أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - جاسم المعموري - تخويف اليهود ظلم واضح وارهاب خبيث















المزيد.....

تخويف اليهود ظلم واضح وارهاب خبيث


جاسم المعموري

الحوار المتمدن-العدد: 8483 - 2025 / 10 / 2 - 22:21
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


بكل حزن واستنكار, أشجب بأقسى العبارات الجريمة الإرهابية التي وقعت اليوم في لندن ,وأودت بحياة اثنين من المواطنين اليهود الأبرياء .. إن استهداف الأبرياء من اي ديانة كانوا او خلفية هو عمل جبان لا يمت للإنسانية بصلة, ولا أستبعد أن تكون وراء هذه العملية يد صهيونية خبيثة , تهدف إلى تخويف اليهود المناصرين للقضية الفلسطينية وزرع الفتنة وتأجيج الكراهية كما فعلت مرارا في التاريخ لتبرير سياساتها وممارساتها. إن الدماء البريئة لا يجب أن تُستثمر سياسيا, وموقفنا سيبقى دائما مع الضحية ضد الجلاد ومع الحقيقة ضد التلاعب والخداع, فاليهودية غير الصهيونية وذلك عندما نتأمل في الخطاب القرآني حول بني إسرائيل نلحظ ان الذم الوارد في بعض الآيات لا يتجه إلى عموم اليهود كأتباع ديانة سماوية, بل يوجه النقد إلى فئة من بني إسرائيل خالفت التعاليم الإلهية ,وتنكرت لشرائع أنبيائها وسعت في الارض فسادا, ومارست الظلم والتكبر والعصيان , وقد اتفق المفسرون والباحثون على أن هذا الذم لا يحمل طابعا عنصرياً ,بل يعالج حالات سياسية واجتماعية ودينية محددة ارتبطت بمرحلة تاريخية معينة, وتكررت في أنماط مختلفة على مر العصور, ولذا فإن استحضار هذه الآيات لتبرير العداء العام لليهود كدين و كأفراد هو اساءة لا تتفق مع روح الإسلام, ولا مع عدالته لأن الاسلام يقر بوجود الديانات الاخرى ويؤمن بأن اليهودية دين سماوي جاء به النبي موسى عليه السلام ومن هنا فإن التمييز بين اليهودية كدين والصهيونية كحركة سياسية هو تمييز ضروري لفهم الواقع المعاصر وتحديد المواقف الاخلاقية والسياسية تجاه ما يجري في فلسطين.
الصهيونية نشأت في أواخر القرن التاسع عشر كحركة قومية سياسية تستهدف إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين, متذرعة بالدين وبتاريخ طويل من الاضطهاد الذي تعرض له اليهود في أوروبا, إلا ان هذه الحركة لم تمثل جميع اليهود منذ نشأتها بل واجهت رفضا من طوائف يهودية كثيرة رأت في الصهيونية انحرافا عن جوهر الدين اليهودي الذي يدعو إلى السلام والتواضع والعيش المشترك, بل واعتبرتها حركة علمانية تسعى لاستغلال الدين لتحقيق اهداف استعمارية ومن هؤلاء جماعة ناطوري كارتا التي لا تزال حتى اليوم تعلن رفضها لقيام دولة إسرائيل وترى ان هذا الكيان السياسي لا يمثلها ولا يمثل الديانة اليهودية الحقة ويؤمن افراد هذه الجماعة ان العودة إلى فلسطين لا تتم إلا بعد مجيء المسيح المنتظر ع وان ما تفعله الصهيونية هو استعجال لقدر إلهي واعتداء على مشيئة الله..
في السياق نفسه لا يمكن تجاهل الدور الذي يقوم به يهود معاصرون في مناهضة الاحتلال الإسرائيلي, وفي دعم القضية الفلسطينية سياسيا وإعلاميا وإنسانيا ,فمنهم من يشارك في مظاهرات تندد بجرائم الجيش الإسرائيلي , ومنهم من ينضم إلى حملات كسر الحصار عن غزة, ومنهم من يخاطر بوظيفته ومكانته في مجتمعه من أجل قول كلمة حق, ومنهم من يدفع ثمن مواقفه طردا وتهديدا وتشويها وتحريضا من قبل لوبيات صهيونية لا تقبل أي صوت يهودي معارض لسياستها العنصرية, وقد شهدنا خلال العدوان المتكررعلى قطاع غزة أصواتا يهودية ترتفع في كل من نيويورك ولندن وباريس وتل أبيب نفسها, تندد بالقتل وتدعو إلى وقف إطلاق النار وتحمل الحكومة الاسرائيلية مسؤولية ما يحدث وتؤكد أن معاداة الصهيونية ليست معاداة للسامية ,وإنما تعبير عن رفض الظلم والاحتلال والتمييز العنصري.
إن النظر إلى اليهود ككتلة واحدة يحملون المسؤولية الجماعية عن افعال حكومة اسرائيل, هو نوع من الظلم الذي يشبه ما فعله النازيون حينما عاملوا اليهود كجماعة متهمة بالجملة, وهو ايضا تجاهل للتنوع الهائل داخل المجتمعات اليهودية من حيث الفكر والمواقف والمرجعيات الثقافية والسياسية والدينية, فهناك يهود علمانيون ويهود إصلاحيون ويهود أرثوذكس ويهود ضد الصهيونية ويهود مع حقوق الفلسطينيين , وهناك من ولدوا في بيئة صهيونية ثم اكتشفوا لاحقا زيف السردية الرسمية وتحولوا إلى نشطاء حقوقيين يدافعون عن الفلسطينيين داخل الاراضي المحتلة, وفي المحافل الدولية ,هؤلاء لا يجوز وضعهم في خانة الاعداء بل ينبغي التعامل معهم كحلفاء للعدالة وكشركاء في النضال من أجل إنهاء الاحتلال وتحقيق السلام العادل والشامل , ومن المؤسف أن تتسرب احيانا بعض الخطابات العاطفية الغاضبة التي تخلط بين العدو السياسي والمخالف الديني, فتقع في فخ العنصرية والتعميم , وتفتح الباب لتجريم التعاطف مع اليهود المناهضين للصهيونية , وهذا أمر خطير لأنه يخدم الدعاية الصهيونية التي تسعى لإقناع العالم بأن كل من يهاجم اسرائيل انما يهاجم اليهود كيهود, وبالتالي تسعى لتجريم كل اشكال الانتقاد حتى لو كانت مبنية على وقائع حقوقية وإنسانية .. ان المعركة الحقيقية ليست مع الديانة اليهودية ولا مع اتباعها وانما مع النظام الاحتلالي الذي يمارس القتل والتهجير والاستيطان والحصار باسم حماية اليهود ,بينما هو في الحقيقة لا يحميهم بل يضعهم في صراع دائم مع محيطهم, ويستخدمهم كذريعة للاستمرار في سياساته العدوانية, وهذا ما يدركه عدد متزايد من اليهود الذين يرون أن وجودهم الآمن لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال العدالة للفلسطينيين ومن خلال إنهاء الاحتلال والاعتراف بحقوق الآخر..
لقد اصبح من الواجب الاخلاقي والسياسي ان نفرق بوضوح بين الصهيونية كحركة استعمارية توسعية, وبين اليهودية كدين سماوي له أتباعه وطقوسه وتعاليمه, ولا بد ان نتعلم كيف ندير خلافاتنا السياسية دون الوقوع في فخ الكراهية الدينية, فكما نرفض ان يتم الخلط بين المسلمين والجماعات المتطرفة التي تقتل باسم الإسلام, علينا ايضا ان نرفض ربط اليهود كلهم بالاحتلال الاسرائيلي.. ان الوقوف مع الحق لا يتطلب شيطنة الآخر, وإنما يتطلب فهمه والتواصل معه والعمل المشترك من أجل بناء عالم أكثر عدلا وسلاما, وهذا يتطلب وعيا عميقا ومعرفة دقيقة وموقفا انسانيا صادقا يتجاوز الصور النمطية والشعارات الانفعالية..
وفي الختام علينا ان نتذكر أن معركتنا ليست مع دين ولا مع عرق, بل مع ظلم واستبداد واحتلال, ومهما طال الزمن فإن الحق لا يموت , وانصاره لا يُحشرون بجنسية أو ديانة بل بما يقدمونه من مواقف وتضحيات وشهادات حية تنحاز إلى المظلوم وترفض ان تكون جزءا من آلة القمع والعدوان, ولذا فإن كل يهودي يقف اليوم ضد الاحتلال وضد الجرائم التي ترتكب باسم شعبه, هو في الحقيقة جزء من نضالنا ومن واجبنا أن نحترمه ونحميه ونمد جسور التعاون معه, فالقضية الفلسطينية ليست فقط صراعا على الارض ,بل هي معركة ضمير إنساني عالمي تتطلب أن يصطف الشرفاء من كل الأديان وكل القوميات في خندق واحد ضد الظلم, من أجل فلسطين , ومن أجل مستقبل تنعم فيه كل الشعوب بالحرية والكرامة والعدالة..
جاسم محمد علي المعموري



#جاسم_محمد_علي_المعموري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة الى غريتا ثونبرغ .. احبك يا غريتا!
- تجاهل خطة السلام للحقائق والحقوق
- تراتيلُ الرحيل.. رحيلُ الأحبة
- الذكرى الاولى لرحيل الشجاعة والكلمة والوفاء
- غياب الصدرغياب عن الديمقراطية وخطرأمني شديد!
- اساطيل الصمود محملة بالقنابل النووية!
- نسيان حرب السودان -عمدا- جريمة اكبر
- العدوان الصدامي على ايران وأثره على القضية الفلسطينية
- لماذا الجنوب؟!
- يحيى السماوي- شعره واخلاقه- لا ادري والله أيهما اعذب
- الارهاب والمكافآت الكبرى!
- ربع قرن من الكذب.. 11 ايلول وقرائن المؤامرة
- للتاريخ.. أكتب اسألتي.. ولدوحة قطر أُعلن تضامني
- النجف الاشرف نافذة المبدعين على الغيب والروح والمعنى
- حرق القران من بوابات السياسة ودهاليز المخابرات
- استراليا تطرد سفير ايران .. من المستفيد؟!
- مجنون يتنبأُ بالغضب العارم!
- غزة المجوعة بين صرخات الجياع ومسرحيات مجلس الامن!
- جرائم الحرب في غزة ومسؤولية المحتلين
- رسالة هامة الى حكومة لبنان والمقاومة .. السلاح كوسيلة للمقاو ...


المزيد.....




- -أفضل صديقين للأبد-.. عودة تمثال ترامب وجيفري إبستين إلى ناش ...
- الأمير ويليام: سأُغيّر في النظام الملكي عندما أصبح ملكاً
- شرق ألمانيا .. سخط على السياسة وانتخاب للمتطرفين فما الحل؟
- مهاجرون يفكرون بمغادرة شرق ألمانيا نحو غربها.. ما الأسباب؟
- ألمانيا تحيي الذكرى الـ 35 لسقوط جدار برلين و-انتصار الحرية- ...
- بعد 35 عاما على الوحدة.. هوة كبيرة بين شرق ألمانيا وغربها!
- ألمانيا: استئناف الرحلات في مطار ميونيخ بعد تعليقها لساعات إ ...
- الاحتجاجات في المغرب: حركة -جيل زد 212- تطالب باستقالة الحكو ...
- رحلة العراق نحو الاستقلال بين التاريخ والجدل
- -لن أفعل ذلك بعد الآن-.. بوتين -يمزح- بشأن توغلات المسيرات ا ...


المزيد.....

- حين مشينا للحرب / ملهم الملائكة
- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - جاسم المعموري - تخويف اليهود ظلم واضح وارهاب خبيث