أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هاني الروسان - منع الوفد الوزاري العربي من زيارة رام الله: تأكيد على التمسك الاسرائيلي باستراتيجية ادارة الصراع لا حله














المزيد.....

منع الوفد الوزاري العربي من زيارة رام الله: تأكيد على التمسك الاسرائيلي باستراتيجية ادارة الصراع لا حله


هاني الروسان
(Hani Alroussen)


الحوار المتمدن-العدد: 8363 - 2025 / 6 / 4 - 08:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ بدء حرب الابادة الإسرائيلية الشاملة على قطاع غزة، وما رافقها من تصعيد متواصل في الضفة الغربية، بدا جليًا أن إسرائيل تتحرك وفق استراتيجية واضحة لا تستهدف إنهاء الصراع مع الفلسطينيين، بل إدارته بطريقة تمنحها أكبر قدر من المكاسب الأمنية والجيوسياسية والاقتصادية، على قاعدة تقويض كل إمكانيات الحل، وعزل القيادة الفلسطينية، وتوسيع رقعة السيطرة الميدانية. في هذا السياق، ليس منع الوفد الوزاري العربي من زيارة رام الله ولقاء الرئيس محمود عباس حادثة معزولة أو استثناءً، بل خطوة كاشفة عن جوهر المشروع الإسرائيلي القائم على رفض أي مسار تفاوضي جاد، حتى وإن جاء عبر أقرب حلفائها العرب.
ففي لحظة إقليمية مفصلية، كان من المقرر أن يزور رام الله وفد رفيع من وزراء خارجية السعودية ومصر والأردن والإمارات، في مبادرة تحمل أبعادًا رمزية وعملية تهدف إلى دعم السلطة الفلسطينية، والبحث في آليات إنهاء النزاع، وخلق أفق سياسي يحول دون الانهيار الشامل. لكن إسرائيل، التي تفرض قبضتها الأمنية على كامل الضفة الغربية، بما فيها المناطق المصنفة (أ)، منعت هذه الزيارة، متذرعة بالاعتبارات الأمنية، ومتجاهلة الأعراف الدبلوماسية، ومتحدية حتى الدول التي تصفها بـ"شركاء السلام".
السؤال الذي يفرض نفسه هنا ليس لماذا منعت إسرائيل الوفد العربي، بل: كيف سيفسر العالم هذا المنع؟ فالمجتمع الدولي – رغم صمته المطبق على تدمير غزة، وابتلاع أكثر من 80% من أراضي الضفة، ومواصلة حرب الإبادة والتطهير العرقي ضد الفلسطينيين تحت شعار "محاربة الإرهاب" – قد يجد صعوبة في تبرير تصرف يمنع حتى مجرد لقاء دبلوماسي مع قيادة شرعية، عبر وفد عربي يُفترض أنه صديق لإسرائيل، وجاء بالحد الأدنى من المطالب لدعم مسار التهدئة والتكامل الإقليمي.
منع الوفد العربي لا يعكس فقط عقلية العزل التي تتبناها إسرائيل ضد الفلسطينيين، بل يكشف رفضها العميق لأي دور عربي مستقل في الملف الفلسطيني، حتى من قِبل دول منخرطة في علاقات سياسية واقتصادية وأمنية متقدمة معها. هي لا تريد وسطاء، ولا شركاء، ولا مبادرات، بل تسعى إلى فرض معادلة الأمر الواقع: احتلال مستدام، بدون كلفة سياسية، وبدون وجود فلسطيني قابل للحياة.
في المقابل، العجز العربي في التعاطي مع هذه الصفعة الدبلوماسية الفاضحة مثّل استمرارًا لحالة التردد واللايقين التي تحكم الموقف الرسمي العربي منذ سنوات. إذ لم يصدر موقف جماعي واضح يدين التصرف الإسرائيلي أو يلوّح بأي إجراء عقابي، بل طُويت الصفحة كما لو أن شيئًا لم يكن، مما منح إسرائيل الضوء الأخضر للاستمرار في نهجها دون خشية من تبعات إقليمية.
بل الأخطر أن إسرائيل، في ظل هذا التراخي، استطاعت تسويق استراتيجيتها القائمة على "الاندماج الإقليمي" بوصفه بديلًا عن الحل السياسي مع الفلسطينيين، مدعية أن الأولوية هي للتعاون الأمني والاقتصادي مع الدول العربية، لا لمفاوضات عقيمة مع سلطة ضعيفة. لكن المنع الأخير وجّه ضربة مباشرة لهذا الادعاء، وأثبت أن إسرائيل لا تقبل لا بالفلسطينيين ولا بالعرب شركاء في رسم مستقبل المنطقة، بل أدوات توظيف في خدمة أمنها وتوسّعها.
وهنا تبرز الحقيقة الجوهرية: إسرائيل لا تسعى إلى إنهاء الصراع، بل إلى إدارته وفق شروطها، عبر مزيج من السيطرة الأمنية، والتطبيع الانتقائي، والردع العسكري، والاحتواء السياسي. وهي تفهم جيدًا أن غياب موقف عربي حاسم – سياسيًا ودبلوماسيًا وإعلاميًا – يتيح لها الاستمرار في هذا النهج دون تكلفة تُذكر.
لقد صمت العالم على جرائم الإبادة الجماعية في غزة، وتوسع الاستيطان، وتقويض السلطة الفلسطينية، لكنه لن يجد تفسيرًا مقنعًا لرفض إسرائيل استقبال وفد عربي هدفه المعلن دعم "الحل السياسي" الذي تدعي تبنيه. وهنا، إن لم يتحرك العرب – وخصوصًا الدول التي ما زالت تُصنَّف كـ"شركاء لإسرائيل" – بردّ موحد وحازم، فإن إسرائيل ستواصل سلوكها التصعيدي بثقة أكبر، وستعتبر أن كل الأبواب مشرعة لتصفية القضية الفلسطينية سياسيًا، كما تسعى لتصفيتها ميدانيًا.
إن اللحظة تتطلب إعادة تقييم شاملة من العرب، ليس فقط لموقعهم في المعادلة الإقليمية، بل أيضًا لدورهم في حماية الحد الأدنى من الكرامة الدبلوماسية والسيادة السياسية. فالمعركة لم تعد فقط مع الاحتلال، بل مع مشروع إدارة الصراع كبديل عن إنهائه، ومع محاولة شطب فلسطين من أجندة النظام العربي، بالتدريج ومن الداخل.



#هاني_الروسان (هاشتاغ)       Hani_Alroussen#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مؤتمر حل الدولتين: استراتيجية هجومية لاقامة الدولة الفلسطيني ...
- -أمريكا اولا- : هل اماتت التحالفات التقليدية؟ وهل تراجعت قيم ...
- هل اولى مخرجات زيارة ترامب للرياض اكدت على الانزياح الاسترات ...
- الاتفاق الأمريكي - الحوثي: هل هو تحول استراتيجي أم تغيير في ...
- التصعيد الإسرائيلي في سوريا: بين الخوف من فقدان احتكار الدور ...
- بعد ان اصبح للرئيس ابو مازن نائبا: هل تستطيع السعودية ان تفر ...
- الحل وطبيعة السلطة الفلسطينية القادمة
- ماذا وراء الاصرار الامريكي على منع ايران من امتلاك سلاح نووي ...
- صفعة ترامب على خد بيبي وانفتاح المستقبل على كل الاحتمالات
- ترامب الذي يصعد مع حلفائه كيف سيكون مع خصومه؟؟
- على ضوء تصور معهد دراسات الامن القومي الاسرائيلي لنموذج الدو ...
- اسرائيل مطلقة اليدين ..... تنفذ مخططاتها دون اعتبار لاي طرف ...
- تنفيذ خطة اعمار غزة بين رؤية ترامب للعالم الجديد وبين الشروط ...
- نجاح قمة القاهرة مرهون بوعي القدرة على التأثير، وعدم اضعاف ا ...
- هل سيؤدي البديل الالماني والحرب في اوكرانيا وعقيدة ترامب الى ...
- لكي لا يكون التطبيع السعودي مع وهم اقامة الدولة الفلسطينية
- بأي اذن ستسمع العرب تصريحات ترامب؟؟
- دولة سيناء ومدى الواقعية في الرفضين المصري والاردني
- هل سيفهمون الدرس ؟؟؟.
- هل بدأ العد العكسي لاقامة الدولة الفلسطينية في سيناء؟؟


المزيد.....




- روبيو يعلن عن عقوبات جديدة ضد -الجنائية الدولية- لمحاولتها ا ...
- تفجير بخط للسكك الحديدية جنوب روسيا
- الناتو.. رفع ميزانية الدفاع ودعم كييف
- غارت إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت، ولبنان يعتبرها - ...
- أوكرانيا.. دوي صافرات الإنذار وإعلان حالة التأهب الجوي في كي ...
- إسرائيل تصعد.. قصف لضاحية بيروت الجنوبية
- شاهد.. مسيرة الفخر للمثليين في القدس تتحول إلى احتجاج سياسي ...
- تحذير أمني للأمريكيين الذين يستخدمون تطبيقات المواعدة في هذا ...
- ماذا يجري بين ترامب وماسك؟
- ماسك يتوقع حلول الركود في الولايات المتحدة


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هاني الروسان - منع الوفد الوزاري العربي من زيارة رام الله: تأكيد على التمسك الاسرائيلي باستراتيجية ادارة الصراع لا حله