أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حجي قادو - لمحة تاريخية عن الكُرد وعلاقتهم بالدول الإقليمية: بين التوظيف والخذلان















المزيد.....

لمحة تاريخية عن الكُرد وعلاقتهم بالدول الإقليمية: بين التوظيف والخذلان


حجي قادو

الحوار المتمدن-العدد: 8489 - 2025 / 10 / 8 - 16:09
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


منذ فجر التاريخ، وقبل عام 612 قبل الميلاد في عهد "كاوا الحداد"، كان الشعب الكردي موجودًا على أرض ميزوبوتاميا (بلاد ما بين النهرين)، محاصرًا بين فكي كماشة القوى الإقليمية المتصارعة، لا سيما بين الإمبراطوريتين الصفوية والعثمانية.

ورغم عمق الوجود التاريخي للكُرد على أرضهم، إلا أنهم كانوا دومًا عرضة للتوظيف السياسي والاستغلال من قِبل قوى إقليمية ودولية، غالبًا باسم الدين أو الاخوة أو التحالفات المؤقتة.

العثمانيون والكُرد: تحالف هش وخيانات متكررة

كانت العلاقة بين الكُرد والدولة العثمانية علاقة معقدة ومبنية على المصالح المتبادلة، لكنها كانت في معظم الأحيان لصالح الطرف العثماني.

ففي عهد إدريس البدليسي، جرى توحيد العديد من الإمارات والعشائر الكردية تحت راية العثمانيين، وتم تجنيد الشباب الكردي في جيش السلطنة العثمانية، مقابل وعود مالية ومكانة اجتماعية، كما ورد في كتاب "تاريخ كُرد وكردستان" للمؤرخ الكردي محمد أمين زكي، وكتاب "تاريخ الإمارات الكردية".

وقد شارك الكرد بقوة في معركة جالديران عام 1514 إلى جانب السلطان العثماني سليم الأول ضد الصفويين، وكانوا في طليعة جيشه. إلا أن هذه المعركة كانت أول خديعة كبرى، حيث استُخدم الكرد كدرع بشري في مقدمة الجيش العثماني، بينما بقيت القوات العثمانية الأساسية في الخلف.

هذه الخديعة ليست استثناءً تاريخيًا، بل أصبحت نمطًا تكرّس في تعامل الدول المغتصِبة لكردستان مع الشعب الكردي إلى يومنا هذا.

التحالفات الدينية كغطاء للاستغلال

في التاريخ المعاصر، كرّرت دولٌ عربية وإسلامية نفس النمط في استغلال الكُرد، بذريعة مواجهة "الخطر الشيعي" أو "الخطر الأجنبي".
فعلى سبيل المثال، قام الملك السعودي بدعوة مسعود بارزاني في زيارة رسمية، وقدّم له دعمًا ماليًا تحت ذريعة "دعم الإسلام السني" في وجه التمدد الشيعي، ولكن دون أي التزام حقيقي بدعم الحقوق القومية الكردية.

معاهدات مفصلية: من سيفر إلى لوزان

أثناء الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، قاتل الكُرد مرة أخرى إلى جانب الدولة العثمانية ضد الروس والفرنسيين والبريطانيين، ظنًا منهم بأن الولاء سيُقابل بالاعتراف بحقوقهم.
وبالفعل، نصّت معاهدة سيفر عام 1920 على إنشاء كيان كردي مستقل، كما نصّت على حقوق الأرمن. إلا أن هذه المعاهدة أُلغيت لاحقًا عبر معاهدة لوزان المشؤومة عام 1923، بعد تحالف مصطفى كمال أتاتورك مع دول الحلفاء، مما أسفر عن ضياع الحلم الكردي في إقامة دولة مستقلة.
الأدهى من ذلك، أن الدستور التركي الجديد بعد عام 1923 لم يأتِ على ذِكر الكُرد ولا حتى باعتبارهم أقلية عرقية، بل أُدرجت الأقليات الدينية فقط، وتم إنكار وجود الكُرد بالكامل.

ظهرت بعد ذلك الفاشية الطورانية، التي روّجت لمقولة:
"لا وجود للكُرد... كلنا طورانيون، جسد واحد، وطن واحد."

خذلان متكرر وتحذيرات دولية

وفي خضم محاولات الكُرد لنيل حقوقهم المشروعة، تكرر الخذلان حتى من القوى الغربية.
فقد حذّر القنصل الفرنسي الأسبق في كردستان، فريدريك تيسو، من الثقة الزائدة بوعود الدول الكبرى بشأن "بدائل الاستفتاء"، وقال:
"لا تنسوا أبدًا أن صديقكم كيسنجر طعنكم في عام 1975 عبر اتفاق الجزائر، الذي أنهى الحركة الثورية الكردية."
في حين صرّح بريت ماكغورك، مبعوث الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب، بأن الولايات المتحدة لا ترى أن "الوقت مناسب" لاستفتاء استقلال كردستان، في إشارة إلى استفتاء 2017.

من عام 1923 حتى 2015، يقول أحد مؤرخي الكُرد:

"لقد خُدع الكرد 36 مرة من قبل العثمانيين، رغم أنهم أسّسوا إماراتهم الخاصة تحت مظلة الدولة العثمانية، إلا أنهم لم يجنوا منها سوى الخيبات.

من الانتفاضات إلى الكفاح المسلح

نتيجة التراكم التاريخي للخذلان والقمع، تأسس حزب العمال الكردستاني (PKK) بقيادة عبدالله أوجلان عام 1978، وانتهج الكفاح المسلح ضد الدولة التركية ابتداءً من عام 1984، بعد عقود من النضال القومي والثورات بقيادة رموز كردية مثل: شيخ سعيد بيران، سيد رضا، عبد الرحمن قاسملو، وغيرهم.

تقسيم كردستان: جرح لم يندمل

تم تقسيم كردستان إلى أربع أجزاء بموجب اتفاقية سايكس–بيكو الاستعمارية بين بريطانيا وفرنسا، لتُصبح كل من تركيا، العراق، إيران، وسوريا دولًا مغتصِبة للأراضي الكردية.

ورغم اشتراك هذه الدول في قمع الشعب الكردي، إلا أن شدة الاضطهاد تفاوتت حسب طبيعة الأنظمة:

تركيا: الأكثر قمعًا.

تهجير نحو 3200 قرية كردية.
حظر اللغة الكردية، حتى في الأغاني والمدارس
فرض سياسة التتريك الكاملة.

العراق: استخدام الأسلحة الكيماوية ضد الكُرد (قصف حلبجة 1988).

حملة الأنفال وتدمير 4500 قرية كردية.

سياسة التعريب في كركوك.
لولا التدخل الأمريكي وفرض الحظر الجوي عام 1991، لما كان للكُرد في العراق كيانٌ سياسي.

إيران: قمع سياسي، إعدامات ميدانية، وحرمان من الحقوق الثقافية.
إسقاط أول جمهورية كردية (مهاباد) عام 1946.
إعدام القاضي محمد بدعم روسي بعد 11 شهرًا من إعلان الجمهورية.

سوريا: سحب الجنسية من مئات الآلاف من الكرد.
حرمان من الحقوق المدنية والتعليم.
فرض "الحزام العربي" لتعريب المناطق الكردية.
تغيير أسماء القرى والمدن الكردية إلى أسماء عربية.

الجغرافيا والديموغرافيا الكردية

من حيث المساحة وعدد السكان الكُرد:

1. تركيا: أكبر جزء من كردستان يقع ضمن حدودها، وتضم أكبر نسبة من السكان الكُرد.

2. العراق: الجزء الثاني من حيث الأهمية والمساحة.

3. إيران: ذات نفوذ كبير وتأثير على الملف الكردي.

4. سوريا: الجزء الأصغر جغرافيًا، لكنه حيوي سياسيًا واستراتيجيًا.

خاتمة

إن التاريخ الكردي حافل بالثورات والتضحيات، لكنه أيضًا مثقل بالخداع والخذلان من قبل الأنظمة الإقليمية والدولية.
ورغم كل المعاناة، لا يزال الشعب الكردي يقاوم، باحثًا عن مكانٍ تحت شمس العدالة والحرية.

"ليس للكرد حلفاء سوى الجبال"، كما يقول المثل الشهير، لكن الشعوب التي تصنع التاريخ لا تنتظر هدايا القدر، بل تنتزع حقوقها بثبات وإرادة.



#حجي_قادو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول ما تسرّب من لقاء الشرع وعبدي في دمشق على خلفية أحداث حيي ...
- بين مركزية الدولة السورية ولا مركزيتها: صراع على حساب الفقرا ...
- بين التصعيد والتناقض: قراءة في الخطاب التركي تجاه المسألة ال ...
- الهواجس التركية تجاه مشروع الحكم الذاتي في روج آفا
- عيد نوروز بلا عطلة... والهوية الكردية بلا اعتراف!
- الانتخابات السورية بين -منزلتين-: شرعية مفقودة ومسرحية مكشوف ...
- من يهدّد وحدة الأراضي السورية اليوم؟
- لا تسلموا السلاح... لا تسلموا القضية الكوردية
- قسد… صمام الأمان في وجه الفوضى السورية
- المشروع الاستراتيجي للشرق الأوسط الجديد: خارطة طريق لتحقيق أ ...
- الكورد بين التاريخ والحق: رؤية حقوقية وسياسية
- تركيا بين صراع الأجنحة وتآكل الداخل
- من يهدّد وحدة سوريا؟
- التحولات الجغرافية... وانعكاسات الانفصال على مسار الدول الحد ...
- سورية الجديدة بين غياب القانون وفوضى السلاح
- الكورد بين حق تقرير المصير ومعضلة الشوفينية الإقليمية
- الكورد في سوريا بين سياسات البعث وجريمة الحزام العربي
- سورية بين فتات التبرعات وحكومات التسوّل
- الكورد بين قرنٍ من المعاناة وتحديات الحاضر
- عن -الشرعية- التي يمنحها ترامب لأردوغان .


المزيد.....




- بعدما لوّح ترامب باستخدامه.. ما هو قانون مكافحة التمرد بأمري ...
- رأي.. جيفري ساكس وسيبيل فارس يكتبان: خطة سلام من 20 نقطة بدو ...
- تفاؤل يسود مفاوضات شرم الشيخ، والسيسي يدعو ترامب لحضور مراسم ...
- هل تفرض ألمانيا رقابة على تطبيقات المحادثات الإلكترونية؟
- لماذا يجري الجيش الفرنسي اختبارات إطلاق طائرات مُسيرة انطلاق ...
- رواية -إسم الملوك-: لبنان أرض الأساطير إلى أن جاءت الحرب... ...
- إسبانيا وإسرائيل.. تاريخ من العلاقات المضطربة
- توغلان إسرائيليان وإصابة مدني بالرصاص في القنيطرة
- واشنطن تايمز: هكذا تستغل روسيا الهجرة للضغط على الغرب
- شاهد لحظة اعتراض القوات الإسرائيلية لأسطول مساعدات متجه لغزة ...


المزيد.....

- كتاب دراسات في التاريخ الاجتماعي للسودان القديم / تاج السر عثمان
- كتّب العقائد فى العصر الأموى / رحيم فرحان صدام
- السيرة النبوية لابن كثير (دراسة نقدية) / رحيم فرحان صدام
- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حجي قادو - لمحة تاريخية عن الكُرد وعلاقتهم بالدول الإقليمية: بين التوظيف والخذلان