أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حجي قادو - بين مركزية الدولة السورية ولا مركزيتها: صراع على حساب الفقراء














المزيد.....

بين مركزية الدولة السورية ولا مركزيتها: صراع على حساب الفقراء


حجي قادو

الحوار المتمدن-العدد: 8488 - 2025 / 10 / 7 - 08:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إنّ الإصرار المتناقض بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في تبنّي نموذج اللامركزية والفيدرالية بوصفها ضرورة لبناء دولة ديمقراطية عادلة، وبين ما يُعرف بـ الحكومة السورية المؤقتة المتمسكة بنموذج المركزية القديمة المستمدة من نهج النظام البعثي البائد، ينذر باحتمال اندلاع مواجهة عسكرية قد تبدأ بمناوشات محدودة، لكنها قد تنتهي بكارثة مفتوحة العواقب، يكون ثمنها دماء الفقراء وأرواح الأبرياء.
وحينها، سيعود القادة أنفسهم إلى طاولات المفاوضات وكأن شيئاً لم يكن، بعد أن يُقدَّم الشعب السوري من جديد قرباناً لصراعاتهم العبثية.

المعضلة الجوهرية تكمن في أنّ كلا الطرفين لا يمتلك قراراً سيادياً مستقلاً نابعاً من الإرادة الوطنية السورية، إذ إنّ كلّاً منهما مرتهنٌ لأجندات إقليمية ودولية متشابكة، تُحرّكهما وفق مصالحها الخاصة. وهكذا، يتحوّل أيّ صدام محتمل بين الطرفين إلى انعكاسٍ لصراعات الخارج أكثر مما هو تعبير عن إرادة الداخل أو عن حاجة السوريين الفعلية إلى الاستقرار والأمن.

لقد أنهكت الحروب والنزاعات الشعب السوري لأكثر من أربعة عشر عاماً، ولم يعُد يبحث عن نصرٍ عسكريٍّ بقدر ما يتوق إلى سلامٍ وعدالةٍ وكرامةٍ إنسانية.

اليوم، وبحسب ما تنقله وسائل الإعلام، تتصاعد الحشود العسكرية في دير حافر، حيث يقف الطرفان وجهاً لوجه على خطوط التماس، فيما تُفرض من جهةٍ أخرى حالة حصار على حيّي "الشيخ مقصود والأشرفية" الكرديّين في حلب من قبل قوات الأمن العام التابعة للحكومة المؤقتة، استعداداً لما يُسمّى بـ “ساعة الصفر”. غير أنّ الرابح الأكبر من هذه المواجهة لن يكون لا "دمشق" ولا "القامشلي"، بل أنقرة وحدها، التي تتقن سياسة تأجيج الفتن الداخلية بين القوى السورية لتغطية أزماتها المتفاقمة وإسكات المعارضة التركية، عبر تصدير أزماتها والانشغال بحروب خارجية.

ولنا في ذلك شواهد كثيرة: من عملية "درع الفرات" إلى "غصن الزيتون" ثم "نبع السلام"، وصولاً إلى التدخلات المستمرة في الساحل السوري والسويداء، وكلّها تهدف إلى توسيع النفوذ التركي تحت ذرائع واهية.

ولا يمكن تصديق الخطاب الدعائي التركي حول “نصرة غزة” أو الدفاع عن "فلسطين”، فهو لا يتجاوز دموع التماسيح التي تُستخدم في سياقٍ براغماتيٍّ لخداع القواعد الشعبية، ولا سيما جماعة الإخوان المسلمين، عبر خطابٍ عاطفيٍّ فارغٍ من أي مضمونٍ عمليٍّ حقيقي.

وفي المقابل، لم نسمع من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تصريحاً واحداً يُدين فيه الانتهاكات الإسرائيلية في جنوب سوريا، على الرغم من أنّ أنقرة تزعم دوماً أنها “الوصيّ على الشعب السوري”. والأسوأ من ذلك أنّ مناطق واسعة في الجنوب السوري خرجت كليّاً أو جزئياً من سيطرة الحكومة المؤقتة، وسط أنباءٍ عن شروطٍ إسرائيليةٍ تُفرض على أبو محمد الجولاني مقابل توقيع اتفاق تسوية يمنحه اعترافاً غير مباشر بسلطته في تلك المناطق.

والمفارقة الصارخة أنّنا لم نشهد مواجهة سورية حقيقية مع إسرائيل منذ عقود، في حين يواصل بعض مستشاري النظام في دمشق – ومنهم أحمد موفق زيدان – التأكيد على أنّ أولوية الحكومة السورية اليوم هي “النهوض بالاقتصاد” ومواجهة قوات سوريا الديمقراطية، لا مواجهة إسرائيل. وكأنّ شمال شرق الفرات (روج آفا) هو العدو الحقيقي، لا إسرائيل التي ما زالت تحتل هضبة الجولان السوري منذ عام 1967.
فالنظام السوري – الأب والابن – لم يتنازل يوماً عن الجولان لفظياً، لكنه في الوقت ذاته لم يطلق رصاصة واحدة لاستعادته فعلياً.

إنّ المشهد السوري الراهن يُظهر بوضوح أنّ القرار الوطني لم يعُد بيد السوريين، بل أصبح رهينةً للإرادات الإقليمية، وعلى رأسها تركيا، فيما يبقى الفقراء وحدهم من يدفعون الثمن. وهكذا تتحوّل القضية الوطنية السورية إلى ورقة مساومةٍ في أيدي القوى الدولية والإقليمية، تُستخدم وفق مصالحها وأجنداتها.

ولو عدنا إلى بدايات الثورة عام 2011، لوجدنا أنّ الثورة التي انطلقت بشعارات الحرية والكرامة، تحوّلت خلال أشهرٍ قليلة إلى ثروةٍ وثرثرةٍ، وإلى منصّاتٍ للتطرّف والإرهاب يديرها “أمراء” متشددون ومصاصو دماء، يتقاتلون فيما بينهم على السلطة والهوية والانتماء. بهذه العقلية المتخشبة، انزلقت سوريا إلى مستنقع دمويٍّ لا أفق للخلاص منه.

ولن يكون هناك أمل بالإنقاذ ما لم تولد ثورة مضادّة حقيقية تُعيد الاعتبار إلى قيم الثورة الأولى: الحرية، والكرامة، والعدالة، والمواطنة، بعيداً عن الارتهان للخارج أو التبعية للقوى الإقليمية.

وسأبقى ما حييت صوت كل مظلوم في روج آفا وفي عموم سوريا:
صوت السنيّ الذي تُسرق أحلامه ويُجبر على ما لا يريد،
وصوت الدرزيّ الذي يُقتل فقط لانتمائه،
وصوت العلويّ الذي يُذبح لأنه من طائفة الرئيس السابق،
وصوت المسيحيّ الذي صودرت حقوقه وأُخمدت صرخاته،
وصوت الكرديّ الذي تتآمر عليه تركيا وإيران وسوريا والعراق، في محاولةٍ لإنهاء وجوده وطمس هويته القومية، ومنعه من إقامة أي كيانٍ حرٍّ يُعبّر عن إرادته، تلك الإرادة التي سُلبت منه منذ اتفاقية سايكس – بيكو المشؤومة.



#حجي_قادو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين التصعيد والتناقض: قراءة في الخطاب التركي تجاه المسألة ال ...
- الهواجس التركية تجاه مشروع الحكم الذاتي في روج آفا
- عيد نوروز بلا عطلة... والهوية الكردية بلا اعتراف!
- الانتخابات السورية بين -منزلتين-: شرعية مفقودة ومسرحية مكشوف ...
- من يهدّد وحدة الأراضي السورية اليوم؟
- لا تسلموا السلاح... لا تسلموا القضية الكوردية
- قسد… صمام الأمان في وجه الفوضى السورية
- المشروع الاستراتيجي للشرق الأوسط الجديد: خارطة طريق لتحقيق أ ...
- الكورد بين التاريخ والحق: رؤية حقوقية وسياسية
- تركيا بين صراع الأجنحة وتآكل الداخل
- من يهدّد وحدة سوريا؟
- التحولات الجغرافية... وانعكاسات الانفصال على مسار الدول الحد ...
- سورية الجديدة بين غياب القانون وفوضى السلاح
- الكورد بين حق تقرير المصير ومعضلة الشوفينية الإقليمية
- الكورد في سوريا بين سياسات البعث وجريمة الحزام العربي
- سورية بين فتات التبرعات وحكومات التسوّل
- الكورد بين قرنٍ من المعاناة وتحديات الحاضر
- عن -الشرعية- التي يمنحها ترامب لأردوغان .
- إلى من يهمّه الأمر في الشأن السياسي السوري
- اتفاق العاشر من آذار... بين السقوط السياسي وتكريس الإقصاء


المزيد.....




- ليلة من الأحداث الدامية في حلب.. واتهامات متبادلة بين دمشق و ...
- ألبانيا: مصرع قاض إثر حادثة إطلاق نار داخل المحكمة
- اليمن: الحوثيون يعتقلون تسعة موظفين أمميين وغوتيريس يدعو إلى ...
- أوروبا أصبحت أكبر مناصر لغزة والمستقبل يحتاج خطة
- عاجل | وسائل إعلام إسرائيلية: صفارات الإنذار تدوي في شمال قط ...
- مباحثات شرم الشيخ.. مخاوف حماس و-الخط الأصفر- الإسرائيلي
- -سيري- تحت المجهر.. تحقيق فرنسي جديد ضد شركة -آبل-
- مصر.. مباحثات حماس وإسرائيل تهدف لوضع -إطار زمني- للهدنة
- ترامب: أريد أن أعرف ماذا ستفعل أوكرانيا بصواريخ -توماهوك-؟
- ميركل: دول البلطيق عطلت الحوار مع بوتين قبل حرب أوكرانيا


المزيد.....

- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حجي قادو - بين مركزية الدولة السورية ولا مركزيتها: صراع على حساب الفقراء