التأرجح بين الزائلات والأبد قراءة وجدانية في كتاب بسمة الصباح عن الأديب والصحفي الكبير كاظم حسن سعيد

رانية مرجية

الحوار المتمدن-العدد: 8482 - 2025 / 10 / 1 - 10:05
المحور: الادب والفن
    

مدخل: الكتاب بوابة إلى تجربة كاتب كبير

ليس من السهل أن يكتب المرء عن قامة أدبية وصحفية بحجم كاظم حسن سعيد، الذي شكّل على مدى عقود صوتًا إبداعيًا وصحفيًا حاضرًا في المشهد الثقافي العربي. غير أن بسمة الصباح في كتابها "التأرجح بين الزائلات والأبد" نجحت في تقديم قراءة وجدانية نقدية لهذه التجربة، قراءة تمزج بين العمق والصدق، بين لغة النقد ودفء المحبة، لتضعنا أمام عالم ممتدّ من الشعر والفكر والحياة.

العنوان: نص وجودي يلخص التجربة

العنوان وحده "التأرجح بين الزائلات والأبد" يكثّف المسافة التي سار عليها كاظم حسن سعيد كأديب وصحفي وشاعر. إنه عنوان يختصر المعضلة الإنسانية كلها: بين زمنٍ زائل وحلمٍ بالخلود، بين كلمة عابرة وأثر باقٍ. بسمة الصباح جعلت من هذا العنوان مفتاحًا لقراءة نصوصه، ففتحت أمامنا أفقًا فلسفيًا ووجدانيًا لا ينفصل عن جوهر التجربة الإنسانية.

الذائقة كمنهج نقدي

أجمل ما يميز هذا الكتاب أن المؤلفة جعلت من الذائقة النقدية بوصلة لها. فهي لا تُثقل النصوص بقيود المناهج، بل تقترب منها كإنسانة تعيشها وتعيد اكتشافها. هذا الخيار جعل الكتاب بعيدًا عن الجفاف الأكاديمي، قريبًا من روح الشعر، بل حول النقد ذاته إلى نص أدبي نابض بالحياة. لقد نجحت بسمة الصباح في أن تجعل النقد مشاركة وجدانية، لا حكمًا، وفضاءً مفتوحًا للحوار، لا قيدًا للتصنيف.

الشعر كسيرة روحية

في قراءتها لتجربة كاظم حسن سعيد، لا ترى بسمة الصباح مجرد شاعر أو كاتب، بل ترى إنسانًا يدوّن سيرته الروحية عبر اللغة. كل قصيدة هي وثيقة من حياة، وكل نص هو مرآة لرحلة داخلية مليئة بالأسئلة، بالحنين، وبالإصرار على أن يكون للكلمة أثر يتجاوز الزمن. هنا يتحول الشعر إلى سيرة بديلة للروح، وإلى شهادة على قدرة الإنسان أن يصنع من لحظاته العابرة أبدًا صغيرًا في ذاكرة قارئه.

لغة تليق بالشاعر والكتاب

لغة الكتاب نفسها تشكّل قيمة جمالية مضافة. فهي لغة وجدانية شفافة، تنبض بالشعر وتحتفي بالكلمة. لا يكتفي القارئ بتلقّي نقد أدبي، بل يجد نفسه أمام نصوص تُقرأ بذات المتعة التي تُقرأ بها القصائد. وهذا يجعل الكتاب نصًا مزدوجًا: فهو نقد أدبي، لكنه أيضًا أدب في ذاته، وأحد أجمل أشكال الاحتفاء بالشاعر الذي يتناوله.

الكتاب مرآة القارئ

قيمة الكتاب لا تتوقف عند قراءته لتجربة كاظم حسن سعيد، بل تمتد لتجعل القارئ يكتشف ذاته فيه. فنحن جميعًا نتأرجح بين ما يزول وما يبقى، بين لحظة عابرة ورغبة في ترك أثر خالد. ومن هنا يتحول الكتاب إلى مرآة وجودية: لا نقرأه لنعرف الشاعر وحده، بل لنواجه أسئلتنا الخاصة عن معنى الزمن، عن الحضور والغياب، عن الخلود الممكن في كلمة أو فكرة.

خاتمة: كتاب يتجاوز النقد

التأرجح بين الزائلات والأبد ليس مجرد دراسة عن شاعر وأديب وصحفي كبير، بل هو عمل يضيء التجربة الإنسانية كلها. لقد استطاعت بسمة الصباح أن تقدّم نصًا يليق بتجربة كاظم حسن سعيد، نصًا يضع النقد في خدمة الجمال، ويحوّل القراءة إلى مشاركة وجدانية عميقة.

إنه كتاب يُقرأ لا ليحلل الشعر فحسب، بل ليعيد إلينا يقينًا أننا قادرون، بالكلمة الصادقة، على أن نهزم الزوال ونكتب أبدنا الصغير.

#رانية_مرجية (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل