أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سامي ابراهيم فودة - عامان على النكبة الجديدة… غزة بين الرماد والرجاء














المزيد.....

عامان على النكبة الجديدة… غزة بين الرماد والرجاء


سامي ابراهيم فودة

الحوار المتمدن-العدد: 8488 - 2025 / 10 / 7 - 20:57
المحور: القضية الفلسطينية
    


7/10/2025م

عامان مرا على السابع من أكتوبر… عامان من الدم والحصار، من الرماد والوجع، من نكبةٍ جديدة لم يشهد لها التاريخ مثيلًا منذ مأساة العام 1948.
عامان سقطت فيهما غزة من السماء إلى الجحيم، بين قصفٍ لا يتوقف، وجوعٍ لا يُحتمل، وصمتٍ عالميٍّ يقتل أكثر من الصواريخ.

لم تعد النكبة كلمة تُذكر في كتب التاريخ، بل صارت واقعًا حيًّا نعيشه في كل بيتٍ مهدّم، في كل أمٍّ تبحث عن طفلها تحت الركام، في كل عائلة تنام على صدى الطائرات بدلًا من نغمة الأذان.
منذ السابع من أكتوبر 2023، تغيرت ملامح غزة كما لم تتغير يومًا:
كانت مدينةً تصارع الحصار، فأصبحت أرضًا تحاول النجاة من الإبادة.

حرب الإبادة… وولادة الموت من جديد

شنّت إسرائيل حربها على القطاع بوحشية غير مسبوقة، لا لشيء إلا لأنها أرادت أن تطفئ نور الحياة في غزة.
خلال عامين، قُتل عشرات الآلاف من المدنيين، وجُرح مئات الآلاف، ودمّرت أكثر من 80% من البنية التحتية: منازل، مدارس، مستشفيات، مساجد، جامعات، وحتى المقابر لم تسلم.
تحوّلت غزة إلى مدينةٍ من الغبار، تُحصى فيها الجثث بالأرقام، وتُدفن فيها الذكريات قبل أصحابها.

مأساة الإنسان الغزّي

لم يعد الفلسطيني في غزة يسأل عن الكهرباء أو الماء، بل يسأل: “هل ما زال لي بيت؟ هل بقي لي ابن أو أم أو زوجة؟”
المشهد الإنساني يفوق الوصف:
ملايين النازحين في خيامٍ تبتلعها الأمطار، وأطفالٌ بوجوهٍ شاحبة من الجوع، ونساءٌ يقطعن الطرق بحثًا عن حفنة دقيق، وشيوخٌ يموتون بصمت على أعتاب المراكز الصحية المدمرة.
حتى البحر الذي كان ملاذًا للفقراء، صار شاهدًا على مأساة جديدة، حين لفظ جثث الغرقى الذين حاولوا الهرب من جحيم لا ينتهي.

الانقسام والعار السياسي

ومع كل هذا الخراب، بقي الانقسام الفلسطيني عنوان المرحلة.
لم تتوحد الكلمة، ولم تتصافَ القلوب، وكأن الدماء التي سالت لم تكن كافية لتجمعنا على كلمة الوطن.
السلطة هنا مغيّبة، والفصائل هناك تتنازع الوهم، والناس وحدهم يدفعون الثمن مضاعفًا بين الاحتلال والفصائلية.
غزة اليوم لم تعد ضحية القصف فقط، بل ضحية الصمت والانقسام وسوء القيادة، وضحية من باعوا القضية في أسواق السياسة.

العالم الصامت… شريك في الجريمة

عامان من المجازر، والعالم ما زال يتحدث عن “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”!
أي دفاع هذا الذي يقتل الأطفال في مدارس الأونروا؟
أي عدلٍ في أن يُمنع عن غزة الدواء والغذاء والماء، ويُترك شعبها يواجه الموت في عزّ النهار؟
إن الصمت الدولي على هذه الجريمة هو مشاركة في تنفيذها، وإن كل يدٍ لم تمتد لإنقاذ غزة، هي يدٌ ساهمت في دفنها.

انهيار القيم والأمل

لم تعد غزة تبحث عن النصر، بل عن لقمة نجاة.
القيم تهاوت، الأخلاق انكسرت، والثقة تآكلت.
في ظل الفوضى والفقر والضياع، ظهرت طبقة من السماسرة والمحتكرين، تتاجر بجوع الناس وتبيعهم الوهم باسم “الصمود”.
غزة اليوم لم تعد مجرد جغرافيا محاصرة، بل معركة بين الإنسان والعدم، بين من يحلم بالحياة ومن استسلم للدمار.

ومضة الرجاء… رغم كل شيء

لكن، وبرغم كل شيء، لم تنكسر غزة.
من بين الركام، يولد طفل جديد يحمل اسم وطنه، ومن بين الأنقاض تخرج امرأة ترفع صورة شهيدها وتقول: "ما بنموتش، إحنا بنكمّل."
غزة التي نزفت حتى آخر نقطة دم، ما زالت قادرة على أن تكتب بالدم: “هنا كانت حياة، وهنا ما زال الأمل.”

في ختام سطور مقالي: دروس من الرماد

عامان من النكبة الجديدة تكفي لأن نستيقظ من الوهم.
فلسطين لا تبنى بالشعارات ولا تُحرر بالمزايدات.
ما نحتاجه اليوم هو حساب النفس قبل حساب العدو، ووحدة وطنية صادقة تضع مصلحة الشعب فوق أي راية.
علينا أن نعيد للإنسان الفلسطيني كرامته، قبل أن نحلم برفع رايات النصر فوق الخراب.

إن السابع من أكتوبر لن يُمحى من الذاكرة، لكنه يجب أن يُقرأ بعين الحقيقة لا بعين الشعارات.
فمن دون مراجعة صادقة، ستتكرر المأساة مرة بعد مرة، وسنبقى ندور في حلقة الدم والخذلان.

غزة اليوم بين الرماد والرجاء…
لكنها – كعادتها – ستنهض من بين الركام، لأن في عروقها يسري نبض الحياة الفلسطينية الذي لا يموت.



#سامي_ابراهيم_فودة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين تأخّر الرد… دفعت غزة الثمن: قراءة في مناورة -حماس- أمام ...
- -غزة على صفيح المراوغة: دماء الشعب تُقايض على الطاولة السياس ...
- غزة… في قفص الاتجار والمتاجرة
- لا للغراب دليلًا… لا للخراب مصيرًا
- غَزَّةُ الحُذاءُ الّذي صَفعَ السُّكون
- بين تعطيل الدبلوماسية وتصنيع المبررات لابتلاع الضفة
- عنوان القصة: بيسان فياض… الفتاة التي دفنوها وهي تنبض بالحياة
- -أبو وديع.. وداع الدمعة والخلود
- على هذه الأرض… من لا يستحق الحياة
- أبو علي طانيوس… رحيل القامة التي حملت فلسطين في قلبها-
- سماسرة القبور… عارٌ على شرف الوطن
- انهيار السلطة… حلم الأبالسة وكابوس الشعب
- حماس بين فكّ الارتباط العسكري والانهيار المحتوم… قراءة في ال ...
- حقائب المال ومسرحية الحصار: كيف تُدار المعايير المزدوجة بين ...
- منع الرئيس محمود عباس: تصعيد أمريكي واستحضار تجربة عرفات
- الولايات المتحدة... القاتل الصامت في مجلس الأمن
- الولايات المتحدة... الراعي الرسمي للإرهاب والقاتل الصامت في ...
- رهائن العدو: بين فقه الضرورة وواقعية الميدان
- ليلى غنام... امرأة بألف راية من كرامة
- #هُنا #غَزّة…


المزيد.....




- خليل الحية يوضح ما تهدف إليه -حماس- في مفاوضات شرم الشيخ
- أكثر من 100 ألف نازح في شمال موزمبيق وتصاعد أعمال العنف يقاف ...
- عامان على بدء حرب السابع من أكتوبر، والفلسطينيون والإسرائيلي ...
- ترامب ينصح غريتا بزيارة طبيب .. فترد ساخرة : -سجلك مبهر-!
- صحيفة روسية: أميركا تقترب من باكستان وسط برود العلاقات مع ال ...
- قرار إلغاء الملاحقات القضائية يعيد الحقوق المدنية والسياسية ...
- عامان على الإبادة.. قصف ليلي على غزة وتفاؤل أميركي بالتوصل ل ...
- البرغوثي على رأس مطالب -حماس- في مفاوضات -شرم الشيخ-
- مطالب دولية بتسليم البشير وتوسيع ولاية -الجنائية الدولية-
- دعوى ضد ميلوني بتهمة التواطؤ في -الإبادة الجماعية- بغزة


المزيد.....

- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سامي ابراهيم فودة - عامان على النكبة الجديدة… غزة بين الرماد والرجاء