أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هاني الروسان - اذا رغبت السعودية استطاعت















المزيد.....

اذا رغبت السعودية استطاعت


هاني الروسان
استاذ جامعي مختص بالجيوبوليتيك والاعلم في جامعة منوبة ودبلوماسي

(Hani Alroussen)


الحوار المتمدن-العدد: 8477 - 2025 / 9 / 26 - 15:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أيّاً تكن "رمزية" خطوة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وخاصة على الشكل الذي أُخرجت به، والذي وضع شعوب العالم شاهدا على تقاعس او تواطئ حكومات بلادهم في ابشع جريمة عرفتها الانسانية بحرمان الشعب الفلسطي دون شعوب الكون من ممارسة ابسط حقوقه في العيش سيدا فوق ارضه، فإن ايا كان لا يستطيع انكار مفصلية هذه الخطوة في تاريخ الكفاح الفلسطيني في الدفاع عن وجوده، هذا من ناحية، اما من الناحية الثانية، فانه لا يستطيع انكار ثقل المملكة العربية السعودية، ان ارادت.
فقد ذكرنا في عدة مقالات سابقة ان دول قلب قيادة النظام العربي التي آلت الى دول الخليج الاقوى وعلى رأسها السعودية، انه لا يمكن للنظام العربي ان يتقدم خطوة حقيقية وذات معنى نحو حل للقضية الفلسطينية دون ان تبادر السعودية في ان تكون في مقدمة الفعلة، ان رغبت فعلا في قيادة النظام الاقليمي العربي، الذي اظهرت وقائع مسيرته التاريخه ان التخلي عن هذه المهمة يُسقط كل محاولات قيادته، لا لشيء الا لان القضية الفلسطينية تعد اهم نقطة على جدول اهتمامات الشعوب العربية، واكثرها تأثيرا وجدانيا في تعاملها مع قضايا الامة.
والاشارة هنا الى اهمية الدور السعودي دون غيره لم تأت انحيازا رغبويا لهذا الطرف او ذاك، بل هي خلاصة قراءة موضوعية للوزن الاستراتيجي الذي تمتلكه المملكة العربية السعودية. والذي لم يعد مقتصراً على النفط أو الجغرافيا السياسية، بل امتد ليشكل ما يمكن تسميته "شبكة أمان" اقتصادية للعديد من الاقتصادات الغربية.
وهذه المفصلية في قوة السعودية الحديثة لا تقتصر فقط على احتياطاتها النقدية الضخمة، بل في استثماراتها الاستراتيجية التي أصبحت جزءاً حيوياً من البنية التحتية الاقتصادية للدول الغربية، حيث تشكل شبكة تأثير غير مسبوقة من خلال محافظ استثمارية عملاقة في الشركات الغربية اذ تمتلك، عبر صندوق الاستثمارات العامة (أحد أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم بأصول تتجاوز 900 مليار دولار)، حصصاً كبيرة في أبرز الشركات العالمية من "أوبر" و"ديزني" إلى شركات التكنولوجيا العملاقة مثل "ميتا"، مما يربط ازدهار قطاعات كبيرة في الاقتصاد الأمريكي مباشرة بالسياسات المالية السعودية. الى جانب استثماراتها في القطاعات الحيوية الأوروبية مثل قطاعات الطاقة المتجددة، والتكنولوجيا، والرياضة، والترفيه across Europe، حيث يجعل الاستثمار في شركات السيارات الكهربائية أو مشاريع البنية التحتية الحيوية الحكومات الأوروبية تدرك أن استقرارها الاقتصادي مرتبط بعلاقة متينة بسياسات الرياض المالية والاقتصادية.
كما تمكنت المملكة عبر علاقات التشبيك الاقتصادي هذه من ان تصبح شريكا في التحديات العالمية، حيث نجحت في فترات الركود أو الأزمات المالية، في تحويل قدرة السيولة التي تمتلكها إلى "شبكة أمان" يُنظر إليها على أنها منقذ محتمل للشركات والمشاريع الكبرى، وقد منحت هذه الميزة والحاجة المتبادلة السعودية نفوذاً تفاوضياً هائلاً، باعتبار أن القدرة على التأثير في أسواق الأسهم، ودعم العملات، أو إنقاذ قطاعات صناعية، هي ورقة ضغط أكثر فعالية من أي خطاب سياسي.
فهذه الشبكة الاقتصادية العالمية التي تستند الى قاعدة اقتصادية محلية صلبة تجعل المملكة شريكاً لا غنى عنه، حيث يعتبر الاقتصاد السعودي الأكبر في المنطقة اذ يُقدر الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بأكثر من تريليون دولار، مما يضعها في مراتب أكبر اقتصادات العالم. الى جانب ذلك فانها تعتبر محركا لاسواق الطاقة العالمية، بقدرة إنتاجية تبلغ حوالي 10-12 مليون برميل يومياً، مما يضعها موضع المحدد الرئيسي لاستقرار أسواق الطاقة، وهو ما ينعكس مباشرة على معدلات التضخم ونمو الاقتصادات الغربية. فضلا عن رؤية 2030، واتجاه السعودية عبرها الى المشاريع العملاقة مثل "نيوم" و"البحر الأحمر" التي حوّلت السعودية نفسها إلى وجهة للاستثمارات الغربية، مما خلق شبكة مصالح متشابكة تجعل المجتمع الدولي ايضا شريكاً في استقرارها الامني والاقتصادي.
والحقيقة ان السعودية منذ نهايات الحرب العالمية الثانية كانت قد بدأت بادراك طبيعة قوتها الاقتصادية الصاعدة فترجمتها إلى شبكة مصالح مع الدول الكبرى من ناحية والى نفوذ دبلوماسي ان على مستوى صراعات النظام العربي البينية ولعبت خلال كل ذلك دور المرجح بين اطرافه او بينه وبين بيئتيه الاقليمية والدولية، من خلال هندسة امن الخليج العربي بقدر من الاستقلالية النسبية عن امن النظام القومي العربي بالشكل الذي تمخض عنه ميثاق جامعة الدول الغرببة، وحماية امن النظام نفسه في الفترات الحرجة كما حدث خلال عام 1973.
غير ان الصعود الابرز للدور السعودي كان في الحسم النهائي لطبيعة الصراع مع بيئته الاقليمية اثر خروج مصر من الصراع المباشر عام 1979 وترحيل منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت عام 1982 وخروج العراق من دائرة الفعل الاقليمي اثر ازمة غزوه للكويت، حيث كانت مبادرة السلام العربية (2002) التي اعتبرت امتدادا لمبادرة الملك فهد، نقطة التحول الرئيسية في طبيعة هذا الصراع، وبقيت منذ ذلك الحين الإطار العربي الأكثر وضوحاً للسلام، واليوم يمكن للسعودية اكثر من ذي قبل ومع تنامي قوتها الاقتصادية الجديدة أن تطرحها هذه المبادرة ليست كخيار، بل كضرورة للاستقرار الإقليمي الذي تنعكس تبعات عدم تحققه سلباً على الاقتصاد العالمي. كما ان علاقاتها المتوازنة: مع القوى العالمية (الولايات المتحدة، الصين، روسيا) يمنحها مرونة دبلوماسية فريدة، تزيد من قيمتها كشريك ووسيط لا يمكن الاستغناء عنه.
من هنا وعلى وقع هذا النجاح الكبير الذي حققته المملكة في عقد هذا المهرجان الدولي ودفع الدول الاوروبية الاثقل وزنا للاعتراف بالدولة الفلسطينية، فان الخلاصة التي تفرض نفسها هي أن نجاح السعودية في فرض علاقات تكامل مصالح معقدة، جعلت المصالح الاقتصادية للغرب رهينة باستمرار هذه الشراكة من ناحية وباستقرار المنطقة الذي لا يتحقق دون حل عادل للقضية الفلسطينية من ناحية ثانية، قادرة ان رغبت في تحديد معظم قواعد اللعبة. فالسعودية التي تعي جيداً هذا الثقل، تمتلك اليوم أدوات اقتصادية مباشرة تمكنها، إذا ما رغبت حقاً، أن تحوّل القضية الفلسطينية من ملف هامشي إلى أولوية في عواصم القرار في واشنطن وبروكسل ولندن، باستخدام قوة الاستثمار والشراكة الاقتصادية كوسيلة ضغط حضارية لإقناع الحكومات الغربية بأن تحقيق السلام العادل هو استثمار في أمن واستقرار المنطقة والعالم، وبالتالي استثمار في رفاهية اقتصاداتها نفسها. وحيث ان القوة الاقتصادية متوفرة، وآلية التأثير واضحة، فان الأعين شاخصة نحو الرياض.. فهل تتحول الإرادة السياسية إلى استراتيجية فعلية؟ توضع لتجسيد اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، ووضع حد نهائي لمشروع اسرائيل الكبرى الذي يهدد المنطقة باسرها، كما جاء على لسان نتنياهو مجددا والذي قال ردا على الاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية: اننا سنستمر في الحرب لتحقيق اهدافنا ليس في غزة بل والمنطقة.
هاني الروسان/ استاذ الجيوبوليتيك في جامعة منوبة



#هاني_الروسان (هاشتاغ)       Hani_Alroussen#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفيتو الامريكي السادس: واقعية القوة واعادة انتاج الهيمنة
- بيان قمة الدوحة: الادانة الشديدة وانعدام الاليات
- قطر بين صدمة الواقع والرهان على الوهم
- صدقية الاعتراف بالدولة الفلسطينية رهين بحماية السلطة ووقف حر ...
- نفس الاهداف ونفس النتائج: منع تأشيرة الرئيس ابو مازن يعيد لل ...
- اسرائيل ابنة الكذبة لا تستمر في البقاء الا بقتل الحقيقة
- هل يكفي التسويق الكلامي التركي للعب دور اقليمي؟؟
- ضرورات ما بعد الاعتراف بالدولة الفلسطينية
- اسرائيل لن توقف الحرب على غزة التي تدحرجت من انتقامية الى تأ ...
- هل تكون السويداء مخبر القادم؟؟
- سوريا الشرع في اذربيجان قد لا تكون سوريا ما ثبلها .
- التحالفات الروسية بين سردية التخلي والانكفاء الواعي
- لماذا يصر ترامب على تسويق ضرباته لمنشآت ايران النووية على ان ...
- اتفاق وقف اطلاق النار بين ايران واسرائيل: هدنة الضرورة التي ...
- بين تفادي مواجهة واشنطن وتصعيد الصراع مع إسرائيل: قراءة في ا ...
- الهجوم الاسرائيلي على إيران: استنزاف استراتيجي يهدد استقرار ...
- جريمة -جيت- اخر فصل من فصول الانهيار الأخلاقي للجيش الإسرائي ...
- إسرائيل في مواجهة الرأي العام العالمي: الى اين تمضي واي مصير ...
- منع الوفد الوزاري العربي من زيارة رام الله: تأكيد على التمسك ...
- مؤتمر حل الدولتين: استراتيجية هجومية لاقامة الدولة الفلسطيني ...


المزيد.....




- منها طائرات -إف-35- وأنظمة دفاع صاروخية أمريكية.. هذا ما يسع ...
- ترامب: نحن -قريبون جدا- من التوصل لاتفاق يُنهي الحرب في غزة ...
- القصة الكاملة وراء الخلاف بين الصين وتايوان
- أسطول الصمود العالمي: إسرائيل لا تسمح للقوارب بالوصول إلى غز ...
- روسيا تختبر إرادة أوروبا والولايات المتحدة، ولن تتوقف عند هذ ...
- طهران وموسكو توقعان اتفاقاً لبناء محطات نووية بقيمة 25 مليار ...
- البرازيل: جحيم عاملات المنازل
- نتنياهو: إعلان دولة فلسطينية سيكون بمثابة -انتحار- لإسرائيل ...
- هل تندثر لغة الصفير في جبال الأطلس المغربية؟
- صفارات الإنذار تدوي في مدينة إيلات جنوبي إسرائيل للاشتباه بت ...


المزيد.....

- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هاني الروسان - اذا رغبت السعودية استطاعت