أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - علي ابوحبله - بين الماضي والحاضر والمستقبل في ظل انعدام الثقة وقراءة التاريخ والجغرافيا














المزيد.....

بين الماضي والحاضر والمستقبل في ظل انعدام الثقة وقراءة التاريخ والجغرافيا


علي ابوحبله

الحوار المتمدن-العدد: 8499 - 2025 / 10 / 18 - 12:56
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


بقلم: المحامي علي أبو حبلة –
تعيش أمتنا العربية اليوم أزمة ثقة مزدوجة: ثقة بالذات، وثقة بالمستقبل. وبين ماضٍ نغرق في تمجيده، وحاضرٍ نتعثر في تفاصيله، ومستقبلٍ نخشاه قبل أن نصنعه، تبدو المسافة بين التاريخ والواقع أكبر من أي وقت مضى.
لقد أصبحنا أمةً تعيش على أطلال مجدٍ قديم، ونقيس هويتنا بما كان لا بما يكون. نقرأ التاريخ لا لنفهمه، بل لنرتاح من الأسئلة الصعبة التي تطرحها الجغرافيا السياسية الحديثة، وكي نعفي أنفسنا من مسؤولية التفكير والمساءلة.
أزمة الوعي وانعدام الثقة بالذات
كلما ازدادت الأمة ضعفًا وتشرذمًا، ازداد تمسكها بالماضي، وكأنها تبحث في التاريخ عن عزاءٍ لواقعٍ مأزوم. فبدل أن يتحول الماضي إلى منارةٍ تُضيء طريق الحاضر، صار قيدًا يكبل حركة الفكر والإبداع.
لقد فقدنا الثقة بأنفسنا لأننا فقدنا القدرة على قراءة واقعنا بموضوعية. نُكابر في وصف حاضرنا، ونهرب إلى أمجاد التاريخ هربَ العاجز من مرآته، نردد أسماء القادة والعلماء والشعراء، لكننا نغفل عن السؤال الأخطر: أين موقعنا اليوم بين الأمم؟
قراءة التاريخ… بين العبرة والتبرير
التاريخ ليس عبئًا ولا ملاذًا، بل مرآة للعقل الجمعي للأمم. والأمم الحية هي التي تدرسه لتتعلم، لا لتتغنى به. أما نحن، فنقرأه لنرتاح، لا لنتقدم.
تحول التاريخ في وعينا الجمعي إلى “شهادة حسن سلوك حضاري” نبرزها للعالم حين نعجز عن الحاضر، لا كمصدر إلهامٍ للنهضة. نلجأ إليه كلما ضاقت بنا الجغرافيا السياسية، ونستدعي أمجاد الأمس لتغطية عجز اليوم. وهكذا أصبحنا أسرى سرديات تمجد الماضي دون أن تبني الحاضر، وتستحضر البطولات دون أن تنتج بدائل حقيقية.
الجغرافيا الجديدة... وتراجع الفعل العربي
في الوقت الذي تعيد فيه القوى الكبرى رسم خرائط المنطقة، ما زال العالم العربي يفتقد لرؤية جغرافية استراتيجية تعي موقعه ودوره. فالجغرافيا ليست مجرد حدود، بل هي مساحة نفوذ ومصدر قوة.
انعدام الثقة بالذات جعل من أمتنا متلقية للأحداث لا صانعة لها، تابعة للمشاريع الإقليمية والدولية بدل أن تمتلك مشروعها الخاص.
لقد تاهت بوصلتنا بين قراءة التاريخ على نحوٍ انتقائي، وقراءة الجغرافيا من منظورٍ ضيقٍ ومجتزأ، فخسرنا التاريخ مرتين: مرة حين تركنا حاضره، ومرة حين فشلنا في توظيفه لبناء المستقبل.
بين الماضي والمستقبل: سؤال النهضة المؤجل
هل نحن أمة تقتبس من التاريخ لتنهض، أم أمة تبحث فيه عن أعذارٍ لنفسها؟
حين نستحضر صلاح الدين والأندلس وبغداد، هل نفعل ذلك لإحياء قيمهم في واقعٍ جديد؟ أم لأننا نفتقر إلى قيادةٍ ورؤيةٍ تملأ فراغ الحاضر؟
إنّ المجد الحقيقي لا يُستعاد بالحنين، بل يُصنع بالإرادة والعمل والمعرفة. ولا يمكن لأي أمة أن تدخل المستقبل وهي مشدودة إلى الماضي بعُقدٍ لم تُحل وأسئلة لم تُجب.
نحو قراءة جديدة للتاريخ والجغرافيا
المطلوب اليوم هو قراءة نقدية واعية، لا تمجيدية ولا عدائية، لتاريخنا وجغرافيتنا معًا. فالتاريخ يعلّمنا أين كنا، والجغرافيا تحدد أين يمكن أن نكون.
قراءة التاريخ بمعزل عن الجغرافيا جعلتنا نعيش في الحلم، وقراءة الجغرافيا بمعزل عن التاريخ جعلتنا نغرق في الواقع دون بوصلة. النهضة الحقيقية تبدأ حين نزاوج بين الذاكرة والرؤية، بين الأصالة والمعاصرة، بين الفخر بالماضي والقدرة على صناعة الحاضر.
خاتمة
لقد آن لأمتنا أن تتصالح مع نفسها، وأن تفهم أن التاريخ ليس refuge للضعفاء، بل مختبرٌ للأقوياء. وأن الجغرافيا ليست لعنةً فرضتها القوى الكبرى، بل فرصةٌ لصناعة التوازن والمكانة من جديد.
الماضي ملك لمن صنعه، والمستقبل ملك لمن يجرؤ على صناعته.
وحتى نعيد الثقة بأنفسنا، علينا أن نكف عن الغناء للماضي، وأن نبدأ بكتابة فصلٍ جديد من تاريخنا، لا بالحنين إليه، بل بالفعل والوعي والإرادة.
ونختم بالقول ربما لا نحتاج إلى معجزات كي ننهض، بل إلى شجاعة الاعتراف بأننا فقدنا البوصلة بين التاريخ والجغرافيا.
أن نعيد قراءة الماضي بعينٍ نقدية لا دامعة، ونرسم خريطة المستقبل بعقلٍ لا يرتجف من التغيير.
فالأمم التي لا تملك ثقةً بنفسها، لن تصنع تاريخًا جديدًا مهما حفظت من أمجاد قديمة.
🔹 رأي صحيفة صوت العروبة
إنّ أمتنا لن تنهض ما لم تمتلك الشجاعة لقراءة تاريخها بصدقٍ، وجغرافيتها بوعيٍ، وحاضرها بمسؤولية.
الزمن لا ينتظر المترددين، والمستقبل لا يُمنح لمن يعيش أسير الماضي.
فمن أراد أن يصنع مجده، فليكتب تاريخه بيده، لا بذكريات من رحلوا.



#علي_ابوحبله (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ترامب: لو كان بمقدور إسرائيل سحق حماس لفعلت ذلك
- توني بلير بين كوسوفو وغزة: محاولات إعادة التدوير في مشهد فلس ...
- ميليشيا -أبو شباب- وفلسطنة الصراع: تهديد للوحدة الوطنية الفل ...
- اتفاق شرم الشيخ... سلام بلا أطراف وشرق أوسط بلا فلسطين
- مؤتمر شرم الشيخ: مسرحية سياسية على حساب القضية الفلسطينية
- تجار المقاصة ومزورو الفواتير الوهمية: جريمة اقتصادية تهدد ال ...
- زيارة ترمب للمنطقة: بين شرم الشيخ وتل أبيب — عودة أمريكية لإ ...
- -رسالة إلى القادة المحتفلين باتفاق شرم الشيخ: صوِّبوا بوصلتك ...
- قمة شرم الشيخ: بين تثبيت وقف النار وتثبيت النفوذ... من يكتب ...
- من يوقّع عن الفلسطينيين في شرم الشيخ؟
- التعاونيات رافعة للاقتصاد الوطني الفلسطيني: تقييم واقعٍ واست ...
- اتفاق وقف إطلاق النار في شرم الشيخ: تحليل دقيق لأبعاد سياسية ...
- الحرب على غزة تدخل عامها الثالث: الهولوكوست الفلسطيني وشريعة ...
- نحو مرحلة انتقالية وطنية شاملة: مكافحة الفساد وتفعيل الرقابة ...
- ترامب وغريتا بين نوبل للسلام ودماء غزة: جدلية المعايير الأخل ...
- الفساد بين الحواضن والحسابات الخارجية: نحو لجنة وطنية لاستعا ...
- التحول السياسي في رؤية الرئيس محمود عباس: نحو إعادة بناء دول ...
- رواية الفساد والفاسدين
- ازدواجية الجنسية في المناصب الوزارية: خرق محتمل للقانون الأس ...
- أسطول الصمود العالمي: حين كُسر الحصار إعلاميًا قبل أن يُكسر ...


المزيد.....




- تحليل.. باستخدام المعادن النادرة والدبلوماسية البارعة والكثي ...
- كلب يشعل حريقًا في منزل مالكه.. كاميرا مراقبة ترصد مشهدًا صا ...
- ترامب يسعى للاستفادة من زخم اتفاق غزة.. كيف؟
- بعد انهيار الهدنة.. الدوحة تستضيف محادثات بين كابول وإسلام آ ...
- حملة -نحو قانون عادل للإجراءات الجنائية-: موقفنا من تعديلات ...
- اتهامات بوجود -أثار تعذيب- على جثامين فلسطينيين سلمتها إسرائ ...
- هل يتعلم الجنين اللغات الأجنبية وهو في رحم أمه؟
- بعد تدهور سمعته.. الأمير البريطاني أندرو يتخلى عن لقبه الملك ...
- بين الفَوضى الخَلّاقة والتَّدمير الخَلّاق
- وكالة التصنيف الائتماني -ستاندرد آند بورز- تخفض تصنيف فرنسا ...


المزيد.....

- النظام الإقليمي العربي المعاصر أمام تحديات الانكشاف والسقوط / محمد مراد
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - علي ابوحبله - بين الماضي والحاضر والمستقبل في ظل انعدام الثقة وقراءة التاريخ والجغرافيا