أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - جاسم المعموري - حرق القران من بوابات السياسة ودهاليز المخابرات














المزيد.....

حرق القران من بوابات السياسة ودهاليز المخابرات


جاسم المعموري

الحوار المتمدن-العدد: 8448 - 2025 / 8 / 28 - 10:10
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


امرأة مرشحة لمنصب سياسي عام، تتجرأ على الصعود أمام الكاميرا، ممسكة بنسخة من القرآن الكريم، وتشعل فيها النار، وتصيح في هستيريا محمومة: "سيتم اغتصاب بناتكم وقطع رؤوس أبنائكم ما لم نوقف الإسلام مرة واحدة وإلى الأبد"، فإننا لا نقف أمام حادثة طائشة، بل أمام لحظة سقوط أخلاقي مروّع في قلب الحياة السياسية الأمريكية. هذه ليست كلمات سكران في حانة رخيصة. هذه تصريحات تُبث على الملأ عبر الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، صادرة عن امرأة تسعى لتمثيل منطقة في تكساس، الولاية التي تتفاخر بتاريخها الحضاري وثقافتها الإنجيلية. ومن موقع طموح سياسي، تعلن جوميز تعهّدها العلني بـ"إنهاء الإسلام" في ولاية أمريكية، وكأن الإسلام كائن غازي يجب إبادته، لا عقيدة يدين بها ملايين الأمريكيين المواطنين الذين وُلدوا وترعرعوا ودرسوا وعملوا في هذا البلد.
جوميزأو (جاموسة) سمها بما شئت قامت بعمل تحريضي ارهابي بكل معنى الكلمة.. نعم، إرهابي, لأن الإرهاب ليس فقط من يحمل سلاحا ويطلق النار، بل من يُلقي كلمات مسمومة تُشعل حرائق في القلوب وتزرع الكراهية وتُهيئ الأرضية لسفك الدماء, لذلك كل من يحمل أعواد ثقاب الكراهية ويشعلها في غابة من الغضب والخوف، مسؤول عن كل شرارة تنطلق منها.
هذه المرأة لم تكتفِ بإهانة ملياري مسلم، بل أهانت فكرة أمريكا ذاتها، أمريكا التي قامت على حرية المعتقد، على المساواة أمام القانون، على التنوع الذي يُفترض أن يكون مصدر قوة لا مبررًا للشيطنة, إنّ من يحرق كتابًا مقدسا لا يحرق أوراقًا، بل يحرق الجسور بين الناس, ومن يصف أبناء ديانة معينة بأنهم مغتصِبون وقتلة، يفتح الباب أمام المجازر، ولو بالكلمات.
جوميز لم تهاجم فقط المسلمين، بل أعلنت الحرب على الافارقة السواد، والمهاجرين، وكل من لا يدخل في قالبها العرقي والديني الضيق. كلماتها تقطر بعنصرية منقوعة في بركة آسنة, ومدفوعة بحقد لا اساس له، وكأنها تتحدث من عالم خيالي من العصور الوسطى، حيث يُقتَل الآخر لأنه يختلف، ويُعدَم لأنه لا يصلي نفس الصلوات. لو كان مسلم أمريكي قد فعل عُشر ما قامت به، لاعتُقِل فورًا، واتُهم بالإرهاب، ووُضِع اسمه في قوائم اتهامات لا تنتهي. أما هي، فتقف بكامل وقاحتها، تحرق القرآن، وتتبجّح بأن أمريكا دولة مسيحية "وعلى المسلمين أن يذهبوا إلى 57 دولة أخرى مسلمة". من أعطاها هذا الحق؟ من خوّلها أن تدعو الى طرد أبناء هذا الوطن من وطنهم؟ من نصبها حاكمة على العقائد والأرواح؟
أي ديمقراطية هذه التي تسمح بتسويق مثل هذا الخطاب دون محاسبة؟ أية عدالة هذه التي تجعل من جملة "أوقفوا الإبادة في فلسطين" تهمة بـ"معاداة السامية"، بينما تمر عبارات مثل "اقطعوا رؤوس المسلمين" تحت مظلة "حرية التعبير"؟ من قال إن حرية التعبير تشمل التحريض على الإبادة؟ هل من المقبول قانونًا أن أقول "يجب قتل المسيحيين" أو "يجب طرد اليهود"؟ لا- بالتاكيد- لا.. إذًا لماذا يُسمح لفالنتينا جوميز أن تقول ما قالت، دون أن تهتز لها طاولة في الكونغرس؟ هل صارت الكراهية وظيفة سياسية، والكذب المقدّس برنامجًا انتخابيًا؟ هل نحن امام مجانين سفلة يبحثون عن الشهرة الزائفة ؟ ام ان المخابرات تريد عينات لمختبراتها ؟ ام اننانشهد انحطاطا اخلاقيا لامثيل له ينذر بسقط ونهاية الديمقراطية ؟ أسألة كثيرة تطرح هنا وتحتاج الى من يجيب عليها من اهل الاختصاص والمعرفة.
انا لا اكتب عن امرأة جاهلة، بل عن نظام يتيح لها أن تصعد. عن بنية تسمح بتصعيد الجهل والعنصرية لتصبحا أدوات انتخاب،عن عار لا حساب عليه. ووراء كل فالنتينا جوميز، هناك آلاف يصفقون، ويتحمسون، ويضعون أوراقهم في صناديق الاقتراع، معتقدين أنهم "يدافعون عن أمريكا"، بينما هم يهدمونها من الداخل.
أمريكا اليوم أمام خيارين: إما أن تكون أمة ناضجة، تقف بكل قوة ضد كل خطاب يُهدّد وحدة شعبها، أو أن تتحول إلى ساحة احتراب داخلي دائم، حيث كل أقلية تتحصّن، وكل طائفة تشكّ في الأخرى، وحيث يصبح الدين خندقًا لا جسرًاتشتعل فيه نيران الفتن فإن الجميع ساقط فيه لا محالة, ولا يظنن أحد أن النار التي بدأت عند المسلمين ستبقى عندهم, من يُحَرِّض على مسلم اليوم، سيحرّض غدًا على يهودي، او بوذي, أو مهاجر، أو أسود، أو فقير.. وهذه النار لا تفرق بين اخضر او يابس، ومَن يبارك اشتعالها، سيكتوي بها ولو بعد حين.
وإننا، - يجب علينا- ان نصرخ في وجه هذا الجنون، وان نوقفه عند حده .. كفى.. كفى متاجرة بالدين.. كفى ترويعًا للأقليات.. كفى تمثيلًا زائفًا لله على الأرض, الإله الذي تستدعيه جوميز ليس إله المسيح، ولا إله المحبة، ولا حتى إله العقل. بل إله صغير خلقته أحقادها وأوهامها.
على أمريكا أن تختار الآن إما أن تكون دولة قانون وحريات، أو أن تصبح ملعبًا للكراهية المنفلتة, فالخيار ليس بين المسيحية والإسلام او اليهودية او البوذية او غيرها، بل بين الحضارة والهمجية، بين الحرية والديكتاتورية المقنّعة, وعلى كل إنسان شريف أن يقولها علنًا, نحن نقف مع كرامة الإنسان، مع حرية العقيدة، مع احترام المقدسات، ضد الحرق، ضد الشيطنة، ضد الإرهاب السياسي.
ولفالنتينا جوميز اقول, لم ولن يُهزم دين بحرق كتاب ، ولم تُطفأ فكرة بإشعال النيران، ولم تُبنَ أمة على ركام كتاب مقدس. ولكن التاريخ لا يرحم، والناس لا تنسى, وكل كلمة قلتِها، وكل حقدٍ نفثتِه، سيبقى شاهدًا على زمن كان فيه الظلام يتسلل من بوابات السياسة ودهاليز المخابرات.
جاسم محمد علي المعموري
28-8-2025



#جاسم_محمد_علي_المعموري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استراليا تطرد سفير ايران .. من المستفيد؟!
- مجنون يتنبأُ بالغضب العارم!
- غزة المجوعة بين صرخات الجياع ومسرحيات مجلس الامن!
- جرائم الحرب في غزة ومسؤولية المحتلين
- رسالة هامة الى حكومة لبنان والمقاومة .. السلاح كوسيلة للمقاو ...
- وجهان لواقع واحد .. بوتن وترامب في عالم مضطرب.. رؤية شاملة
- بين الأمل في السلام ومخاطر التصعيد النووي .. ترامب وبوتين يل ...
- نداء عاجل للتحرك الدولي الفوري.. قتل الصحفيين جريمة كبرى
- ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) تسبيح الملائكة
- مفاهيم قوى التحرر في العالم ونظرتها الى الحرية
- ضرورة صناعة طبقة وسطى من حيث الدخل في العراق
- بطاقة سكن في جهنم
- اللقب ومعضلة وزير الداخلية
- قبلَ أن ينشقّ القمر
- سوء الادارة في المؤسسات الحوزوية
- ال سعود والانقلاب العسكري التركي الفاشل
- ياداعشي أين المفرْ
- من مذكراتي عن اهل الفلوجة الكرام .. *
- ستورقُ في الرمال لنا نمورُ
- نداء الى جميع الاحرار والمثقفين في العالم لشجب واستنكار اعدا ...


المزيد.....




- كيت بلانشيت تعيد ارتداء الفستان الأسود ذاته بعد 3 سنوات في ا ...
- عمليات برية مكثّفة وقصف متصاعد.. هل بدأ الهجوم الفعلي على مد ...
- حرب الصواريخ والمسيّرات.. لماذا تعجز إسرائيل عن كبح الحوثيين ...
- بعد انتحار مراهق أمريكي.. -شات جي بيتي- في قفص الاتهام
- تلويح أوروبي بعقوبات وطهران تستعد -لأسوأ السيناريوهات-
- الناشط الكيني بونيفاس موانغي يخوض تحدي انتخابات الرئاسة
- كلوني وستون نجما افتتاح مهرجان فينيسيا.. و-صوت هند رجب- من غ ...
- الكوليرا تفتك باليمنيين وسط ضعف الخدمات الصحية
- قصف روسي مكثف استهدف مناطق سكنية في العاصمة كييف
- الليكود الإسرائيلي يواجه تحولات كبرى ومستقبلا غامضا بسبب نتن ...


المزيد.....

- الاقتصاد السياسي لمكافحة الهجرة / حميد كشكولي
- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - جاسم المعموري - حرق القران من بوابات السياسة ودهاليز المخابرات