أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هاني الروسان - الهجوم الاسرائيلي على إيران: استنزاف استراتيجي يهدد استقرار النظام














المزيد.....

الهجوم الاسرائيلي على إيران: استنزاف استراتيجي يهدد استقرار النظام


هاني الروسان
(Hani Alroussen)


الحوار المتمدن-العدد: 8376 - 2025 / 6 / 17 - 14:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


رغم الضربات الإسرائيلية المركّزة والمستمرة منذ ساعات فجر هذا اليوم، والتي استهدفت مواقع استراتيجية في العمق الإيراني، يبدو أن ما يجري يتجاوز مجرد عملية ردع أو رسالة عسكرية محدودة. فطبيعة الأهداف، التي طالت منشآت نووية ومقار قيادة عسكرية وأمنية عليا، وفي مقدمتها قائد الحرس الثوري حسين سلامي ورئيس هيئة الأركان محمد باقري، إلى جانب نخبة من علماء البرنامج النووي وكوادر استخباراتية حساسة، تؤشر إلى عملية ممنهجة تهدف إلى تفكيك البنية الصلبة للنظام الإيراني لا مجرد التأثير فيها مؤقتًا. الهجوم، إذًا، لا يحمل طابعًا استعراضيًا ولا يقتصر على تكتيك عسكري موضعي، بل يُنذر بانعطافة استراتيجية تسعى من خلالها إسرائيل إلى إضعاف إيران كقوة إقليمية، وربما الدفع بها نحو الانهيار التدريجي من خلال استنزاف نخبتها القيادية وحرمانها من مقوّمات القوة النووية والعسكرية.
في بداية الحدث، كان من الممكن افتراض أن إيران قد تكتفي برد غير مباشر، أو تؤجل الرد إلى توقيت مناسب، كما فعلت في محطات سابقة ضمن استراتيجيتها التقليدية القائمة على "الصبر الاستراتيجي". غير أن التطورات المتلاحقة سرعان ما بددت هذا الاحتمال. فقد صدر بيان واضح وحازم عن المرشد الأعلى علي خامنئي وصف فيه الهجوم بـ"الجريمة الصريحة" وتعهد بـ"رد شديد"، وهو ما شكّل تفويضًا علنيًا للانتقال من ردود غير مباشرة إلى رد عسكري مباشر من الداخل الإيراني.
تُرجم هذا التفويض بسرعة إلى تحركات ميدانية حيث اعلن القائد الجديد للجيش الإيراني عن تلقي أمر مباشر بالرد، تبعه إطلاق العشرات من الطائرات المسيّرة باتجاه المجال الجوي الإسرائيلي. وبذلك، أسقطت طهران عمليًا خيار الرد غير المباشر وان لم تكن هذه هي المرة الاولى، ودخلت في مرحلة الرد المحسوب لكن الصريح، دون أن تتجاوز حتى اللحظة عتبة الحرب الشاملة. وقد بدا أن إيران تُراهن على إيصال رسالة ردع دون أن تفتح جبهة واسعة لا يمكن ضبط تداعياتها، خصوصًا في ظل وضع اقتصادي هش ووضع داخلي متوتر.
لكن قراءة أوسع للضربة، في ضوء نوعية الأهداف وتوقيتها ودقّتها، توحي بأن الهدف الإسرائيلي لم يكن مجرد إعادة تشكيل قواعد الاشتباك ولا تثبيت واقع ردعي جديد، بل الانخراط في مسار تصعيدي يُراد له أن يكون بداية لتفكيك القوة الصلبة للنظام الإيراني. فالضربة، التي استهدفت كبار القادة العسكريين والعلماء النوويين ومفاصل استخبارية محورية، لا توحي بتوجيه رسالة محدودة، بل بتنفيذ ضربة قاصمة موجهة إلى "المثلث الصلب" للنظام: البرنامج النووي، الجهاز العسكري–الأمني، والقيادة السياسية العليا.
وفي هذا السياق، يمكن القول إن إسرائيل — ربما بدفع أو غطاء أميركي ضمني — تحاول ما يشبه "الانقضاض الاستراتيجي" عبر سلسلة من الضربات المتدرجة ذات الطابع الاجتثاثي، على غرار ما جُرّب في الجبهة الشمالية ضد حزب الله. وإذا كانت طهران قد راقبت لسنوات استهداف إسرائيل لمفاصل القيادة والسيطرة داخل الحزب دون أن تستخلص الدرس كاملاً، فإن الضربة الحالية توحي بتكرار المنهجية ذاتها، ولكن هذه المرة ضد قلب النظام الإيراني ذاته. إذ يجري استهداف طبقة القيادة العليا، وشبكات الاستخبار، وربما منظومات القيادة والسيطرة المرتبطة بالدفاع الجوي والصاروخي، في ظل صمت استخباري داخلي يُشير إلى اختراقات واسعة لم تتم مواجهتها.
هذا ما يعزز احتمال أن الضربة ليست سوى المرحلة الأولى من مسار طويل يهدف إلى إنهاك الهيكل القيادي الإيراني وتفريغه من الداخل، عبر استراتيجية تقطيع متدرج لا تسعى فقط إلى شلّ الاستجابة الإيرانية بل إلى تحضير البنية الأمنية والسياسية لانهيار تدريجي أو لتصدّع داخلي يصعب احتواؤه. تصريح بنيامين نتنياهو بعد الضربة، الذي ألمح فيه إلى أن الهجوم سيتواصل "على مراحل"، هو بمثابة تأكيد غير مباشر على هذا المسار.
في ضوء ذلك، فإن إيران تبدو أمام منعطف وجودي لا ظرفي. فالصراع لم يعد مجرد اختبار للإرادات، بل بات معركة على شكل النظام واستمراريته. وبهذا، تخرج المواجهة من إطار "ضربة وردّ" إلى ساحة استراتيجية مفتوحة يختلط فيها الردع بالتفكيك، والسيطرة بالانهيار. وإذا لم تبادر طهران إلى قلب المعادلة عبر رد نوعي يصيب العمق الإسرائيلي بأذى حقيقي، فإن احتمالات التصعيد الإسرائيلي ستبقى قائمة بل راجحة، خصوصًا إذا ما وُضع النظام الإيراني تحت اختبارات متكررة تُضعف قدرته على استعادة التوازن الداخلي أو الإقليمي.
القرار الآن ليس في يد القادة العسكريين فقط، بل بيد القيادة العليا التي عليها أن تختار بين خيارين أحلاهما مُرّ: الرد بما يفضي إلى حرب إقليمية مفتوحة، أو الاستيعاب بصيغة تحفظ ماء الوجه ولكنها تُبقي الباب مفتوحًا لمزيد من الهجمات. وفي الحالتين، تكون طهران قد خسرت أهم ما بنته خلال العقدين الماضيين: منطق الردع القائم على الغموض والهيبة.

هاني الروسان/استاذ الجيوبوليتيك في جامعة منوبة



#هاني_الروسان (هاشتاغ)       Hani_Alroussen#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جريمة -جيت- اخر فصل من فصول الانهيار الأخلاقي للجيش الإسرائي ...
- إسرائيل في مواجهة الرأي العام العالمي: الى اين تمضي واي مصير ...
- منع الوفد الوزاري العربي من زيارة رام الله: تأكيد على التمسك ...
- مؤتمر حل الدولتين: استراتيجية هجومية لاقامة الدولة الفلسطيني ...
- -أمريكا اولا- : هل اماتت التحالفات التقليدية؟ وهل تراجعت قيم ...
- هل اولى مخرجات زيارة ترامب للرياض اكدت على الانزياح الاسترات ...
- الاتفاق الأمريكي - الحوثي: هل هو تحول استراتيجي أم تغيير في ...
- التصعيد الإسرائيلي في سوريا: بين الخوف من فقدان احتكار الدور ...
- بعد ان اصبح للرئيس ابو مازن نائبا: هل تستطيع السعودية ان تفر ...
- الحل وطبيعة السلطة الفلسطينية القادمة
- ماذا وراء الاصرار الامريكي على منع ايران من امتلاك سلاح نووي ...
- صفعة ترامب على خد بيبي وانفتاح المستقبل على كل الاحتمالات
- ترامب الذي يصعد مع حلفائه كيف سيكون مع خصومه؟؟
- على ضوء تصور معهد دراسات الامن القومي الاسرائيلي لنموذج الدو ...
- اسرائيل مطلقة اليدين ..... تنفذ مخططاتها دون اعتبار لاي طرف ...
- تنفيذ خطة اعمار غزة بين رؤية ترامب للعالم الجديد وبين الشروط ...
- نجاح قمة القاهرة مرهون بوعي القدرة على التأثير، وعدم اضعاف ا ...
- هل سيؤدي البديل الالماني والحرب في اوكرانيا وعقيدة ترامب الى ...
- لكي لا يكون التطبيع السعودي مع وهم اقامة الدولة الفلسطينية
- بأي اذن ستسمع العرب تصريحات ترامب؟؟


المزيد.....




- مسؤول إسرائيلي لـCNN: ننتظر قرار ترامب بشأن إيران
- ماكرون يحذر من -تداعيات- تغيير النظام الإيراني -عسكريا-: -سي ...
- غزة - عشرات القتلى من منتظري المساعدات وإسرائيل تحقق في الوا ...
- -نيويورك تايمز-: القوات الأمريكية في حالة تأهب قصوى في قواعد ...
- أردوغان: نتنياهو أكبر تهديد لأمن المنطقة
- صفارات الإنذار تدوي في مناطق واسعة من إسرائيل بعد رصد إطلاق ...
- زيلينسكي يطلب من الدول الغربية دعما بـ 40 مليار دولار سنويا ...
- وزير مصري سابق يفجر مفاجأة بشأن الصراع بين إسرائيل وإيران
- إعلام: مستشارو ترامب منقسمون بشأن توجيه ضربة أمريكية لإيران ...
- -سي إن إن-: ترامب رفض إرسال مسؤولين للتفاوض مع إيران وتخلى ع ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هاني الروسان - الهجوم الاسرائيلي على إيران: استنزاف استراتيجي يهدد استقرار النظام