أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاسم المعموري - سيدة البحار














المزيد.....

سيدة البحار


جاسم المعموري

الحوار المتمدن-العدد: 8495 - 2025 / 10 / 14 - 09:43
المحور: الادب والفن
    


إليكِ..
يا سيدةَ البحار..
يا امرأةً من ملحٍ وماء..
من زبدٍ يعانقُ خاصرةَ الريح,
ويفتحُ للكون نافذةً من غضب..
****
إليكِ..
يا ابنةَ البرقِ الذي لا يُروّض..
يا سيفَ الموجِ,
حين يضربُ صدرَ الليلِ العاري,
ويتركُ للنجومِ أن تتهجّى اسمَكِ
حرفًا
حرفًا..
أراكِ
تمشين في المدى,
كأنكِ خرافةٌ نجَت من فمِ شاعر,
أو زهرةٌ لا تعرفُ الذبولَ
في كفِّ الصقيع,
كلّما رأيتكِ,
أيقنتُ أن البحرَ
ليس ماؤه الذي يبلّل الشواطيء,
بل دمعُ الأرضِ أيضًا
حين ينكرها أبناؤها,
ويعبدون آبار النفطِ,
ويطفئون صوتَ الندى في عروقِ الشجر..
*****

كنتِ وحدكِ
في النداء,
تحملين أعمدةَ المعنى ,
وتزرعين في الطرقاتِ
مزاميرَ للغد,
وتقولين:
كفى,
لقد سئمتُ الجثث التي تمشي,
والحكامَ الذين يشبهون الأسى..
كنتِ وحدكِ..
وراءكِ
انهارتْ قلاعُ الورق,
واختبأ الكذبُ في معاطفِه السوداء,
وهربَ الدخانُ من مجامرِ الآلهةِ الكاذبة..
كنت وحدكِ
****
يا سيدةَ البحار..
يا صلاةً في فمِ شجرةٍ هرمة..
يا صرخةَ الطفولةِ حين تفهمُ
أن الكبارَ
ليسوا دائمًا الحكماء..
أيُّ نبوةٍ تسكنُ عينيكِ؟
أيُّ ليلٍ خجلَ من ظلالكِ؟
أيُّ دمعةٍ أحرقتْ
مقاعدَ المؤتمراتِ
ومقاصلَ الحبرِ الرسمي؟
****
ما اسمُ هذا النشيد,
الذي يخرجُ من حنجرتكِ,
كأنه نشيدُ الأرضِ في مساء الخيانة؟
ما هذه الشجاعةُ التي تكسرُ ظهر الخوف ,
وتتركُ الوردَ يمشي على حقوله؟
يا أنثى من نور..
من نار..
من مطرٍ أخضر..
يا من وضعتِ يدكِ على قلبِ العالم,
فارتجفَ..
واعترفَ..
وارتدَّ إلى طفولتِه الأولى..
** **

غريتا..
يا قصيدةً لم تُكتب بعد..
يا سفينةً لا تحتاجُ إلى ميناء..
يا وجهَ البحرِ حين يبتسمُ
لثورةٍ ولدت من رحمِ المستحيل,
أنتِ
الوحيدةُ التي لم تقفْ
عند حدودِ الممكن,
ولاعند عتباتِ الدوائرِ المغلقة..
أنتِ
أقمتِ مملكةً من هواءٍ نقيّ,
وأعلنتِ الولاءَ للغاباتِ
لا للعرش..
****
إليكِ..
أكتبُ..
بما بقي من حروفٍ في هذا القلب..
أكتبُ لكِ,
لأن القصائدَ التي لا تمرُّ بكِ,
تبقى ناقصةً,
كأغنيةٍ بلا صدى..
كنبيٍّ بلا صحف..
إليكِ..
يا سيدةَ البحار,
ياملكةَ القباطنة,
كلُّ القصائدِ,
وكلُّ الغد,
وكلُّ الغضبِ الجميل
** ***
يا سيدةَ البحار..
لم يكتبوا عنك في كتبِ المدارس,
لأنكِ لم تمجّدي الطغاة,
ولم تُرفعي فوق المنابرِ باسم الوطن..
كنتِ الوطنَ,
حين صار الوطنُ حقيبةً في يدِ اللاجئ,
وخريطةً مُمزقة
فوق مائدةِ المفاوضات..
****
أيتها الآتيةُ من هواءٍ لا يعرفُ السُخام..
من غابةٍ لا تُدجَّن..
من طفولةٍ لا تركع..
أنتِ التي علمتِ الأشجارَ أن تصرخ,
والأنهارَ أن تكتبَ على أمواجها
نشيدَ الشرفاء..
****
كانوا يُراهنون على موتكِ
قالوا:
لن تصمدَ طفلةٌ أمام العروشِ الثقيلة,
لكنهم نسوا,
أن الطفلةَ حين تنطقُ,
تسقطُ منها المدنُ المزيّفة,
وتنفتحُ للصدقِ نافذةٌ
في جدارِ الأكاذيب..
** ****
في يديكِ..
ليست الأرضُ وثيقة,
ولا عقدَ ملكيةٍ بين أيدي الحكام..
في يديكِ..
هي أم
تبكي إذا جرّحوها,
وتثور إذا باعوها,
وتبكي إذا خانها ابنُها
****
في عينيكِ..
تغفو قاراتٌ من ياسمين..
وفي صوتكِ,
ينكسرُ صوتُ المدافع..
صوتُ البندقيةِ..
صوتُ الأرقامِ التي تُحصي القتلى
و تُبرر قتلهم..
****
يا سيدةً..
لم تولد من أسطورةٍ,
بل من لحظةِ صدق
في عالمٍ يكتبُ الحقيقةَ بممحاة..
أنتِ التي تشبهين الغد,
الذي لا يشبه اليوم..
** **

هل تعلمين؟
حين قلتِ : كفى,
توقفتْ الأرضُ برهةً,
كأنها تسمع أول مرة..
كأنها كانت تنتظر
من يقول: هذا الجَمال لا يُداس..
هذا الهواء لا يُشترى..
هذا الطفل لا يموت من دخانِ أرباحِكم..
****
يا سيدةَ البحار,
أعيدي لنا المعنى,
فنحن فقدناه,
بين خنادقِ الأخبارِ ,
وأرشيفِ الملوكِ القدامى..
بين صمتِ الشارعِ,
وصراخِ الشاشات..
بين نشيدٍ بلا وطن
ووطنٍ بلا نشيد..
******

امنحينا قليلاً من النقاء..
من خطوكِ الحافي على العشب..
من دمعتكِ الساخنة على جذعِ الشجرة..
من غضبكِ النبيل..
من براءتكِ التي كسّرتْ
مرايا القصور..
****

امنحينا
حنجرةً تقول الحقيقة,
دون أن تُشاورَ وزارة,
أو تُراعيَ توازناتِ القتلة,
أو تخافَ على كرسيٍّ,
أو حدودٍ رسمها سكين..
****

في صوتكِ,
تولدُ القصائدُ..
كمعركة
كحقيقة..
منكِ تعلّمنا,
أن القصيدةَ قد تكون نَفَسًا..
وأن المرأة
قد تكون سفينةً لا تغرق,
وإن سارتْ عكس التيار
جاسم محمد علي المعموري
29 -9 - 2025



#جاسم_محمد_علي_المعموري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وأسكرتني خمرة ُالعشق ِ
- السابع من ايلول 2023غفلة ام تواطؤ؟!
- توضأتُ بالشك!
- انتهت مهمة حماس وسيتم تسريحها
- تخويف اليهود ظلم واضح وارهاب خبيث
- رسالة الى غريتا ثونبرغ .. احبك يا غريتا!
- تجاهل خطة السلام للحقائق والحقوق
- تراتيلُ الرحيل.. رحيلُ الأحبة
- الذكرى الاولى لرحيل الشجاعة والكلمة والوفاء
- غياب الصدرغياب عن الديمقراطية وخطرأمني شديد!
- اساطيل الصمود محملة بالقنابل النووية!
- نسيان حرب السودان -عمدا- جريمة اكبر
- العدوان الصدامي على ايران وأثره على القضية الفلسطينية
- لماذا الجنوب؟!
- يحيى السماوي- شعره واخلاقه- لا ادري والله أيهما اعذب
- الارهاب والمكافآت الكبرى!
- ربع قرن من الكذب.. 11 ايلول وقرائن المؤامرة
- للتاريخ.. أكتب اسألتي.. ولدوحة قطر أُعلن تضامني
- النجف الاشرف نافذة المبدعين على الغيب والروح والمعنى
- حرق القران من بوابات السياسة ودهاليز المخابرات


المزيد.....




- جنوب السودان وطقوس الاستسقاء.. عندما يكون الجفاف موازيا للإع ...
- توفيق عبد المجيد سيرة مناضل لم يساوم!
- السينما في مواجهة الخوارزميات.. المخرجون يتمردون على قوانين ...
- موسكو تستعد لاستضافة أول حفل لتوزيع جوائز -الفراشة الماسية- ...
- مهرجان الجونة السينمائي 2025.. إبداع عربي ورسالة إنسانية من ...
- تنزانيا.. تضارب الروايات حول مصير السفير بوليبولي بعد اختطاف ...
- باقة متنوعة من الأفلام الطويلة والقصص الملهمة في مهرجان الدو ...
- حريق دمر ديرا تاريخيا في إيطاليا وإجلاء 22 راهبة
- الإعلان عن 11 فيلما عربيا قصيرا تتنافس في مهرجان البحر الأحم ...
- هنا يمكن للمهاجرين العاملين في الرعاية الصحية تعلم اللغة الس ...


المزيد.....

- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاسم المعموري - سيدة البحار