كريم المظفر
الحوار المتمدن-العدد: 8500 - 2025 / 10 / 19 - 04:51
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
النجاحات المستقبلية بعد المكالمة الهاتفية التي اجراها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الامريكي دونالد ترامب ، والاتفاق على عقد قمة بينهما في العاصمة الهنغارية بودابست ، ستعتمد بالدرجة الاساس على رغبة الأوروبيين ، في عدم إفشال القمة الروسية الأمريكية، وكما فعلوا سابقًا" ، حيث أثار أعلان عقد القمة مفاجأة غير سارة للاوربيين ، الذين حاولوا بكل ما اوتوا به من قوة ، ابعاد الرئيس الامريكي عن نظيره الروسي ، ومحاولة خلق فجوة تعيق أي تطور في العلاقة بينهما .
ولم تـأتي النوائب على زيلينسكي فرادا ، فعلى خطوط التماس العسكرية ، تستمر القوات المسلحة الروسية، خلال العملية العسكرية الخاصة، السيطرة الكاملة على المبادرة الاستراتيجية على طول خط التماس ، وإن قيادات القوات الأوكرانية على مختلف المستويات، تتستر على عمليات الفرار الجماعي ، خوفا من تحمل المسؤولية والعقاب ، وفي ظل هذه الظروف، يلجأ نظام كييف إلى أساليب إرهابية، وروسيا مضطرة للرد عليها وفقًا لذلك ، لتضيف جرحا آخر يضاف الى جرح تجاهل الإدارة الأمريكية لزيلينسكي لدى وصوله إلى واشنطن في المطار ، وعدم ارسالها مندوب عنها لاستقباله ، ودون أي مراسم استقبال رسمية ، ما أضطر الامر الى دعوة رئيس مكتبه وقبطان الطائرة ورئيسة المضيفات الى النزول لاستقباله ، ويرجح أن يكون زيلينسكي قد أجبر طاقم طائرته الخاصة على استقباله على الأراضي الأمريكية ، وأقامته في دار ضيافة قرب البيت الأبيض ، ومن ثم بدأ لقاءه مع ترامب متأخرا، حيث لم يكن الرئيس الأمريكي مستعجلا لاختتام الاجتماع ، ولينتهي به الامر الى عقد زيلينسكي مؤتمره الصحفي خارج سياج البيت الأبيض ، وليس على أرضه بعد الاجتماع مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب .
وبعد أن رفض ترامب طلب " المهرج " زيلينسكي ، للحصول على صواريخ " توما هوك " ، وابلاغه بأن الولايات المتحدة ، بحاجة جدا الى ما تمتلكه من هذا النوع من الصواريخ ، من أجل عدم تقويض جهوده الدبلوماسية لإنهاء الحرب ، وإن استخدام الأسلحة الأمريكية في توجيه ضربات بعيدة المدى للعمق الروسي، سيشكل تصعيدا ، لُفِتَ انتباه الجميع حضور وزير الحرب الأمريكي بيت هيغسيث ، والذي كان جالسا مقابل زيلينسكي ، وهو يرتدي ربطة عنق ، بألوانه الثلاثية للعلم الروسي ، وكانت مرتبة بنفس الترتيب الموجود على العلم الروسي: أبيض في الأعلى، يليه أزرق، ثم أحمر، وتحتها مزيج آخر من نفس الألوان الثلاثة
واجمع المراقبون والمحللون ووسائل الاعلام الغربية ، بأن الرئيس " المهرج " عاد بخفي حنين ، بعد أن كان يأمل مغادرة واشنطن ، بالتزامات حول الأسلحة الجديدة لأوكرانيا، لكنه وجد ترامب في حالة ذهنية مختلفة تماما ، بعد يوم من إجراء مكالمة مطولة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، ونشرت صحيفة بيلد الألمانية مقالة بعنوان "ضربة موجعة لحلم زيلينسكي حول توماهوك" ، ولاحظت الصحيفة أن ترامب أعرب عن ثقته بأن فلاديمير بوتين مهتم بإنهاء الصراع ، في حين ، أعربت صحيفة الغارديان عن قلقها من أن نبرة الرئيس الأمريكي التصالحية ، بعد محادثته مع نظيره الروسي "أثارت شكوكًا حول إمكانية تقديم مساعدة فورية لأوكرانيا، وأعادت إثارة المخاوف في أوروبا من استسلام واشنطن لموسكو" ، وكتبت صحيفة El Pais الإسبانية أن "بندول ترامب عاد يميل مجددا إلى طرف موسكو"، في حين كان زيلينسكي يأمل في العودة إلى أوكرانيا بدعم عسكري إضافي.
وعن القمة التي ستستضيفها بودابست وتوقيتها ، فإن الكريملين ، وكما أفيد بأنه قد يُعقد خلال الأسبوعين المقبلين ، وفي هذه الأثناء، يناقش العالم الترتيبات اللوجستية المحتملة لرحلة طائرة الرئاسة الروسية ، كيف يُمكن تخطيط مسارها؟ ، كما لا يزال المسار اللوجستي لفلاديمير بوتين إلى العاصمة المجرية غير واضح ، والرئيسان ملتزمان بعقد مثل هذا الاجتماع ، وقال بيسكوف: "لكن أولًا، سيتناول وزير الخارجية سيرغي لافروف ووزير الخارجية ماركو روبيو هذه المسألة".
وفي ظل هذه الخلفية، يناقش الخبراء الروس ، مسار رحلة طائرة الرئاسة الأمريكية إلى العاصمة المجرية ، ويتذكر مارات باشيروف، أستاذ العلوم السياسية والهندسة الاقتصادية، قائلاً "في حالة ألاسكا، حيث عُقدت القمة بين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب في أغسطس، رافقت مقاتلات أمريكية طائرة Il-96-300PU في مسار محدد" ، ويقدر باشيروف أن أمام بوتين طريقين للقاء ترامب في المجر ، ويرى المتحدث أن "الطريق الشمالي عبر بولندا ، ليس خيارًا جيدًا نظرًا لوجود منطقة دفاع جوي كثيفة تابعة لحلف الناتو هناك، لذا من المرجح رفضه ، وفي رأيه، يبدو الطريق الجنوبي واعدًا: البحر الأسود - تركيا - بلغاريا - صربيا - المجر" ، في الوقت نفسه يعتقد المراسل العسكري ألكسندر كوتس ، أن الطريق الأكثر ترجيحًا هو بحر قزوين - إيران - تركيا - البحر الأبيض المتوسط - الجبل الأسود - صربيا – بودابست ، ويعتقد "أنه بما أننا لا نتشارك حدودًا مع المجر، وهي دولة غير ساحلية ولم تُخترع كابينة النقل الآني بعد، فعلينا اختيار أهون الشرين" ، وعلى أي حال، إنها مهمة صعبة لأجهزة الاستخبارات الروسي عمومًا ، ولجهاز الحماية الفيدرالي خصوصًا ، وأن البريطانيين، مع حلفائهم المستقلين، سيبذلون قصارى جهدهم لإحداث بعض المشاكل ، لذلك فإن تفاصيل مسار طائرة الرئاسة الروسية ستبقى سرية ، وعدم إهمال التهديدات الأوكرانية.
أما فيما يتعلق بسلامة الطيران، فيتم حلها باتفاقيات مع كبار القادة السياسيين للدول ، التي يمر مسار الرحلة عبر مجالها الجوي ، ولا شك في أن طائرة فلاديمير بوتين ، سترافقها طائرات مقاتلة تابعة للقوات الجوية الفضائية الروسية فوق المياه المحايدة للبحر الأسود ، ومع ذلك، من غير المرجح توفير هذه الحماية فوق دول الناتو ، وكما تُظهر التجربة، تُنظّم الدولة المضيفة هذه المرافقة ، وبشكل عام، سيكون مسار رحلة الرئيس الروسي ، نتيجةً لاتفاقيات تُعقد بالدرجة الأولى بين السلطات العسكرية والسياسية للدول، وليس بين سلطات الطيران، وبدوره، أشار خبير الطيران رومان غوساروف ، إلى أنه من السابق لأوانه اعتبار بودابست الخيار النهائي للقمة القادمة بين الزعيمين الروسي والأمريكي ، لأنه من المستحيل الوصول إلى المجر ، دون عبور أراضي دول الناتو الأخرى ، وهي أيضًا أعضاء في الاتحاد الأوروبي ، علاوة على ذلك، لا يهمّ أيّ الدول الأعضاء معنية ، فالقرارات السياسية تُتّخذ في مقرّ التكتل في بروكسل"
لذلك، سيعتمد الكثير على استعداد الأوروبيين للسماح بعقد هذا الاجتماع في العاصمة المجرية، واستعدادهم لعدم إفساده كما فعلوا سابقًا ، لذا، فإن المسألة الأساسية ليست المسار نفسه، بل ضمانات الناتو ، فإما أن تكون موثوقة تمامًا، وسنثق بها، أو لا تكون، وفي هذه الحالة سيُعقد الاجتماع بين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب في مكان آخر، لذلك سارعت المفوضية الأوروبية إلى التأكيد ، على أن العقوبات لا تشمل حظرًا على زيارة بوتين للاتحاد الأوروبي ، ووفقًا للمسؤولة في الاتحاد الأوروبي أنيتا هيبر، لا توجد أي عوائق أمام زيارة الرئيس الروسي إلى المجر ، وفي الوقت نفسه، صرّح ممثل المفوضية الأوروبية أولوف جيل ، بأن منح تصريح عبور طائرة الرئيس الروسي في المجال الجوي للاتحاد الأوروبي ، يعود إلى الحكومات الوطنية ، في حين أجرى الرئيس الروسي محادثة هاتفية مع رئيس الوزراء المجري ، أعرب فيها رئيس الوزراء الهنغاري فيكتور أوربان ، عن استعداده لتوفير الظروف اللازمة لتنظيم قمة محتملة.
وفي الوقت الذي تؤكد فيه موسكو ، بأن التضامن الأوروبي الأمريكي حول أوكرانيا ، لم يعد ممكنا في عهد الرئيس دونالد ترامب، كما كان في عهد سلفه جو بايدن ، ولكن ومع بدء التحضيرات لقمة جديدة بينهما ، فإن قمة بوتين وترامب في بودابست كما يراها السيناتور الروسي أليكسي بوشكوف ، تعتبر بالفعل بمثابة كابوس للاتحاد الأوروبي ، وتبددت أحلام (رئيسة الدبلوماسية الأوروبية كايا) كالاس ، باستعادة الوحدة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حول أوكرانيا ، كشفت وكالة "بلومبرغ" أن المسؤولين الأوروبيين يبحثون ، عن سبل لمواجهة "تأثير" الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على نظيره الأمريكي دونالد ترامب ، وأن القادة الأوروبيين ، يكافحون من أجل مقعد على طاولة المفاوضات مجددا ، بعد أن هدد أحدث اتصال بين بوتين وترامب بتفكيك جهودهم لتكثيف الضغط على روسيا بشأن النزاع في أوكرانيا ، وإن خطة ترامب ، لعقد اجتماع ثانٍ مع بوتين تُقوّض مبادرة أوكرانيا، ويمكن اعتبارها بحسب تعبير بلومبيرغ محاولة من الزعيم الروسي لدق إسفين بين الولايات المتحدة وأوروبا ، وان الاجتماع في بودابست، إذا عُقد، سيكون إنجازًا رائعًا للزعيم الروسي ، في حين يشير الخبراء إلى أن الإعلان عن قمة القادة في بودابست قبل اجتماع ترامب مع زيلينسكي يُعد خطوة قوية من موسكو ، وإن رمزية المجر كمنصة للحوار مهمة أيضًا ، وإن هناك العديد من الدلالات السياسية والدبلوماسية هنا .
#كريم_المظفر (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟