أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاسم المعموري - وجهان لواقع واحد .. بوتن وترامب في عالم مضطرب.. رؤية شاملة















المزيد.....



وجهان لواقع واحد .. بوتن وترامب في عالم مضطرب.. رؤية شاملة


جاسم المعموري

الحوار المتمدن-العدد: 8435 - 2025 / 8 / 15 - 16:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


1 – نظرة أولية :
في عالمٍ تتقاطع فيه الإرادات الكبرى وتتنازع فيه الأمم على النفوذ والهوية والثروات، يبدو الإنسان أكثر من أي وقت مضى مخلوقًا سياسيًا يعاني من قلق وجودي مستمر، تتنازعه رغبات السيطرة والخوف من الفناء. ومنذ فجر الحضارات، كان اللقاء بين القادة حدثًا يتجاوز لحظته ويصوغ مسارات تاريخية جديدة, وعندما يلتقي زعيمان مثل ترامب وبوتين، لا يكون الأمر مجرد نقاش سياسي أو مناورة ديبلوماسية، بل يبدو وكأنه لحظة تصادم بين رؤيتين للكون وللسلطة وللمصير البشري ذاته. اللقاء المرتقب بين هذين الرجلين في ولاية ألاسكا، هذه الأرض المتجمدة التي تفصل الجعرافيا لكنها قد توصل الأفكار، يحمل في طياته ثقل قرارات قد تغيّر مصير العالم. ففي ظل التهدبدات النووية المتصاعدة، والحروب المتجددة في أوكرانيا والشرق الأوسط، والتوتر المكتوم مع الصين، نجد أنفسنا أمام مفترق طريق اخلاقي أكثر منه سياسي. هل يمكن لزعيمين مثقلين بإرث القوة والنزعة الفردانية أن يتجاوزا غواية التفوق ليفتحا بابًا نحو العقل والحكمة؟ أم أن غرور السلطة سيقودنا مرة أخرى إلى جحيم بشري من صنع أيدينا؟ هذا المقال ليس تحليلاً سياسيًا تقليديًا، بل رحلة تأملية في طبيعة السلطة والنزاع، وفي جدوى الحوار، وفي تلك المسافة الرهيفة بين الحكمة والكارثة..
حين نتأمل شخصيتي بوتين نرامب، لا نقرأ فقط سيرة رجلين اعتليا سدة الحكم في لحظات مضطربة، بل نقرأ وجهين مختلفين لوحشٍ واحد اسمه السلطة. بوتين، القادم من أروقة المخابرات السوفيتية، يحمل في روحه ثقل الإمبراطورية الغاربة وحلم القيصر العائد من رماد التاريخ. أما ترامب، ابن الرأسمالية المتغطرسة، فهو تجسيد صارخ للفردانية الأمريكية الجامحة، التي ترى العالم حلبةً للمكسب والخسارة، لا ميدانًا للتعايش أو الحوار. ومع ذلك، فإن كليهما يشتركان في تلك النزعة السلطوية ، إلى فرض الذات على العالم كما لو أن العالم مجرد مرآة يجب أن تعكس صورة القائد.
في خطاباتهما، في قراراتهما، في ردود أفعالهما، ليس من المستغرب أن يجد كل منهما في الآخر تحديًا وشبهًا في آنٍ واحد. بوتين يرى في ترامب زعيمًا غير منضبط، أقرب إلى الفوضى التي تهدد بالنشاز، لكنه يقدّره لأنه لا يخفي نواياه. وترامب يرى في بوتين خصمًا جديرًا بالاحترام، رجلًا قويًا لا يعبأ بالتقاليد، يخلق قانونه بنفسه، ويضرب دون أن يعتذر. الاثنان يستحضران فينا سؤالًا مهما ومؤلمًا: هل الإنسان إذا ما أوتي سلطةً بلا رادع (كنتنياهو مثلا)، هل يغدو بالضرورة خطرًا على العالم؟ أم أن وجود الشر في الحكم (كحكم الصهاينة مثلا)هو ثمن لا بد منه لبقاء النظام؟
( ان الملوك اذا دخلوا قرية افسدوها وجعلوا اعزة اهلها اذلة)1 ما يجعل هذه الشخصيات مثيرة للقلق أنها لا تؤمن بالحدود الأخلاقية للقرار السياسي، بل تنطلق من مبدأ أن الغاية تبرر الوسيلة، وأن التاريخ لا يذكر إلا المنتصرين لكن السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: أي تاريخ؟ تاريخ الخلاص أم تاريخ الخراب؟ وإذا كانت أيدي هؤلاء القادة تكتب مصيرالانسانية ، فهل نحن إلا احجار شطرنج على طاولة لعبهم ؟ أم أن بوسع الشعوب أن تكون أكثر من مجرد متفرج على مسرحية يتكرر فيها الجنون تحت قناع السيادة؟
2- اوكرانيا :
في صمت الحقول الأوكرانية، حيث تختلط التربة بذاكرة الدم، تلك الحقول التي تطعم العالم خبزا , تدور رحى واحدة من أكثر الحروب تعقيدًا في التاريخ المعاصر، لا بوصفها صراعًا حدوديًا تقليديًا، بل كساحة مفتوحة لامتحان الإرادات الكبرى واختبار معنى السيادة في زمن لم يعد يعترف بمفاهيم الاستقلال البريئة. أوكرانيا، هذه الأمة الواقعة بين نقيضيْن جيوسياسييْن، لم تختر أن تكون مركز العاصفة، لكنها وُضعت هناك كما تُوضع القطعة الأخيرة في رقعة شطرنج لا ترحم، فاوربا جعلت منها خط تماس اول لحلف شمالها الاطلسي , فيما راحت امريكا تزودها بما تحتاج من مال وسلاح , وها هي تؤدي دورها الكامل في دراما كتبَ نصها من لا يسكنون أرضها، ولا يفهمون ألمها.
ما يحدث هناك ليس فقط نزاعًا على الأرض أو النفوذ، بل هو صراع على الهوية، صراع بين رؤيتين للعالم لا يمكن التوفيق بينهما دون تنازل جوهزي من أحد الطرفين. روسيا ترى في أوكرانيا امتدادًا لنفسها، ظلاً تاريخيًا لا يجوز له أن يستقل، وصوتًا لا يجب أن ينفرد بالقرار. أما الغرب، بقيادة الولايات المتحدة، فيراها جدارًا أماميًا ضد طموحات الشرق، ورمزًا لانتصار الديمقراطية على أنقاض الأوتوقراطية. في خضم هذا الشد والجذب، تُسحق المدن، وتضيع الأحلام، ويتحول البشر إلى أرقام في تقارير إخبارية لا تحمل من إنسانيتهم سوى أسماء لا تُنطق جيدًا في لغات الشعوب البعيدة.
الحرب ليست إلا امتدادًا للسياسة بوسائل أخرى (كلاوزفيتز)2. لكن ما يغفله هذا التعريف هو أن تلك "الوسائل الأخرى" لا تقتصر على الدبابات والطائرات بل تشمل أيضًا الحرب على الحقيقة، على الذاكرة، على معنى أن تكون هناك أمة. فحين تتصارع الإمبراطوريات على أوكرانيا، فإنها في الواقع تتصارع على صياغة سردية العالم: من يحق له أن يحكم، من يحق له أن يقرر، ومن يُسمَح له بأن يعيش دون إذن.
إن ما يجعل المأساة الأوكرانية أكثر قسوة هو أنها ليست فقط مأساة شعب، بل هي مأساة الإنسانية جمعاء التي لم تتعلم بعد كيف تدير اختلافاتها دون سلاح. كل صاروخ يسقط هناك لا يدمر مبنى فقط، بل يهدم جزءًا من الأمل الإنساني في أن نكون أفضل مما كنا عليه. والحقيقة المرة هي أن هذا الصراع، كغيره من الصراعات التي تحركها الأهواء الكبرى، لا يسير وفق منطق العدالة، بل وفق منطق القوة، حيث تُمنح الحقيقة لمن يملك السلاح لا لمن يملك الحق.
أوكرانيا اليوم ليست فقط بلدًا يخوض حربًا من أجل بقائه، بل هي مرآة تنعكس فيها وجوه القوى الكبرى كما هي، دون رتوش: ترامب يرى فيها فرصة لإعادة رسم مكانة أمريكا في العالم كما يشتهيها، أما بوتين فيراها جرحًا مفتوحًا في جسد روسيا يجب أن يلتئم بالقوة. أما الشعوب، فتقف مذهولة أمام هذا الجنون المتكرر، متسائلة عما إذا كانت إرادة الأمم حقًا تعني شيئًا، أم أنها مجرد شعارات تُستخدم لتبرير ما لا يمكن تبريره.
في هذا المشهد، تصبح أوكرانيا ليس فقط مكانًا جغرافيًا بل مثالاً حيًا على عجز البشرية عن التحول من منطق البقاء للأقوى إلى منطق التعايش، من قانون الغاب إلى أخلاق العقل. وهنا تتجلى المأساة الحقيقية: أن نعرف ما هو الخير، لكننا لا نملك القوة أو الإرادة لنمارسه.
3- الشرق الاوسط:
إذا كانت أوكرانيا تمثل ساحة اختبار لإرادة الأمم، فإن الشرق الأوسط هو المرآة التي تعكس فشل الإنسانية في مواجهة ذاتها، منطقة تتصارع فيها الأضداد بلا نهاية، ويُعاد فيها إنتاج الألم بأسماء مختلفة في كل عقد، وكأن قدرها أن تكون مسرحًا مفتوحًا للدم، لا تنطفئ فيه نار حتى توقد أخرى من تحت الرماد. في هذا الفضاء الجغرافي المزدحم بالتاريخ والنبؤات والخرافة والنفط، يصبح الصراع أكثر من مجرد نزاع على السلطة، بل هو مواجهة بين الذاكرة والنسيان، بين الشعوب المغلوب على أمرها وقوى لا ترى في الأرض سوى مورد، وفي الإنسان سوى وسيلة. والحكام هناك عبارة عن مجموعة سفلة وظفتهم القوى الكبرى ليعملوا عبيدا لها في ادارة تلك الدول وقمع شعوبها, تلك الشعوب التي تحلم بالوحدة والتعاون اصبح احلامها ابعد من نجومٍ في مجرات بعيدة.
حين يجتمع ترامب وبوتين على طاولة واحدة لمناقشة "الشرق الأوسط"، فإن ما يُطرح غالبًا ليس المعاناة بل المكاسب، ليس الحق بل النفوذ، إذ تتحول المآسي الإنسانية في عرف الإمبراطوريات إلى ملفات قابلة للتفاوض، تُوزن فيها حياة الملايين بمقاييس المصالح، وتُختزل فيها قرون من التاريخ المعقد في فقرات تَفاهم سريعة وباردة. سوريا، فلسطين، العراق، اليمن، لبنان، كل هذه الأسماء التي تحمل في طياتها جراحًا مفتوحة، تُختزل في سياقات استراتيجية، تُقرأ فيها الخرائط أكثر مما تُسمَع فيها صرخات الأمهات أو أنين الأطفال تحت الركام, ففي الوقت الذي ترك بوتن حليفه الاسد تحاصره الضباع في دمشق , ترك ترامب نتنياهو يفعل ما يشاء في غزة وسوريا ولبنان وايران وغيرها.
وفي هذا السياق، لا يعود الشرق الأوسط منطقة بل يتحول إلى مفهوم، إلى رمز للفوضى المنظمة التي تنتجها القوى العظمى حين تريد أن تعيد تشكيل العالم وفق أهوائها. فـ بوتين، القادم من إرث سوفيتي مثقل بالصراعات، يرى في المنطقة بوابة للعودة إلى المجد الغابر، فرصة لترسيخ حضوره في الموانئ الدافئة، واستعراضًا لقدرة موسكو على تحدي الهيمنة الأمريكية. أما ترامب، وبغريزته الجامحة، فلا يرى فيها سوى سوق صفقات، ساحة لإبرام الاتفاقيات التي تعزز التفوق وتخنق المنافسين، حتى لو كان الثمن شعوبًا تُباد وثقافات تُمحى وتاريخًا يُكتب بالنار.
لكن اللافت في كل ذلك هو غياب البعد الأخلاقي. كل شيء يبدو مباحًا طالما يُبرَّر بلغة المصالح، كأن المنطقة خُلقت لتكون استثناءً من القواعد، مكانًا يُستباح فيه القتل تحت رايات السلام، ويُمارس فيه الظلم باسم الديمقراطية أو مكافحة الإرهاب. هكذا تصبح الكلمات نفسها أدوات عنف ناعم، تُعيد تشكيل الوعي وتُفرغ الفاجعة من معناها، حتى تغدو المجازر مجرد "أحداث أمنية" والخيانة "ترتيبات سياسية".
وهنا تتجلى المعضلة العميقة, هل يمكن لعالمٍ يُدار بمنطق المصالح وحدها أن ينتج عدالة؟ وإذا كانت الأخلاق تُعلَّق في لقاءات الساسة الكبارمنهم والصغار، فهل تبقى جديرة بأن تُسمى أخلاقًا؟ الشرق الأوسط لا يطرح فقط سؤالًا حول موازين القوى، بل يضعنا أمام هاوية الضمير، حيث يغدو الصمت الدولي فضيحة أخلاقية أكثر إيلامًا من القنابل ذاتها، وحيث يصبح الصراع ليس فقط بين شعوب وأنظمة، بل بين ما يجب أن يكون وما هو كائن.
وإذا ما نظرنا إلى هذا المشهد من عدسة أوسع، نكتشف أن الشرق الأوسط لا يُعاني من كونه منطقة صراع، بل من كونه منطقة تم تجريدها من إنسانيتها، تُستخدم كمعمل لتجارب القوى الكبرى، وتُترك بعد ذلك لتُداوي جراحها وحدها، أو لتنزف أكثر حتى تحين ساعة صفقة جديدة. اللقاء بين ترامب وبوتين لن يغير هذا الواقع إذا لم يخرج من منطق الحسابات الباردة إلى منطق الرؤية العادلة، لكنه على الأرجح لن يفعل، لأنهما، في جوهرهما، أبناء عقلية لا تؤمن إلا بالقوة، ولا تُقدّس إلا النصر، حتى لو كان على حساب الحقيقة.
4- الصين:
بعيدًا عن الضجيج الذي يصاحب تصريحات الزعيمين الأمريكي والروسي، يقف تنين الشرق يراقب المشهد بعين ثابتة لا ترمش، كما لو أن الصمت هو أبلغ تعبير عن القوة. الصين، بحكمتها العتيقة وإستراتيجيتها الطويلة النفس، لا تحتاج إلى أن ترفع صوتها حتى يشعر بها العالم، فهي تفهم اللعبة على نحوٍ مختلف، لا تسعى إلى كسب الجولات الصاخبة، بل إلى حياكة نسيج النفوذ بصبر لا يجيده الغرب، ولا يعترف به الشرق المندفع. في هذا اللقاء المرتقب بين ترامب وبوتين، قد لا تكون الصين حاضرة جسديًا، لكنها تسكن في كل زاوية من زوايا النقاش، تُطاردهم كهاجس، وتخترق حديثهم كظل لا يفارقهم.
يقال إن القوة الحقيقية لا تحتاج إلى إثبات، وإن الحكيم لا يدخل الحرب إلا بعد أن يربحها. يبدو أن الصين تشربت هذا المبدأ حتى النخاع، فهي لا تدخل صراعات بشكل مباشر إلا نادرًا، ولا تصدر بيانات تهديد مدوية، لكنها تمارس حضورها من خلال الاقتصاد، من خلال الدبلوماسية الصامتة، ومن خلال تمددها في الفراغات التي يتركها الآخرون بعد معاركهم. اما في أوكرانيا، فكانت حاضرة بالمواقف الرمادية التي تتيح لها التحرك بحرية دون أن تُغضب طرفًا أو تحصر نفسها في زاوية , اما في الشرق الأوسط فقد دخلت بثقلها الناعم، مستثمرة حيث ينشغل الآخرون بالخراب، ومقيمة تحالفات حيث تفشل القنابل في صناعة الولاء.
ما تخشاه واشنطن ليس صاروخًا صينيًا، بل نموذجًا صينيًا، فكرة تقول إن بالإمكان بناء قوة عظمى لا تشبه النموذج الغربي في الديمقراطية، ولا تتقاطع تمامًا مع الهيمنة الروسية العسكرية، بل تطرح بديلًا ثالثًا يراهن على السيطرة الصامتة، على إعادة تعريف النفوذ من خلال الاقتصاد والبنية التحتية والتكنولوجيا. أما موسكو، فتنظر إلى بكين بنوع من القلق المتحفظ، إذ تدرك أنها حليف قوي لكنه لا يُظهِر كل أوراقه، حليف قد لا يُنقذك حين تسقط، لكنه لن يعرقلك حين تنهض، لأنه يفكر دومًا بما بعد اللحظة، بما بعد الحرب، بما بعد انهيار الآخرين.
ومن هنا، فإن الصين تمثل ذلك الطرف الثالث في المعادلة، ذلك الهدوء المريب الذي يجعل ضجيج الغرب والشرق يبدو كأنه محاولة يائسة لتأكيد السيطرة في عالم بدأ يفلت من قبضتهم. اللقاء في ألاسكا، من حيث يُعقد، قد يكون بعيدًا عن سور الصين العظيم، لكنه لا يستطيع أن يتجاهل ظل هذا السور، ولا أن يتجاوز صمت بكين الذي بات أبلغ من كل الخطب والكلمات.
لكن هل هذا الصمت أخلاقي؟ وهل الترقب فضيلة في عالم تحترق أطرافه؟ هل الحكمة تكمن في الامتناع عن التدخل، أم أن الحياد أمام الظلم هو تواطؤ مقنَّع؟ الصين لا تُجيب، وربما لا تحتاج أن تُجيب، لأنها تنتمي إلى حضارة تعتقد أن اهمال الاجابة على بعض الأسئلة ضرورة احيانا ، وأن الزمن كفيل بكشف مواقع اللاعبين بعد أن تسكت طبول الحرب.
الصين إذن ليست مجرد قوة دولية تتربص، بل هي سردية مختلفة للسلطة، تقترح علينا نموذجًا لا يقوم على الضجيج بل على التمدد الهادئ، لا على الحروب بل على التغلغل، لا على المواجهة بل على الانتظار. ولعلّ هذا ما يجعلها الأكثر إثارة للقلق في نظر ترامب وبوتين، لأنها لا تلعب وفق القواعد التي يعرفونها، بل تعيد كتابة القواعد في صمت، بينما هم مشغولون بإعادة تقسيم الخراب.
5- التهديد النووي ( الفناء)
في مكانٍ ما من هذا الكوكب، هناك أزرار صغيرة وُضعت على مكاتب رجالٍ يمتلكون القدرة على إنهاء التاريخ بلمسة إصبع. هذه الحقيقة، التي بدت يومًا ما أقرب إلى خيالٍ سينمائي، أصبحت اليوم واقعًا ثقيلًا يتربص في الظلال، يطفو على السطح حين ترتفع الأصوات، ويختبئ حين تعود الابتسامات المصطنعة إلى موائد التفاوض. وفي ظل اللقاء المرتقب بين ترامب وبوتن، تعود تلك الهواجس القديمة الجديدة لتطرح السؤال الأشد قسوة: هل ما زلنا نعيش في عالمٍ قابل للنجاة؟
السلاح النووي ليس مجرد أداة قتل، بل هو استعارة كبرى للفجوة بين ما يستطيع الإنسان فعله، وبين ما يبنغي عليه فعله. إنه تَجسيد مرعب لانتصار التقنية على الحكمة، ولعجز الأخلاق عن كبح طموح الإنسان المتضخم إلى السيطرة. حين اخترعت البشرية القنبلة، لم تكن فقط تحاول الفوز بحرب، بل كانت تعلن بداية عصرٍ لا يعود فيه الموت قرارًا فرديًا (كالقتل اوالانتحار مثلا) أو عقابًا إلهيًا، بل خيارًا بشريًا باردًا ومتواطئا، يُتخذ في غرف مضاءة جيدًا، تحت وابل من الحسابات الاستراتيجية , فلو ان الشعوب ادركت الخطر كما هو فعلا لما تهاونت في النضال المستميت من اجل التخلص من اسلحة الدمار الشامل.
ترامب، بشخصيته المتقلبة وميله إلى اللعب على حافة الجنون، استدعى في أكثر من مرة ما يسمى بـ"نظرية المجنون"، وهي فكرة تقوم على جعل الخصم يعتقد أن الزعيم قد يتصرف بشكل غير عقلاني، وبالتالي يُخشى رد فعله لدرجة تمنع أي تصعيد. أما بوتين، فقد استحضر هو الآخر التهديد النووي مرارًا، لا كتصرّف طائش، بل كإستراتيجية راسخة في العقلية الروسية التي ترى في هذا السلاح ضمانة بقاء أكثر منه أداة قتال. ومع ذلك، فإن كليهما يدرك، أو يفترض بهما أن يدركا، أن استخدام هذا السلاح لا يمكن أن يُختزل في لعبة توازنات، لأن نتائجه تتجاوز كل الحسابات، وتدخلنا في منطقة ما بعد السياسة، ما بعد الحضارة، ما بعد الحياة نفسها.
وحيث يمثل التهديد النووي ذروة العبث الوجودي , كان حري بهما ان لا ينطقا بكلمة تهديد باستخدامه, اذ نحن نقف اليوم أمام اختراع قادر على إنهاء كل ما بنيناه خلال آلاف السنين، من فنون وقوانين وأفكار وديانات، بلحظة واحدة. وكأننا بلغنا سقف قدراتنا التقنية دون أن نرتقي بالحكمة الأخلاقية التي تليق بها. إن مجرد وجود هذه الأسلحة يُشكّل مأزقًا أخلاقيًا مستمرًا، ويضع البشرية في حالة انتظار دائم للكابوس. لقد تحوّلت الحضارة نفسها إلى رهينة في يد حفنة من الرجال الذين يؤمن بعضهم، كما فعل ترامب، أن الضغط الشديد هو سبيل للانتصار، ويؤمن بعضهم الآخر، كما يفعل بوتين، أن تهديد الهاوية هو وسيلة لتأكيد السيادة.
لكن ما نغفل عنه غالبًا هو أن الردع النووي، رغم فعاليته الظاهرة، قائم على وهم, وهم العقلانية الدائمة, فكل نظام ردع يفترض أن جميع الأطراف ستبقى عقلانية إلى الأبد، وأن أحدًا لن يخطئ.. لن يخطئ الحساب، أو يُخطئ القراءة, غير أن التاريخ البشري لا يقدم سجلًا مطمئنًا في هذا المجال، بل هو سلسلة طويلة من سوء الفهم وسوء التقدير والانفعالات المدمّرة.. وها نحن، مرة أخرى نُعيد تعريض هذا الكوكب لجنون محتمل لأن رجالًا قرروا أن الخوف هو الوسيلة الأنجع للحوار.
التهديد النووي ليس فقط سلاحًا سياسيًا، بل هو سؤال مفتوح حول قيمة الإنسان، حول حدود طموحه، وحول ما إذا كان يستحق أن يحكم هذا العالم أصلًا. هل يمكن أن يُمنح مخلوق بلا عصمة ولديه قابلية واستعداد للتدمير الكلي هذه القوة، ويُطلب منه في الوقت ذاته أن يتصرف ككائن عاقل، مسؤول، أخلاقي؟ أم أن الطبيعة قد وضعت فينا بذور فنائنا منذ البداية، وها نحن فقط نقطف ثمار ما كنا عليه دومًا؟
6- ألاسكا:
في هذا اللقاء بين ترامب وبوتن، قد لا يُضغط الزر، لكن مجرد أن يكون حاضرًا على الطاولة، أن يُلوَّح به كما يُلوَّح ببطاقة حمراء في مباراة حياة أو موت، هو إهانة عميقة لكل الناس والمخلوقات الاخرى , لكل ما بنته البشرية، وكل ما حلمت به من سلام. وربما كانت هذه اللحظة، لحظة التهديد النووي، هي مرآتنا الأخيرة , إما أن ننظر فيها لنراجع أنفسنا، أو أن نكسرها، ونتحطم معها إلى الأبد.
ألاسكا، هذه الأرض المتجمّدة على حافة العالم، حيث يذوب الضوء في صمت الثلج وتلتقي السماء بالأرض دون ضجيج، تصبح فجأة مسرحًا لما قد يبدو أنه حدث كوني، أو ربما مسرح عبث لا أكثر. حين يلتقي ترامب وبوتين هناك، لا يكون اللقاء مجرد فعل سياسي أو اجتماع ديبلوماسي، بل يبدو وكأنه لحظة محمّلة برمزية تتجاوز الظاهر. فكأن الطبيعة ذاتها، بهذا الموقع البعيد عن صخب العواصم وغبار المدن الكبرى، أرادت أن تضع الزعيمين في مكان نقيّ، لكي تختبر ما إذا كانا قادرين على خلق شيء من النقاء وسط العفن السياسي الذي يملأ العالم.
لكن، ما الذي يمكن أن يُقال فعلًا في ألاسكا؟ هل نحن أمام لحظة نادرة تُكتب فيها صفحة جديدة من تاريخ الإنسانية؟ أم أننا ببساطة نعيد تدوير المأساة؟ لقاء القادة طالما بدا وكأنه احتفال رمزي بالقوة، لا فرصة للشفاء. صور الأيدي المتشابكة، الابتسامات المدروسة، التصريحات المحنّطة، كل ذلك جزء من طقوس مسرحية مألوفة، يؤدي فيها كل طرف دوره بإتقان، بينما تظل الأسئلة الحقيقية بلا إجابة: من يُحدّد مصير العالم؟ ومن يعطي هؤلاء الرجال الحق في أن يتحدثوا باسم شعوب لا يعرفون وجوهها ولا يسمعون صوتها؟
من منظور فلسفي، يبدو اللقاء أقرب إلى مشهد من مسرح العبث، حيث يجلس لاعبان على رقعة شطرنج لم يعودا يعرفان قواعدها، يتناوبان على تحريك قطع لا طعم لها، في لعبة فقدت معناها لكنها مستمرة فقط لأن لا أحد يملك شجاعة التوقف.. ترامب، باندفاعه واحتقاره للمألوف، يدخل المشهد كبهلوان يلوّح بالتهديدات ووعود العظمة، لا ليبني شيئًا بل ليثير الغبار ويحتكر الانتباه. وبوتين، ببروده القاتل، يبدو كأنه يقرأ من نص قديم كُتب بلغة إمبراطورية منسية، لا يسمع فيه إلا صدى صوته، ولا يرى فيه إلا صورته منعكسة على جليد الشمال.
لكن، رغم ذلك، لا يمكن تجاهل ثقل اللحظة. فكل لقاء بين القوى الكبرى هو فرصة، وإن كانت صغيرة، لالتقاط أنفاس الحقيقة، لفتح نافذة على العقل، حتى لو بقيت مغلقة. العالم يختنق من فرط الأكاذيب، من كثرة الحروب غير المعلنة، من التهديدات التي تُلقى ببرود ثم تُنفى ببرود أشد. وإذا لم يكن اللقاء في ألاسكا بداية حوار، فلن يكون إلا امتدادًا للصمت العالمي، ذلك الصمت القاتل الذي لا يُعلن الحرب، لكنه يسمح لها أن تشتعل.
ربما كان العبث الأكبر في أن هذه القمم لا تعني الناس العاديين إلا حين تنفجر نتائجها على رؤوسهم. الذين يعيشون في كييف أو غزة أو صنعاء أو تايوان لا يرون في مثل هذه الاجتماعات سوى مقدمة لكارثة مؤجلة. أما أولئك الذين يصنعونها، فهم يجلسون في دفء غرفهم، يتحدثون عن الأمن العالمي كما يتحدث التجار عن الأسواق، يخططون للسلام كما تُخطط الحملات الإعلانية بكلمات جذابة، ونيات لا تُختبر أبدًا.
إن اللقاء في ألاسكا يطرح سؤالًا مرًّا: هل ما زال الحوار ممكنًا بين قوى لا تؤمن إلا بالردع؟ وهل يستطيع رجالٌ يحملون في جعبتهم أدوات الفناء أن يصوغوا لغة للحياة؟ قد يكون الأمل ساذجًا، لكن بدونه لا يبقى شيء. وإذا كان هذا اللقاء لحظة كونية، فليكن لأنها جمعتنا أمام مرآة حقيقية، نرى فيها وجوهنا مجرّدة من التجميل، وندرك أن القوة، مهما عظمت، لا تصنع المعنى، وأن العالم، مهما اتسع، لا يحتمل غرور رجلين.
وسط هذا السواد الكثيف الذي يرسمه الواقع، وسط الأرقام التي تتحدث عن ضحايا الحروب، والتصريحات المحمّلة بالتهديد، والسلاح النووي المتربّص ككابوس يقظ، يُطرح السؤال الأكثر بساطة والأشد تعقيدًا في آنٍ واحد: هل هناك أمل؟ هل لا يزال في هذا العالم ما يستحق التمسك به، الإيمان به، الدفاع عنه؟ وهل يمكن للحكمة أن تنهض من تحت ركام السياسة، كما تنهض زهرة برّية في أرضٍ قاحلة؟
لعل الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط كان من القلائل الذين تجرّأوا على التفكير في السلام ليس كفترة استراحة بين حربين، بل كهدف أخلاقي للعقل الإنساني. كتب عن "السلام الدائم" وكأنه ممكن، حتى وهو يعلم أن الطبيعة البشرية مائلة إلى النزاع. لكنه رأى أن البشر، إذا ما ارتقوا من مستوى الميول إلى مستوى العقل، يمكنهم أن يبنوا نظامًا عالميًا تحكمه القوانين لا البنادق، وتُدار فيه المصالح من خلال المؤسسات لا الانقلابات. كانت رؤيته آنذاك حلما، ولا تزال، لكنها تظل أحد الأصوات القليلة التي تُذكّرنا بأن الأمل لا يأتي من الواقع بل من تجاوزه.
7- هل من امل يلوح في الافق؟:
في ضوء ذلك، لا يمكن إنكار وجود بذور رجاء، حتى في أكثر اللحظات ظلمة. الشعوب، على اختلافها، لم تعد كما كانت. الوعي يتسرب رغم كل محاولات التشويش، والأسئلة التي كانت تُهمَس باتت تُقال بصوتٍ مسموع، ووسائل التعبير لم تعد حكرًا على الملوك والزعماء. هناك طاقة هائلة في المجتمعات، في أفراد عاديين يرفضون أن يكونوا ضحايا التاريخ، في شباب يتظاهرون في شوارع باردة من أجل قضايا لا تمسّهم مباشرة، فقط لأنهم يرفضون الظلم كمبدأ. هذه الروح، التي لا يمكن إحصاؤها في التقارير ولا رسمها في خرائط النفوذ، قد تكون هي النواة الحقيقية للتغيير.
لكن الأمل لا يُمنح مجانًا، ولا يُولد تلقائيًا، بل يُبنى ببطء، يُنتزع من بين أنياب الخوف، ويُصاغ في مواجهة مباشرة مع قوى التسلّط والتشاؤم. لكي نأمل، علينا أولاً أن نواجه أنفسنا، أن نعترف بأننا كنا جزءًا من هذه المعادلة الظالمة، بالصمت، وباللامبالاة، أو بالتسليم بأن الشر حتمي. الأمل لا يبدأ حين تنتهي الحروب، بل حين نرفض القبول بها كقدر. حين لا ننتظر زعيمًا ليغيّر العالم، بل نغيّره بأنفسنا، بكلماتنا، بخياراتنا، بمواقفنا الصغيرة التي تتراكم حتى تُحرّك الجبال.
وبينما يجلس ترامب وبوتين في قاعة فاخرة يناقشان مصيرنا، لا بد أن نتذكر أن العالم ليس محصورًا في تلك الغرفة. العالم أوسع من طاولاتهم، أعمق من تصريحاتهم، وأقوى من رغبتهم في الهيمنة. في القرى البعيدة، في المدارس الفقيرة، في أروقة المكتبات، في مراكز البحوث، في الأغنيات التي تنشد الحبّ وسط الدمار، في كل هذه الأمكنة، يُخلق مستقبل موازٍ، لا تُسلّط عليه الكاميرات، لكنه هو الذي يُنقذنا حقًا.
قد لا يكون الأمل ساطعًا، لكنه موجود كجذوة في قاع القلب الإنساني. موجود في طفلٍ يتعلّم رغم الحرب، في أمّ تضحك رغم الفقد، في رجلٍ بسيط يرفض الرشوة لأنه يؤمن أن الشرف لا يُشترى. موجود في الكتب، في الفن، في الصمت الذي لا يستسلم، في الحُلم الذي يُقاوم. وإذا كان العالم الذي يصنعه الزعماء يغرق في الظلمة، فإن العالم الذي يصنعه البشر العاديون لا يزال ينبض بنورٍ لا ينطفيء.
كلما حاولنا الهروب من ثقل الواقع، ألح علينا السؤال: من نحن، وإلى أين نمضي؟ لقاء ترامب وبوتين، بما يحمله من رمزية سياسية، ومن أبعاد إستراتيجية، ليس إلا مرآة كبرى لانكسار الإنسان أمام طموحه. لقد اخترع السلطة، فعبدها. بنى الدول، فحوّلها إلى آلهة. صاغ القوانين، ثم مزقها باسم الضرورة. وفي خضم هذا الجموح، نسي الإنسان أنه كائن هش، "تعجزه البقة وتقتله الشرقة وتنتنه العرقة"(نهج البلاغة) , مخلوق يمشي على سطح كوكب صغير في زاوية نائية من الكون، يكتب الشعر بيد، ويصنع القنبلة باليد الأخرى، يحنّ إلى الطفولة، لكنه يهوى تدمير الغد.
لا يمكن النظر إلى لقاء الزعيمين إلا بوصفه مشهد من مسرحية أكبر, مشهد أوكرانيا، حيث التاريخ يُغتصب كل صباح. مشهد الشرق الأوسط، حيث الشعوب تُسحق بين الخرافة والنفط. مشهد الصين، التي تراقب كما يراقب الحكماء في الأساطير، لا لتتدخل، بل لتنتصر بالانتظار. مشهد التهديد النووي، حيث تطفو اللاعقلانية على السطح متخفية في هيئة منطق عسكري. ومشهد الأمل، ذلك الحاضر الغائب، الذي لا يزال يضيء ولو كشمعة في عاصفة.
لكن السؤال الأعمق، الذي يهمس به التاريخ في أذن الواقع ، هو: هل السلطة تُصلح الإنسان، أم تفضحه؟ هل تُخرج منه النُبل، أم تستدعي أسوأ ما فيه؟ ( والعصر (3), ان الانسان لفي خسر)4 نعم, هناك استثناء يعيد الامل ( الا الذين امنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)5 ولكن من يتأمل وجهي ترامب وبوتين لا يرى فقط سياسات، بل يرى نفسيْن بشريتيْن مشبعتين برغبة السيطرة، تحملان عبء دول، وتحركان خيوط العالم كما يحرك الأطفال ألعابهم، غير آبهين بمن ينكسر، ومن يحترق، ومن يُنسى.
ولعلّ المأساة الكبرى لا تكمن في الحروب نفسها، بل في ما تتركه من تشوّه داخلي في ضمير العالم حين يصبح التفاوض لعبةً، والموت رقمًا، والكذب ضرورة، والخيانة وجهة نظر. في هذه الدوامة، يصبح اللقاء في ألاسكا أشبه بمشهد من مسرحية تراجيدية يعرف الجميع نهايتها، لكنهم يحضرونها مع ذلك، لأنهم لا يملكون بديلاً, لا أحد يصدق أن السلام سيُصاغ من هذا اللقاء، لكن الكل يتشبث به، كما يتشبث الغريق بقشة، لا لأنها تُنقذه، بل لأنها كل ما تبقى له او هي كل ما حصل عليه.
هل نُعيد كتابة العالم؟ هل نستطيع أن نتجاوز لحظة الجنون هذه، لنعود إلى المعنى؟ الحكماء يقولون إن الإنسان هو الكائن الوحيد القادر على مراجعة ذاته. وإذا كان في تلك القمة في ألاسكا أي جدوى، فهي ليست في ما يُعلن، بل في ما تُثيره من أسئلة. هل سنبقى رهائن لجشع رجالٍ يلبسون أقنعة الدولة، أم نعيد للسياسة معناها الإنساني؟ هل سنُسلم مصيرنا لمن يلوّحون بالنار، أم نعود إلى تلك الحقيقة البسيطة التي علّمنا إياها جندي مجهول، أو أمّ تنتظر ابنها، أو شاعرٌ مات ولم يُقرأ ديوانه .. أن الإنسان، حين يحب، لا يحارب.
في النهاية، لا ترامب ولا بوتين يصنعان العالم وحدهما، وإن بدا كذلك. العالم نصٌّ مفتوح، يكتبه كل من يرفض أن يصمت (الذين امنوا وعملوا الصالحات) وما بين القنبلة والكلمة، بين الصاروخ والقصيدة، تقف الكلمة، شاهدة على صراعٍ لا يُحسم، بين عقل يريد أن يبني، وسلطة لا تعرف إلا أن تُخضع. لكن حتى في أعنف اللحظات، ثمة من يزرع وردة. وتلك الوردة، وإن دُفنت تحت الركام، هي الدليل الأبقى على أن الإنسان لا يزال يملك خيارًا آخر.
(1) سورة النمل الاية 34
(2) كارل فون كلاوزفيتز مؤرخ عسكري
(3) سورة العصر اية 1
(4) سورة العصر اية 2
(5) سورة العصر اية 3
جاسم محمد علي المعموري
13-8-2025



#جاسم_محمد_علي_المعموري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين الأمل في السلام ومخاطر التصعيد النووي .. ترامب وبوتين يل ...
- نداء عاجل للتحرك الدولي الفوري.. قتل الصحفيين جريمة كبرى
- ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) تسبيح الملائكة
- مفاهيم قوى التحرر في العالم ونظرتها الى الحرية
- ضرورة صناعة طبقة وسطى من حيث الدخل في العراق
- بطاقة سكن في جهنم
- اللقب ومعضلة وزير الداخلية
- قبلَ أن ينشقّ القمر
- سوء الادارة في المؤسسات الحوزوية
- ال سعود والانقلاب العسكري التركي الفاشل
- ياداعشي أين المفرْ
- من مذكراتي عن اهل الفلوجة الكرام .. *
- ستورقُ في الرمال لنا نمورُ
- نداء الى جميع الاحرار والمثقفين في العالم لشجب واستنكار اعدا ...
- مشتاق لك – شعر شعبي عراقي
- لو كشف لي الغطاء ما ازددت وطنية
- المسلمون ألد أعداء الاسلام
- تمرد ايها الشعب العراقي
- طغاة ال سعود يحمون الطغاة
- عيد المرأة عيد المحبة والرحمة


المزيد.....




- تحليل: عليها شعار -الاتحاد السوفيتي-.. ما الرسالة التي يبعث ...
- باكستان: مقتل أكثر من 190 شخصا جراء الأمطار الغزيرة التي تضر ...
- -هل غيّر الاعتراف بدولة فلسطينية قواعد اللعبة في غزة؟- – جول ...
- نزع سلاح حزب الله: نعيم قاسم يحذر من -حرب أهلية-
- بن غفير يهدد مروان البرغوثي داخل زنزانته والسلطة الفلسطينية ...
- نيويورك تايمز: لماذا ترفض أوكرانيا التنازل عن دونباس رغم ضغو ...
- بعد اتفاق أرمينيا وأذربيجان.. هل تخسر روسيا جنوب القوقاز؟
- جيش نيجيريا يدافع عن عملياته العسكرية بوجه الانتقادات الحقوق ...
- 24 عاما على تأسيس -العدالة والتنمية- التركي.. إنجازات وتحديا ...
- مخطط -إي 1-.. خطة استيطانية للتغيير الديمغرافي في القدس


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاسم المعموري - وجهان لواقع واحد .. بوتن وترامب في عالم مضطرب.. رؤية شاملة