أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - علي ابوحبله - ترامب وغريتا بين نوبل للسلام ودماء غزة: جدلية المعايير الأخلاقية والشرعية السياسية














المزيد.....

ترامب وغريتا بين نوبل للسلام ودماء غزة: جدلية المعايير الأخلاقية والشرعية السياسية


علي ابوحبله

الحوار المتمدن-العدد: 8488 - 2025 / 10 / 7 - 12:14
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


إعداد: المحامي علي أبو حبلة –
مقدمة
مع اقتراب موعد إعلان جائزة نوبل للسلام لعام 2025، يحتدم النقاش مجددًا حول معايير هذه الجائزة التي يفترض أن تُمنح لمن يسهمون في “الأخوة بين الأمم وتقليل العنف وبناء السلام”. لكن الجدل هذا العام يتجاوز التوقعات، بعدما تسربت أسماء مرشحين بارزين من مشارب متناقضة، أبرزهم الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب والناشطة البيئية السويدية غريتا ثونبرغ.
وبينما تمثل غريتا رمزًا عالميًا للشباب والعدالة المناخية، يثير ذكر اسم ترامب تساؤلات حادة عن مصداقية الجائزة في زمنٍ تشهد فيه غزة واحدة من أكثر المآسي الإنسانية قسوة، وسط دعمٍ أمريكي واضح لإسرائيل في حربها التي وصفتها منظمات دولية بأنها حرب إبادة ممنهجة ضد المدنيين الفلسطينيين.
أولاً: معايير نوبل بين النص والواقع
تُمنح جائزة نوبل للسلام، وفق وصية مؤسسها ألفريد نوبل، “لمن قام بأعظم أو أفضل عمل من أجل الأخوة بين الشعوب، أو إلغاء الجيوش الدائمة، أو عقد مؤتمرات سلام”.
لكن التجارب السابقة أظهرت أن اللجنة النرويجية المانحة للجائزة كثيرًا ما فسرت هذه المعايير بمرونة سياسية، فقلّدت الجائزة أحيانًا لزعماء أبرموا اتفاقات مؤقتة أو رمزية، كاتفاق أوسلو عام 1993، رغم ما تبعه من إخفاقات، أو لمنظمات حملت رسائل أخلاقية كالأمم المتحدة أو برنامج الغذاء العالمي.
هذه المرونة جعلت الجائزة محط جدل متكرر، إذ يرى نقادها أنها تحولت في بعض الأحيان إلى أداة إرضاء سياسي أو توازن دبلوماسي أكثر من كونها تكريمًا لعمل سلام فعلي ودائم.
ثانياً: ترامب بين الدبلوماسية الإعلانية والدعم العسكري
في الأعوام الماضية، قدّم بعض أنصار الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب ترشيحه للجائزة بدعوى مساهمته في “اتفاقات إبراهام” بين إسرائيل وعدد من الدول العربية عام 2020، والتي وُصفت حينها بأنها خطوة نحو “سلام شرق أوسطي جديد”.
غير أن هذه الاتفاقات، من منظور استراتيجي، لم تنهِ أي نزاع حقيقي، بل أسست لتحالفات سياسية وأمنية جديدة تتجاوز القضية الفلسطينية، ما جعلها أقرب إلى صفقات جيوسياسية منها إلى مبادرات سلام.
واليوم، وبعد الحرب المدمرة في غزة التي حصدت عشرات الآلاف من أرواح المدنيين ودمّرت البنية التحتية بشكل واسع، يبرز اسم ترامب مجددًا ضمن قوائم الترشيح، رغم كونه أبرز داعمي إسرائيل سياسيًا وعسكريًا، وصاحب القرار الأخطر في نقل السفارة الأمريكية إلى القدس عام 2018، وهو القرار الذي مثّل انحيازًا سافرًا ضد القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن.
كيف يمكن إذن أن يُطرح اسم كهذا في سباق “السلام” بينما يقف في الضفة الأخرى من العدالة الإنسانية؟
ثالثاً: جريمة الإبادة في القانون الدولي… وسؤال الأخلاق
اتفاقية منع جريمة الإبادة لعام 1948 تنصّ بوضوح على أن قتل أعضاء جماعة قومية أو دينية أو إثنية أو فرض ظروف حياة تؤدي لتدميرها جزئيًا أو كليًا يشكل جريمة إبادة متكاملة الأركان، متى توافرت النية الخاصة (النية الإبادية).
وفي يناير 2024، أصدرت محكمة العدل الدولية قرارًا تاريخيًا بطلب من جنوب أفريقيا، فرضت فيه تدابير مؤقتة على إسرائيل لمنع ارتكاب أفعال يمكن أن تندرج تحت تعريف الإبادة، مؤكدة على ضرورة فتح ممرات إنسانية وتقديم المساعدات وحماية المدنيين.
هذه القرارات، وإن لم تُصدر حكمًا نهائيًا بعد، إلا أنها تشكل اعترافًا قانونيًا صريحًا بوجود مخاطر إبادة جماعية في غزة، وهو ما يجعل أي دعم سياسي أو عسكري لإسرائيل خاضعًا للتقييم الأخلاقي والقانوني الدولي.
رابعاً: ازدواجية المعايير في منح الجوائز الدولية
تاريخ نوبل يروي قصصًا عديدة عن الجدل السياسي الذي أحاط بها؛ من منحها للرئيس الأمريكي باراك أوباما عام 2009 قبل أن يتخذ أي خطوة فعلية في السلام، إلى منحها لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد عام 2019 قبل أن يقود حربًا دامية في إقليم تيغراي.
اليوم، تتجدد المخاوف من أن الجائزة قد تتحول إلى مكافأة سياسية مموهة بدلًا من تقديرٍ فعلي لصناع السلام. فهل يُعقل أن تُمنح جائزة “السلام” لمن ساهم في خلق بيئة صراع وتبرير حروب إبادة أو تجاهل القانون الدولي الإنساني؟
خامساً: البعد الاستراتيجي للجائزة في زمن التحولات الدولية
جائزة نوبل للسلام لم تعد مجرد وسام رمزي، بل أداة توجيه للرأي العام العالمي، ورسالة سياسية تعكس ميزان القوى الأخلاقي في النظام الدولي.
ومن هذا المنظور، فإن منح الجائزة لشخصية مثل ترامب سيُقرأ كـ إشارة انحراف في البوصلة الأخلاقية الغربية، وتكريس لنهج “السلام بالقوة”، وهو ما يتناقض مع فلسفة نوبل الأصلية.
أما فوز ناشطة مثل غريتا ثونبرغ فسيحمل رسالة مغايرة: بأن التحديات الجديدة —من البيئة إلى العدالة المناخية والإنسانية— باتت جوهر “السلام الحديث”، وأن الأمن العالمي لا يتحقق إلا عبر حماية الكوكب والإنسان معًا.
سادساً: من يستحق نوبل؟ معيار الأخلاق قبل السياسة
إذا كان معيار نوبل هو “من قدّم أعظم خدمة للسلام الإنساني”، فإن التاريخ سيقف كثيرًا عند دماء الأطفال في غزة، والنساء المشرّدات، والمستشفيات المقصوفة، والقرى المدمّرة.
إن صمت العالم وتواطؤ القوى الكبرى لا يُغيّر من حقيقة أن السلام لا يُبنى على رماد الشعوب ولا على دماء الأبرياء.
ومن ثمّ، فإن أي تكريم سياسي يتجاهل هذه الحقيقة سيُنظر إليه كوصمة على جبين العدالة الدولية، لا كشهادة شرف.
خاتمة
بين غريتا التي ترفع راية العدالة المناخية، وترامب الذي يرفع راية المصالح القومية والدعم المطلق لإسرائيل، تقف جائزة نوبل على مفترق طرق بين القيمة الأخلاقية والصفقة السياسية.
الاختيار هنا ليس بين شخصين، بل بين نهجين في فهم السلام:
سلامٌ يقوم على القوة والإملاء والمصالح.
وسلامٌ يقوم على العدالة والمساواة وكرامة الإنسان.
وفي زمنٍ تُحاصر فيه غزة وتُقصف فيه المستشفيات ويُمنع فيه الغذاء والدواء، فإن العالم يترقب لا فقط من سيفوز بجائزة نوبل، بل هل ما زال للعالم ضمير يستحق أن يمنح جائزة باسم “السلام”؟



#علي_ابوحبله (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفساد بين الحواضن والحسابات الخارجية: نحو لجنة وطنية لاستعا ...
- التحول السياسي في رؤية الرئيس محمود عباس: نحو إعادة بناء دول ...
- بيان الرئاسة الفلسطينية: خارطة طريق لترسيخ مؤسسات الدولة في ...
- الحمير على السطح
- -خطة ترمب المعدّلة: بين فخّ التسوية واستحقاق الوحدة الوطنية-
- خطة ترمب لإنهاء الحرب في غزة تتناقض مع مخرجات مؤتمر نيويورك ...
- رواية كفر مالك تحت النار: أسطورة الثبات والصمود في وجه الدخل ...
- مبادرة ترمب لوقف الحرب في غزة: هيمنة أميركية على حساب الشرعي ...
- ضحكة مرة في زمن عربي طويل
- المبادرة الأمريكية: هل هي إعادة إنتاج لاتفاق أوسلو؟
- رواية الفساد والفاسدين
- المبادرة الأمريكية بين الطموح السياسي وواقع الرفض الإسرائيلي
- حين أُكِل الثور الأبيض
- ترامب يرفض ضم الضفة في مواجهة خطاب إسرائيلي ينكر الوجود الفل ...
- رواية قصيرة تربوية وتحفيزية تحت عنوان المسؤولية أمانة — حافظ ...
- الإصلاح في السلطة الفلسطينية: من استحقاقات الداخل إلى متطلبا ...
- رواية: بركة الرضا
- قراءة في طرح الفريق جبريل الرجوب: الاعتراف الدولي خطوة نحو ا ...
- رواية: صمود على التلال
- المعازل التي لا تُهزم


المزيد.....




- مصور يكشف النقاب عن عوالم صغيرة تختبئ في الغابات بانجلترا
- بريانكا شوبرا تمزج بين الأناقة العالمية والجذور الهندية في أ ...
- وزير خارجية مصر يتحدث عن مناقشة -آلية تضمن الانسحاب الإسرائي ...
- عامان على هجوم 7 أكتوبر.. اليوم الذي غيّر وجه المنطقة
- خيار الضربات -على الطاولة-.. هل تقترب واشنطن من استهداف فنزو ...
- انتخاب المصري خالد العناني مديرا عاما لمنظمة اليونسكو
- إسرائيل تحيي الذكرى السنوية الثانية لهجوم 7 تشرين الأول/أكتو ...
- بصيص أمل لوقف الحرب في غزة.. مباحثات -إيجابية- بين إسرائيل و ...
- استحالة.. استحالة أن نرضى بهذه الحالة: من هتافات المحتجين في ...
- سيناء الحلم الصهيوني منذ هرتزل


المزيد.....

- النظام الإقليمي العربي المعاصر أمام تحديات الانكشاف والسقوط / محمد مراد
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - علي ابوحبله - ترامب وغريتا بين نوبل للسلام ودماء غزة: جدلية المعايير الأخلاقية والشرعية السياسية