أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هاني الروسان - التصعيد الإسرائيلي في سوريا: بين الخوف من فقدان احتكار الدور الوظيفي وتفتيت المنطقة














المزيد.....

التصعيد الإسرائيلي في سوريا: بين الخوف من فقدان احتكار الدور الوظيفي وتفتيت المنطقة


هاني الروسان
(Hani Alroussen)


الحوار المتمدن-العدد: 8333 - 2025 / 5 / 5 - 18:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا يمكن النظر الى هذا التصعيد الإسرائيلي في سوريا على انه حدث عابر وضمن ندوب الحرب المزمنة هناك، بل انه يعكس ديناميكيات أعمق ترتبط بوظيفة إسرائيل الإقليمية، والمخاوف المتنامية بشأن مستقبل هذا الدور في ظل تحولات السياسة الأميركية وتبدل خرائط النفوذ. فالغارات التي طالت مواقع عسكرية وسيادية حساسة قرب دمشق، جاءت محملة برسائل متعددة ضمن سياق يتجاوز إطار "الردع التقليدي" إلى محاولة تثبيت معادلات جديدة تحافظ من خلالها تل أبيب على موقعها كـ"أداة سيطرة" رئيسية للغرب وسط بيئة معقدة تعاد فيها هيكلة الأدوار والأحلاف.
فبقدر ما حرصت إسرائيل خلال السنوات الماضية على منع ترسيخ قواعد اشتباك تتحدى نفوذها على الجبهة السورية، فإنها تجد نفسها اليوم أمام معادلة أكثر تعقيدًا حيث واشنطن، التي تعيد ترتيب أولوياتها في المنطقة، باتت تميل وفقا لتصريحات ترامب الكثيرة إلى الاستثمار في قوى إقليمية "قابلة للضبط" لحماية مصالحها ومشاريعها طويلة الأمد كالدور التركي الذي تسعى الإدارة الأميركية إلى توظيفه في إعادة إنتاج "الإسلام السني المعتدل" كعنصر استقرار سياسي واجتماعي، ووسيلة لتوسيع الاتفاقات الإبراهيمية في المنطقة، بما قد يهدد او يتجاوز مركزية الدور الإسرائيلي التقليدي على هذا الصعيد.

هذا التحول المحتمل يثير قلق تل أبيب، التي يشكل احتكارها للدور "الوظيفي" في حماية النفوذ الامريكي خاصة والغربي عامة شرطًا لضمان أمنها الاستراتيجي وتفوقها السياسي. فانتقال ثقل التكليف الأميركي إلى طرف آخر، ولو جزئيًا، يعني بالضرورة إعادة تعريف الأدوات والنفوذ، وإدخال فاعل جديد إلى معادلة احتاجت إسرائيل عقودًا لترسيخ نفسها فيه كعنضر أساسي بل ووحيد. والقضية هنا لا تتعلق فقط بامكانية تراجع الدور الإسرائيلي إلى مرتبة "شريك ضمني" بقدر ما ترتبط بتفكيك الأساس الذي قامت عليه استراتيجيتها الإقليمية: أن تبقى القوة الأكثر قدرة على ضبط التفلتات، وإعادة هندسة الخرائط بما يخدم أولويات حلفائها الغربيين.

وفي هذا السياق، يمكن فهم الضربات الأخيرة بوصفها محاولة استباقية لتثبيت الخطوط الحمراء أمام أي إعادة هندسة محتملة لدورها الوظيفي. فتل أبيب بقدر ما ترى في النفوذ الإيراني "الثابت" تهديدًا بنيويًا لدورها الوظيفي الاقليمي، فانها باتت بنفس القدر تخشى من تحول تركيا — بدعم أميركي — إلى قوة مقبولة سياسيًا ودينيًا وأمنيًا، وقادرة على ملء الفراغ الذي خلفه انحسار الأدوار التقليدية الأخرى، كما يرى ذلك الكاتب الإسرائيلي بن كاسبيت الذي قال سابقا في "معاريف" أن "تل أبيب لا ترغب برؤية طرف آخر يتوسط بينها وبين واشنطن في ضبط الإقليم، حتى وإن كان ذلك الطرف حليفًا لأميركا".

ويزداد هذا القلق مع تصاعد حضور اليمين الإسرائيلي في دوائر القرار، حيث يرى الأخير أن ضمان أمن الدولة العبرية لا يتحقق بالردع فحسب، بل بتفكيك البيئات المحيطة وتفريغها من أي مقومات مركزية قد تُعيد إنتاج قوى قادرة على التمثيل السياسي والعسكري. بهذا المعنى، فإن استغلال لحظة إعادة ترتيب الأدوار ليس فقط وسيلة لحماية الدور الوظيفي، وإنما هي فرصة لتفعيل رؤية قديمة–جديدة ترى في تفتيت سوريا ومحيطها ضرورة استراتيجية كما يؤكد ذلك عاموس يادلين، الرئيس الأسبق للاستخبارات العسكرية، في مقابلة مع القناة 12 الإسرائيلية حيث يرى ان بقاء سورية موحدة تعني نفوذًا ايرانيا وتركيا معًا. ومصلحتنا أن تبقى سوريا كيانا ضعيفًا وغير قادر على تشكيل محور جديد". وهذا ما قد يفسر جزئيا العلاقة بين التصعيد العسكري والرؤية التفكيكية لدول المنطقة التي يعتمدها اليمين الإسرائيلي، وهي رؤية تتقاطع مع ضرورات الحفاظ على التفرد الوظيفي في مواجهة محاولات واشنطن إعادة توزيع الادوار بين حلفائها والتي كان قد اشار اليها سابقا نائب الرئيس الامريكي الاسبق مايك بنس في خطابه بمؤتمر ميونيخ للأمن عام 2019، حيث قال أن "تركيا شريك محوري في الحرب على الإرهاب السني المتطرف، وضامن حيوي للاستقرار الإقليمي"، واكده تقرير "راند" لاحقا منذ عام 2020 على ضرورة توسيع الدور التركي في الملفات الإقليمية الحساسة، باعتباره قوة قابلة للتكيّف مع مصالح واشنطن في منع تغول الصين وتعزيز مسار "التطبيع الإبراهيمي". كل ذلك على ما يبدو فضلا عن انه يغذي المخاوف الاسرائيلية من زعزعة موقعها الوظيفي الذي يتعرض لإعادة تقييم ضمن منظومة الأولويات الأميركية فانها لا تريد الوقوع ثانية في خطأ السماح بالتمركز التركي في سوريا بعد ان وجهت ضربات قاصمة للنفوذ الايراني.

وعليه فان هذا التصعيد الاسرائيلي بذريعة حماية الاقليات الحليفة كما تزعم لن يكون الا مجرّد مظهر لحسابات أعمق: الخوف من فقدان احتكار الدور الوظيفي كوكيل للمصالح الامريكية والغربية الذي يشكّل أساسًا لعلاقتها العضوية بهذا الغرب، واستغلال لحظة إعادة توزيع الأدوار لتكريس مشروع تفكيك المنطقة وضمان عدم ظهور منافسين جدد لها. وبينما يعيد ترامب التفكير باعادة ضبط وهيكلة خرائطه باعتماد شركاء جدد ومتعددي الأدوار، تصر تل أبيب على الاحتفاظ بخيوط اللعبة عبر القوة والنفوذ، حتى وإن كان ذلك على حساب استقرار الإقليم.

هاني الروسان/ استاذ الاعلام في جامعة منوبة



#هاني_الروسان (هاشتاغ)       Hani_Alroussen#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعد ان اصبح للرئيس ابو مازن نائبا: هل تستطيع السعودية ان تفر ...
- الحل وطبيعة السلطة الفلسطينية القادمة
- ماذا وراء الاصرار الامريكي على منع ايران من امتلاك سلاح نووي ...
- صفعة ترامب على خد بيبي وانفتاح المستقبل على كل الاحتمالات
- ترامب الذي يصعد مع حلفائه كيف سيكون مع خصومه؟؟
- على ضوء تصور معهد دراسات الامن القومي الاسرائيلي لنموذج الدو ...
- اسرائيل مطلقة اليدين ..... تنفذ مخططاتها دون اعتبار لاي طرف ...
- تنفيذ خطة اعمار غزة بين رؤية ترامب للعالم الجديد وبين الشروط ...
- نجاح قمة القاهرة مرهون بوعي القدرة على التأثير، وعدم اضعاف ا ...
- هل سيؤدي البديل الالماني والحرب في اوكرانيا وعقيدة ترامب الى ...
- لكي لا يكون التطبيع السعودي مع وهم اقامة الدولة الفلسطينية
- بأي اذن ستسمع العرب تصريحات ترامب؟؟
- دولة سيناء ومدى الواقعية في الرفضين المصري والاردني
- هل سيفهمون الدرس ؟؟؟.
- هل بدأ العد العكسي لاقامة الدولة الفلسطينية في سيناء؟؟
- اي رجل سلام سيكون ترمب؟ وهل سيجعل من غزة نواة الحل؟
- هل سيكون الشرق الاوسط الجديد تركيا ام اسرائيليا ام للسعودية ...
- هل سيكون الاسلام التركي بديلا امريكيا عن الاسلام الشيعي؟
- سقط الاسد عندما اسقط شرط الاستمرار في مواجهة اسرائيل
- هل اقتربت امريكا من اتخاذ قرار الهجوم على ايران ؟


المزيد.....




- توجيه تهمة -السلوك الجنسي الإجرامي- لشرطي أمريكي اعتدى على ط ...
- مصر.. أول رد رسمي بعد موجة شكاوى قائدي السيارات من جودة الوق ...
- أسباب الفشل الإسرائيلي للتصدي لصاروخ حوثي باليستي استهدف مطا ...
- التلفزيون الجزائري يصف الإمارات بـ-الدويلة المصطنعة- بعد حدي ...
- العدل ترفض دعوى ضد الإمارات والحكومة السودانية تجدد اتهاماته ...
- حكومة نتنياهو تهدد حماس بـ-عربات جدعون- إذا لم تقبل بشروط إس ...
- قوات الدعم السريع تستهدف بورتسودان
- الشرطة الإسرائيلية تعلن إحباط محاولة تهريب أسلحة من الأردن
- ترامب يهاجم الديمقراطيين ويتهمهم بمحاولة عزله
- الجالية الروسية في تونس تحيي عيد النصر


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هاني الروسان - التصعيد الإسرائيلي في سوريا: بين الخوف من فقدان احتكار الدور الوظيفي وتفتيت المنطقة