانية بقدر ما هي محاولة سياسية لإعادة صياغة المشهد الفلسطيني بما يتناسب مع توازنات القوة الجديدة.
فمن يشارك في تدمير العراق ويبرّر العدوان على غزة لا يمكن أن يكون وسيط سلام، ومن يضع قرارات الشرعية الدولية جانبًا لا يمكن أن يكون شريكًا في بناء دولة فلسطينية حرة.
إنّ الطريق إلى غزة لا يمرّ عبر بلير ولا مجلس ترمب، بل عبر وحدة الموقف الفلسطيني والعربي، واستعادة القرار الوطني المستقل، ورفض كل أشكال الوصاية.
وإذا كانت المرحلة تقتضي واقعية سياسية، فلتكن واقعية المقاومة والصمود والبناء، لا واقعية الإملاءات والتبعية.
إنّ المطلوب اليوم ليس “الانخراط في التوازنات”، بل إعادة صياغتها على أسس العدالة والسيادة والحق في تقرير المصير.



#علي_ابوحبله (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ميليشيا -أبو شباب- وفلسطنة الصراع: تهديد للوحدة الوطنية الفل ...
- اتفاق شرم الشيخ... سلام بلا أطراف وشرق أوسط بلا فلسطين
- مؤتمر شرم الشيخ: مسرحية سياسية على حساب القضية الفلسطينية
- تجار المقاصة ومزورو الفواتير الوهمية: جريمة اقتصادية تهدد ال ...
- زيارة ترمب للمنطقة: بين شرم الشيخ وتل أبيب — عودة أمريكية لإ ...
- -رسالة إلى القادة المحتفلين باتفاق شرم الشيخ: صوِّبوا بوصلتك ...
- قمة شرم الشيخ: بين تثبيت وقف النار وتثبيت النفوذ... من يكتب ...
- من يوقّع عن الفلسطينيين في شرم الشيخ؟
- التعاونيات رافعة للاقتصاد الوطني الفلسطيني: تقييم واقعٍ واست ...
- اتفاق وقف إطلاق النار في شرم الشيخ: تحليل دقيق لأبعاد سياسية ...
- الحرب على غزة تدخل عامها الثالث: الهولوكوست الفلسطيني وشريعة ...
- نحو مرحلة انتقالية وطنية شاملة: مكافحة الفساد وتفعيل الرقابة ...
- ترامب وغريتا بين نوبل للسلام ودماء غزة: جدلية المعايير الأخل ...
- الفساد بين الحواضن والحسابات الخارجية: نحو لجنة وطنية لاستعا ...
- التحول السياسي في رؤية الرئيس محمود عباس: نحو إعادة بناء دول ...
- رواية الفساد والفاسدين
- ازدواجية الجنسية في المناصب الوزارية: خرق محتمل للقانون الأس ...
- أسطول الصمود العالمي: حين كُسر الحصار إعلاميًا قبل أن يُكسر ...
- بيان الرئاسة الفلسطينية: خارطة طريق لترسيخ مؤسسات الدولة في ...
- الحمير على السطح


المزيد.....




- طرق الشحن وبيانات الرحلات الجوية.. CNN تحقق في رصد طائرات در ...
- اندلاع العنف في مظاهرة مؤيدة لفلسطين في برشلونة
- محمد وخليل يعودان إلى والدتهما في غزة بعد أن ظنت أنهما قد قُ ...
- عدوى الرغبة: ما هي الفلسفة التي تفسر هوس لابوبو و-وجه إنستغر ...
- سوريا: خمسة قتلى وعشرات الإصابات في تفجير عبوة ناسفة استهدف ...
- اندلاع احتجاجات في بيرو مطالبة باستقالة الرئيس
- مشروع عملاق بجوار الحرم .. -بوابة الملك سلمان- تتسع لنحو ملي ...
- العولمة منذ كريستوف كولمبس، فاسكو دي غاما و فيرديناند دو ماج ...
- خبراء روس يقيّمون للجزيرة نت زيارة الشرع الأولى إلى موسكو
- ترحيب أممي بوقف إطلاق النار بين أفغانستان وباكستان


المزيد.....

- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي ابوحبله - توني بلير بين كوسوفو وغزة: محاولات إعادة التدوير في مشهد فلسطيني مأزوم