ليث الجادر
الحوار المتمدن-العدد: 8468 - 2025 / 9 / 17 - 20:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منذ سنوات كنت أتحدث هنا وعلى صفحات الحوار المتمدن عن حقيقة بديهية تجاهلها كثيرون: البريكست لم يكن مجرد خروج بريطاني من الاتحاد الأوروبي، بل كان الانطلاقة لإعادة تأهيل إرث الإمبراطورية البريطانية في مناطق نفوذها التقليدية، والعراق كان المحور المميز في هذه الرؤية. حركة تشرين لم تكن سوى أداة توظيفية لإعادة توزيع السيطرة بعد أن تمادت الولايات المتحدة في احتكار الشأن العراقي.
مع وصول الكاظمي إلى رئاسة الوزراء، صار الصوت البريطاني أكثر حضورًا في إدارة شؤون العراق، بشكل يوضح أن لندن لم تعد مجرد مراقب، بل لاعب مباشر في ترتيب أولويات الدولة العراقية. ويكفي النظر إلى استثناء العراق من الضربات الإسرائيلية في السنوات الأخيرة كدليل على موقعه الخاص ضمن اللعبة الاستراتيجية الغربية–الإقليمية.
اليوم، مع زيارة ترامب إلى لندن، تتضح خطوط صفقة قادمة لمعالجة "عقدة العراق" في خارطة المنطقة الجديدة. إدراج الولايات المتحدة لأربع فصائل مسلحة عراقية ضمن قائمة الإرهاب ليس تحركًا عشوائيًا، بل تهيئة للساحة السياسية والانتخابية العراقية، مع اقتراب الانتخابات، وإصرار أكبر تيار سياسي على مقاطعتها، وظهور بوادر تصدع في تحالف الإطار الذي يقوده شياع السوداني.
رمزية قلعة وندسور ووصول ترامب بالمروحية
1. الرمزية الملكية والتاريخية:
قلعة وندسور، أحد أبرز مقرات العائلة الملكية وأطول القلاع السكنية استخدامًا في أوروبا، تجعل من استقبال رئيس أمريكي حدثًا استثنائيًا، يربط الولايات المتحدة مباشرة بالإرث البريطاني، ويضفي على اللقاء طابعًا رسميًا رفيع المستوى، مشددًا على قوة التحالف التاريخي بين البلدين.
2. الهيمنة والسيادة الرمزية:
اختيار قلعة وندسور كموقع يعكس سيطرة البريطانيين على المسرح الرمزي للعلاقات الدولية. أما وصول ترامب بالمروحية فيعزز هذه الرسالة، مؤكدًا هيبة الضيف الأمريكي وقدرته على الحركة بسرعة ومرونة، وإبراز حضوره الفردي القوي أمام العالم.
باختصار، قلعة وندسور ليست مجرد موقع استقبال، والمروحية ليست مجرد وسيلة نقل، بل معًا أداة رمزية مزدوجة: إرث الإمبراطورية، قوة التحرك، تأثير بصري، وسيطرة مشتركة على المسرح السياسي للعالم، مع العراق كمحور لا يمكن تجاهله.
في هذا السياق، العراق يقف اليوم على حافة الانفجار، ليس مجرد اختبار داخلي، بل دخول مباشر لدائرة النار الدولية، حيث تتقاطع الحسابات البريطانية–الأمريكية مع ضغوط إقليمية ودوريات أمنية دقيقة، ليصبح مرة أخرى مختبرًا لإعادة ترتيب النفوذ في الشرق الأوسط.
#ليث_الجادر (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟