أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - علي ابوحبله - ضحكة مرة في زمن عربي طويل














المزيد.....

ضحكة مرة في زمن عربي طويل


علي ابوحبله

الحوار المتمدن-العدد: 8481 - 2025 / 9 / 30 - 15:25
المحور: قضايا ثقافية
    


بقلم: المحامي علي أبو حبلة
رحل الكاتب والصحفي العراقي الساخر داوود الفرحان، تاركًا خلفه إرثًا من المقالات التي جمعت بين السخرية العميقة والصدق الجارح. لم يكن مجرد كاتب يتلاعب بالكلمات، بل كان ضميرًا حيًا حمل هموم وطنه وأمته، وسخّر سخريته كسلاح في مواجهة الظلم والاستبداد.
عبارته الشهيرة: «خائن الوطن كمثل السارق من بيت أبيه ليطعم اللصوص، فلا أبوه يسامحه ولا اللص يكافئه»، لم تكن مجرد حكمة، بل كانت مرآة تختصر مآسي أمة بأكملها. وهي اليوم تنطبق على واقع عربي ممزق: أوطان تسرقها أنظمتها، وتنهشها التدخلات الخارجية، فلا الشعب ينال حقه ولا العدو يرضى عنه.
منذ سبعينات القرن الماضي، اختار الفرحان أن يقف في صف الناس، أن يكتب بلسانهم ويضحك بمرارتهم. كان يعرف أن السخرية ليست للترفيه، بل لفضح المستور. انتقد الأنظمة المتعاقبة، قبل الاحتلال الأمريكي للعراق وبعده، وكشف تناقضاتها وهشاشتها، وظل يردد أن الصحافة إذا فقدت حريتها فقدت روحها.
واليوم، ونحن نودّع الفرحان، نقف أمام واقع عربي مرير:
غزة تنزف تحت الحصار، جوعى أطفالها وصامتة أديان العالم عن مأساتها.
العراق ما زال ممزقًا بين الطائفية والتبعية، يبحث عن وحدة ضائعة.
سوريا تتنازعها مشاريع التقسيم، بينما تُستنزف في حرب لا تنتهي.
لبنان يغرق في أزماته وانقساماته الداخلية حتى باتت الدولة بلا سند.
اليمن المكلوم صار وطنًا مقسمًا بين جغرافيا الحروب ومصالح القوى.
السودان ينزف من جراح حربه الداخلية، حتى صار أبناؤه غرباء في وطن تتنازعه البنادق.
ليبيا عالقة بين فصائل متنازعة وأطماع خارجية، كأنها ساحة بلا حدود.
وفي قلب هذه المآسي، يتمادى نتنياهو في استباحة الدم الفلسطيني، متكئًا على صمت دولي وتواطؤ إقليمي، وأحلامه لا تقف إلا عند حدود ما يسميه "إسرائيل الكبرى"، حلم استيطاني توسعي يهدد بقاء المنطقة بأسرها.
إن رحيل داوود الفرحان يذكّرنا بفقدان صوت ساخر شجاع كان يجمع بين ضحكة مرة وتحليل عميق. في زمنٍ تشتد فيه المؤامرات وتتكاثر المخاطر على وحدة الأوطان وأولى القضايا – فلسطين – نحتاج إلى مثل تلك الأقلام التي لا تخشى الحقيقة، وتواجه الكذب بالسخرية، والظلم بالضحك المرّ.
ختام روائي – سياسي
كأن رحيل الفرحان لم يكن غيابًا بقدر ما كان جرس إنذار. رحل الجسد وبقيت الكلمات تلاحقنا: غزة التي تصرخ ولا يُسمع صوتها، العراق الذي يفتش عن ذاته بين الركام، سوريا التي تتأرجح بين حياة وموت، لبنان الذي يترنح على حافة الانهيار، اليمن المثقل بالدماء، السودان الذي يغترب عن نفسه، وليبيا التي تبحث عن دولة وسط الفوضى.
رحل الفرحان، وكأن القدر يقول لنا إن ساخرًا واحدًا يمكن أن يكون أكثر صدقًا من مئات الخطب الرسمية. لقد علّمنا أن السخرية ليست عبثًا، بل هي الوجه الآخر للحقيقة حين تُحجب، وأن الضحك المرّ قد يكون آخر وسيلة للدفاع عن أوطان مهددة وأحلام أمة معلقة على خيط رفيع.



#علي_ابوحبله (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المبادرة الأمريكية: هل هي إعادة إنتاج لاتفاق أوسلو؟
- رواية الفساد والفاسدين
- المبادرة الأمريكية بين الطموح السياسي وواقع الرفض الإسرائيلي
- حين أُكِل الثور الأبيض
- ترامب يرفض ضم الضفة في مواجهة خطاب إسرائيلي ينكر الوجود الفل ...
- رواية قصيرة تربوية وتحفيزية تحت عنوان المسؤولية أمانة — حافظ ...
- الإصلاح في السلطة الفلسطينية: من استحقاقات الداخل إلى متطلبا ...
- رواية: بركة الرضا
- قراءة في طرح الفريق جبريل الرجوب: الاعتراف الدولي خطوة نحو ا ...
- رواية: صمود على التلال
- المعازل التي لا تُهزم
- حكومة وحدة وطنية فلسطينية: استحقاق الاعتراف الأوروبي وترتيب ...
- محور عربي–إسلامي يربك الحسابات الإسرائيلية: الاعتراف بفلسطين ...
- الفيتو الأميركي… دعم مطلق لإسرائيل وتناقض صارخ في المواقف
- السعودية وباكستان... ميثاق دفاع مشترك يعيد رسم خرائط القوة
- إسرائيل بين إسبرطة القوة وأثينا الحضارة: مأزق العزلة ونبوءة ...
- نتنياهو بين العزلة الدولية وتداعيات الحرب على غزة: مأزق استر ...
- مشروع بيان قمة الدوحة: بين الخطاب المرتفع والقيود الأمريكية… ...
- قسوة الفطرة والخذلان العربي: قراءة في فكر بكر أبو بكر
- ترامب ونتنياهو: تحالف المصالح بين الاستثمار والسيطرة… ومسرحي ...


المزيد.....




- رئيسة وزراء إيطاليا تدعو -أسطول الصمود- إلى -التوقف فورا-.. ...
- تقرير يكشف عن تجاوز -حدود السلامة- على كوكب الأرض!
- القضاء الإسباني يكشف تورط نائبين سابقين في البرلمان في قضايا ...
- فرنسا: توقيف حليمة بن علي ابنة الرئيس التونسي الأسبق زين الع ...
- الأب عبد الله يوليو للجزيرة نت: نتنياهو يكذب ومجتمعات المنطق ...
- نتنياهو يطلع حكومته على خطة ترامب وفرنسا تدعو حماس لقبولها
- -ما وراء الخبر- يناقش خيارات حماس والمقاومة الفلسطينية في ال ...
- زلزال في إندونيسيا وآخر في الفلبين يقتل 5 أشخاص
- فرنسا تعتقل ابنة زين العابدين بن علي بطلب من تونس
- قاضٍ أميركي يحكم بانتهاك إدارة ترامب الدستور في استهداف المؤ ...


المزيد.....

- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - علي ابوحبله - ضحكة مرة في زمن عربي طويل