أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ليث الجادر - ثورة من خلف الشاشات: جيل Z المغربي بين المطلبية والغموض القيادي














المزيد.....

ثورة من خلف الشاشات: جيل Z المغربي بين المطلبية والغموض القيادي


ليث الجادر

الحوار المتمدن-العدد: 8487 - 2025 / 10 / 6 - 22:48
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


شهد المغرب خلال الأيام الأخيرة واحدة من أوسع موجات الاحتجاج الشبابي منذ سنوات، امتدت إلى أكثر من عشر مدن كبرى، من الرباط والدار البيضاء إلى أكادير ومراكش وأوجدة. وعلى الرغم من هذا الانتشار الأفقي الواسع، بقيت التغطية الإعلامية الإقليمية والدولية محدودة ومتفاوتة، ما أثار تساؤلات جدّية حول أسباب هذا الصمت النسبي، خاصة من قنوات كبرى مثل «الجزيرة» و«العربية» و«سكاي نيوز».

أولاً: احتجاجات ميدانية كثيفة ولكن غير متجانسة

من حيث الواقع الميداني، اتسمت الاحتجاجات بتفاوت في الكثافة بين مدينة وأخرى. ففي بعض المدن خرجت مظاهرات كبيرة اتسمت بالزخم والانتشار، بينما في مدن أخرى بقيت التحركات سلمية ومحدودة. وعلى الرغم من الطابع السلمي العام، شهدت بعض الليالي أعمال عنف متفرقة، من حرق سيارات إلى صدامات محدودة مع القوى الأمنية، أدّت إلى سقوط قتلى وجرحى واعتقال المئات. هذا التباين جعل المشهد أكثر تعقيداً من أن يُختزل في صورة واحدة، سواء كانت «انتفاضة شاملة» أو «احتجاجات رمزية».

ثانياً: التنظيم الرقمي… القلب النابض

المفارقة اللافتة أنّ قلب التنظيم لا يوجد في الساحات، بل في الفضاء الرقمي، وبالتحديد في منصات مغلقة مثل ديسكورد (Discord). فالحركة الشبابية التي تطلق على نفسها اسم GenZ 212 اعتمدت على هذه المنصة لتنسيق التحركات، توزيع الأدوار، ونشر التعليمات، في مشهد غير مسبوق في المغرب من حيث البنية التنظيمية الرقمية الخالصة.
هذا النمط من التنظيم «اللامركزي–المغلق» جعل السلطات ووسائل الإعلام التقليدية في موقع ردّ الفعل، إذ لم تعد قادرة على التقاط لحظة التأسيس ولا خطوط التنظيم بسهولة، كما لم تظهر رموز قيادية واضحة أو شعارات مركزية يمكن البناء عليها في التغطية.

ثالثاً: التمويل والسؤال المشروع

يثير هذا النمط من التنظيم تساؤلاً محورياً: كيف لمنصة رقمية مغلقة مثل ديسكورد أن تقدّم كل هذه الخدمات المتقدمة مجاناً؟ ومن أين تأتي قدرتها على دعم مساحات صوتية ومرئية ضخمة دون مقابل مباشر من المستخدمين؟ هذا السؤال مشروع، ويفتح باباً واسعاً لفهم علاقة الشركات الرقمية الكبرى بالبنى الاجتماعية والسياسية الجديدة التي تولد في فضاءاتها، خاصة حين تتحول هذه الفضاءات إلى أدوات تعبئة وتنظيم فعالة في لحظات احتجاجية.

رابعاً: لماذا تجاهلت القنوات الكبرى الحدث جزئياً؟

رغم أهمية الحدث، لوحظ أن القنوات العربية الكبرى لم تُولِه مستوى الاهتمام الذي حظيت به احتجاجات مماثلة في دول أخرى. يمكن تفسير ذلك بعدة عوامل عملية وسياسية:

1. ضعف المواد الميدانية المصوّرة بسبب طبيعة التنظيم المغلق وصعوبة وصول الصحفيين إلى نقاط التجمع.


2. التحفظ الدبلوماسي تجاه المغرب، بوصفه دولة ذات وزن إقليمي، ما يجعل بعض المؤسسات الإعلامية تتحاشى الظهور بمظهر «التحريض».


3. تزاحم الأولويات الخبرية، إذ تزامنت الاحتجاجات مع أحداث دولية أخرى استحوذت على الشاشات.


4. غياب سردية قيادية واضحة، فالإعلام التقليدي ما زال يعتمد على رموز أو بيانات مركزية لبناء التغطية، وهو ما غاب تقريباً في الحالة المغربية.



خامساً: «بشر رقميون» يقودون الشارع

النتيجة المدهشة أنّ الفعل الاحتجاجي في المغرب بدا كأنه يُقاد من قنوات رقمية لا من زعامات ميدانية تقليدية. ما جعل بعض المراقبين يصفون الحركة بأنها «تنظيم بشري رقمي»، يتصرف كجسد افتراضي واحد موزع على مئات الأجهزة، بلا مركز قيادي مرئي.
وهنا تبرز فرضية أن الذكاء الصناعي والمنصات الذكية ليست مجرد أدوات محايدة، بل أصبحت فاعلاً حقيقياً في إنتاج الحراك وتوجيهه، ولو بطريقة غير مباشرة، عبر توفير البنى التحتية والتنظيمية التي لم تكن متاحة من قبل.

خاتمة

الاحتجاج المغربي الراهن لا يمكن قراءته فقط كحدث اجتماعي أو سياسي، بل بوصفه علامة على تحوّل جذري في أنماط التعبئة والتنظيم. فبينما كانت الثورات السابقة تبدأ من الشارع وتنتقل إلى الفضاء الرقمي، نرى اليوم العكس تمامًا: تنظيم يولد في المنصة، ويُختبر في الشارع.
لكن مهما كانت مصداقية المطالب الاجتماعية والاقتصادية التي تعبّر عنها هذه الحركة، يبقى الموقف منها محكومًا بدرجة من التحفّظ الواعي ما دام الغموض القيادي يلفها، وما دامت تفتقر إلى برنامج مطالبي واضح ومتماسك يمكن من خلاله تحليل أبعادها السياسية والاجتماعية بدقة.

إن إصدار حكم نهائي على هذه الموجة الاحتجاجية يجب أن يكون مرهونًا بتبلور خطاب وبرنامج يعكسان إرادة سياسية واجتماعية حقيقية، لا مجرد تدفقات رقمية غير محددة المعالم. فـالتحفظ المبدئي في مواجهة الحركات ذات التنظيم الرقمي الغامض ليس ترفًا فكريًا، بل هو مبدأ ضروري لمواجهة احتمالات الطغيان الرقمي وابتزازاته، التي قد تحوّل التعبئة الشعبية المشروعة إلى أدوات عمياء في يد قوى غير مرئية.



#ليث_الجادر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الناخب كفاعل مضاد للمصلحة العامة: قراءة في تشوّه الوعي الانت ...
- كوبا: اشتراكية الصمود وتناقضات الواقع الاجتماعي
- في معنى اتخاذ 3 تشرين ..اليوم الوطني للعراق
- تشرين: منتفضون بلا انتفاضة
- هل انتهت فترة إسكات النيران بين إيران وإسرائيل وأمريكا؟
- غزة بين حماس الوظيفية وترامب الوسيط الجلاد
- العدالة بين الليبرالية والماركسية: في التجريد النهائي للمفهو ...
- الازدهار بلا فرص للعمل: ماذا يُحتم؟
- مقاطعة الانتخابات: جهد طبقي ضد الانتهازية
- الحاضر.. الحقيقة المراوغة والطبقية كمعيار
- الوطنية البرجوازية: بين اللاهوت الرمزي والبنية المادية، والم ...
- الوطنية البرجوازية: بين اللاهوت الرمزي والبنية المادية، والم ...
- الوعي الطبقي بين المقاومة والطقس: قراءة في الفخ الايماني...ج ...
- الوعي الطبقي بين المقاومة والطقس: قراءة في الفخ الايماني...ج ...
- الوعي الطبقي بين المقاومة والطقس: قراءة في الفخ الايماني...ج ...
- الوعي الطبقي بين المقاومة والطقس: قراءة في الفخ الايماني...ج ...
- فخ ثوسيديديس.. قناع إغريقي لتبرير الصراع الأمريكي–الصيني
- الحوثيون والدفاعات الإسرائيلية: دقة الهجمات والدعم الدولي
- باراكون..اسمه...عراق
- توازن الردع الجديد: كيف تعيد السعودية رسم موازين القوى الإقل ...


المزيد.....




- رائد فهمي: سقف الإنفاق الانتخابي محدد قانوناً .. ويجري تجاوز ...
- انتصار صحفيو “الوفد”.. درس في التنظيم
- أكبر مظاهرة مؤيدة لفلسطين في تاريخ ألمانيا
- تغطية خاصة: اتفاق تجاري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب يشمل ال ...
- بيان حزب النهج الديمقراطي العمالي بوجدة بشأن الاحتجاجات الشب ...
- تنظيمات مغربية تعلن دعمها الكامل للمطالب الاجتماعية والاقتص ...
- حزب التقدم والاشتراكية ينظم جامعته السنوية تحت شعار “ساعة ال ...
- ‎شباب حزب التقدم والاشتراكية يطلقون مبادرة رقمية للتعبير عن ...
- هل تلحق صحيفة -لو باريزيان- الفرنسية بركب اليمين المتطرف؟
- حزب النهج الديمقراطي العمالي يدين بشدة استمرار اختطاف الرفي ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية(النمو السلبي: مبدأ يزعم أنه يحرك المجتمع إلى ا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (من مايوت إلى كاليدونيا الجديدة، الإمبريالية ا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (المغرب العربي: الشعوب هى من تواجه الإمبريالية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علم الاعصاب الكمي: الماركسية (المبتذلة) والحرية! / طلال الربيعي
- مقال (الاستجواب الدائم لكورنيليوس كاستورياديس) بقلم: خوان ما ... / عبدالرؤوف بطيخ
- الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي ... / مسعد عربيد
- أوهام الديمقراطية الليبرالية: الإمبريالية والعسكرة في باكستا ... / بندر نوري
- كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة / شادي الشماوي
- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ليث الجادر - ثورة من خلف الشاشات: جيل Z المغربي بين المطلبية والغموض القيادي