ليث الجادر
الحوار المتمدن-العدد: 8469 - 2025 / 9 / 18 - 00:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حين يصف بتسلئيل سموتريتش غزة بأنها "كنز عقاري"، فإنه لا يتحدث بلغة الاقتصاد المحايد أو السوق العقارية الطبيعية، بل ينطق من منظور استيطاني–استعماري خالص. في مخيلته الصهيونية، غزة ليست سوى أرض مطلة على البحر المتوسط، يمكن –إذا أُفرغت من سكانها الفلسطينيين– أن تتحول إلى مستوطنة ساحلية كبرى، شبيهة بمدن الساحل الإسرائيلي كتل أبيب وأسدود وعسقلان. عبارة "الكنز العقاري" في خطابه تعني أن غزة هي أرض ذات قيمة جغرافية ومكانية هائلة، لكنها –في وعيه– تعاني من "عقبة ديمغرافية" اسمها الشعب الفلسطيني، ينبغي إزالتها أو تقليصها حتى تتحقق القيمة الكاملة للأرض لصالح المشروع الصهيوني.
لكن ما يغفل عنه سموتريتش، أو يتغافل عنه عمدًا، أن غزة ليست فقط كنزًا عقاريًا في نظرته الاستيطانية، بل هي أيضًا كنز غازي واستراتيجي يحمل أبعادًا سياسية واقتصادية عميقة.
أبرز الموارد هنا هو حقل الغاز "غزة مارين"، الواقع على بعد حوالي 36 كيلومترًا قبالة الساحل. اكتُشف الحقل عام 2000 بواسطة شركة British Gas وشريكها شركة CCC، ويُقدر احتياطه بحوالي 1 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي (نحو 32 مليار متر مكعب)، كمية تكفي لتلبية احتياجات فلسطين من الطاقة لعقود، مع إمكانية التصدير لاحقًا.
رغم أهميته، واجه تطوير الحقل عقبات كبيرة بسبب التحولات السياسية والنزاعات الإقليمية، خصوصًا بعد سيطرة حركة حماس على غزة عام 2007، والخلافات حول الحدود البحرية مع إسرائيل.
إذا استُغل الحقل، فإن فوائده الاقتصادية ستكون كبيرة، إذ تُقدر الإيرادات بحوالي 4.5 مليار دولار، مع أرباح سنوية للسلطة الفلسطينية تصل إلى نحو 100 مليون دولار على مدى 15 عامًا. علاوة على ذلك، يمنح الحقل فلسطين الاكتفاء الذاتي من الطاقة وتقليل الاعتماد على المساعدات الدولية، مما يجعله عامل قوة سياسيًا واقتصاديًا.
ورغم ذلك، يبقى الحقل حتى الآن غير مستغل فعليًا، بسبب استمرار النزاعات السياسية والأمنية، ما يجعل غزة ليست مجرد موقع جغرافي، بل مساحة صراع مركبة: بين من يراها "كنزًا عقاريًا" للتهويد، ومن يدرك أنها أيضًا كنز غازي واستراتيجي قادر على قلب موازين الاقتصاد والسياسة في المنطقة.
#ليث_الجادر (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟