أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - جاسم المعموري - جرائم الحرب في غزة ومسؤولية المحتلين














المزيد.....

جرائم الحرب في غزة ومسؤولية المحتلين


جاسم المعموري

الحوار المتمدن-العدد: 8441 - 2025 / 8 / 21 - 10:22
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


حين ننظر إلى الحرب لا يجب أن نكتفي بالنظر إلى الحكومات، بل يجب أن نتجاوز الستار السياسي لنرى ما خَلفَهُ, انها الشعوب الصامتة، المتواطئة، أو الخائفة، وأحيانًا المستفيدة او المشاركة في الجريمة فحين تتساقط القنابل على غزة، لا تتساقط فقط من طائرات، بل من صمتٍ ثقيلٍ يسكن مدن الاحتلال الإسرائيلية، ومن عيونٍ أُغمضت عمدًا، ومن ضمائر ارتاحت إلى السردية الرسمية التي جعلت من الضحية جلادًا، ومن الجلاد ملاكا.. الديمقراطية لا تعني أن تصوّت ثم تنام، أن تمنح صوتك لقاتلٍ ثم تتظاهر بأنك لم تكن تعلم.. والحرية ليست صندوق اقتراع، بل وقفة ضمير، وموقف إنساني، وفعل احتجاجي حين يتحول النظام إلى أداة للذبح.. لا يمكن لشعب أن يكون حرًا إذا ما تجاهل ما يُفعل باسمه.. لا يمكن لمن يزعم أنه يعيش في نظام ديمقراطي أن يتنصل من مسؤولية سفك الدماء إن كان هو من اختارالحزب المتطرف إلى الحكم، أو من اختار أن يتجاهل حين وُضعت أمامه الحقيقة.
لو كنتم شعبا حرا يمتلك ضميرا ككل الناس كان يمكن لكم أن تقفوا على حدود غزة لا بالسلاح، بل برغيف خبز، بحفنة دواء، بشربة ماء وأن تكسروا ابواب العابر, كان يمكن للمجتمع الإسرائيلي المحتل أن يقول: "لا"، لا للحصار، لا للموت الجماعي، لا لتحويل غزة الى مقبرة.. لكنه لم يفعل.. ربما القلة فعلت، لكن الأغلبية إما وافقت، أو صمتت، أو خافت أن تُحسب على "العدو". وهنا تتكشف الحقيقة الموجعة وهي أن الخوف لم يعد من القنابل، بل من الكلمة. أن الذي يقول "توقفوا" قد يُتهم بالخيانة، في حين أن القاتل يُمنح وسام البطولة. ولكن على كل حال انتم محتلون وهذا متوقع من المحتل ولكن توجد بعض الانسانية حتى عند العدو في ساحات المعارك احيانا.
اما في الضفة، فلا قنابل، بل مستوطنون.. لا طائرات، بل جرافات.. هناك، القتل لا يأتي من السماء، بل من الأرض التي تُنتزع، من البيوت التي تُحرق، من الوجوه التي تُصفع في وضح النهار.. المستوطنون، هؤلاء الذين يسرقون الأرض ويزرعون الخوف، لا يتحركون وحدهم.. بل هناك من يحميهم؟ من يبرر لهم؟ من يجعل القضاء صامتا والإعلام اعمى؟ إنها الدولة والمجتمع معا، والنظام الذي تماهى مع مشروع عنصري لا يرى في الفلسطيني إنسانًا، بل عقبة يجب إزالتها.. وهنا يعود السؤال وهو أين الشعب ياترى؟ أين الضمير الإنساني الذي يُفترض أنه تعلم من مآسي التاريخ؟ ألم يحن الوقت لأن يقول كفى؟ ألم يحن الوقت لأن يتوقف عن إنتاج جلاد جديد تحت ذرائع تاريخية؟ الذكرى لا تُبرر الجريمة، بل يجب أن تمنع تكرارها.
إن من يُطلق الرصاص ليس وحده المسؤول, بل كل من يغض الطرف، كل من يتابع المجازر وكأنها فيلم سينمائي، كل من يُعيد انتخاب من وعد بالمزيد من الدم، وكل من يختبئ خلف شعارات الأمن ليبرر قتل المدنيين.. الشعوب التي تقف ضد حكوماتها حين ترتكب جرائم تصنع الحضارات, أما الشعوب التي تصفق للموت أو تصمت عليه، فتصير جزءًا من العار, العار لا يُمحى بالادعاءات، ولا بالمناورات الإعلامية.. العار يُمحى بالفعل، بالخروج إلى الشوارع، بفتح المعابر، بتحدي الجنود، برفع الخبز في وجه القنابل.
ما الذي يمنع الإسرائيلي أن يخرج غدًا إلى حدود غزة، حاملاً بيده زجاجة ماء لطفل يموت عطشًا؟ ما الذي يمنعه من مجابهةسيل المستوطنين، من الوقوف في وجههم، من القول لهم: "أنتم لا تمثلونني، أنتم تسرقون أرضًا ليست لكم، وتُشعلون نارًا ستأكلنا جميعًا"؟ ما الذي يمنعه من العصيان المدني، من الاضراب العام ,من رفض الخدمة في جيش يتحول إلى آلة قتل؟ ما الذي يمنعه من استعادة إنسانيته؟ لا شيء سوى الاشتراك بالجريمة اوالخوف، أو الكسل الأخلاقي، أو التماهي مع سفك الدماء والضغوط القاتلة كي ترضخ حماس.
الديمقراطية ليست فقط آلية حكم، بل أخلاق سياسية. ليست فقط حرية رأي، بل مسؤولية فعل. ومن دون هذا، تتحول الديمقراطية إلى غطاء ناعم لسلطة فاشية، وتتحول صناديق الاقتراع إلى مقصلة جماعية. من أعطى صوته لمتطرف، فهو مسؤول عن نتائجه.. ومن برّر الظلم باسم الدفاع عن النقس، فهو جزء من الظلم. ومن صمت لأن الضحية ليست من "جماعته"، فقد خان إنسانيته قبل أن يخون الآخرين.
قد يأتي يوم، وربما ليس ببعيد، تُفتح فيه دفاتر الدم.. حينها لن تُسأل الحكومات وحدها، بل الشعوب أيضًا.. ماذا فعلتم؟ لماذا لم تتحركوا؟ كيف صمتم كل هذا الوقت؟ وعندها لن يُجدي قول من يقول لم اكن اعلم, فالعالم كله كان يشاهد، والأطفال كانوا يصرخون، والعطاشى كانوا يطلبون الحياة، والدواء كان يئن في مخازنه المغلقة. كان بإمكان اليد أن تكتب، والقدم أن تمشي، والفم أن يصرخ، لكنكم فضلتم ارتكاب الجريمة بدل ايقافها وفضلتم الراحة على العدالة، والخوف على الكرامة، والانتماء الضيق على الأخلاق الانسانية.
وها نحن الآن نعيش في لحظة فاصلة.. لحظة يمكن لما يسمى (الشعب الإسرائيلي) أن يقول فيها لسنا كلنا قتلة وأن يثبتوا ذلك لا بالكلمات، بل بالأفعال. أن يحملوا الخبز إلى من جاع بسبب قنابلهم، والدواء إلى من جُرح بنيرانهم، والماء إلى من اختنق تحت الحصار.. أن يقفوا لا كشركاء في الجريمة، بل كشهود ضدها.. أن يرفضوا، حتى لو كلفهم ذلك كثيرًا، لأن ما يُكلفهم أكثر هو أن يعيشوا دهورًا في مرآة التاريخ كمجرمين وان كان هذا ليس غريبا عنهم, فهم كانوا قتلة الانبياء واليوم هم قتلة الصحفيين, لأن الانبياء والصحفيين صوت الضمير الذي يأتي لنا بالحقيقة التي يخافون منها.
فلتُفتح المعابر، لا بقرار من نتن ياهو قاتل الاطفال والنساء ولا من فرعون مصر الشديد على شعبه الرحيم الودود مع الاقوياء والاغنياء ، بل بأيدي البشر. فليحمل كل فرد رغبته في السلام، في وجه آلة الحرب. فليكن الحصار مكسورًا بالضمير، لا بالصفقات.. لأن الضمير حين يستفيق يمكن أن يغير العالم ,لكنه حين يصمت يسقط في هاوية لا قرار لها.. وإن كانت ثمة بداية حقيقية لأي سلام، فهي في أن يدرك البشر مسؤوليتهم، وأن يعرفوا أن السكوت ليس حيادًا، بل مشاركة.. وأن أكثر الجرائم فظاعة ليست تلك التي يرتكبها المجرمون، بل التي يصمت الناس عنها.
جاسم محمد علي المعموري
21-8-2025



#جاسم_محمد_علي_المعموري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة هامة الى حكومة لبنان والمقاومة .. السلاح كوسيلة للمقاو ...
- وجهان لواقع واحد .. بوتن وترامب في عالم مضطرب.. رؤية شاملة
- بين الأمل في السلام ومخاطر التصعيد النووي .. ترامب وبوتين يل ...
- نداء عاجل للتحرك الدولي الفوري.. قتل الصحفيين جريمة كبرى
- ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) تسبيح الملائكة
- مفاهيم قوى التحرر في العالم ونظرتها الى الحرية
- ضرورة صناعة طبقة وسطى من حيث الدخل في العراق
- بطاقة سكن في جهنم
- اللقب ومعضلة وزير الداخلية
- قبلَ أن ينشقّ القمر
- سوء الادارة في المؤسسات الحوزوية
- ال سعود والانقلاب العسكري التركي الفاشل
- ياداعشي أين المفرْ
- من مذكراتي عن اهل الفلوجة الكرام .. *
- ستورقُ في الرمال لنا نمورُ
- نداء الى جميع الاحرار والمثقفين في العالم لشجب واستنكار اعدا ...
- مشتاق لك – شعر شعبي عراقي
- لو كشف لي الغطاء ما ازددت وطنية
- المسلمون ألد أعداء الاسلام
- تمرد ايها الشعب العراقي


المزيد.....




- وصفه بـ-المنحط-.. أول تعليق من ترامب على تفتيش منزل مستشاره ...
- اختفاء خيام ورصد مركبات إسرائيلية في مدينة غزة | بي بي سي تق ...
- جدل في الكويت بعد إغلاق صحيفة وقناة -الصباح- بسبب إسقاط جنسي ...
- كيف يؤثر اختيار الحذاء الخاطئ على صحة جسمك؟
- -لا أحد فوق القانون-.. مكتب التحقيقات الفيدرالي يدهم منزل بو ...
- اعتقاله أشعل السليمانية- من هو المعارض البارز لاهور شيخ جنكي ...
- من الكتابات الجدارية إلى عمليات القتل...كيف تجند إيران إسرائ ...
- سريلانكا: توقيف الرئيس السابق رانيل فيكريمسينجي على خلفية ته ...
- تحذير من استعمار أميركي جديد عبر الذكاء الاصطناعي
- أميركي يوثق فظائع ارتكبها متعاقدون مع مؤسسة -غزة الإنسانية- ...


المزيد.....

- حين مشينا للحرب / ملهم الملائكة
- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - جاسم المعموري - جرائم الحرب في غزة ومسؤولية المحتلين