صالح مهدي محمد
الحوار المتمدن-العدد: 8500 - 2025 / 10 / 19 - 10:32
المحور:
كتابات ساخرة
يبدو أن التاريخ، هذا الأستاذ ذو الباع الطويل في التدريس وصاحب النظارات السميكة، ما زال واقفًا أمام السبّورة منذ قرون، يشرح بحماس لا يُصدّق الفقرة نفسها عن "سقوط الأمم التي لا تتعلّم"، بينما نحن في المقاعد الخلفية نأكل رقائق البطاطس ونسأل بعضنا: "هو شنو موضوع الحصة اليوم؟"
في كل مرة يكتب التاريخ جملة تحذيرية بالطباشير الأبيض، نمسحها بأصابعنا ونرسم بدلها قلوبًا وأسماء ونضحك على قصص الشعوب التي كررت أخطاءها، ونحن نعيد إنتاج الأخطاء ذاتها ولكن بجودة أعلى وإخراج ثلاثي الأبعاد.
نسقط في الفخ نفسه كل مرة، ثم نعلن بثقة أن "الظروف كانت مختلفة". نغضب من الفساد، نلعنه في الصباح، ثم نوقّع معه عقد صداقة في المساء على فنجان قهوة ومصلحة صغيرة. التاريخ يشاهدنا من المقعد الأمامي، يدخّن من الملل، ويكتب في دفتر ملاحظاته: "طلاب هذا العام... هم أنفسهم طلاب العام الماضي، مع بعض الإضافات في اللامبالاة الجماعية."
نردد بفخر: "علينا أن نتعلّم من الماضي!"، ثم نعيد انتخاب الماضي نفسه. نرفع شعار "الإصلاح قادم"، ثم نغلق الباب عليه بإحكام حتى لا يزعجنا في راحتنا الفكرية. نحن لا نعيش في التاريخ، نحن نسكنه كضيوف دائمين نسوا طريق الخروج.
الحقيقة أن التاريخ لا يعيد نفسه حبًا فينا، بل لأننا المادة الأسهل في الجدول، وهو لا يجد صفًا أقل فوضى يدرّس فيه.
#صالح_مهدي_محمد (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟