أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - علي ابوحبله - مؤتمر شرم الشيخ: مسرحية سياسية على حساب القضية الفلسطينية














المزيد.....

مؤتمر شرم الشيخ: مسرحية سياسية على حساب القضية الفلسطينية


علي ابوحبله

الحوار المتمدن-العدد: 8495 - 2025 / 10 / 14 - 14:09
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


بقلم: المحامي علي أبو حبلة –
مقدمة: بين الدبلوماسية المسرحية وحقيقة الأجندات
يأتي مؤتمر شرم الشيخ الأخير في ظل مشهد إقليمي مضطرب، وحرب ما تزال مشتعلة في غزة، واحتقان سياسي غير مسبوق في الضفة الغربية، فيما تعيد الولايات المتحدة وإسرائيل ترتيب أولويات المنطقة تحت مسمى “الشرق الأوسط الجديد”. غير أن المتتبع لتفاصيل هذا المؤتمر يلحظ أنه لم يكن أكثر من عرض سياسي مسرحي، غابت عنه الرؤية، وافتقد إلى أي مضمون حقيقي للسلام أو التسوية العادلة.
فما بين احتفالية الصور الجماعية وابتسامات المصافحة أمام عدسات الإعلام، بدا المشهد أقرب إلى إعادة إنتاج “صفقة القرن” ولكن بثوب جديد، عنوانه “الأمن الإقليمي” ومضمونه دمج إسرائيل عسكريًا وسياسيًا ضمن منظومة عربية بإشراف أمريكي مباشر.
أولاً: شرم الشيخ بين الشكل والمضمون
البيانات الصادرة عن مؤتمر شرم الشيخ تحدثت عن “وقف إطلاق النار” و“ضمان الأمن الإقليمي”، لكنها تجاهلت بشكل شبه كامل القضية الفلسطينية كمحور الصراع. فالمؤتمر لم يناقش وقف العدوان على غزة بعمق، ولم يتطرق إلى إعادة إعمارها أو رفع الحصار عنها، بل ركز على آليات “التنسيق الأمني” و“منع تهريب السلاح” و“تعزيز الاستقرار في المنطقة”.
هذا الانحراف في الخطاب السياسي يعكس تحوّل المؤتمر من منصة للحوار السياسي إلى غرفة عمليات لتثبيت الترتيبات الأمنية الأمريكية الإسرائيلية في المنطقة، في ظل ما تسميه واشنطن “توسيع الشراكات الدفاعية”.
ثانيًا: حضور ترمب واحتفالية الصورة
المشهد الأكثر رمزية في المؤتمر كان احتفالية ترمب مع القادة الحاضرين، والتقاط الصور في غياب أي مشروع واضح للسلام. بدا المؤتمر كأنه إعادة تموضع سياسي لترمب ضمن المشهد الدولي، ومحاولة لاستثمار حضوره في استعراض علاقاته الإقليمية، استعدادًا لما بعد الانتخابات الأمريكية المقبلة.
في الوقت ذاته، استثمرت إسرائيل هذا الظهور لتعزيز مكانتها باعتبارها شريكًا طبيعيًا في التحالف الأمني الإقليمي، في حين ظلت القضية الفلسطينية خارج العدسات وخارج النص السياسي للمؤتمر.
ثالثًا: دمج إسرائيل في الشرق الأوسط الجديد
الهدف غير المعلن من المؤتمر كان واضحًا: تطبيع استراتيجي مغطى بخطاب أمني.
فالولايات المتحدة تسعى لتثبيت إسرائيل كقوة مركزية في “الشرق الأوسط الجديد”، ليس فقط عبر التطبيع السياسي والاقتصادي، بل من خلال الدمج العسكري والتكنولوجي والاستخباراتي مع دول عربية، تحت شعار “مواجهة التهديدات المشتركة” — في إشارة إلى إيران ومحور المقاومة.
هذا المشروع يهدف عمليًا إلى:
1. تحييد القضية الفلسطينية بوصفها قضية مركزية.
2. تحويل بوصلة الصراع من الاحتلال إلى “الخطر الإيراني”.
3. ضمان استمرار التفوق الإسرائيلي كشرط لأي نظام إقليمي جديد.
رابعًا: الغياب الكامل للمشروع العربي
غياب أي مبادرة عربية جماعية أو رؤية فلسطينية موحدة جعل من مؤتمر شرم الشيخ فرصة لتكريس الوصاية الأمريكية على القرار العربي. فقد اكتفت بعض الدول بدور “الضامن” أو “الوسيط”، فيما جرى تهميش الموقف الفلسطيني الرسمي، وكأن القضية مجرد ملف إنساني أو أمني وليس قضية تحرر وطني.
في هذا السياق، بدا المؤتمر وكأنه نسخة معدلة من مؤتمر العقبة واتفاقات أبراهام، لكنه بواجهة أمنية جديدة، هدفها تطبيع الوجود الإسرائيلي في الإقليم وليس إنهاء الاحتلال.
خامسًا: قراءة في الخلفيات الاستراتيجية
المؤتمر جاء متزامنًا مع عدة مؤشرات استراتيجية:
تراجع الدور الأوروبي في ملفات المنطقة مقابل صعود النفوذ الأمريكي المباشر.
محاولة احتواء تداعيات الحرب في غزة عبر ترتيبات أمنية لا سياسية.
توظيف شرم الشيخ كمنصة رمزية لإعادة إنتاج تحالفات واشنطن في الشرق الأوسط بعد حرب إسرائيل على غزة وإيران.
وبذلك، يتحول الشرق الأوسط الجديد من “إطار للتكامل الاقتصادي والسياسي” كما بشّرت به بعض الخطابات العربية، إلى إطار أمني تقوده واشنطن وتتحكم فيه إسرائيل.
خاتمة: مسرحية سياسية بثمن فلسطيني
مؤتمر شرم الشيخ لم يقدم إجابات بقدر ما عمّق الأسئلة. فقد كشف هشاشة الخطاب العربي، وبيّن أن السلام لا يمكن أن يكون استعراضًا إعلاميًا أو مصافحة أمام الكاميرات، بل عملية سياسية حقيقية تنهي الاحتلال وتعيد الحقوق إلى أصحابها.
إن ما جرى في شرم الشيخ هو مسرحية سياسية بامتياز، الهدف منها ليس السلام، بل إعادة هندسة المنطقة على المقاس الأمريكي الإسرائيلي، فيما تبقى فلسطين الثمن الدائم لأي صفقة أو مشروع يحمل اسم “الشرق الأوسط الجديد”.
هوامش ومراجع مقترحة
1. تقارير "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" حول ترتيبات الأمن الإقليمي، 2025.
2. تقرير "مجموعة الأزمات الدولية" عن حرب غزة وملف وقف إطلاق النار، أيلول/سبتمبر 2025.
3. بيان وزارة الخارجية الأمريكية حول “الشراكة الدفاعية الشرق أوسطية”، تموز/يوليو 2025.
4. تحليل مركز الدراسات الإسرائيلية “INSS” حول دمج إسرائيل في النظام الإقليمي، آب/أغسطس 2025.
5. مواقف السلطة الفلسطينية والجامعة العربية المعلنة بعد المؤتمر، وفق وكالة "وفا" الرسمية.



#علي_ابوحبله (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تجار المقاصة ومزورو الفواتير الوهمية: جريمة اقتصادية تهدد ال ...
- زيارة ترمب للمنطقة: بين شرم الشيخ وتل أبيب — عودة أمريكية لإ ...
- -رسالة إلى القادة المحتفلين باتفاق شرم الشيخ: صوِّبوا بوصلتك ...
- قمة شرم الشيخ: بين تثبيت وقف النار وتثبيت النفوذ... من يكتب ...
- من يوقّع عن الفلسطينيين في شرم الشيخ؟
- التعاونيات رافعة للاقتصاد الوطني الفلسطيني: تقييم واقعٍ واست ...
- اتفاق وقف إطلاق النار في شرم الشيخ: تحليل دقيق لأبعاد سياسية ...
- الحرب على غزة تدخل عامها الثالث: الهولوكوست الفلسطيني وشريعة ...
- نحو مرحلة انتقالية وطنية شاملة: مكافحة الفساد وتفعيل الرقابة ...
- ترامب وغريتا بين نوبل للسلام ودماء غزة: جدلية المعايير الأخل ...
- الفساد بين الحواضن والحسابات الخارجية: نحو لجنة وطنية لاستعا ...
- التحول السياسي في رؤية الرئيس محمود عباس: نحو إعادة بناء دول ...
- رواية الفساد والفاسدين
- ازدواجية الجنسية في المناصب الوزارية: خرق محتمل للقانون الأس ...
- أسطول الصمود العالمي: حين كُسر الحصار إعلاميًا قبل أن يُكسر ...
- بيان الرئاسة الفلسطينية: خارطة طريق لترسيخ مؤسسات الدولة في ...
- الحمير على السطح
- -خطة ترمب المعدّلة: بين فخّ التسوية واستحقاق الوحدة الوطنية-
- خطة ترمب لإنهاء الحرب في غزة تتناقض مع مخرجات مؤتمر نيويورك ...
- رواية كفر مالك تحت النار: أسطورة الثبات والصمود في وجه الدخل ...


المزيد.....




- أعداد القطط تفوق السكان..هذه الجزيرة الإسبانية الصغيرة تحتفظ ...
- لقاءٌ مرتقب بين ترامب وزيلينسكي في البيت الأبيض يوم الجمعة
- تونس: كيف يرى التونسيون مستوى الحريات في بلدهم؟
- ملك الأردن عبدالله الثاني في مقابلة خاصة مع بي بي سي
- الجانب المظلم لكريستوفر كولومبوس و-عالمه الجديد-
- في غياب صاحب نوبل للأدب.. انطلاق معرض فرانكفورت للكتاب 2025 ...
- سجناء فلسطينيون أطلقت إسرائيل سراحهم مقابل الرهائن في غزة
- لوكورنو يلقي خطابا أمام النواب الفرنسيين لكسب التأييد وتفادي ...
- أكثر من 65 قتيلا وعشرات المفقودين بسبب فيضانات ضربت المكسيك ...
- مدغشقر: الرئيس راجولينا يحل البرلمان بعد أسابيع من احتجاجات ...


المزيد.....

- النظام الإقليمي العربي المعاصر أمام تحديات الانكشاف والسقوط / محمد مراد
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - علي ابوحبله - مؤتمر شرم الشيخ: مسرحية سياسية على حساب القضية الفلسطينية