أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاسم المعموري - تجاهل خطة السلام للحقائق والحقوق














المزيد.....

تجاهل خطة السلام للحقائق والحقوق


جاسم المعموري

الحوار المتمدن-العدد: 8481 - 2025 / 9 / 30 - 22:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


خطة السلام التي اعلن عنها مؤخرا بين ترامب ونتياهو والتي ترسمها المصالح, هي قناعٍ لهيمنة تتلبّس ثوب العدالة, حيث تخرج الخطة من رحم العقل الأمريكي كأنها قدر لا بد أن يُتبع, لا يهم إن كانت بنودها ناقصة ,أو محشوة بالمفارقات والثغرات, لا يهم إن تجاهلت جرح الضفة و جريمة الاستيطان المستمرة فيها ,او الدولة الفلسطينية المزعومة المغيبة , ما يهم هو ان يتوقف الموت ويبدأ الاعمار, ولكن تُمسح الذاكرة ,ويُعاد رسم التاريخ بتجاهل الحقائق وابرام الصفقات.
في هذا المشهد يبدو ترامب كصانع سلام, لكنه سلامٌ لا يشبه السلام, بل هو شكل آخر من اشكال الغزو الناعم ليس بالدبابات, بل من خلال البنود التي اعلنوا عنها ليلة البارحة ,كل بند يُفرَغ من قضيته المركزية ليُعبَّأ بلغة التقنية والرقابة ,والحدود المحكمة, وكأن الحل يكمن في إعادة تشغيل الكهرباء لا في الاعتراف بالجذر الاساسي , في تطهير المياه لا في تطهير الارض من المحتل.. الخطة تعبر فوق فكرة الدولة كأنها غير ضرورية, كأن السيادة لامعنى لها إذا تم استبدالها بالمساعدات ,واذا ما تم تعيين شرطة لحفظ الامن الداخلي, وكأن التحرر مجرد ادارة شؤون يومية, وكأن حق العودة نكتة, وكأن تقرير المصير مسألة لوجستية لا اخلاقية, وكأن الاحتلال لا يحتاج الى ادانة ,بل الى تنظيم وتسوية و(اعادة تأهيل)..
ومع كل هذا يُقال إن الحرب ستنتهي ,لكنها لن تنتهي إلا ببدء نوعٍ جديد من الهيمنة اكثر نعومة, لكنه لا يقل فتكا عنها.. فيُحكم على المقاومة بالموت مرتين, مرة بالصواريخ والقنابل,ومرة بالتشويه الاخلاقي.. مرة بالتدمير , ومرة بالمحو من السرديّة.. نتنياهو حقق ما أراد وخرج من الحرب أكثر قربًا من التطبيع الشامل , وأكثر بُعدًا عن المساءلة, نزع سلاح غزة ونزع معنوياتها وبدّل خطابها من مقاومة إلى تسوية, والكل من حوله يغنّي لمرحلة ما بعد الحرب, كأن ما كان كان ,وهكذا تسير الرواية..
أما حماس فقد قادت المشهد الى حيث لا ينبغي, الى متاهة غامضة بين مؤامرة وغباء, بين نوايا لم تُحسَب, ونتائج لم تُحتمَل ,ما فعلته لم يكن فقط انتكاسة عسكرية ,بل كان زلزالا مفاهيميًّا عظيما للقضية كلها, لأنها جرّت محور المقاومة في كل المنطقة الى حافة السقوط أو الانكفاء, او إعادة التعريف وربما إلى المجهول, ولم اعد اثق بنزاهتها ,ولدي من القرائن ما يريح ضميري, اما الأدلة فالزمن كفيل بكشفها, ولكن بعد ان يخف او ينتهي ألم الخيانة, وتبرد قلوب الضحايا ,وتنشغل الامة بحرب جديدة..
في المنتصف يقف الفلسطيني المنهك بين خرابين, خراب الصواريخ, وخراب التسويات.. بين يأسٍ عسكري.. ويأس سياسي.. بين مشروع وطن يذوي.. ومبادرات تعيد تدوير الاحتلال بحجة الحداثة والاستقرار, فيسأل اين ذهبت الدولة؟.. أين ذهب القانون الدولي؟.. أين ذهب حق العودة؟.. ولماذا أصبحت المقاومة عبئاً بدل ان تكون شرفا؟.. ولماذا اصبحت التسوية خيارا بلا بدائل؟.. ولماذا يُطلب منه دوما أن يكون عقلانيا, فيما يُطلب من جلاده ان يكون فقط واقعيا؟..
وهنا تبرز الأسألة المهمة ليس لتقدم حلولا ,بل تبحث عن اجوبة لن يجيب عنها احد , ما معنى السلام ان لم يكن عادلا؟ ما معنى الامن ان كان للمعتدي المحتل فقط؟ ما معنى السياسة ان لم تكن اخلاقية؟ ما معنى ان تُرسم خارطة لغزة ,وتُمحى خارطة لفلسطين كلها؟ ما معنى ان يُمسك ترامب بغزة من خلال ما يسمى (مجلس السلام), وكأنها مقاطعة امريكية تحت رئاسته؟ وما معنى ان تُدار الحروب كما تُدار الشركات؟, وأن تُقاس المعاناة بالأرقام ,وان تُبرر الخسائر بالفرص؟
الخطة ليست سوى قناع لبنية استعمارية قديمة متجددة تُدار بأدوات حديثة, لكنها تحتفظ بجوهرها النهم للسيطرة والسيادة, لا تحتاج إلى جندي واحد على الارض, اذا كانت تملك كل مفاتيح المال والاعلام والتحكم بالمساعدات والحدود والشرعية الدولية.
وهكذا يستمر الصراع ليس كصراع جيوسياسي فقط ,بل كصراع وجودي بين ذاكرة يراد لها ن تُمحى, وبين وعي يُراد له أن يُستبدَل.. بين قضية تُختزل في ورقة, وبين شعب يُراد له أن ينسى.. ان الوطن ليس مشروعًا استثماريا قابلا للإدارة, بل كينونة لا تُقاس بالبند أو البندين أو العشرين بندا, بل تُقاس بما لا يمكن تفصيله في الخُطط ,لأن هذه الكينونة أكبر من الورق وأعمق من السياسة..
جاسم محمد علي المعموري



#جاسم_محمد_علي_المعموري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تراتيلُ الرحيل.. رحيلُ الأحبة
- الذكرى الاولى لرحيل الشجاعة والكلمة والوفاء
- غياب الصدرغياب عن الديمقراطية وخطرأمني شديد!
- اساطيل الصمود محملة بالقنابل النووية!
- نسيان حرب السودان -عمدا- جريمة اكبر
- العدوان الصدامي على ايران وأثره على القضية الفلسطينية
- لماذا الجنوب؟!
- يحيى السماوي- شعره واخلاقه- لا ادري والله أيهما اعذب
- الارهاب والمكافآت الكبرى!
- ربع قرن من الكذب.. 11 ايلول وقرائن المؤامرة
- للتاريخ.. أكتب اسألتي.. ولدوحة قطر أُعلن تضامني
- النجف الاشرف نافذة المبدعين على الغيب والروح والمعنى
- حرق القران من بوابات السياسة ودهاليز المخابرات
- استراليا تطرد سفير ايران .. من المستفيد؟!
- مجنون يتنبأُ بالغضب العارم!
- غزة المجوعة بين صرخات الجياع ومسرحيات مجلس الامن!
- جرائم الحرب في غزة ومسؤولية المحتلين
- رسالة هامة الى حكومة لبنان والمقاومة .. السلاح كوسيلة للمقاو ...
- وجهان لواقع واحد .. بوتن وترامب في عالم مضطرب.. رؤية شاملة
- بين الأمل في السلام ومخاطر التصعيد النووي .. ترامب وبوتين يل ...


المزيد.....




- انفصال نيكول كيدمان وكيث أوربان بعد زواج دام قرابة 20 عامًا ...
- -صورة العمر الجديد-.. أنغام تتألق في -رويال ألبرت هول-.. الأ ...
- تحذيرات للسكان وإقفال المدارس.. تفعيل الإنذار الأحمر في مناط ...
- لأول مرة منذ نحو 6 سنوات.. واشنطن على أبواب إغلاق حكومي وترا ...
- إيطاليا تنسحب من مرافقة -أسطول الصمود- المتجه إلى غزة
- ولية عهد هولندا ووريثة العرش الأميرة أماليا تبدأ الخدمة العس ...
- الحكومة المغربية تعرب عن تفهمها للمطالب الاجتماعية وتؤكد است ...
- أمريكا: هل يتوجه ترامب نحو عسكرة السياسة؟
- إيران: عودة العقوبات بعد عشر سنوات؟
- توقيف ابنة الرئيس السابق زين العابدين بن علي في فرنسا بطلب م ...


المزيد.....

- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاسم المعموري - تجاهل خطة السلام للحقائق والحقوق