ليث الجادر
الحوار المتمدن-العدد: 8475 - 2025 / 9 / 24 - 15:19
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
منذ بدايات الماركسية، يلاحظ القارئ في أعمال ماركس وإنجلز الكبرى غياب النقد المباشر للأحزاب السياسية بالأسماء، مقابل حضور مكثف لنقد البنية الطبقية والاقتصادية. هذه الملاحظة ليست ثانوية، بل تعكس طبيعة المشروع النظري والسياسي لمؤسسي الماركسية. في أوروبا القرن التاسع عشر، كانت الحياة السياسية تتشكل من تيارات كبرى: الأحزاب الليبرالية البرجوازية التي مثلت مصالح الرأسماليين وأصحاب المصانع وسعت لتوسيع الحقوق الدستورية والبرلمانية، الأحزاب المحافظة التي مثّلت مصالح النبلاء والإقطاعيين وبقايا الملكية المطلقة، وبدايات الأحزاب القومية في ألمانيا وإيطاليا وبولندا، التي سعت لتوحيد الأمة تحت دولة قومية حديثة. ماركس وإنجلز، بدلًا من الانشغال بنقد هذه الأحزاب ككيانات سياسية، توجها إلى تحليل القوى الاجتماعية–الاقتصادية التي تقف خلفها. فالبرجوازية ليست مجرد حزب، بل طبقة تاريخية صاعدة تقود التحولات الكبرى في الاقتصاد والسياسة، ما يجعل النقد الحزبي ثانويًا.
كان هناك تنظيمات عمالية مبكرة، أبرزها عصبة الشيوعيين (1847–1852) التي ارتبط بها ماركس وإنجلز مباشرة. هذه التجربة أثبتت أن مؤسسي الماركسية لم يبتعدوا عن العمل التنظيمي والسياسي، بل ساهموا في تأسيس حركة عمالية منظمة تتماشى مع الأبعاد النظرية للطليعة. في البيان الشيوعي، النص يصف كيف قادت البرجوازية الثورة الصناعية، وكيف تحولت قوتها التقدمية إلى عائق أمام تحرر الإنسان، دون الهجوم على أحزاب محددة. النقد موجّه إلى الطبقة ومصالحها، لا شعارات الحزب. التركيز على الطبقة يعكس ثلاثة أسباب: المرحلة التاريخية التي لم ترسخ فيها الأحزاب الحديثة بعد، والمنهج المادي التاريخي الذي يرى الأحزاب تعبيرات سطحية عن الصراع الطبقي الأعمق، والرهان على البروليتاريا التي تسعى الماركسية لتأسيس حزب عمّالي أممي يتجاوز الحدود القومية والبرامج الإصلاحية.
ماركس انتقد برنامج غوتا (1875) لليد الاشتراكية الألمانية لتقديمها تنازلات للبرجوازية، مثال على النقد الحزبي ضمن الإطار الطبقي. الشيوعيون، بحسب البيان، لا يشكلون حزبًا منفصلًا، بل طليعة نظرية–سياسية داخل الحركة العمالية، مهمتها توضيح الهدف التاريخي: إلغاء الملكية الخاصة وبناء مجتمع بلا طبقات. غياب النقد الحزبي المباشر يعكس زمن ماركس وإنجلز ومنهجهما. الأحزاب البرجوازية كانت أدوات للنخبة، والأحزاب العمالية في طور التشكّل، بينما الشيوعيون مثّلوا الطليعة التي توعي البروليتاريا بمهامها التاريخية......يتبع ج2
#ليث_الجادر (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟