أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي ابوحبله - الحرب على غزة تدخل عامها الثالث: الهولوكوست الفلسطيني وشريعة الغاب الدولية














المزيد.....

الحرب على غزة تدخل عامها الثالث: الهولوكوست الفلسطيني وشريعة الغاب الدولية


علي ابوحبله

الحوار المتمدن-العدد: 8489 - 2025 / 10 / 8 - 12:59
المحور: القضية الفلسطينية
    


المحامي علي أبو حبلة
ها هي الحرب الإسرائيلية على غزة تدخل عامها الثالث، لتكشف للعالم مأساة إنسانية غير مسبوقة في العصر الحديث، عنوانها الدمار الشامل، والحصار، والتجويع، والإبادة الجماعية الممنهجة بحق شعب أعزل. أكثر من عامين من القتل والتدمير تُختصر في مشهد يعكس انهيار منظومة القيم العالمية، وعودة منطق القوة ليحل محل القانون، حتى غدت الشرعية الدولية أداة انتقائية تُستخدم لتبرير العدوان، لا لردعه.
أرقام الإبادة: غزة تنزف دماً
بحسب آخر بيانات وزارة الصحة الفلسطينية في غزة (أيلول/سبتمبر 2025)، تجاوز عدد الشهداء 65,000 فلسطيني، فيما ارتفع عدد الجرحى إلى أكثر من 165,000، يشكّل الأطفال والنساء نحو 60% منهم.
وتقدّر منظمات الإغاثة الدولية عدد المفقودين تحت الركام أو في المقابر الجماعية بالآلاف. وتشير دراسة صادرة عن The Economist (8 أيار/مايو 2025) إلى أن العدد الحقيقي للضحايا قد يتجاوز 100 ألف إنسان إذا شُملت الوفيات الناتجة عن نقص الغذاء والدواء وانهيار النظام الصحي.
أما مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، فأكد أن أكثر من 85% من سكان القطاع نُزحوا قسراً، وأن غزة تعيش على شفا مجاعة جماعية بفعل الحصار الشامل الذي تفرضه إسرائيل على الغذاء والدواء والوقود.
سياسة التجويع والدمار: أدوات حرب ممنهجة
تقرير برنامج الأغذية العالمي (WFP) الصادر في تموز/يوليو 2025 وصف غزة بأنها “أخطر مكان في العالم للأطفال”، مؤكداً أن مئات الآلاف يعانون سوء تغذية حاد وخطر الموت البطيء.
كما أكدت منظمة الصحة العالمية (WHO) أن 80% من المرافق الصحية خرجت عن الخدمة، بفعل القصف المباشر والمتكرر، في انتهاك صارخ لاتفاقيات جنيف لعام 1949.
لقد تحولت المستشفيات والملاجئ إلى مقابر جماعية، كما حدث في مجزرة المستشفى المعمداني ومدرسة الفاخورة التابعة للأونروا، حيث استُشهد أكثر من مئتي مدني معظمهم من النساء والأطفال. وتعتبر هذه الجرائم، بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 1948، أفعالاً ترقى إلى جريمة إبادة متكاملة الأركان.
حكومة نتنياهو وشريعة الغاب
منذ اليوم الأول للحرب، اتضح أن حكومة نتنياهو تتعامل مع القانون الدولي بوصفه عقبة يجب تجاوزها، لا مرجعية يجب احترامها. فبدلاً من الانصياع لقرارات مجلس الأمن الدولي ومحكمة العدل الدولية بوقف الحرب ورفع الحصار، اختارت إسرائيل المضي في سياسة القوة وتكريس شريعة الغاب.
تقرير لجنة الأمم المتحدة للتحقيق في الانتهاكات الإسرائيلية (أيلول/سبتمبر 2025)، حمّل القيادة الإسرائيلية — وعلى رأسها نتنياهو — المسؤولية المباشرة عن الجرائم المرتكبة في غزة، واعتبر ما يجري “إبادة جماعية متعمدة ضد الشعب الفلسطيني”.
لكن نتنياهو رفض التقرير، وواصل الحرب متحدّياً الإجماع الدولي، في محاولة لإنقاذ مستقبله السياسي على حساب الدم الفلسطيني، حتى أصبحت الحرب وسيلة لبقائه في الحكم، ومتنفساً للأزمة الداخلية التي تعصف بإسرائيل منذ سنوات.
ازدواجية المعايير وانهيار منظومة العدالة
لقد أظهرت الحرب على غزة عمق النفاق الدولي وازدواجية المعايير الغربية. فالدول التي تتغنى بحقوق الإنسان، وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا، وفّرت الغطاء السياسي والعسكري لإسرائيل، ومنعت تمرير قرارات ملزمة لوقف العدوان في مجلس الأمن.
بهذا التواطؤ، تآكلت مصداقية المنظومة الأممية، وتحولت العدالة الدولية إلى شعار أجوف، إذ لم تعد قادرة على حماية الضحايا، بل أصبحت في بعض الحالات شريكة في الجريمة بالصمت أو التمويل أو التسليح.
الهولوكوست الفلسطيني: الضحية الجديدة للعصر
إن ما يجري في غزة يرقى إلى هولوكوست بحق الشعب الفلسطيني، من حيث النية والعواقب والوسائل. القتل الجماعي، والتجويع المتعمّد، وتدمير المقومات المدنية، وتهجير السكان، جميعها أفعال تهدف إلى إبادة جماعية بطيئة.
لقد انقلبت الصورة التاريخية: فالجندي الإسرائيلي، الذي طالما قُدّم للعالم كرمز للنجاة من محارق الماضي، أصبح اليوم رمزاً لجلاد العصر الذي يمارس ذات الوحشية ضد شعب آخر.
وهكذا، لم تعد “المحرقة” ذكرى تذكّر بالعبرة الإنسانية، بل تحولت — بفضل الاحتلال — إلى واقع يُعاد إنتاجه على أرض فلسطين.
أصوات من داخل إسرائيل والعالم اليهودي
في مواجهة هذا الانحراف الأخلاقي، برزت أصوات يهودية وإسرائيلية شجاعة أدانت سياسات نتنياهو. فقد كتب المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابه أن “ما يجري في غزة هو جريمة تطهير عرقي موصوفة، تشبه ما حذّر منه اليهود أنفسهم بعد الحرب العالمية الثانية.”
أما الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي فاتهم حكومة نتنياهو بأنها “تسير بإسرائيل نحو هاوية أخلاقية وسياسية غير مسبوقة”، مؤكداً أن “الحرب لم تعد دفاعاً عن النفس، بل تحولت إلى محرقة للفلسطينيين ولضمير إسرائيل معاً.”
كما دعا مئات الأكاديميين اليهود في أوروبا وأمريكا إلى وقف الإبادة فوراً، محذرين من أن استمرار الحرب “يُفقد إسرائيل آخر ما تبقى من شرعيتها الأخلاقية ويعزلها دولياً.”
كلمة أخيرة
إن استمرار الحرب على غزة، وتحدي إسرائيل السافر لقرارات الشرعية الدولية، لا يهددان الفلسطينيين وحدهم، بل يقوّضان النظام الدولي بأسره.
لقد بات واضحاً أن إدارة إسرائيل لهذه الحرب ليست دفاعاً عن النفس، بل مشروعاً لتكريس سياسة القوة على حساب القانون، وتأسيس نموذج لعالم يحكمه منطق الغلبة لا العدالة.
إن ما جرى في غزة هو اختبار أخلاقي للإنسانية جمعاء؛ فإما أن ينتصر الضمير والقانون، وإما أن يترسخ عصر جديد من شريعة الغاب، حيث يختفي الحق وتُقنَّن الإبادة باسم “الردع”.
وستظل غزة، بكل دمائها وأوجاعها، شاهداً على أن المحرقة ليست حدثاً من الماضي، بل مأساة تُعاد أمام أعين عالم صامت ومتواطئ.



#علي_ابوحبله (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو مرحلة انتقالية وطنية شاملة: مكافحة الفساد وتفعيل الرقابة ...
- ترامب وغريتا بين نوبل للسلام ودماء غزة: جدلية المعايير الأخل ...
- الفساد بين الحواضن والحسابات الخارجية: نحو لجنة وطنية لاستعا ...
- التحول السياسي في رؤية الرئيس محمود عباس: نحو إعادة بناء دول ...
- رواية الفساد والفاسدين
- ازدواجية الجنسية في المناصب الوزارية: خرق محتمل للقانون الأس ...
- أسطول الصمود العالمي: حين كُسر الحصار إعلاميًا قبل أن يُكسر ...
- بيان الرئاسة الفلسطينية: خارطة طريق لترسيخ مؤسسات الدولة في ...
- الحمير على السطح
- -خطة ترمب المعدّلة: بين فخّ التسوية واستحقاق الوحدة الوطنية-
- خطة ترمب لإنهاء الحرب في غزة تتناقض مع مخرجات مؤتمر نيويورك ...
- رواية كفر مالك تحت النار: أسطورة الثبات والصمود في وجه الدخل ...
- مبادرة ترمب لوقف الحرب في غزة: هيمنة أميركية على حساب الشرعي ...
- ضحكة مرة في زمن عربي طويل
- المبادرة الأمريكية: هل هي إعادة إنتاج لاتفاق أوسلو؟
- رواية الفساد والفاسدين
- المبادرة الأمريكية بين الطموح السياسي وواقع الرفض الإسرائيلي
- حين أُكِل الثور الأبيض
- ترامب يرفض ضم الضفة في مواجهة خطاب إسرائيلي ينكر الوجود الفل ...
- رواية قصيرة تربوية وتحفيزية تحت عنوان المسؤولية أمانة — حافظ ...


المزيد.....




- مراهقة تصفع سائق أوبر وتهدده بـ-القتل-.. ليرد بإطلاق النار ع ...
- الأردن: عدم المسؤولية لأربعة متهمين في قضية خلية -الفوضى-.. ...
- الناشط الفرنسي الأمريكي رومانو لـCNN: هذا ما تعرض له نشطاء - ...
- كرسي ذكي لتحسين طريقة الجلوس أثناء العمل
- لماذا أصبح صلاح -مشكلة- لفريقه ليفربول في الفترة الأخيرة؟
- هجوم حماس يفجّر مراجعة بحرية كبرى في إسرائيل.. وتحذيرات من - ...
- فيضانات عنيفة تجتاح شمال فيتنام مع تجاوز منسوب الأنهار مستوي ...
- ألمانيا تسمح للشرطة بإسقاط الطائرات المسيرة المعادية
- لوكورنو يواصل مشاورات -الساعات الأخيرة- لإخراج فرنسا من أزمت ...
- ألمانيا ستسمح للشرطة بإسقاط المسيّرات التي تعتبرها مصدر تهدي ...


المزيد.....

- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي ابوحبله - الحرب على غزة تدخل عامها الثالث: الهولوكوست الفلسطيني وشريعة الغاب الدولية