حجي قادو
الحوار المتمدن-العدد: 8478 - 2025 / 9 / 27 - 09:33
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
قال ترامب لأردوغان ذات مرة في امريكا على هامش جمعية امم المتحدة : "سأمنحك الشرعية"، عبارة تختزل الكثير من الدلالات السياسية العميقة. فالمقصود هنا ليس مجرد اعتراف شكلي، بل إيحاء واضح بأن شرعية أردوغان محل شك، وكأن الانتخابات الرئاسية في تركيا لم تكن خالية من التلاعب أو الشبهات، وأن الحكم القائم يفتقر إلى الأسس الديمقراطية الحقيقية.
ترامب، الذي ينظر إلى العلاقات الدولية بمنطق الصفقات، يربط منح هذه "الشرعية" بشروط اقتصادية واستراتيجية محددة: شراء الغاز الطبيعي المسال الأمريكي، وعقد صفقات بمليارات الدولارات مع شركة بوينغ، وتقديم تنازلات في ملفات حساسة، بل وحتى القبول بصفقات ذات طابع نووي أو متعلقة بالمعادن النادرة. الشرعية، في عرف ترامب، ليست نابعة من صناديق الاقتراع أو من إرادة الشعب، بل من قدرة الزعيم على الدفع والشراء وعقد الصفقات.
وليس غريباً أن يصرّح توماس باراك، أحد المقربين من ترامب، بأن أردوغان "يبحث عن الشرعية"، فهذه العبارة تعكس إدراكاً عميقاً لحاجة النظام التركي لتغطية سياسية خارجية تعوّض ما فقده داخلياً. ومن هنا، تصبح "الشرعية" التي يتحدث عنها ترامب سلعة سياسية تُباع وتشترى، تُمنح مقابل المال والتنازلات، وتُسحب متى توقفت المصالح.
وتزداد الصورة وضوحاً عند استحضار اللقاءات التي جمعت أردوغان بنجل ترامب في إسطنبول، وما رافقها من أحاديث عن ملفات فساد معقّدة تطال الدائرة الضيقة المحيطة بالرئيس التركي وعائلته. فالمعادلة واضحة: ترامب يلوّح بالشرعية كورقة ضغط ومساومة، ويقول صراحة: "ادفع الأموال، واشتري ما تشاء، وسأتغاضى عن فسادك وأمنحك الشرعية التي تبحث عنها."
إنها شرعية زائفة، تُصاغ في أروقة المصالح، ولا تمت بصلة إلى الشرعية الشعبية أو الديمقراطية الحقيقية التي تُبنى على العدالة والشفافية ورضا الشعوب. وفي النهاية، لا أحد يعلم معنى هذه "الشرعية" أكثر من أردوغان نفسه.
#حجي_قادو (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟