أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد مهدي غلام - (في البدءِ كانتِ المدينةُ نارًا)














المزيد.....

(في البدءِ كانتِ المدينةُ نارًا)


سعد محمد مهدي غلام

الحوار المتمدن-العدد: 8496 - 2025 / 10 / 15 - 14:03
المحور: الادب والفن
    


(مرثيّةُ المدينةِ المُشتهى)

في البدءِ كانتِ المدينةُ نارًا،
تُقايضُ الريحَ بطفولةِ الظلالِ،
تسقي الأزقّةَ دمعَ النيونِ سَرًّا،
وتزرعُ تحتَ الجلدِ خارطةً شَرَرًا

كانَ علينا أن نُعيدَ ضياءَنا،
أن نبدأَ اللعناتِ من شررِ الضياءِ،
نسألُ الخرائطَ: مَن سرقَ المدى؟
فتجيءُ الشاشاتُ بإعلاءِ البُهتانِ

تعرجُ الريحُ من حناجرِ شرقِنا،
تُطيّرُ الخيامَ والأبراجَ والملحا،
جناحانِ من ورقٍ يخطّانِ المدى،
وأبجديةٌ تُسقطُ القِممَ نارًا

أُضرمُ نارًا من عودِ الحزنِ بَطَأً،
وأُسمّي ظلّي: وجهَ مَن لا يُنتمي،
أنقشُ اسمي في زجاجِ الفراغِ صَمَتًا،
وأصوغُ من خوفي قبيلةً مُفتَعَلَا

دُبيَ: تمثالٌ من قشٍّ محشوٌّ،
وسريرُها بينَ كثيبينِ يتمطّى،
والسقفُ سقفُ قصيدةٍ مُهجورةٍ
لم تُقرأْ، فاختفتْ في العمقِ كالصدى

كلُّ الحروفِ سقوطُ خطوةٍ فجّةٍ،
كلُّ الحراكِ جراحُ معنًى منطفِي،
يمينُها جسدٌ يُبدّلُ لذّتَهُ،
والبسرُ يسكبُ ذاكرةً في المقصفِ

ينفجرُ القفلُ، ينفجرُ الصمتُ المهذَّبُ،
الشعرُ والجنسُ والعطشُ إلى الرؤى،
يُفتّحُ كلُّ شيءٍ، ثم يُنفى القيدُ،
أقولُ: أُغري المؤتفكاتِ بصمتِي

لكنَّ الكلمةَ الميّتَةَ في الشفاهِ
ليستْ شِفرةً تُفكُّ إلا بفعلٍ
مُشتهى لا يُنتظرُ، لا يُرجى،
اكتبوا! لا تُقلّدوا الشكلَ المُبتذَلَ

ولا تنسخوا ضوءَ الحجرِ المُقفَّلَ،
من المحيطِ إلى الخليجِ لم أرَ
إلا صوتَ تصويتٍ يُقصُّ كالخبرِ،
الكلمةُ أخفُّ من جناحِ فراشةٍ،

وأثقلُ من قنبلةٍ تُنزَلُ في الليلِ،
الفعلُ لحظةٌ تمضي، تذروها الريحُ،
والكلمةُ زمنٌ من ملحِ الجرحِ إذا ما
جفا، وتركَ في الفمِ طعمَ البُعدِ المُريرِ

الكلمةُ يدٌ تُقبّلُ مفصلَ الرؤيا،
وأنا أكتشفُكِ، يا نارِ، يا عاصمتي،
يا من تُؤجَّلينَ في كلِّ صباحٍ،
أكتشفُكَ، يا شعرُ، يا شظفَ الغبارِ

يا سرَّ الندى، أُغري مدائنَ صالحٍ،
تلبسُني وألبسُها، نشرُدُ كالضوءِ،
نسألُ: مَن يقرأُ الآنَ؟ ومَن يرى؟
أثمّةَ مدينةٌ فوقَ الألمِ قد بَنَتْ؟

نعم، إنها مدينةُ المُشتهى المُؤجَّلُ،
في دُبيَ لا شيءُ يُرى كما هوَ،
كلُّ شيءٍ أقنِعةٌ، كلُّ شيءٍ بُهتانُ

الحديدُ ليسَ قوّةً، والحريةُ ليست نارًا،
والإلهُ ليسَ في المعبدِ المُقفَّلِ،
يتحوّلُ الجسدُ إلى سلعةٍ مُدجَّلةٍ،

والصوتُ إلى سهمٍ يُرسلُ في الظلامِ،
والظلُّ إلى طابورٍ يُساقُ للمحرابِ،
والزيتُ إلى مذبحٍ يُصلَّى بالدمِ

الكودا

لا تُديني، بل أشهدُ اللغةَ على ما رأتْ:
أنَّ الحداثةَ ليستْ خلاصًا مُنتظرًا،
وأنَّ الجمالَ إن لم يكنْ حُرًّا،
يختنقْ في زجاجٍ مُغلقٍ كالقبرِ



#سعد_محمد_مهدي_غلام (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ( الأَمَلُ: شَجرَةٌ )
- (فِرَاقُ غَمَامَةِ الفَجْرِ)
- (الجسد والمكان والزمن في رؤيا آلهة الطوفان: قراءة ثقافية تكا ...
- (من الشكل إلى الدلالة: التأويل البصري والبنية التناصية في قص ...
- ( كَأَنَّنِي فِي مَجَازِ الكَوْنِ: أُغْنِيَةٌ)
- (موجوعَةٌ قَدَمي، وكُلِّي أنا وَجَعُ)
- (مِرْآةٌ فِي الرِّيحِ)
- ( غَيَّاب )
- (نظرية القراءة وجمالية التلقي لقصيدة -أنثى الرمّان في رؤيا آ ...
- (فقط شَهْوَة)
- (حين تنقر الزنابق شبابيك الخريف يشتعل الرُّضاب حتى وإن كان ف ...
- (أَحْلَامُ صَعْلُوكٍ)
- (حُلْمُ النُّهوض)
- 4//الدِكّاكُ أَرائِكَ المَنامْ والسَّماءُ تَقطُرُ ياقوتا
- 3//الدِكّاكُ أَرائِكَ المَنامْ والسَّماءُ تَقطُرُ ياقوتا
- (المدينة التي تأكل خيالها)
- 2//الدِكّاكُ أَرائِكَ المَنامْ والسَّماءُ تَقطُرُ ياقوتا
- (على تخوم الشَّمال ومَراتِع الخُزامى: نَزْوة)
- 1//الدِكّاكُ أَرائِكَ المَنامْ والسَّماءُ تَقطُرُ ياقوتا
- (سيميولوجيا الأهواء وتجلياتها في قصيدة -أنثى الرمّان وآلهة ا ...


المزيد.....




- -دليل الهجرة-.. رحلة جاكلين سلام لاستكشاف الذات بين وطنين ول ...
- القُرْنة… مدينة الأموات وبلد السحر والغموض والخبايا والأسرار ...
- ندوة في اصيلة تسائل علاقة الفن المعاصر بالمؤسسة الفنية
- كلاكيت: معنى أن يوثق المخرج سيرته الذاتية
- استبدال بوستر مهرجان -القاهرة السينمائي-.. ما علاقة قمة شرم ...
- سماع الأطفال الخدج أصوات أمهاتهم يسهم في تعزيز تطور المسارات ...
- -الريشة السوداء- لمحمد فتح الله.. عن فيليس ويتلي القصيدة الت ...
- العراق يستعيد 185 لوحا أثريا من بريطانيا
- ملتقى السرد العربي في الكويت يناقش تحديات القصة القصيرة
- الخلافات تهدد -شمس الزناتي 2-.. سلامة يلوّح بالقضاء وطاقم ال ...


المزيد.....

- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد مهدي غلام - (في البدءِ كانتِ المدينةُ نارًا)