أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليث الجادر - باراكون..اسمه...عراق














المزيد.....

باراكون..اسمه...عراق


ليث الجادر

الحوار المتمدن-العدد: 8470 - 2025 / 9 / 19 - 14:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


العراق اليوم ليس وطناً، بل باراكون مترامي الأطراف، عنبر تتكدس فيه الأجساد الخانعة، أطفال يبيعون قناني الماء تحت لهيب الصيف، وناس يستجدون فتات الدولة، بينما خزائن النفط والغاز تُنهب علناً. شعب يصفق للجلاد ويشكر الحاكم على الجلد، ويحتضن عبوديته كما يحتضن المنحرف سوطه المفضل. السياسة تحولت إلى ماخور للقوادين، الاقتصاد إلى علف، والدين إلى أداة ضبط جماعي. الطائفية تذبح وتُقسّم، والمواطن شريك في جريمته بقدر ما هو ضحية.

ولعلّ المشهد الانتخابي اليوم يكشف أوضح صور هذا الانحطاط: ماراثون عار يتلهف فيه المرشحون والناخبون على حد سواء في سوق الابتزاز الرخيص. فهؤلاء يتزاحمون عند أبواب النواب الحاليين، بعضهم يلوّح بشكاوى خدمية محلية محدودة، آخرون يرفعون مستمسكات بغرض التعيين، وغيرهم يسعى لتسوية قضاياه عبر المحسوبية، فيما يساوم أصحاب الشركات الدولة كما لو كانت بضاعة في مزاد. نساء تتغنجن وأخريات يتمسكن بالبكاء، رجال يربتون على كتف ابن عمهم المرشح، فيما الصفقة تُعقد فوق جثة الصالح العام.

إنها مسرحية قذرة لا تعكس فقط ابتذال السياسة، بل تكشف حجم العفن الاجتماعي ذاته: حيث تُباع الضمائر وتُشترى الولاءات، ويغدو اللقاء الانتخابي امتحاناً لتفاهة الناخب بقدر ما هو اختبار لانحطاط المرشح. وطن ينهشه صغار الطامعين، وجماهير متخمة بالأنانية الرخيصة، كلٌّ يبحث عن مصلحته الضيقة، فيما تُذبح فكرة المواطنة وتُستبدل بالزبائنية والمحسوبية.

ومع ذلك، من رحم هذا الركام يمكن أن يولد عراق آخر: وطن مدني علماني يرفض سلطة الطائفة والدين، يحمي الكردي والعربي، السني والشيعي، المسلم وغير المسلم، على حد سواء. وطن تُدار فيه الموارد من أجل الناس لا من أجل الزبانية، وتُبنى فيه العدالة على أساس المواطنة لا العقيدة، ويتوقف فيه النفط عن كونه لعنة ويصير قاعدة للإنتاج والعمل.

الخيار واضح: إمّا ولادة عراق حقيقي، أو تفتت الباراكون إلى باركونات صغيرة، كل منها يكرّس مزيداً من التشظي والضياع. لا حلول وسطى.

وهذا التحول لا يتحقق بالعفوية أو بالانتظار، بل بعمل نخبة طليعية ثورية طبقية. مشروع ولادة العراق الجديد ليس نهاية المطاف، بل بداية لتمهيد نظام اجتماعي عادل، يطيح بالريع، يعيد للإنسان كرامته، ويؤسس لعلاقات تقوم على المساواة لا الخضوع.

العراق إمّا أن يولد من جديد على يد هذه النخبة، أو يبقى غارقاً في عفنه الأبدي.



#ليث_الجادر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- توازن الردع الجديد: كيف تعيد السعودية رسم موازين القوى الإقل ...
- لا يا سموترتش: غزة ليست كنزًا عقاريًا فقط، إنها كنز غازي أيض ...
- -قلعة وندسور والمروحية: الرمزية البريطانية–الأمريكية والعراق ...
- الليبرالية الأوروبية والإسلام السياسي: من لندن إلى ( الخريف ...
- مشيخة قطر.. دعم مالي وإعلامي لحركة الإخوان المسلمين
- البعد التاريخي لتواجد الإخوان في قطر
- قطر: راعية حماس تختبئ خلف ستار “وساطة سلام”
- فضلات بغداد إلى أوروبا: تجارة غير متوقعة في بدايات القرن الع ...
- الاقتصاد الرقمي: سلعة وهمية بين الرأسمال الوهمي والوهم السيا ...
- الماركسية اللينينية وفهم الصراع الدولي المعاصر...ج3
- الماركسية اللينينية وفهم الصراع الدولي المعاصر...ج2
- الماركسية اللينينية وفهم الصراع الدولي المعاصر...ج1
- إقليم كردستان.. عقدة الصراع الإقليمي بين تركيا وإيران وإسرائ ...
- إقليم كردستان.. عقدة الصراع الإقليمي بين تركيا وإيران وإسرائ ...
- النفط العراقي بين منفذ الأردن واستراتيجية -النفط مقابل الماء ...
- النفط العراقي بين منفذ الأردن واستراتيجية -النفط مقابل الماء ...
- بين القانون والسياسة: مفارقة القضاء التركي
- تركيا : الصناعة الدفاعية كأداة تموضع إقليمي
- الأرستقراطيه المقاتله..من بدر الى معركة شرقاط..ج6
- الأرستقراطيه المقاتله..من بدر الى معركة شرقاط...ج5


المزيد.....




- أزياء تعبّر عن روح المدينة..نيويورك تلهم مصممي أسبوع الموضة ...
- وصفه ترامب بـ-رائع- و -قوي-.. من هو بريندان كار وما سر إعجاب ...
- شاهد.. سفينة -فايكنغ- عمرها ألف عام تُنقل لمسافة بسرعة بطيئة ...
- إطلالة -لبنانية- بامتياز لتيفاني ترامب بالعشاء الملكي في لند ...
- الجزائر: -حي سيدي الهواري في وهران.. تراث مهدد بالزوال-؟
- أستراليا.. أسد في عيادة أسنان!
- السلطة الفلسطينية توقف هشام حرب المشتبه بإشرافه على هجوم شار ...
- أزمة الكهرباء العراقية: واشنطن تعطل مساعي بغداد لاستيراد الغ ...
- في مدينة غزة.. -لم نعد أمام منطق قائم على الغزو، بل على التد ...
- استطلاع: 52% من الإسرائيليين لا يثقون بنتنياهو والمعارضة قاد ...


المزيد.....

- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليث الجادر - باراكون..اسمه...عراق