أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حجي قادو - الكورد بين حق تقرير المصير ومعضلة الشوفينية الإقليمية














المزيد.....

الكورد بين حق تقرير المصير ومعضلة الشوفينية الإقليمية


حجي قادو

الحوار المتمدن-العدد: 8480 - 2025 / 9 / 29 - 16:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كيف يمكن لدولٍ متخلفة، منهارة، طائفية، أن تستعمر شعباً عريقاً مثل الشعب الكوردي الذي يمتلك مقومات دولة متقدمة، علمانية، ديمقراطية، منفتحة على قيم العصر؟
أليس من حق الكورد أن ينالوا استقلالهم بعد قرون من النضال والتضحيات، وبعد ما تعرضوا له من إبادة وحرمان وظلم ممنهج على يد الأنظمة الشمولية التي اغتصبت أرضهم وقمعت هويتهم؟

لقد آن الأوان للعرب، قبل غيرهم، أن يدركوا أنّ السياسات الشوفينية والعنصرية لم ولن تجلب لهم مجداً، بل أفرزت مزيداً من الأزمات والعداء مع الكورد. إنّ الشعب الكوردي لم يطالب يوماً باقتطاع أرضٍ من "الوطن العربي"، بل يطالب بحقه التاريخي المشروع في وطنه الذي وُجد منذ فجر التاريخ، على مساحة جغرافية شاسعة تعادل مساحات عدة دول عربية، وتُعرف بميزوبوتاميا قديماً. هذا الوطن يضم أكثر من ستين مليون كوردي موزعين بين العراق وسوريا وتركيا وإيران، إلى جانب الملايين في الشتات.

إنّ الكورد شعب مسالم، منفتح، يتفوق بثقافته المدنية على كثير من شعوب المنطقة، مقارنة بالأتراك والفرس والأنظمة العربية الشوفينية. وقد أثبتت التجربة أنّ عاصمة إقليم كوردستان، أربيل، اليوم أكثر تقدماً وتطوراً من بغداد من حيث العمران والبنية التحتية، وهو دليل على أنّ شعباً يمتلك هذا الوعي وهذه القدرة لا يجوز أن يُبقى رهينة لدول متخلفة تفتقد إلى مقومات الدولة الحديثة.

كوردستان لم تكن يوماً إقصائية، بل شكلت نموذجاً للتعايش السلمي، حيث يتساوى الجميع في الحقوق والواجبات: كورد، تركمان، آشوريون، كلدان، أرمن، يهود، وعرب. جميعهم يعيشون في فسيفساء اجتماعية متآخية، تُحترم فيها التعددية الدينية والقومية والثقافية.

ومن اللافت أنّ الكثير من المواطنين العرب، سواء من السنة أو الشيعة، يتمنون لو امتلكوا جنسية كوردستانية، لما تمثله من قيم الاستقرار والانفتاح والعدالة، وهذه ليست مبالغة بل حقيقة يلمسها من عاش التجربة أو قارَنها بواقع الدول المركزية المأزومة.

إنّ على العرب أن يتعاملوا مع "المسألة الكوردية" بعقلانية وحكمة سياسية، فبقاء الكورد تحت حكم أنظمة متخلفة سيضر بالجميع، بل سيعجّل بانهيار المنطقة. ولعلّ أبرز ما تخشاه طهران وأنقرة هو مشروع الاستقلال الكوردي، إذ تحتضن إيران ما يقارب عشرة ملايين كوردي، وتركيا نحو عشرين مليوناً، وسوريا أربعة ملايين، والعراق أكثر من سبعة ملايين، إضافة إلى ملايين الكورد في أوروبا وأمريكا والشرق الأوسط.

اليوم لم يعد الكورد وحدهم، بل باتت لهم حلفاء إقليميون ودوليون، كما أنّ تقاطع المصالح مع قوى كبرى كالولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وبريطانيا يعزز حضورهم السياسي. ورغم ذلك، ظلّ الكورد أوفياء لعلاقاتهم التاريخية مع العرب، فقد قاتلوا إلى جانبهم ضد الغزوات الخارجية، وقدموا قادة ورموزاً من أمثال صلاح الدين الأيوبي وملا مصطفى البارزاني، وصولاً إلى السيد مسعود البارزاني وغيرهم من قادة مثل شيخ سعيد بيران وقاص محمد و...... الخ .

لكن ما جناه الكورد في المقابل كان مؤامرات دولية، وتخاذلاً عربياً ودولياً عن نصرتهم، رغم إدراك الجميع أنهم شعب أصيل يمتلك مقومات الدولة: الأرض، التاريخ، الحضارة، واللغة.

إنّ استمرار إنكار الحقوق الكوردية سيقود إلى انفجارات سياسية وعسكرية لا تُحمد عقباها. فإذا ما تدخلت إيران وتركيا عسكرياً ضد تطلعات الكورد، فإنّ قوى دولية كبرى كأمريكا وإسرائيل قد تنخرط في المواجهة، فضلاً عن تضامن الكورد في الأجزاء الأخرى من كوردستان دعماً لإخوانهم.

وعليه، فإنّ التعامل مع كوردستان كعدو هو أخطر ما قد ترتكبه الأنظمة العربية، لأن الكورد يمكن أن يكونوا حليفاً استراتيجياً صادقاً، لا عبئاً أو تهديداً. المطلوب اليوم ليس المزيد من الإنكار، بل الاعتراف بالحقيقة التاريخية: أنّ للكورد حقاً أصيلاً في تقرير مصيرهم، وأنّ تجاهل هذا الحق لم يعد ممكناً في عالمٍ باتت فيه الشعوب أكثر وعياً وقدرة على فرض إرادتها.



#حجي_قادو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكورد في سوريا بين سياسات البعث وجريمة الحزام العربي
- سورية بين فتات التبرعات وحكومات التسوّل
- الكورد بين قرنٍ من المعاناة وتحديات الحاضر
- عن -الشرعية- التي يمنحها ترامب لأردوغان .
- إلى من يهمّه الأمر في الشأن السياسي السوري
- اتفاق العاشر من آذار... بين السقوط السياسي وتكريس الإقصاء
- فلسطين وكردستان ... قراءة في مفارقة العلاقات والتحالفات
- احمد الشرع : من سردٍ فاشل إلى خطاب كاذب الأمم المتحدة
- قتل على الهوية والانتماء: تقارير حقوقية تكشف الجرائم المغيبة
- تفاهمات جنوب سوريا .... بين ضرورات الأمن ومخاطر التنازلات
- قراءة في خطاب الجولاني الأخير في نيويورك حول القضية الكردية ...
- قراءة في خطاب الجولاني الأخير حول القضية الكردية في سوريا
- ازدواجية المواقف وحق الشعوب في تقرير مصيرها
- نحو الحل الوطني الشامل للأزمة السورية
- تشكيل مرجعية كردية في سوريا
- مشاريع تحالفات جديدة
- ردٌ على تصريحات أحمد الشرع


المزيد.....




- الحكومة السورية تصدر بيانا عن -هتافات مسيئة لمصر ترددت خلال ...
- ترامب: لا أحد يعلم ما يخبئه المستقبل للفلسطينيين.. وإيران ست ...
- ترامب يعلن عن خطة لإنشاء -مجلس السلام-.. شاهد كيف وصفه ومن س ...
- إنهاء حرب غزة والسلام الأبدي والشرق الأوسط الجديد والاتفاقيا ...
- هل يستنزف أصدقاؤك طاقتك؟ ثلاث طرق للتعامل مع الأشخاص السلبيي ...
- ترامب ونتنياهو يتفقان على خطة لإنهاء الحرب في غزة وينتظران م ...
- كوريا الشمالية: لن نتخلى أبدا عن ترسانتنا النووية
- إصابة شخصين جراء هجوم على سفينة شحن قرب عدن
- سيلفيا ساليس من رمي المطرقة إلى عمدة جنوة إلى غزة
- ميديا بارت: جولة مغن مؤيد لحرب إبادة غزة تثير جدلا في أوروبا ...


المزيد.....

- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حجي قادو - الكورد بين حق تقرير المصير ومعضلة الشوفينية الإقليمية