أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - علي ابوحبله - زيارة ترمب للمنطقة: بين شرم الشيخ وتل أبيب — عودة أمريكية لإعادة هندسة النظام الإقليمي بعد حرب غزة














المزيد.....

زيارة ترمب للمنطقة: بين شرم الشيخ وتل أبيب — عودة أمريكية لإعادة هندسة النظام الإقليمي بعد حرب غزة


علي ابوحبله

الحوار المتمدن-العدد: 8494 - 2025 / 10 / 13 - 11:57
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


إعداد: المحامي علي أبو حبلة –
تشكل زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى المنطقة، لحضور مراسم التوقيع على خطة وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب في غزة في شرم الشيخ، حدثًا مفصليًا يحمل دلالات تتجاوز مشهد المصافحة والبروتوكول السياسي.
فالزيارة تُعيد طرح السؤال الجوهري: هل نحن أمام بداية مرحلة سلام حقيقي أم أمام صياغة جديدة لواقع سياسي مفروض بالقوة، عنوانه “إنهاء الحرب” ومضمونه “تثبيت السيطرة”؟
أولاً: توقيت الزيارة ومعانيه
يأتي حضور ترمب في لحظة تشهد فيها المنطقة فراغًا استراتيجيًا وتبدلاً في موازين القوى:
في واشنطن، يسعى ترمب لتثبيت حضوره الدولي مجددًا استعدادًا لعودته المحتملة إلى البيت الأبيض، مقدّمًا نفسه كصاحب الحل السحري القادر على وقف الحروب حيث فشل الآخرون.
في إسرائيل، يشكل حضوره دعمًا مباشرًا لبنيامين نتنياهو في لحظة ضعف غير مسبوقة، بعد إخفاقه في تحقيق أهداف الحرب وتآكل رصيده الشعبي والدولي.
وفي الإقليم، يُراد لشرم الشيخ أن تكون بوابة “إعادة ترتيب الشرق الأوسط” تحت المظلة الأمريكية، في مواجهة التمدد الصيني والروسي والإيراني المتصاعد.
ثانياً: شرم الشيخ... استعادة الدور المصري وتدويل الحل
اختيار شرم الشيخ كموقع لتوقيع الاتفاق ليس تفصيلًا بروتوكوليًا، بل يحمل رمزية سياسية واضحة:
مصر تعود إلى مركز الثقل كوسيط ضامن وركيزة استقرار إقليمي.
واشنطن تراهن على الدور المصري لإخراج الحرب من مأزقها الإنساني والسياسي، وفي الوقت ذاته لضبط الإيقاع العربي بما ينسجم مع مصالحها، مع إضعاف الدورين القطري والتركي اللذين تحركا بفعالية في وساطات الحرب.
ثالثاً: دعوة الرئيس محمود عباس... دلالات الحضور الفلسطيني
لفت الأنظار في هذا السياق دعوة الرئيس محمود عباس لحضور مراسم التوقيع في شرم الشيخ، وهي دعوة تحمل أبعادًا سياسية عميقة:
أولاً، هي اعتراف أمريكي ودولي بشرعية التمثيل الفلسطيني الرسمي، بعد محاولات تجاوز السلطة الوطنية في ملفات الحرب والوساطة.
ثانياً، هي محاولة لإضفاء “غطاء وطني” على الاتفاق كي لا يُتهم بأنه اتفاق مفروض خارجيًا أو موجّه ضد حماس فحسب.
ثالثاً، هي خطوة لاحتواء الموقف الفلسطيني الرسمي وإشراكه شكليًا في ترتيبات ما بعد الحرب، دون منحه بالضرورة دورًا فعليًا في صياغة مضمون الاتفاق أو ترتيبات الإعمار والأمن.
إن حضور الرئيس محمود عباس – سيكون اختبارًا دقيقًا لمقدار ما تتيحه هذه المبادرة من مساحة سياسية حقيقية للقيادة الفلسطينية، وما إذا كانت واشنطن جادة في العودة إلى مسار سياسي متوازن، أم أنها تستخدم الشرعية الفلسطينية كغطاء لتمرير تسوية تندرج ضمن “صفقة القرن” المعدّلة.
رابعاً: ترمب و”السلام عبر الإعمار”
الزيارة تكشف عن محاولة أمريكية لإحياء فلسفة “السلام الاقتصادي” تحت مسمى جديد هو “السلام عبر الإعمار”.
الهدف الظاهري هو إعادة إعمار غزة، لكن الهدف الضمني هو نزع البعد السياسي عن الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي، وتحويل القضية من قضية تحرر وحقوق وطنية إلى ملف إنساني–إداري تديره أطراف إقليمية بإشراف أمريكي وإسرائيلي.
بهذا، تتحول المأساة الإنسانية إلى أداة ضغط سياسي لإعادة هندسة المشهد الفلسطيني بما يخدم الأمن الإسرائيلي.
خامساً: رسائل ترمب إلى إيران ومحور المقاومة
زيارة ترمب للمنطقة في هذا التوقيت توصل رسائل متعددة:
إلى إيران، بأن واشنطن ما زالت تمسك بخيوط اللعبة رغم تراجع هيبتها في السنوات الأخيرة، وأنها قادرة على فرض ترتيبات إقليمية جديدة رغم التمدد الإيراني.
إلى محور المقاومة، بأن التحالفات الجديدة التي تشكلت خلال الحرب لن تمر دون رد أمريكي سياسي ودبلوماسي يعيد التوازن لصالح إسرائيل.
وإلى الدول العربية، بأن واشنطن وحدها ما زالت تملك “مفتاح التسويات” وحق الوصاية على مستقبل غزة والمنطقة.
سادساً: إسرائيل وتجميل الفشل
نتنياهو بحاجة ماسة لحدث خارجي ضخم يعيد إليه شيئًا من شرعيته المفقودة، ويقدمه أمام الداخل الإسرائيلي كمن حقق “إنجازًا دبلوماسيًا” بعد فشل ذريع في الميدان.
زيارة ترمب إلى تل أبيب بعد شرم الشيخ ستُستثمر دعائيًا في الإعلام الإسرائيلي لتلميع صورة الحكومة وتبرير التراجع من الميدان العسكري نحو الميدان السياسي، بزعم تحقيق “اتفاق برعاية أمريكية يضمن أمن إسرائيل”.
لكن في جوهر الأمر، ما يجري هو محاولة لتغطية فشل استراتيجي عبر “هدنة سياسية” لا تمس جوهر الاحتلال ولا تُعيد الحقوق لأصحابها.
سابعاً: البعد الدولي... إعادة تموضع أمريكي في وجه الصاعدين
الزيارة تمثل أيضًا جزءًا من إعادة التموضع الأمريكي في الشرق الأوسط.
فواشنطن تسعى لتأكيد أنها لا تزال صاحبة القرار في ملفات الإقليم، في مواجهة التمدد الروسي–الصيني ومحاولات أوروبا كسب موطئ قدم في إدارة ما بعد الحرب.
“تحالف إعادة الإعمار” الذي يُروج له ترمب ليس مشروعًا إنسانيًا بقدر ما هو أداة نفوذ اقتصادي–سياسي لإعادة ربط المنطقة بمنظومة المصالح الأمريكية والإسرائيلية.
خاتمة
زيارة ترمب للمنطقة، وما يرافقها من دعوة للرئيس محمود عباس للمشاركة في مراسم التوقيع في شرم الشيخ، تعكس إعادة رسم خريطة التفاعلات السياسية بعد حرب غزة.
لكن الخطر يكمن في أن يتحول “وقف الحرب” إلى مدخل لتكريس واقع الاحتلال، وأن يُستبدل الحل السياسي العادل بصفقة مؤقتة تحمل عنوان “السلام مقابل الإعمار”.
الحضور الفلسطيني الرسمي في شرم الشيخ، إن لم يقترن برؤية وطنية واضحة وموقف مبدئي صلب، قد يُستغل لإضفاء شرعية على تسوية لا تُنهي الاحتلال ولا تحقق العدالة.
ويبقى الرهان على الموقف الفلسطيني والعربي الواعي، القادر على تحويل شرم الشيخ من منصة لتكريس الأمر الواقع إلى فرصة لاستعادة زمام المبادرة السياسية وتأكيد أن لا سلام دون إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.



#علي_ابوحبله (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -رسالة إلى القادة المحتفلين باتفاق شرم الشيخ: صوِّبوا بوصلتك ...
- قمة شرم الشيخ: بين تثبيت وقف النار وتثبيت النفوذ... من يكتب ...
- من يوقّع عن الفلسطينيين في شرم الشيخ؟
- التعاونيات رافعة للاقتصاد الوطني الفلسطيني: تقييم واقعٍ واست ...
- اتفاق وقف إطلاق النار في شرم الشيخ: تحليل دقيق لأبعاد سياسية ...
- الحرب على غزة تدخل عامها الثالث: الهولوكوست الفلسطيني وشريعة ...
- نحو مرحلة انتقالية وطنية شاملة: مكافحة الفساد وتفعيل الرقابة ...
- ترامب وغريتا بين نوبل للسلام ودماء غزة: جدلية المعايير الأخل ...
- الفساد بين الحواضن والحسابات الخارجية: نحو لجنة وطنية لاستعا ...
- التحول السياسي في رؤية الرئيس محمود عباس: نحو إعادة بناء دول ...
- رواية الفساد والفاسدين
- ازدواجية الجنسية في المناصب الوزارية: خرق محتمل للقانون الأس ...
- أسطول الصمود العالمي: حين كُسر الحصار إعلاميًا قبل أن يُكسر ...
- بيان الرئاسة الفلسطينية: خارطة طريق لترسيخ مؤسسات الدولة في ...
- الحمير على السطح
- -خطة ترمب المعدّلة: بين فخّ التسوية واستحقاق الوحدة الوطنية-
- خطة ترمب لإنهاء الحرب في غزة تتناقض مع مخرجات مؤتمر نيويورك ...
- رواية كفر مالك تحت النار: أسطورة الثبات والصمود في وجه الدخل ...
- مبادرة ترمب لوقف الحرب في غزة: هيمنة أميركية على حساب الشرعي ...
- ضحكة مرة في زمن عربي طويل


المزيد.....




- هكذا رد ترامب في الكنيسيت على سؤال صحفي بشأن -انتهاء الحرب ر ...
- مستشفيات غزة: 323 قتيلا على الأقل منذ بدء وقف إطلاق النار
- مصر تُعلن مشاركة نتنياهو ومحمود عباس في قمة شرم الشيخ
- منشورات -نحن نراقبكم-.. هذا ما رصدته CNN قرب سجن عوفر قبل ال ...
- مذيعة CNN لوزير خارجية مصر حول وقف الحرب في غزة: هل تُنسب ال ...
- استقبال حار.. لقطات من زيارة ترامب إلى إسرائيل
- وصول بعض السجناء الفلسطينيين المُفرج عنهم إلى الضفة الغربية ...
- ++تغطية مباشرة - غزة بعد الاتفاق .. انتهاء عملية تسليم الرها ...
- تقدير واسع في إسرائيل للرئيس ترامب لدوره بإنهاء الحرب وجهوده ...
- حماس تطلق سراح جميع الرهائن وترامب يصل إلى البرلمان الإسرائي ...


المزيد.....

- النظام الإقليمي العربي المعاصر أمام تحديات الانكشاف والسقوط / محمد مراد
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - علي ابوحبله - زيارة ترمب للمنطقة: بين شرم الشيخ وتل أبيب — عودة أمريكية لإعادة هندسة النظام الإقليمي بعد حرب غزة